أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء مهدي - صليوة !















المزيد.....

صليوة !


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتصل بي موظف الإستعلامات قائلاً: أستاذ ممكن تتفضل تنزل للإستعلامات! للحظة شعرت بأن في الأمر شيئاً غريباً. فموظف الإستعلامات لطيف لم يسبق له أن طلب مني النزول إلى الإستعلامات لأي سبب من الأسباب كما أنه لم يشر للسبب الذي يجعله يطلب مني ذلك. عدا ذلك فلطيف يملك من الخبرة الإدارية مايؤهله لأن يكون بمستوى أكبر من ذلك بكثير فقد عمل بوظيفة سكرتير لمدير عام سابق لكنه أصبح غير مرغوب به عندما نقل المدير العام وحل محله آخر جديد حيث كتبت له تقارير حزبية تتهم سكرتيره لطيف بكونه – شيوعي - ! فنقل لوظيفة موظف إستعلامات في بناية الحسابات!.
تتسابق الأفكار في ذهني ويتملكني خوف من الآتي المجهول. فبالأمس هددني أحد موظفي جمعية – الحجي خير الله طلفاح - بأنه: يكدر يأخذني من باب الشركة ، يعني أنه يستطيع أن يعتقلني مستنداً إلى قوته وسلطته اللتين أستمدهما من علاقة العمل مع – الحجي – خال الريس!
إذن، جاؤوا ليأخذوني ! لاذنب للطيف ، انه محرج ، أتصلت بلطيف ثانية وسألته ان كان بإمكانه إعلامي عن سبب طلبه وفيما إذا كان الأمر مهماً إلى هذه الدرجة كوني مشغولاً بإجتماع مع ديوان الرقابة المالية. أجاب لطيف وصوته يرتجف: أستاذ الله يخليك إنزل جوه. !
كان لابد لي من النزول ومواجهة الواقع. تركت رقم هاتف بيتنا وهاتف زوجتي مع ممثل ديوان الرقابة المالية الذي كان مجتمعا بي لمناقشة أمور محاسبية وتدقيقية. صادف أن كان شاهداً على ماحدث بيني وبين موظف جمعية – الحجي – بالأمس أيضاً. طلبت منه أن يتصل بعائلتي وزوجتي أن لم أعد بعد عشر دقائق ليخبرهم بأن – الجماعة أخذوا علاء – لكي يتصرفوا.
كان مكتبي في الطابق الثالث وكان مصعد البناية عاطلاً كالعادة. نزلت عبر سلالم البناية، كانت الأفكار تتزاحم في راسي، لا أنكر خوفي على الأغلب من الإهانة أو من المجهول ، فالبلد كان سجناً كبيرا والقوانين كانت تسن – بجرة قلم - ، والداخل في دهاليز وأقبية ابنية الأمن والمخابرات والإستخبارات لن يخرج منها . دقائق قليلة قضيتها وأنا أنزل درجات الطوابق الثلاثة ، شعرت بأن وزني كان قد بدأ بالتناقص.
وقفت بباب غرفة الإستعلامات الصغيرة. كان لطيف جالساً خلف منضدته شاحب الوجه وقد جمدت كل تقاطيع وجهه. لم يقل شيئا بل نهض واقفا وقال: أهلاً أستاذ.
في تلك الغرفة الصغيرة كان هنالك ثلاثة رجال آخرين جميعهم بأوزان ثقيلة ، يرتدون بدلات غامقة وأربطة غامقة وكانوا حريصين على إظهار مسدساتهم أو الإيحاء بأنهم يحملونها. نهضوا جميعاً ، لم الاحظ من وجوههم سوى الشوارب الكثة على شكل - ثمانية شباط - ، أحدهم مد يده لمصافحتي قائلاً : أهلاً أستاذ. شعرت براحة نفسية . . تنفست بعمق ، أنه يدعوني بأستاذ ، إذن الموضوع ليس سيئاً كما توقعت. وفجأة سمعت صرخة مدوية داخل الغرفة: أطـــــــلع بره ، أطلقها أحدهم بإتجاه لطيف.
كان لطيف يجلس خلف منضدته ولم يكن بإمكانه الخروج من تلك الغرفة الصغيرة جداً دون الدوران خلف المنضدة ومن أمام الرجال الثلاثة. كان ضعيف البنية وطويل القامة. . وبخطوة واحدة قفز فوق منضدته وأصبح خارج الغرفة بحركة كان يستحق عليها ميدالية ذهبية فيما لو كان متسابقاً في دورة ألعاب عالمية في القفز العريض.
سحبني الشخص الذي صافحني من يدي وطلب مني الجلوس بجانبه في الوقت نفسه أغلق الشخص الذي اطلق الصرخة باب الغرفة. ها انا لوحدي بينهم في غرفة صغيرة بابها مغلق. لم يعد لي خيار غير الرضوخ للأمر الواقع وما هو مجهول.
كانت نظراتهم ثاقبة ولم أكن بموقع أحسد عليه. فهمت الآن كيف تمكن لطيف من القفز عبر المنضدة . قررت أن أبدأ بكسر حاجز الصمت فقلت موجها كلامي للشخص الذي صافحني مع محاولة جادة للإبتسام: كان المفروض ان تتفضلوا إلى مكتبي لكي نقوم لكم بواجب الضيافة. أجابني: "مو مشكلة ، بعدين عيب كدام الموظفين ، هنانه أحسن". فكرة جيدة ، فعلاً الإهانة أمام الموظفين ستكون مخجلة.!
قلت: حسناً، ممكن أعرف سبب زيارتكم الكريمة؟ ، دس يده في جيب سترته الداخلي ، شعرت بأنه ينوي سحب مسدسه ، أخرج يده وسلمني ظرفا صغيراً وطلب مني فتحه وقراءة الرسالة التي بداخله. كانت رسالة من مديرية المخابرات العامة موجهة لي وتحمل أسمي وعنوان وظيفتي ، يطلبون فيها تسليم المتهم "صليوة" للملازم فلان لأسباب أمنية. ! إذن ، القضية تتعلق بموظف في مديريتي ولاعلاقة لها بجمعية – الحجي – والتهديد الذي وجه لي في اليوم السابق.
جمعت قوتي وشعرت براحة نوعا ما ووجهت سؤالي للشخص الذي سلمني الرسالة: ممكن أعرف السبب في ذلك كون صليوة موظف في دائرتي وأنا مسؤول عنه بحكم وظيفتي. أجابني الشخص الأخر صاحب الصوت الجهوري الذي صرخ بلطيف من قبل قائلاً:
إنجب لك هذا مو شغلك! كوم خابر صليوة خليه ينزل هنا.
رفعت سماعة الهاتف ، شعرت بأنني نسيت كل أرقام الهواتف ، حتى رقم مكتبي ، فجأة سمعت نفس الشخص يقول بصيغة الأمر وبصوت عالٍ: يالله بسرعة!. تذكرت رقم صليوة رغم أنني لا أتصل به إلا نادرا فهو كاتب حسابات مرتبط برئيس شعبة ومحاسب ومعاون مدير حسابات ثم أنا. طلبت منه أن ينزل للإستعلامات. دقائق قليلة مرت ، فتح صليوة الباب ، تفاجأ بالمنظر داخل الغرفة. طلبت منه أن يغلق الباب خلفه وقلت له أن الأخوان يودون ان يرافقهم لفترة قصيرة للحصول على بعض المعلومات منه وقد وعدوا بإعادته للعمل حال الإنتهاء من ذلك. بدا الخوف واضحاً على وجهه ، قال لي: أستاذ ممكن تأتي معي؟. . قبل أن أجيبه ، قال له أحدهم انني مسؤول عن أكثر من مائتي موظف ولايمكنني تركهم وأكد له بأن الأمر بسيط وأنه سيعود للعمل بعد ساعة أو أثنتين.
نهضوا جميعاً ، وبسرعة ، أخذ الشخص الذي كان بقربي الرسالة من يدي ودسها في جيبه ، طلب مني آخر أن اترك الغرفة ، تراصف أثنان منهم على جانبي صليوة حتى اصبح من الصعب رؤية جسده الصغير بينهما. توجهوا إلى سيارة فولكس واكن قديمة ودسوه في داخلها ثم أختفت السيارة.
عاد صليوة مطالبا بعمله الذي فصل منه بسبب غيابه دون عذر مشروع بعد ثمانية شهور. شعرت أنه قد كبر عشرين عاماً. كانت تهمته أنه امتدح الكتائب اللبنانية فكتب عنه زميله في العمل تقريرا حزبياً!
-;--;--;--;-



#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعية الحجي !
- هل يحارب الإرهاب بالإرهاب؟
- إفعلوا بالأرمن ماتشاؤون!
- يفعل الجاهل بنفسه ما يفعل العدو بعدوه
- «خالة سجليني الله يخليكي»
- لمصلحة من إرهاب مسيحيي العراق؟
- رحلتي مع العمل بين بغداد وسدني
- مالم يقل في قضية التجسس الأسترالية الإندنوسية
- صور وسلوكيات من دروب الحياة
- فيضان بغداد . . . والولاية الثالثة
- -يوميات صحفي .... سائق تاكسي-
- خرافة الربيع العربي ! هل من بدائل حقيقية للأنظمة العربية؟
- لاتشتموا العراق . . . رجاءً ..!
- حادثة ما زالت مثار استغراب وتساؤل ..!
- الملعقة السادسة في ملحمة نضالية ..!
- غسان نخول . . نصير الضحايا
- دولة القانون بدون قانون !!
- ماتت عمتي ناجية
- هل تسمحون لي ... ؟
- إعلان عن تأسيس موقع إلكتروني خاص بالهيئة


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء مهدي - صليوة !