أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علاء مهدي - الدكتورة مديحة البيرماني .... إضاءات عن مأثرة رائعة ... وذكريات عن مدينة جميلة ووادعة















المزيد.....

الدكتورة مديحة البيرماني .... إضاءات عن مأثرة رائعة ... وذكريات عن مدينة جميلة ووادعة


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4710 - 2015 / 2 / 4 - 00:34
المحور: المجتمع المدني
    


الظروف العصيبة التي مرَّ ويمر بها العراق تكاد أن تكون متميزة من ناحية الإنحدار والتقهقر ، فمنذ بداية ستينيات القرن الماضي والعراق والعراقيون في تقهقر مستمر حتى بات أغلبنا نحن معشر العراقيين يعيش حالة من اليأس والقلق المستمر على مصير وطن يملك من الحضارات مايجعله الأول بين دول وحضارات العالم القديم والحديث. فتأريخ العراق الذي لم يكن بمقدور العلماء المختصين تحديد بدايته غني بحضاراته وآثاره حتى أن أغلب متاحف العالم ستضطر لغلق أبوابها لو تمكن العراق من إستعادة آثاره المسروقة التي تفتخر بها صالات عرض تلك المتاحف العالمية.
والحديث عن بابل ، يكاد أن يكون متميزاً هو الآخر ، ففي الوقت الذي لم يكن العالم يميز بين إيران والعراق ، أو العراق والهند ، كانت حضارة بابل معروفة للجميع وتتفوق على أسمي العراق وإيران وما جاورهما من دول. على الأغلب كانت بابل معروفة بجنائنها المعلقة، ومسلتها المتميزة ، وبأسم حمورابي العظيم ، وكلكامش ، أكثر من معرفة أسماء الدول والمناطق الأخرى المحيطة بالعراق.
وعلى الرغم من أنني قد تركت مدينة الحلة – عاصمة بابل – في وقت مبكر من حياتي ولم أعد من سكنتها منذ 1959 ، إلا أنني والحلة نعيش عشقاً متميزاً . فلازلت وأنا على أبواب السبعين ، اسمع وقع حوافر أحصنة – الربلات – ترن في أذنيَّ وهي تمخر شوارع الحلة في صباحاتها الجميلة وكأنها ترقص على أنغام فرقة موسيقى الجيش التابعة لحامية الحلة. لازلت اذكر صباحاتي وأنا أصحو على أنغام حمامات – الفخاتي – وهي تتغني بــ : كوكوتي وين أختي ، بالحلة . .إشتاكل ، باكله ، لازلت أذكر والكهولة تكاد أن تأخذ مني مأخذها سينمات الحلة وكهوة سيد شاكر التي كان جدي أحد روادها ، وكيف كنت أقبل يده كلما زرته مع والدي في تلك المقهى الجميلة العامرة . لازلت أذكر مكتبات الحلة ، المعارف والفرات وغيرهما ، وسوق الحلة الكبير ، ومحل جدي ، تاجر القماش (البزاز) ، لازلت أذكر حديقة النساء في تلك العصاري الجميلة التي تمتزج فيها عطور زهور الحديقة مع عطور نساء الحلة الجميلات وهن يتمخطرن بزهو أمام الحديقة ، لازلت أذكر مدرس الموسيقى في مدرستي المرحوم مهدي صالح ، وولده الشهيد سامر (صلاح) ، كذلك أتذكر حديقة الجبل . هنا بيت مرجان وهناك بين الجريان وهذا بيت غزالة وذاك بيت الياسين . . ، الجسر الكبير والجسر العتيق ، والحيد شفيق آمر حامية الحلة. أتذكر محلة الكراد ، والمعمار أسطة جابر ، وبلدية الحلة ، وخالي كاتب العرائض ، ومحلة المهدية حيث بيت جدي مهدي ، هنا بيت كركوش وهناك بيت عبيس الحجي ، وهذا نادي الموظفين حين أصحبني أبي لحضور حفلة غنت فيها أحلام وهبي (صورة حبيبي لاحلي بالقدح ، هلهل وغنيلي بيوم الفرح) . كان في بيتنا سرداب يغرق في الشتاء وننام به في الصيف دون حاجة لمبردة هواء. كان لدينا صندوق ثلج وتنور تخبز فيه جدتي. كان عمو بهجت فراشاً في مكتب المحاماة الذي أشترك فيه والدي والمحامي عبد الحسين الطائي ، وكان مسؤولاً عن رحلتي اليومية من وإلى الروضة أو المدرسة. في ذلك العام ، لم يسمح لي والدي بقيادة دراجتي الهوائية دون إستحصال إجازة قيادة دراجة هوائية من متصرفية الحلة. أذكر منطقة القاضية ، وحي بابل ، وكريطعة ، والحمزة ، والنزيزة والكنيسة التي كانت أمامنا ، كنا نزورها لنرسم بالباستيل صورا ، أذكر بيت اللبان ، ومدرسة حمورابي التي لازلت أحتفظ بشهادات مدرسية صادرة عنها رغم مرور أكثر من خمسين عاماً على ذلك.
-;--;--;-
يقال أن أغلب أهل الحلة قد غادروها ، وأن سكان الأرياف المحيطة بها قد أستولوا عليها ، ويقال أن مسؤوليها ليسوا بمؤهلين لإدارتها ، وأن قذارة بلديتها تفوق قذارة شوارعها وأزقتها وزواياها. يقال ، أن الحلة تعيش حالة بؤس ويأس وأن الصورة الغالبة عليها هي المظلمة ، وأن للحلة نصيبا من الفضائيين ، كما كان لها حصة من قضايا الفساد المالي والإداري. ويبدو أن الحالة المزرية التي يعيشها العراق قد أضفت ظلالها على مدينة العلم والأدب والثقافة والفن ، وهي حالة تدهور مؤسفة سيكون لها نتائج مستقبلية وخيمة خاصة على الأجيال القادمة. أن التأثير السلبي على الوضع التربوي والتعليمي ستكون نتائجه واضحة ومؤثرة خاصة وأن الحلة أشتهرت بمنتدياتها الأدبية والشعرية والثقافية والسياسية وعلى مر العصور والأزمان ، فلم تخلُ الحلة من تجمعات لأدباء وشعراء وفنانين تشكيليين وكتاب وأدباء وعلماء منذ تأسيسها ولحد الآن. كثيرة هي بيوتات أهالي ووجهاء الحلة التي إستضافت منتديات الأدب والثقافة والعلم والتي كانت عامرة بالمشاركين فيها ليس من أبناء الحلة فحسب بل وبقية المحافظات والأقضية والقصبات المحيطة بها. صورة مظلمة عن مدينة كانت تشع نورا عبر ثقافاتها وأدبياتها ورموزها النيرة.
-;--;--;-
الدكتورة مديحة البيرماني ، أبنة الحلة الفيحاء ، طبيبة خدمت الإنسانية لأكثر من أربعين عاما ، تركت العراق إلى بريطانيا ثم إلى السويد وبعدها إلى النرويج حيث عملت كطبيبة إختصاص هناك. تناقلت الأنباء أنها قد تبرعت ببناء مدرسة نموذجية ثانوية للبنات تحتوي على أربعة عشر صفاً كافية لإستيعاب 550 طالبة ، تعمل سبوراتها إلكترونياً وفيها مختبرات مختلفة وبتقنيات حديثة. الطبيبة التي ولدت في "كريطعة" ودرست في مدارس الحلة الإبتدائية ثم المتوسطة وكانت الفتاة الوحيدة التي أكملت دراستها الثانوية في ثانوية للبنين بسبب عدم وجود فرع علمي في ثانوية البنات في الحلة في حينها. تخرجت من كلية الطب في جامعة بغداد في بداية ستينيات القرن الماضي ، عملت لفترة في الحلة بصفة طبيبة نسائية بعدها سافرت إلى الخارج لتستقر أخيرا في النرويج.
بحثت عبر الشبكة الإلكترونية فوجدت ان كلفة بناء المدرسة ومستلزماتها قد بلغ مليونا وربع مليون من الدولارات الأمريكية أنفقتها من مالها الخاص.
الدكتورة الحلية المولد والثقافة والتعليم والتربية ، عادت للعراق بهدية كبيرة ، مدرسة ثانوية للبنات ، هي الأولى من نوعها في الحلة والعراق من ناحية التكنولوجيا ومستلزمات التعليم. لم تعد للعراق لتنهب من خيراته كما فعل آخرون بل عادت ومعها ماوفرته من عرق جبينها طوال سنوات الغربة لتنفقه على وسيلة تخدم مستقبل الحلة والعراق. أبنة الحلة الدكتورة مديحة البيرماني تعلم وتعرف أن الإستثمار الحقيقي هو في تعليم الجيل الجديد وتثقيفه لذلك حرصت على اختيار مديرة المدرسة وكادرها التدريسي بنفسها.
في الواقع أنني أستغربت كثيرا من بقاء هذا المشروع سراً في مراحل بنائه ، وأستغربت كذلك من كونه لم يتعرض لعمليات الفساد والسرقة وهي ظواهر رافقت كل المشاريع العراقية منذ عقد وأكثر من الزمن حتى عجزت الدولة عن المصادقة على ميزانيتها لفترة طويلة.
مما تجدر الإشارة له أن رئيس مجلس محافظة بابل قد أقر بأن " المحافظة والمجلس فشل في صرف مبلغ 150 مليار دينار عراقي مخصص لبناء المدارس" وهو مبلغ يكفي لبناء أكثر من 100 مدرسة. !
السؤال الأخير ، ترى هل سيتم إدارة المدرسة بالمستوى الذي يتناسب مع فكرة بنائها والطريقة التي بنيت فيها أم ان الفساد سيتسلل إليها؟
أجمل مافي الموضوع أن الموقع الإلكتروني (نقاش) سأل الدكتورة البيرماني ان كان لديها رسالة محددة تود توجيهها للعراقيين فقالت:
" نعم ، أريد أن أقول لهم إن الأوطان لاتبنيها الحكومات بل ان الشعوب هي التي تبني اوطانها وتنصب الحكومات التي تخدمها ".
-;--;--;-



#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتستمر الحوادث المثيرة للإستغراب والتساؤل ..!
- برلين تستضيف لقاء جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان بالعراق ...
- من المسؤول عن ظاهرة الفضائيين؟
- من المسؤول عن ضياع الحق العام في العراق؟
- ممارسات وأفعال بين الإزدواجية والإحتيال ..!
- مصلحة الوطن .. والتستر على سارقي ثروات الوطن !
- مآسي انتهاكات حقوق الإنسان في العراق .. ومتطلبات إعادة البنا ...
- المحرقة .. وكيف نجوت منها ..؟ !
- المكسيك .. رحلة لم تكن في الحسبان..!
- إيزابيل دينكيزيان .. حكاية معاناة وتألق!
- عندما أصبح -سوادي- سكرتيراً للمدير العام!
- ندوة حوارية أم مهرجان خطابي؟
- هذه هي العوامل وهذا هو الحل .. ماذا ننتظر ..؟!
- هل يبقى العراق عراقاً بدون مكونه المسيحي ..؟!
- نساء مهاجرات بخطر !
- من سينقذ المرأة العراقية؟
- يوم لاينفع فيه عض الأصابع! حلول ومعالجات رهينة الانتظار والت ...
- فوضى وتخبط !
- أفكار ثائرة على نار هادئة!
- أديب عراقي ينعي نفسه!


المزيد.....




- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علاء مهدي - الدكتورة مديحة البيرماني .... إضاءات عن مأثرة رائعة ... وذكريات عن مدينة جميلة ووادعة