أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عماد حياوي المبارك - انقلابات لا تنتهِ















المزيد.....

انقلابات لا تنتهِ


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 12:49
المحور: الطب , والعلوم
    


لا تحدث (الانقلابات) فقط ضد الأنظمة في دول العالم الثالث، حتى أضحت لعبة الشعوب ضد رؤسائها، وإنما حتى (الكرة الأرضية) يحلو لها أن تقوم بلعبة ... (الأنقلابات).
لذا فهذه المساهمة ليست في السياسة ...

انقلابات لا تنتهِ

نحن جيل عاش على صفيح ساخن، فما أن نسمع كلمة (انقلاب) إلّا ويتبادر ببالنا صفحات من تاريخ بلداننا، مزيد من انقلابات سياسية وفكرية وثقافية واجتماعية.
فشهدت شعوبنا كل أنواع الانقلابات والتقلبات، من شعب غني لفقير، ومن شبعان لجوعان، ومن مثقف لاُمّي، ومن مستقر لمُهجّر ...
لكن ولتسهيل الأمر عليكم من بدايته، فأنا بهذا المقال لست بصدد أياً مما أسلفت، وإنما حول تغييرات متسلسلة تحدث في كل عام، تقوم بها (واحدة) حُلوة مجتهدة وعزيزة علينا، لا تعرف كلل ولا ملل على مدى حياتها والتي تمتد لأزمان سحيقة (أربعة مليارات سنة) وسيبقى لقادم عمرها، صديقتنا الجميلة النشيطة هي ... (الكرة الأرضية) !
هذه الفاتنة الساحرة هي بيتنا الكبير، تلعب في أثير الكون غير مبالية بما يقوم به سكنتها ـ بنو البشر ـ بعث الفساد والإساءات لها، فخربوا البيئة وراح احدهم يكيل للآخرين ويضمر له الشر فيتقاتلون، ولم يَنجُ من بطشهم حيوان أو نبات، فأحدثَ هذا المخلوق (الخبيث) إرباكاً بتوازن الطبيعة على سطحها وفي بحارها وحتى ... في أجوائها.
× × ×
التحول الشتوي والصيفي هو ما يطلقه العلماء عليها بالانقلابات للأسف ... الانقلاب الشتوي والانقلاب الصيفي، وهذا الموضوع نبحثه اليوم، حيث يحدث الانقلاب الصيفي بالضبط في في 21 يونيو ـ حزيران، وفي المقابل ففي 21 ديسمبر ـ كانون أول يكون الانقلاب الشتوي.
دعوني أحدثكم عن هذه (الانقلابات)، لان هناك لا يزال سوء فهم لدى الكثيرين حول التفسير العلمي والفلكي لهذه الظاهرة، وسأبسطها بطريقة استعراض موسوعة المعرفة الجميلة، والتي تحاكي جميع مستويات الناس، سنجمع أولاً بعض المعطيات ونؤكد بعض الحقائق، ولا أحتاج منكم ًلاّ لبعض التركيز ...

من المفاهيم الخاطئة والتي سنصححها الآن هو تيقن البعض بأن اقتراب الأرض من الشمس خلال مسارها البيضوي هو الذي يُحدث الصيف وابتعادها ـ يتصورون ـ هو الذي يأتي بالشتاء لنا.
المسألة غير ذلك لسبب منطقي أن الأرض بنفس الوقت يقوم فيها صيف وشتاء.
وإذا يذهب البعض للتصور بأن ميلانها البسيط عن محورها يجعل أحد نصفيها أقرب للشمس، فهذا هو الخطأ الأشد، ذلك لأن الأرض تبعد عن الشمس مسافات شاسعة ولا يؤثر أقتراب بضعة ألوف الأميال من تغيير الأمر.
لو أن الشمس بحجم كرة قدم تستقر بمركز ملعب وسط لندن، فالأرض ستمثلها كرة منضدة تقع بباريس، وقس أنت البعد الشاسع نسبة للحجم وكيف أن تأثير أي ميلان يكون معدوماً.

ترسل شمسنا الحلوة أشعتها حاملة لنا عنصرين مهمين، النور والدفء، وهي ـ أي الأشعة ـ عبارة عن خطوط متوازية تسقط على الأرض بزوايا مختلفة ـ بسبب تكوّر الأرض ـ ولو أن الكرة الأرضية مستوية ومواجهة للشمس، لأحترق كل ما عليها من شدة السخونة، لكن كرويتها جعل خيوط الشمس تسقط بشكل مائل فتتشتت حرارتها ولا تمتص أرضنا (المحروسة) إلا النزر اليسير منها.
لنفسر معاً ظاهرة بسيطة وهي حدوث الليل والنهار، طبعاً نتيجة دوران الأرض كل 24 ساعة حول نفسها فنسميه يوم كامل، وتقابله أيام بمديات أخرى لباقي الكواكب يعتمد على سرعة دوران كل منها حول نفسه، وليس في ذلك من جديد علينا، لكن كيف تحدث الفصول الأربعة ؟
لنتعرف على سلوك آخر لأرضنا العزيزة وزملاتها الكواكب، فمحور دورانها حول فطرها مائل ويتغير ذات اليمين واليسار سنوياً وباستمرار، وهذا الميلان لمحورها نسبة للشمس هو ما جعل تعامد أشعة الشمس ينتقل من نصفها الأعلى (مدار السرطان) في 21 يونيو، مروراً بخط الاستواء ليتعامد في جنوبها (مدار الجدي) في 21 ديسمبر، ثم يعود ليستغرق بذلك عام كامل .
بالضبط مثل (مصرع الأولاد أو اليو يو) حينما يتمايل خلال دورانه.

فتنحني الكرة الأرضية جاعلة أشعة الشمس بنفس الوقت من العام تتعامد على نصفها الشمالي فيكون صيف ومائلة على نصفها الجنوبي ليكون فصل شتاء ... وبعد ستة شهور ينعكس الأمر.
ويذهب اقل ميلان في ديسمبر للنصف الشمالي وفي يونيو في النصف الجنوبي، وهذا لا يعني كما ـ وأكرر هنا ـ يظن البعض بأنها تقترب في نصفها العلوي من الشمس فتتلقى حرارة أكثر لأن هذا الاعتقاد هو (كفر) بعلم الفلك، فالمسافة شاسعة بينهما كما مثلتها سابقاً، ومجرد ميلان بسيط لا قيمة له بحسابات الحرارة، ولو كان لذلك قيمة لاختلفت الحرارة على باقي كواكب المجموعة الأقرب للشمس أو الأبعد، ولسخن عطارد وبرد بلوتو بألوف الدرجات، وهذا غير صحيح.
لنستمر بالبحث عن سبب لحدوث فصل حار وآخر بارد في نفس الوقت لمن لم تكتمل الصورة لديه بعد.

لو أخذنا حُزمة محددة من الأشعة الساقطة على مساحة محددة لمدار السرطان في منتصف فصل الصيف (وهي عمودية) عليه، وأسقطناها (نفسها) على مدار الجدي بشكل مائل، لغطت ضعف المساحة الأولى، أي بمعنى أن الحرارة أنتشرت على ضعف المساحة أي نصف هذه الحرارة يقع على قدر المساحة الأول الذي ذكرناه وبالنتيجة ستضعف، أي صيف في الشمال وشتاء بالجنوب، غير ذلك أن النزول المتعامد أو شبه المتعامد للأشعة يجبر الأرض على امتصاصها أكثر بالنهار ومن ثم إعادتها في الليل.

وبتفسير آخر لنفس الحقيقة أعلاه، فلو أخذنا على سبيل التوضيح، حُزمة خطوط متوازية ومتساوية البعد فيما بينها ولها قدَرْ محدد من الحرارة ولنفرضها عشرة خطوط، وأسقطناها على مساحة معينة، مرة بشكل عمودي وأخرى بشكل مائل، فسنجد أننا في الحالة الثانية ولنفس المساحة المغطاة سنحتاج ثمانية خطوط، وكلما تميل تصبح حاجتنا لخطوط أقل ...
وهذا ما يحدث في القطبين وشمال اسكندنافيا وألاسكا وسيبيريا في الشتاء حيث تنتشر نفس كمية الحرارة على مساحات أكبر وبالتالي تقل، ونفس الأمر على شتاء القارة القطبية الجنوبية وجنوب الأرجنتين.
إذاً كميات الحرارة نسبة لانتشارها على الرقعة الأرضية هو ما يحدد درجة سخونة البقعة أو برودتها، وكمية الحرارة التي يحملها عدد قليل من خيوط الشمس، سيجعلها تعجز عن تسخين الأرض أو إذابة الجليد، ولأمر بالعكس على خط الاستواء.

نتذكر معاً كيف كان يمكننا باستعمال عدسة لامة أن نركز أشعة الشمس لنتمكن من إشعال كومة قش أو ورقة، الأمر سيان هو جمع خطوط الشمس.
صار لدينا معطيات مهمة لحدوث فصلين متناقضين ـ بارد وحار ـ على نصفي الأرض وفي نفس الوقت من العام.
× × ×
لم يضع الفلكيون خطي العرض ـ الجدي والسرطان ـ بمكانهما من لا شيء، فأقصى تعامد لنور الشمس في النصف الشمالي الذي هو أقصى ميلان للأرض ويتم بيوم 21 يونيو يضع لنا خطاً عرضيّاً أسميناه السرطان، وبسبب هذا الميلان فقد انكشف القطب الشمالي بالكامل مقابل الشمس ولم يعُد هناك ليل فرسموا الدائرة القطبية الشمالية حيث الشمس مشرقة طول اليوم.
بينما حُجب كل النور على حلقة بجنوب الكرة الأرضية ولم يعد بمستطعنا أن نرى الشمس على طول اليوم، فرسموا خط القطب الجنوبي عند حدود الظلام الدائم هناك.
وهكذا في الوقت الذي يتمتع جنوب الأرض بشتاء يتمثل بأقصى ميلان لنور الشمس عنه واقصر نهار واشد برودة بيونيو، يكون العكس لنصف الكرة الشمالي فالشمس تتعامد والحرارة وفيرة.
× × ×

الخلاصة فالأرض تدور بانتظام حول نفسها (لتصنع الأيام) وتتمايل بدقة متناهية (لتصنع الفصول)، وهذا نظام الكون في حركة الكواكب حول نفسها وحول أجرامها (شموسها) وكمجموعات حول مجراتها ... وهكذا، هو ما دفع (ألبرت أينشتاين) للقول في نظريته النسبية بأن لا وجود لأي جسم ثابت بشكل مطلق في الكون، وإنما فقط يجوز ثبوته (نسبة) لجسم آخر، ومن هنا سُمّي افتراضه بالنظرية النسبية.

إن التزامن الدقيق بحركة مفاصل الكون يجعل العقل البشري يُذهل أمامه، ويستسلم لهذا الإعجاز الذي جعل مجال الخطأ في كل هذه المنظومة الهائلة الحجم، يكاد ينعدم !
فلا زاوية ميل الأرض تغيرت ولا سرعتها بحسب المعطيات المتوفرة لدينا، مما لا يدفعنا لأي أحتمال أن الأرض ستتباطأ يوماً أو تتوقف، وإنما هي مصممة على نشاطها وعلى (انقلاباتها) الامنتهية ...
ولو حدث يوماً وأن توقفت الأرض عن الدوران ـ لا سمح الله ـ فأنني أجد نفسي (ملزم) بإعادة صياغة مساهمتي هذه !

عماد حياوي المبارك
هولندا



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منازلة أم المعارك
- هيتشكوك
- المعادلة المعجزة
- حيتان
- آباء وأمهات
- مجرد كلام يستودَي
- هذا أنا ... عماد
- نوم ... شياطين
- يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
- العتب على ... السمع
- ورقة التوت
- الآنسة ... بابيت
- عملية اغتيال ... بدالة
- مستقيمات
- لواكة لبّي
- حكايا وبغايا
- لازوردي
- كالكوووون
- قه شقولي
- فلس ... وسبع كازكيتات


المزيد.....




- اكتشاف عامل خطر -غامض- وراء ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الك ...
- شاهد.. العثور على مقبرة جماعية جديدة داخل مجمع الشفاء الطبي ...
- ما هو رابط الاستعلام دعم ريف برقم الهوية؟ وزارة البيئة والمي ...
- رواد الفضاء يهنئون الروس بذكرى عيد النصر من على متن المحطة ا ...
- الزهايمر في الخليج
- دراسة: زيت الزيتون يقلل من خطر الوفاة بسبب الخرف
- غمرته المياه.. فيديو صادم يظهر غرق مطار بجنوب البرازيل جراء ...
- -لماذا نأتي إلى غزة؟-.. الطبيب العماني الشموسي الذي رفض الخر ...
- ثبتها حالًا.. تردد قناة الفجر El Fadjr على الأقمار الصناعية ...
- الاميرات الصغار.. تردد قناة تنة ورنة Tana W Rana‎ 2024 على ج ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - عماد حياوي المبارك - انقلابات لا تنتهِ