أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كاظم حبيب - زيارات ولقاءات ودية وحميمة في مدن كردستان الجميلة















المزيد.....


زيارات ولقاءات ودية وحميمة في مدن كردستان الجميلة


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 19:35
المحور: المجتمع المدني
    


كانت زيارتي الأخيرة لمدن إقليم كردستان العراق في الفترة الواقعة بين 2-16/كانون الثاني 2015 غنية باللقاءات والزيارات للأصدقاء وبعض المنتديات وعقد الندوات وخوض النقاشات الفكرية والسياسة الغنية التي تساعد المتتبع على وعي أعمق وأشمل لما يجري بكردستان العراق خصوصاً والعراق عموماً وفي المناطق التي اجتاحها الداعشيون الأوباش، والأوباش الذين تركوا السلاح والذين أصدروا القرارات من أعلى المستويات وسمحوا لهم باستخدام أسلحة الجيش العراقي باجتياح الموصل واستباحة أهلها وممارسة مجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد المسيحيين والإيزيديين والشبك والتركمان إضافة إلى تدمير تراث نينوى الحضاري الإنساني الرائع بهدف محوها من الذاكرة العراقية.
حين يجلس الزائر لبعض الوقت في مقهى المثقفين التاريخي، الذي أصبح مقهى الجميع، بمكتبته البسيطة وكتبه القديمة، قرب القلعة في وسط أربيل العاصمة لاحتساء استكان چاي عراقي سنگين مع صديق أو فنجان قهوة نسكافة، ليتمتع باستراحة قصيرة من جولة في أسواق المدينة وشوارعها الحديثة ويراقب المارة أو الجماعات العاطلة عن العمل أفي وضح النهار أو السياح وهم يستريحون أو يتنزهون في وسط الحدائق الحديثة المبنية حول نافورات عديدة قبالة المقهى والسوق الشعبي التقليدي الذي أعيد بناء دكاكينه وممراته المسقفة حديثاً. وما أن يجلس الزائر حتى يمر به صديق عزيز أو أحد معارفه بهذه المدينة التي أصبحت موطناً دائماً أو مؤقتاً لعدد كبير من أبناء وبنات القوميات الأخرى الذين تركوا مسقط رؤوسهم طلباً للنجاة من الإرهابيين الذين يفجرون أنفسهم ببغداد والعديد من المدن العراقية الأخرى وطلباً للخلاص من إرهاب وضغوط وابتزاز المليشيات الطائفية المسلحة ومافيات الجريمة المنظمة وليتمتعوا بالأمن والاستقرار المفقود عندهم!
لم تمر دقائق على جلوسي حتى وصل الصديق العزيز والمناضل في سبيل الحرية الديمقراطية علي محمود الملقب بالسياسي والذي حمل راية الدفاع عن المؤنفلين مع رفاقه في جاك وشعب كردستان ضد الذين شاركوا في عمليات الإبادة الجماعية الأنفالية وضرب حلبچة بالسلاح الكيميائي في العام 1988. ثم لمحت الصديق العزيز الذي لم التق به منذ سنوات وهو يلج باب المقهى ومعه المهندس صباح زوج ابنته شروق. إنه الرفيق والشاعر المبدع والمناضل العنيد وربيب السجون السياسية الفريد سمعان. كان الحديث معه منعشاً وجرنا إلى الماضي والحنين إلى سني النضال العجاف. إنه دائم الابتسامة وشديد التفاؤل في أحرج الظروف التي مرت بنا وما تزال تمر على العراق. تذكرنا الفترة العصيبة في أوائل السبعينات من القرن الماضي حين كنا نعمل سوية في هيئة تحرير الثقافة الجديدة حين اضطر الكثير من الرفاق إلى مغادرة العراق أو الاختفاء عن أعين العدو البعثي الذي وجه ضربة قاسية للحزب الشيوعي العراقي في العام 1970 و1971. تذكرنا معاً الشاعر المبدع حسين مردان حين جاء ألينا في شقة هيئة التحرير والأحاديث الشيقة مع الشاعر الذي نعت في حينها بالوجودي والعدمي، أو الشاعر محمد صالح بحر العلوم الذي كان قد بدأ مشاوره الجديد المضني بعد أن جف شعراً ولم يعد قادراً على نظم الشعر بل راح يكتب شيئاً أحاديث سياسية لا معنى لها إذ غابت عنه شاعرية شاعر الشعب القديم أو كما كان عليه حين كتب قصيدته التي لا تنسى "أين حقي؟"!
كان لنا موعد مع الصديق العزيز الأستاذ عادل مراد، مسؤول المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني بالسليمانية حيث دعينا جميعاً إلى وليمة غداء في بيته بعد أن تسنى له تحديد موعد في اليوم الثاني لي وللصديقين الأستاذ زهير كاظم عبود والأستاذ نهاد القاضي لزيارة الصديق القديم طالب الحقوق حينذاك مام جلال الطالباني حين تعرفت عليه أول مرة في العام 1956 في موقف السراي ببغداد. وكان معه حينذاك الأخ حبيب محمد كريم، بعد مكوثي 14 يوماً في التحقيقات الجنائية تميزا بالتعذيب الهمجي الشرس على أيدي الضابطين أنور عبد العزيز وأدهم العاني في غرف وسراديب التحقيقات الجنائية. وكان الصديقان قد عادا لتوهما من موسكو بعد أن شاركا في مهرجان الشبيبة والطلبة العالمي في مدينة وارشو، عاصمة جمهورية بولندا الشعبية، وبعدها غادرا إلى موسكو للقاء بقائد الثورة الكردستانية الملا مصطفى البارزاني.
تميزت زيارتنا للسيد رئيس جمهورية العراق السابق برفقة الأستاذ عادل مراد بالود والارتياح الكبيرين حيث استعدنا خلالها بعض أحداث الماضي التي اختزنتها الذاكرة والتي تعود لعقود خلت سواء في الاعتقال أم في جبال كردستان في فترة النضال الأنصاري أم في بلدان المهجر. كان الحنين إلى الماضي قد شدنا جميعاً ومنح الدقائق العشرين التي قضيناها معه ومع صحبه الكرام طعماً ونكهة خاصة. فنحن من جيل واحد ومررنا بأحداث كثيرة، وجدنا أنفسنا أحياناً متفقين وأحياناً أخرى مختلفين إلى حد الصراع والنزاع، ولكن حافظنا على العلاقات الاجتماعية بطابعها العراقي الإنساني.
تسنى لي بأربيل أن أزور بصحبة الصديق الأستاذ بوتان كويي الرفيق عزيز محمد، السكرتير الأول السابق للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراق في بيته المتواضع المليء بالكتب، فهو قارئ نهم للكتب ومحب للنقاش. انصبت أحاديثنا على الأوضاع السياسية بالإقليم والعراق والمشكلات التي تواجه المجتمع في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق. لقد تميز الرفيق عزيز محمد وهو في التسعين من عمره بذاكرة طرية وذهن متفتح وحيوية متدفقة في التحليل والنقاش وفي التعبير عن وجهات نظره المدققة إزاء الأوضاع والأحداث الجارية بكردستان والعراق. أتمنى له طول العمر والعافية مع بقاء هذه الذاكرة الحية والوعي بالأحداث الجارية وتحليلها السليم. لقد لمست في تحليلات عزيز محمد نبض الشارع الكردستاني وما يواجهه وما يحلم به ويتطلع إليه، ولكنه كان يعبر عن نبض الشارع العراقي عموماً.
الناس بكردستان لا يبخلون بالحديث عن أوضاعهم وعن تأشير الجيد والصحيح من جهة والسيئ والخطأ من جهة ثانية. تلمس ذلك وأنت تجلس بجوار سائق تاكسي يتحدث العربية أو وأنتَ جالس في مقهى تتحدث إلى جار لا تعرفه، أو تزور عائلة لتفضي لك بما يجول في خاطرها وما تشعر به في تلك اللحظة. ليس هناك أكثر من سائقي التاكسي من يملكون أحداث وأسرار المدينة وتطلعات البشر فيها تماماً كما هي الحالة بالقاهرة. فسائق التاكسي هناك يعتبر من أفضل محللي السياسة واتجاه تطور الأوضاع وتنبؤات القادم من الأيام. إنهم أساتذة في علم السياسة التطبيقي وفي التحليل المادي، سواء أدركوا ذلك أم على السليقة والخبرة والمعايشة اليومية.
قمت بزيارة الرفيق والصديق كمال شاكر، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني، في مقر المكتب السياسي، هذه البناية الواسعة والمرفهة والحديثة، وتحدثنا في الأوضاع الجارية التي يعيشها الإقليم والأعباء الثقيلة التي ألقاها الاجتياح الداعشي على عاتق الحكومة وتعاظم عدد النازحين من سوريا أولاً ومن ثم من محافظة نينوى, ثم جرى الحديث عن المهمات التي تواجه الإقليم والعراق تخلله بعض النكات التي وردت عفوياً على لسان الصديق أبو سمير والتي اقترنت بالأحداث الجارية وذات مضمون سياسي نقدي نابت عرف بها بين رفاقه وأصدقائه.
ثم كان لنا لقاء في مقر فرع الجمعية العراقية لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية بأربيل وبضيافة الأخ حميد مراد وبحضور الأساتذة عبد الخالق زنگنة وزهير كاظم عبود ونهاد القاضي حيث تبادلنا الآراء حول مهمات حركة حقوق الإنسان العراقية خلال الفترة التي أعقبت لقاء برلين لجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان العراقية في الداخل والخارج وسبل تنشيط العمل لصالح النازحين والنضال ضد القوى الهمجية التي اجتاحت محافظة نينوى وما نفذته من تطهير عرقي ومجازر إبادة جماعية ضد سكان محافظة نينوى من مسيحيين وإيزيديين وشبك وتركمان وكاكائية وغيرهم على أيدي قطعان داعش المتوحشة. وعلى أثر هذا اللقاء اقترح الزميل حميد مراد أن أقدم أفكاراً في ندوة فكرية سياسية تعقد للبحث في أوضاع النازحين من الأقليات الدينية ومستقبلها بالعراق، والتي عقدت فعلا في المركز الأكاديمي بعنكاوا، والتي حضرها جمع مهم وكبير من المهتمين بشؤون النازحين وحقوق الإنسان ومستقبل المكونات الأساسية الأصيلة بالعراق، سواء أكانوا من المسيحيين أم من الإيزيديين أم من الصابئة المندائيين أو الشبك والتركمان. وقد نشرت الجمعية العراقية لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية فرع كردستان ملخصاً بأفكار المحاضرة والنقاشات التي دارت في الندوة في موقع الجمعية. لقد طرحت أسئلة كثيرة وقدم بعض الأخوة مداخلات أغنت المحاضرة مثل رفيقي في النضال الطويل لبيد عباوي وعبد الخالق زنگنة والدكتور فارس كمال نظمي والسيدة سلمى جبو ومجموعة كبيرة من المشاركين كما قرأت الدكتورة جمانة القروي كلمة للنائب في مجلس النواب العراقي جوزيف صليوا حيا بها اللقاء وتمنى النجاح في النضال ضد قوى داعش المجرمة، عبرت عن اهتمام الحضور بموضوع المحاضرة.
وفي نهاية هذا اللقاء اقترح الأخوة في الجمعية الثقافية المندائية الذين حضروا هذه الندوة عقد ندوة أخرى أقدم فيها أفكاراً عن واقع الاقتصاد العراقي ومشكلاته تحت عنوان "الاقتصاد العراقي إلى أين". وقد عقدت هذه الندوة فعلاً في مقر الجمعية وبجوار المندي المندائي الذي يقام هناك والذي قمنا بزيارته، بما في ذلك حوض التعميد المندائي. وفي هذه الندوة طرحت رؤيتي الشخصية عن واقع الاقتصاد العراقي وسماته والمشكلات التي يواجهها في الوقت الحاضر وسبل المعالجة للخلاص من سمته الريعية الوحيدة الجانب التي تقترن دائماً بعواقب وخيمة وبشكل خاص ظاهرة الاستبداد ومصادرة الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان والفساد المالي والإداري والتخلف والتبعية للتجارة الخارجية تصديراً واستيراداً. وكان الحضور واسعاً والنقاشات مهمة بسبب بنية الحضور المتميز، إذ امتلأت القاعة بالمثقفين والمطلعين على أوضاع العراق والإقليم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لم يكتف الأخ السيد حميد مراد بهاتين الندوتين بل اقترح لقاء تلفزيونياً مع قناة عشتار بعنكاوا والتي حصلت فعلاً ولمدة ساعة كاملة أدارها الأخ مدير الأخبار السيد شمعون متي حيث جرى الحديث فيها عن أحداث الاجتياح الداعشي والنازحين ومشكلات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومستقبل النازحين وسبل حمايتهم وكل ما يمس القوميات الأخرى غير القومية العربية وأتباع الديانات الأخرى من غير المسلمين الذين يتعرضون للاضطهاد والتمييز والتهميش، وأخيراً القتل والتهجير والأسر والاغتصاب، وسبل توفير الحماية لهم. لقد كان لقاءً تلفزيوناً جامعاً وشاملاً للكثير من القضايا المهمة والحيوية والآنية التي تمس الناس في محافظة نينوى والإقليم والعراق عموماً.
وفي لقاء خاطف رجوت الأخ الأستاذ خليل برواري، المسؤول الإعلامي في مكتب الأخ الأستاذ فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني، أن يسعى لتأمين سفرة لي إلى إحدى جبهات القتال التي يقاتل فيها الپيشمرگة الشجعان ضد قطعان داعش وعصابات التنظيم المتوحشة. ويبدو إن الأخ خليل برواري لم يستطيع تدبير الأمر لقصر الفترة الزمنية، ولكنه جلب لي كتاباً أهداه لي مشكوراً الأستاذ فاضل ميراني من تأليفه وبعنوان "قراءة في فكر الحزب الديمقراطي الكردستاني – الاختلاف والبناء – صادر عن دار النهضة العربية ببيروت في العام 2014. وكنت في ذات الوقت قد رجوت الرفيق كمال شاكر توفير فرصة لي لزيارة إحدى جبهات القتال الساخنة في سنجار والتي حصلت فعلا والتي كتبت عنها مقالاً في أربع حلقات نشرت في مواقع عراقية وعربية كثيرة. كما وفر لي الأستاذ خيري بوزاني، وبناء على رجائي، فرصة لزيارة مخيمات النازحين في باعذرة التابعة لمحافظة دهوك والتي قمنا بعدها بزيارة لشيخ الدين الكبير بابا شيخ في مقر إقامته في الشيخان وتناولنا معه وجبة الغداء ومع عدد من الأخوة الإيزيديين وبرفقة صديق الإيزيديين الأستاذ زهير كاظم عبود والأستاذ نهاد القاضي الأمين العام لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق. لقد تعرفت وعن قرب على الشيخ بابا شيخ باعتباره المسؤول الديني الكبير في الديانة الإيزيدية بعد الأمير تحسين بك، وهو يدرك أهمية التحولات التي يفترض أن تحصل في مجتمع الإيزيديين والديمقراطية الضرورية للمجتمع وضرورة اعتماد مبدأ "الدين لله والوطن للجميع" بالعراق. وإذ أتمنى أن يتحقق التنوير الديني والاجتماعي في صفوف أتباع الدين الإسلامي، أتمنى أن يحصل أيضاً في صفوف أتباع الدين الإيزيدي وبقية الديانات بالعراق لأنها السبيل الوحيد والناجح لتضامن والتعاون والتفاعل بين اتباع جميع الديانات والمذاهب بالعراق.
لقد تعرض الإيزيديون إلى إرهاب دموي مريع، إلى إبادة جماعية وبضمنها التطهير العرقي والتهجير القسري والأسر وبيع النساء في سوق النخاسة. لقد ارتكب المجرمون بشاعات مريعة ضد أتباع هذه الديانة المسالمة والناس الطيبين, إنها لطخة عار دائمة في جبين الذين مارسوا تلك الجرائم والذين سمحوا لهم بممارستها على صعيد العراق كله.
لقد تسنى لي اللقاء بالكثير من المثقفين والمفكرين العراقيين من عرب وكرد ومن شخصيات من الكلدان والآشوريين والسريان في مناسبات عديدة خلال هذه الفترة. التقيت أثناء تلك الندوات أو زيارات لهم، كما حصل لي حين زرت الأستاذ ممتاز الحيدري في داره التي تضم آلاف الكتب العربية والكردية والمخطوطات التاريخية المهمة التي يصعب توفرها في أماكن أخرى والتي تستحق أن توضع في مكتبة عامة تحمل اسم آل الحيدري بأربيل. وكان في اللقاء الحميم الأخ الدكتور جمشيد الحيدري حيث تناولنا بالبحث وشحذ الذاكرة العديد من قضايا الماضي والحالة الراهنة في مجالات السياسة والمجتمع والثقافة. وتعود معرفتي بالأخ ممتاز إلى سنوات الستينيات في حين كنت مع أخيه الفقيد عاصم في منفى بدرة، القضاء التابع للكوت (واسط)، في النصف الثاني من خمسينات القرن العشرين. كما تعرفت على جمشيد في الستينيات وما بعدها أثناء الدراسة في الخارج. أما المناضل الفقيد جمال الحيدري، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الذي قتل تحت التعذيب في العام 1963 على أيدي القتلة المجرمين من حزب البعث وفاشيي 1963، فكان لي لقاء قصير معه في أعقاب ثورة تموز 1959 ومن ثم في العام 1961 ببرلين بعد أن عاد من المشاركة في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي ممثلاً الحزب الشيوعي العراق. وحين وقع انقلاب شباط 1963 طلب عودة العديد من كادر الحزب في الخارج، وكنت من الأوائل الذ طلب عودتي إلى العراق للمشاركة في النضال السري. كان ذلك قبل اعتقاله وبعد الانقلاب مباشرة. وحين اعتقل في شهر حزيران من العام 1963 توقفت عودة المناضلين لفترة. وكنت قد تهيأت في حينها لمغادرة ألمانيا حين جاء طلب بتأجيل السفر لفترة أخرى. وفعلاً غادرت ألمانيا في العام 1964 إلى العراق على وفق الأساليب السرية المعهودة في مثل هذه الأحوال.
وقضينا سهرة ممتعة في بيت الرفيق والصديق لبيد عباوي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي سابقاً ووكيل وزير الخارجية العراقي سابقاً أيضاً والمتقاعد حالياً وزوجته الفاضلة سلمى جبو، المستشارة بشؤون المرأة لدى رئاسة الجمهورية سابقاً والتي تدير منظمة مجتمع مدني لتدريب النساء على الخياطة وأعمال أخرى، بصحبة العزيز الأستاذ نهاد القاضي. وقد هيمن الجو السياسي والاجتماعي العراقي على اللقاء الحميم والأحاديث الخاصة بما يعاني منه العراق في المرحلة الراهنة والعواقب التي تسببت عن سياسات المحاصصة الطائفية اللعينة وما يواجه العراق في المرحلة الراهنة. وفي الواقع أكملنا النقاش الذي بدأنا به في الندوتين السابقتين، سواء أكان حول النازحين أم واقع الاقتصاد العراقي.
زرت أثناء وجودي بأربيل مقر رابطة الأنصار الشيوعيين، التي انتمي إليها باعتزاز، حيث التقيت بعدد من رفاقي الأنصار القدامى مثل أبو زينة وأشتي والدكتور جبار ونبيل وغيرهم، وعلمت منهم أنهم سيغادرون إلى الشيخان ومنها إلى جبل سنجار وسيحملون معم الكثير من المساعدات العينية التي اشتروها من أسواق أربيل بتبرعات أعضاء الرابطة خارج الوطن.
وعن طريق الصدفة التقيت بالرفيق العزيز جاسم الحلفي (أبو أحلام)، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بأربيل مع أفراد عائلته الفاضلة، فدعيت شاكراً إلى وجبة غداء في مطعم هندي بأكلاته الهندية الطيبة التي لا تنشط الدورة الدموية فحسب، بل والنقاش وبمشاركة الصديق الأستاذ نهاد القاضي. ولا يمكن أن تكون مثل هذه اللقاءات بعيدة عن السياسة والسؤال عن أحوال الحزب والرفاق والأجواء العامة بعد تشكيل مجلس الوزراء الجديد القائم على ذات أسس المحاصصة الطائفية التي حصلت في عهد رئيس الوزراء السابق الذي كان مستبداً بأمره وبالشعب في آن.
في هذا السفرة القصيرة إلى أربيل التقيت بالإعلامي والكاتب الرفيق إبراهيم الحريري وزوجته الرفيقة ماجدة الجبوري، إذ كنت مع إبراهيم في منفى بدرة في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي في بيته وعلى وليمة عشاء مشكورين بحضور الأستاذين زهير ونهاد والسيدة أم علي عقيلة الأستاذ زهير. وكانت ماجدة قد اشترت 50 ماكنة خياطة لتقوم بتوزيعها على العائلات النازحة في المخيمات لتأمين بعض العمل لهن، إذ إن البطالة في المخيمات واسعة جداً بل شاملة، إنها من الصحفيات والناشطات الفعالات في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب بالعراق.
ومن الظواهر الملاحظة بالإقليم كثرة الفنادق ذات النجمات الخمس أو الأربع أو الثلاث التي بنيت في فترة الانتعاش الاقتصادي وفرضت أسعار عالية على نزلائها والتي شهدت ارتفاعات سريعة في فترات قصيرة وأصبحت أغلى بكثير من أسعار الفنادق المماثلة لها في أوروبا وبشكل غير معقول. ورغم الانحسار الواضح للسائحين وأصحاب الأعمال إلى إقليم كردستان العراق منذ ما يقرب من عام ولكن بشكل خاص بعد اجتياح الموصل، فأن أسعار الفنادق لم تتغير وحافظت على ارتفاعها الكبير. وقد أجبر أصحاب بعض الفنادق على غلق أبواب فنادقهم. وعلى من يسافر إلى إقليم كردستان من أمثالي أن يفكر أولاً وقبل كل شيء بنفقات الفندق العالية حتى في فنادق ذات ثلاث نجمات أو أربع نجمات على وفق ما هو متوفر منها. كما إن أسعار المطاعم لم تتغير فما تزال عالية رغم الانخفاض الملموس في مدخولات السكان وتراجع في السيولة النقدية وغياب الكثير من الشركات الأجنبية.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما العمل من أجل دحر داعش وعودة النازحين قسراً إلى مناطق سكنا ...
- زيارة إلى النازحين في جبل سنجار والمقاتلات والمقاتلين في مدي ...
- الإقليم والنازحون قسراً إليها، مخيم آسيان في ناحية باعذرا - ...
- زيارات حزينة إلى مخيمات سكان النزوح القسري بإقليم كردستان ال ...
- خطيب جامع بأربيل يشتم الشيعة والشيوعية كل يوم جمعة
- أرحل... ارحل انت ومن يحميك من عقاب الدستور والقوانين واترك ا ...
- الأزمة المالية وإشكاليات الفساد والإصلاح الاقتصادي
- هل الظهير الشعبي المجتمعي الذي تحتاجه القوات العراقية في موا ...
- هل الرأسمالية نهاية التاريخ؟ رأي في كتاب -راهنية أفكار كارل ...
- قراءة في رواية -متاهة إبليس- للروائي العراقي برهان شاوي
- نتانياهو والطريق المسدود لحل القضية الفلسطينية!!
- حوارات فكرية وسياسية ممتعة مع الصديق البروفيسور الدكتور ساسو ...
- رد متأخر على أگاذيب شرسة
- هل من مغزى لتعيين د. مظهر محمد صالح مستشاراً اقتصادياً لرئيس ...
- هل القضاء العراقي مستقل؟
- أما يزال الإنسان العراقي يقف على كف عفريت، أما يزال تحت رحمة ...
- هل ما يزال العراق يعيش كوارث الشوفينية والحروب والاحتلال وال ...
- التضامن الإنساني حاجة إنسانية ماسة وملحة في أوضاع العراق، وط ...
- الظلم إن دام دمَّر!! البنك المركزي العراقي نموذجاً
- مقترح للمناقشة حول لقاء قادم لحقوق الإنسان بالعراق في خريف ا ...


المزيد.....




- تونس: -محاسبة مشروعة- أم -قمع- للجمعيات المدافعة عن المهاجري ...
- الجمعة.. تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن -عضوية فلسطين-
- الأمم المتحدة تقول إن 80 ألف شخص فروا من مدينة رفح مع تكثيف ...
- رماه في بئر فمات غرقا.. السعودية تنفذ الإعدام بوافد وتكشف جن ...
- نزوح جديد في رفح وأطفال يتظاهرون للمطالبة بحقهم في التعليم ...
- الأونروا تغلق مقرها بالقدس بعد إضرام متطرفين إسرائيليين النا ...
- الخارجية الأردنية تدين إقدام إسرائيليين على إضرام النار بمحي ...
- بعد عام من اعتقال عمران خان، هل استطاع مؤيدوه تجاوز ما حدث؟ ...
- الأونروا تنشر فيديو لمحاولة إحراق مكاتبها بالقدس وتعلن إغلاق ...
- قائد بريطاني: عمليات الإنزال الجوي وسيلة إنقاذ لسكان غزة من ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كاظم حبيب - زيارات ولقاءات ودية وحميمة في مدن كردستان الجميلة