أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - الموت في الظلام














المزيد.....

الموت في الظلام


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


في المساء وكعادته التي لاتعرف السكون، دفع عربته والتي تشبه صندوق خشبي بثلاث عجلات، اتقـِنَ صنعُها فجُعل لها باب من الجهة الخلفية، وفتحة في في سطح العربة بحجم قدر كبير. توقفت العربة امام باب الدار بمسافة تسمح لجسده الضخم بالانزلاق الى الداخل. انحنى بقامته الطويلة الى الامام، لتتناسق مع حركة جسد زوجته النحيف. رفعا قدر الكبـّة الثقيل ليتجها بحذر الى خارج الدار ويثبتانه في مكانه على العربة. تأكد من ملء البريمز* بالنفط الابيض ليضعه تحت القدر مباشرة. بناته الاربع لم يـَكُفْنَ عن الحركة، هذه وضعت كيس الصمّون داخل صندوق العربة وتلك احضرت اللوكس * والثالثة تأكدت من ملء المملحة وعلبة مسحوق الفلفل الاسود، اما رابعتهن وهي الكبرى فجاءت بصف ثقيل من الاطباق.
التفت اليهن مستفسرا بصوته الخشن الثقيل:
ـ الم تنسوا شيئاً...؟
ـ توكل على الله. اجابت زوجته.
ـ اودعناكم...
ثم انساب مع عربته في الزقاق الضيق نحو الشارع المعبد متجها الى " العشار " مركز المدينة.
في ساحة " ام البروم " ركن عربته الى جانب الرصيف. كل عربة تعرف مكانها بالضبط . جهّز اللوكس وثبته على عمود في زاوية من العربة لينشر ضياءه على وجوه المارة. هدير البريمز يعلن عن انتشار رائحة الكبة الشهية. اصطفّ ثلاثة رجال حول العربة. الاطباق المتسخة تأخذ طريقها الى باطن العربة. الحركة في الساحة تتواصل من الشروق حتى الشروق، عمال، جنود، مسافرون، سكارى، مصريون يبحثون عن مأوى على بساط الحديقة العشبي .
عند الثالثة فجراً لملم اللوكس ضياءه، وانطفأ البريمز بعد ان خارت قواه. اجتاز جسر شارع السعدي، ليولي ظهره نحو المشرق متحدياً في اتجاهه سير المرور. الى جانب الرصيف المحاذي لنهر العشار، كانت العربة تسير ببطء شديد. دماغه لايقوى على التركيز. مطأطئً رأسه نحو الاسفلت. لا يكاد جسده يظهر من خلف العربة. مرت سيارة مسرعة بجنبه فأثارت غبار حبات الندى على وجهه. واصل سيره تحت ظلام شجرة يوكالبتوس ضخمة. سرت رعدة اصدام افزعت الطيور النائمة بين اوراق الشجرة. تدحرجت عجلة من العربة لتقطع الطريق نحو الرصيف الاخر. تناثرت بقايا الصمون على صفحة ماء النهر الساكنة. اختلط الدم مع سائل الكبة اللزج الدافيء. لم تدرك الروح ماحدث فتسللت ببطء مع عطر اليوكالبتوس لتستقر في الاعلى مذعورة. ابتعدت السيارة لتختفي في اخر الطريق.
......................
09 12 2007

* البريمز : جهاز للتسخين يعمل على ضغط وحرق النفط الابيض.
* اللوكس : جهاز للاضاءه يعمل على ضغط وحرق النفط الابيض.



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدارية الاحلام
- الاعدام...
- ألتخلف التكنولوجي في النظم - الاشتراكية
- مساهمة الاكراد في جريمة الانفال


المزيد.....




- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...
- عجائب القمر.. فيلم علمي مدهش وممتع من الجزيرة الوثائقية
- كيف قلب جيل زد الإيطالي الطاولة على الاستشراق الجديد؟


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - الموت في الظلام