أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علاء مهدي - عندما أصبح -سوادي- سكرتيراً للمدير العام!















المزيد.....

عندما أصبح -سوادي- سكرتيراً للمدير العام!


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4584 - 2014 / 9 / 24 - 14:21
المحور: كتابات ساخرة
    


(ابتداءً، ودفعا لأي التباس محتمل، أشير إلى أن الاسماء الواردة في هذا المقال هي أسماء وهمية ورمزية أخترتها حفاظاً على خصوصية الشخصيات الحقيقية).

كما جرت العادة عند مباشرة مدير عام جديد بوظيفته ، توجه مجموعة من مدراء الأقسام وأنا منهم قاصدين زيارة المدير العام الجديد صبيحة اليوم الذي باشر فيه بمهام وظيفته للتعرف عليه وليتعرف علينا. لم يكن أغلبنا يعرف عنه أكثر من أسمه بسبب من تواجده لسنوات سابقة في دولة أوربية حيث كان يدرس هناك. ولا أخفي سرا إن ذكرت انني كنت حريصاً وحذراً في مثل هذه اللقاءات الرسمية تحسباً من أن ينعكس أو يؤثر ما قد يحدث في اللقاء الأول من تصرفات على علاقة العمل المستقبلية بيني وبين المدير العام أو مديري المباشر.

كان شابا وسيماً وأنيقاً ، لبقاً وذكياً في تداول أطراف الحديث وفي فتح نقاشات عامة ربما قصد من طرحها إستخلاص بعض الآراء حول عمل ونشاط الشركة التجارية الحكومية الرائدة في السوق العراقية، التي اختير لأن يكون ميرها العام، وهو لايملك اية خبرات في مجال عملها أو في عمل شركات مشابهة لها سابقاً. لم تفارق الإبتسامة وجهه طوال فترة تواجدنا في مكتبه على الرغم من محاولة أحد المدراء الطعن بشكل غير مباشر بالمدير العام السابق قاصدا كسب رضا المدير العام الجديد، ولكنه كان ذكيا ودبلوماسيا في غلق الموضوع بعد الإشارة إلى علاقته الوثيقة بالمدير العام السابق لمدة طويلة!.

في اليوم التالي زارني المدير العام في مكتبي بصورة مفاجئة وصادف أن كان " أبو أحمد " وهو مدير لقسم آخر في الشركة موجودا معي لإنجاز بعض الأعمال. بعد أن رحبنا به ، شكرنا على زيارتنا له في اليوم السابق للترحيب به، ثم أشار إلى أن يومه الأول لم يكن كما توقعه فقد أتصل به مسؤول رفيع المستوى في المؤسسة التي نتبعها وأبلغه بتوجيهات أمنية تستوجب إستبدال سكرتيره الشخصي بشخص آخر حيث يشتبه بأن سكرتيره الحالي " شيوعي" ! ابدى الرجل إستغرابه من هذه التوجيهات خاصة وأن السكرتير المتهم بالشيوعية شغل هذا المنصب لسنوات مع المدير العام السابق وسألنا ان كنا على علم بذلك فنفينا معرفتنا بمثل هذا الموضوع وأكدنا حسن أخلاق وعمل وسلوكية سكرتيره "حسن".

بعد يومين ، ذهبت لزيارة المدير العام للحصول على موافقات معينة على صرف مبالغ كبيرة تستدعي مصادقته، ولكنني فوجئت بأن "حسن " لم يكن هناك بل حلت محله الآنسة " فيوليت" التي كانت تعمل في قسم الإستيراد لسنوات طويلة. و " فيوليت " الأرمنية الأصل تملك خبرة متميزة في مجال الإستيراد والمراسلات مع الشركات التجارية التي كانت شركتنا تستورد البضائع منها خاصة وأنها تتقن عدة لغات أجنبية قراءة وكتابة وتحدثاً. أبلغتني "فيوليت" بأنه قد تم نقل خدماتها من قسم الإستيراد إلى مكتب السيد المدير العام لتكون سكرتيرته بدلاً من "حسن" الذي تم نقله إلى قسم الإدارة. شعرت برغبة في الإعتراض على هذا القرار الذي يتعارض مع مبدأ أهمية وضع "الشخص المناسب في المكان المناسب " حيث أن خبرتها المهنية في مجال الإستيراد وإتقانها لعدة لغات ومعرفتها بالمصدرين وبضائعهم كلها أمور تفرض الإبقاء عليها في قسم الإستيراد ، لكنني تراجعت عن رغبتي وفضلت السكوت لكي لا أتهم بالتدخل بما لا يعنيني.

بعد أسبوع ، صادف وجودي وزميلي " أبو أحمد " في مكتب المدير العام لمناقشة بعض الأعمال حين أخبرنا المدير العام بأن مشكلة السكرتير لازالت قائمة والجديد في الأمر ان ( كتبة التقارير) أتهموه هذه المرة بانه " يدور بنـــات . . . "، فضحكنا تصوّرا منّا بأنه يهزأ لكنه أكد لنا صحة الموضوع وطلب منا أن نقترح له حلاً. قلت في هذه الحالة يفضل أن تعيد " فيوليت " إلى وظيفتها الأصلية في قسم الإستيراد وتعين بدلاً منها رجلاً أو تعيد " حسن " المخلص الأمين !. وعلق زميلي " ابو أحمد " مشيرا إلى أن السكرتير الجديد يستحسن أن يكون " بعثيا " وقبيحاً بنفس الوقت لكي لايتهموه هذه المرة بأنه " يدور وِلِـــدْ . . . ". ضحكنا جميعا ، ويبدو أن المدير العام أستحسن الفكرة فطلب منا أن نرشح له شخصاً بالمواصفات التي أقترحناها. في الطريق لمكاتبنا عبر شارع الرشيد إلى بناية الحسابات تعاتبنا أنا وزميلي وأتهم كل منا الآخر بأننا قد أوقعنا أنفسنا بورطة لم نكن بحاجة لها فأين سنجد الشخص بالمواصفات التي أقترحناها؟ ثم علق " ابو أحمد" بأننا بحاجة لشخص يشبه مطرب البعث في تلك الأيام " داود القيسي " ! ثم عقب سريعا ، بأن ضالتنا موجودة في القسم الذي أديره أنا. . . أنه كاتب الحسابات " سوادي " فهو توأم " داود القيسي " وهو بعثي.

أتصلت بالمدير العام وأخبرته النبأ السار فأوعز بإصدار أمر بنقله فورا لكنني طلبت منه أن يمنحني فرصة لمفاتحة " سوادي " فهو موظف جيد ومن الواجب أخذ موافقته على هذا الأمر. فعلاً فاتحته فأستحسن الفكرة خاصة وأنه متزوج حديثا وأنه وزوجته ينتظران مولودهما الأول حيث سيتم تعديل راتبه ليتناسب مع درجة الوظيفة الجديدة.

في اليوم التالي باشر " سوادي " بوظيفته الجديدة وجلس بجانب " فيوليت " ليتعلم منها أصولها. كانا حريصين على إجراء دور التسليم والإستلام بسرعة لكي تعود "فيوليت " لعملها الذي تحبه وليستلم " سوادي " وظيفته الكبيرة والقريبة من موقع أعلى رجل في الشركة. وعندما حضر المدير العام متجها إلى مكتبه عبْر مكتب السكرتير ، استوقفه منظر الأثنين معا : فعلق بأنهما معاً مثل : الكيمر والدبس . . . فقد كان " سوادي " أسودَ بلون الدبس وكانت " فيوليت " برصاء !

بقى " سوادي " يحترمني على الدوام ويقف لي إحتراما عندما أدخل مكتبه ويفتح لي باب المدير العام كلما زرته وكانت الحالة معكوسة مع بقية مدراء الأقسام ومعاوني المدير العام فقد كان يطلب منهم الإنتظار لفترة أو يعلمهم بأن المدير العام مشغول بنداء خارجي أو إجتماع ضروري وكان يجد متعة في ذلك!

طلبني المدير العام ذات يوم للإجتماع به لأمر هام وعندما ذهبت لمقابلته طلب مني " سوادي " أن أنتظر لفترة وطلب لي شاياً معقبا أن المدير العام قد نزل إلى مخازن الشركة في الطابق الأرضي في مهمة مستعجلة. بنفس الوقت لاحظت قلقه وامتعاضه وتغيرا في ملامحه حيث بدا عصبي المزاج. سألته عن سبب ذلك فدار بيننا الحديث التالي:


قال: أستاذ ورطتني بهذي الشغلة.
قلت: ليش؟ عبالي أنته فرحان ومتونس على الشغلة.
قال : هذا المنصب مو سهل. الجماعة (واشار بيده عبر شباك مكتبه بإتجاه القصر الجمهوري عبر نهر دجلة) بين يوم ويوم جايين هنا.
قلت : وانت شعليك؟
قال : شلون لا؟ انت تعرف مكتبي صغير جداً ولمن يجي واحد منهم لو بناتهم يجون وياهم حماية
قلت : ويعني؟
قال : تصور اربعة حماية شايلين رشاشاتهم واكفين لمدة نص ساعة داير مداير الغرفة وكلهم
مخنزرين عليه ، شيصير بيَّ؟ كلما يجون يصير عندي إسهال.
قلت : حاول تشغل نفسك ولا تباوع عليهم . .
قال : حاولت ، بس بروح أهلك استاذ ، اذا طلعن البنات من غرفة المدير العام ووحدة منهن
ماعجبتها خلقتي وأخترعت وكالت للحماية : هذا خنزر عليَّ . . شراح يسوون بي؟
قلت : بس انت ليش تفكر بهذي الطريقة؟
قال : لازم أفكر بهذي الطريقة ، تعرف ليش؟ صار جم مرة "الحجي خير الله " يجي يم المدير العام
وكل مرة ولمن يطلع يباوع عليَّ ويكلي: عجل انت ليش هالأيام ماكو بالتلفزيون؟ عباله آني
"داود القيسي"، ولمن أكوله : حجي آني مو "داود القيسي " يجاوبني : ميخالف أنتو نفس
الشكل.

كان حديثه صريحاً ومؤلماً شعرت معه بحرج شديد على الرغم من ان مآسي الوضع آنذاك كانت قد شملت كل جوانب الحياة في حينه.

بعد عودة المدير العام لمكتبه ، تبعته حسب طلبه فوجدت مكتبه مليئا بالبضائع والألبسة النسائية (داخلية وخارجية!). كانت تغطي كل كراسي المكتب وحتى منضدته الأنيقة. لاحظت امتعاضه وغضبه فطلبت منه أن يسمح لي بزيارته بعد حين لربما هو بحاجة للراحة لبعض الوقت . . طلب مني أن ازيح بعض الملابس من على الكرسي القريب منه وأجلس. فعلت ذلك ، أشعلنا سيكارتين ، سحب نفساً عميقا وقال:

لم أعد أشعر بأنني مدير عام أكبر شركة تجارية في العراق مسؤولة عن توفير كل البضائع الإستهلاكية لكل العراقيين عبر عشرات الفروع والمراكز التجارية . . هذه ليست بغرفة مدير عام بل غرفة تبديل ملابس نسائية.! بشرفك هذي غرفة مدير عام أوروزدي لو بائع لبسان نسوان؟!
-;--;--;-



#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندوة حوارية أم مهرجان خطابي؟
- هذه هي العوامل وهذا هو الحل .. ماذا ننتظر ..؟!
- هل يبقى العراق عراقاً بدون مكونه المسيحي ..؟!
- نساء مهاجرات بخطر !
- من سينقذ المرأة العراقية؟
- يوم لاينفع فيه عض الأصابع! حلول ومعالجات رهينة الانتظار والت ...
- فوضى وتخبط !
- أفكار ثائرة على نار هادئة!
- أديب عراقي ينعي نفسه!
- ذكريات أكثر من مؤلمة .. ! حسوني شهيد عراقي من أصل إيراني . . ...
- شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !
- ميزانية الأحرار: أرقام تفتقر لمراعاة الجانب الإنساني
- هل المسألة فيها -إنَّ-.. ؟!
- بإنتظار نتائج الإنتخابات العراقية!
- هوامش على دفتر . . . الإنتخابات!
- عزيزي . . . الناخب العراقي
- ملاحظات إنتخابية تفرضها ضرورات ديمقراطية !
- نحو إنتخابات عراقية ديمقراطية نزيهة
- الإنتخابات العراقية في الخارج .. ملاحظات تنتظر الاهتمام - مس ...
- صليوة !


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علاء مهدي - عندما أصبح -سوادي- سكرتيراً للمدير العام!