أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا المادح - طيبة الموسوي وخصال الشيخية















المزيد.....

طيبة الموسوي وخصال الشيخية


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(الشيخية) ويطلق عليهم أيضا ً(الاحسائية) نسبةً الى منطقة الاحساء في السعودية، هم مسلمون وفرقة من الطائفة الشيعية الاثنى عشرية ، يطلق عليهم بالشيخية لأنهم يقلدون الاب الروحي ومؤسس المدرسة الفكرية (الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي 1752 ـ 1825م)، يتركزون في مدينة البصرة ويقدر عددهم بأكثر من مئتي ألف ، ولهم امتدادات في محافظات الجنوب وفي ديالى كذلك في ايران وبعض دول الخليج ، وغالبية قبيلة (بني عامر) من الشيخية ، ولذلك يصعب على البعض التفريق بين الاثنين.
في الخامس عشر من كانون الثاني من هذا العام ، فـُجعَ أبناء الفرقة الشيخية بفقدانهم مرجعهم الاعلى طيب الذكر السيد علي عبدالله الموسوي ، الذي يكنون له الحب والتقدير لما امتاز به من خصال الطيبة والتواضع والاخلاص لفكره ومعتقده دون التطرف والاساءة للآخرين ، وهذا ما انعكس على مقلديه من الشيخية وبني عامر من طيبة وتواضع واخلاص في العمل وتكاتف عند الشدائد وتقديمهم العون للآخرين وتعايشهم مع الجميع دون نبذ أو تفرقة .
بيتنا القديم لايبعد سوى عشرات الامتار عن ديوان الشيخية وبيت السيد علي الموسوي ، وُلدنا وتربينا في هذه المنطقة خلال اكثر من ثمانين عام ، والتي يعيش فيها اناس معظمهم من الفقراء الكادحين من ابناء الفرقة وبني عامر وتجد بينهم من الطوائف والديانات الاخرى ، المسيحي ، السني ، الصابئي وحتى اليهودي قبل رحيلهم المؤسف من وطنهم ، ولم يتعرض أي من هذه المكونات الى الأذى أو الابعاد ، بل عاشوا متحابين بأمان ، حيث كانوا لنا جيران دورهم ملاصقة لبيتنا من الصابئة والمسيح والسنّة وكانت لنا معهم اجمل العلاقات الانسانية الصادقة التي تركت في نفوسنا أجمل الاثر مدى الحياة ، وفي حادثة مشهودة في المنطقة ففي اربيعينات القرن الماضي ، كانت هناك عائلة يهودية تسكن (دروازة السيد) هكذا كان يُسمى الزقاق الذي تقع فيه دار عائلة المرحوم السيد عبدالله الموسوي ، والد الفقيد السيد علي الموسوي في محلة الفرسي ، العائلة اليهودية تعرضت الى هجوم عصابة سرقة مسلحة ليلاً (ربما الحادث مدبر من جهات ما ، لترهيب اليهود واجبارهم على الرحيل) ، سمع جدي لوالدتي صراخ النجدة لنساء العائلة اليهودية ، فهبّ لنصرتهم ولم يكن مسلحا ًوهو الشيعي من الشيخية ، فتصادم مع احد المسلحين من العصابة ، فأطلق ذلك الجبان النارعلى جدي وأرداه قتيلا ً في الحال .
كذلك معروف الموقف التاريخي لبني عامر من الشيخية ، عندما تصدوا لغزوات البدو لمدينة البصرة في العهد العثماني حيث لم تكن هناك سلطة قادرة على صدهم ، فردّوا الغزاة على أعقابهم ولم يتجرؤوا على تكرار ذلك .
بعد سقوط النظام الدكتاتوري وإنفلات الامن ، بادر شباب بني عامر تحت اشراف مرجعهم ، الى توفير الامن بتنظيم الحراسات والدوريات في مناطق سكناهم فلم تحدث اعمال قتل ونهب وسلب فيها ، وشاهدت بأم عيني كيف تلجأ الشاحنات الكبيرة المحملة القادمة من مدن العراق الى منطقة الفرسي قرب جامع الموسوي الكبير لينام اصحابها بأطمئنان .
وتعرضوا الشيخية خلال سنوات الفوضى ، الى اعتداءات واستفزازات ومطالبتهم بالرحيل من قوى مستهترة وصلت حد قصف منطقتهم بقذائف مدفع هاون ، فكان الرد من قبل الفقيد السيد علي الموسوي موقفا ًحكيما هادئا ً بعدم الانجرار الى التصادم وإراقة الدماء ، ولكن عندما تجرأ البعض من الرعاع الطارئين على البصرة والذين اعاثوا بأمن أهلها الطيبين ، فقاموا بخطف إثنين من أبناء بني عامر وطلبوا فدية كبيرة ، ولم يستجيبوا للنداءات السلمية لاطلاق سراحهم ، عندها جند بني عامر المئات من شبابهم فقاموا بعملية مسلحة خاطفة استعادوا فيها ابنيهم سالمين ، وردعوا المعتدين فكفوا عن ترويع أبناء البصرة فشهدت شوارعها الاستقرار النسبي ولاقت العملية ارتياحا ًواسعا ًبين الناس .
وعندما عاشت البصرة قبل سنوات اجواءً متوترة بين الطوائف والاحزاب ، بادر الفقيد السيد علي الموسوي لدعوة ممثلي جميع الاطراف الى اجتماع في ديوانه وعرض عليهم توقيع ميثاق شرف بعدم استخدام العنف لحل الخلافات ، فوقعوا وخرجوا منتصرون جميعا ً، وتم تشكيل المجلس السياسي الاستشاري فيه ممثلي جميع القوى في الساحة البصرية ، وكان لأبنه السيد عبد العال الموسوي دورا ًمشرفا ً في انجاح المبادرة.
لم يقتصر نشاط عائلة الموسوي على الامور الدينية ، بل انخرط أبنائها في تحصيل العلم ، فنالوا تقريبا ًجميعهم اعلى الشهادات العلمية في مختلف الاختصاصات ، وقدموا الخدمة الى مدينتهم من خلال وظائفهم بمهنية وإخلاص ، كما استثمروا ومعهم كوادر وعمال ابناء الشيخية طاقاتهم وقدراتهم في بناء المشاريع المختلفة ومنها جامع الموسوي الكبير والذي يعتبر تحفة معمارية متميزة في البصرة ، وكذلك مستشفى الموسوي الحديث ، الذي يتقاطر عليه أبناء البصرة والمدن القريبة بلا تمييز وغيرها من الاعمال الناجحة.
لدي الكثير من الذكريات الطيبة مع هذه العائلة ، أتذكر جيدا ً السيد صالح الموسوي (عم الفقيد) وكان موظفا ً مسؤولا ًفي البلدية ، فكانت شوارع البصرة تزهوا بالنظافة والفراشات تمرح على خدود الازهار المنتشرة في الحدائق وعلى جوانب الطرق والانهار في ستينات القرن الماضي !
لا انسى سيد مهدي الموسوي (اخو الفقيد) وكان طالبا ًفي كلية الطيران ، تعرضت طائرته التدريبية الى عطب ورفض الهبوط بها على احد الشوارع لوجود طالبات مدرسة ، فهبط بها في نهر شط العرب فتحطمت طائرته واستشهد وكان شابا ًطموحا ً، كان ذلك في بداية السبعينات . كيف انسى طيبة وتواضع سيد عدنان (ابن عم الفقيد) وضحكته المجلجلة في ارجاء دارنا حيث كان يدخل بيتنا ونحن ندخل بيتهم الشناشيل على شط العشار بلا تكلف وبمحبة واخوة صادقة ، وللاسف ايضا فقدناه بحادث سيارة في بداية السبعينات .
من الصفات الحميدة للمرجع الاعلى للشيخية ، إيمانه بفصل الدين عن السياسة وبنفس الوقت عدم تحريمه لأتباعه ممارسة السياسة ، وكذلك دعوته لنبذ العنف والتطرف فلم يشكل مليشيات ولم يحرض على التكفير والقتل ، بل يؤمن ويثقف بالقيم الانسانية وبأن الدين الاسلامي دين محبة وتسامح " فلا إكراه في الدين " لديهم " وجادلهم بالّتي هي أحسن " شعارهم ، وبهذا كسبوا احترام ومحبة الاخرين .
أما مقلديه من الشيخية وبني عامر فهم يمارسون مختلف المهن والمئات بل الآلاف منهم يحملون الشهادات العليا ، ومعروف عنهم طيبتهم واخلاصهم في العمل فنالوا ثقة واحترام أهل البصرة ، أما فلاحيهم فحتى البلابل تفطر كل صباح بحلاوة تمرهم وتغرد على أغصان أشجارهم .
لم أكتب هذا تحيزا ً أو تأليها فهم بشر مثلنا ، وهذا جزء من الحقيقة والتأريخ . أفلا يحق لنا أن نفخر بأن لنا أناس بهذه الصفاة الحميدة في زمن الفساد والخراب .
2015-01-24



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن والحوار الحضاري
- الدولة العراقية وعلم الفضاء
- الحظ السعيد
- هل اعتزال الصدر خطوة جادة ام مناورة سياسية...؟
- الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مقترح لحل مشكلة الك ...
- عودة القوى الدينية الطائفية بعد ان غيرت جلدها
- في البصرة اعمار ام تخريب
- الهمجية في ظل الحملة الانتخابية
- الموت في الظلام
- جدارية الاحلام
- الاعدام...
- ألتخلف التكنولوجي في النظم - الاشتراكية
- مساهمة الاكراد في جريمة الانفال


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرضا المادح - طيبة الموسوي وخصال الشيخية