أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - من رسائل امرأة طفلة _ قصة فصيرة














المزيد.....

من رسائل امرأة طفلة _ قصة فصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4664 - 2014 / 12 / 16 - 23:54
المحور: الادب والفن
    



ورقة صغيرة ألصقها الرجل على مسودة الكتاب حطمت كل أمالها في أن يسمع البعض حكاية هذه السيدة الطفلة بعد أن مزقت أحزانها المرة كما تسميها لتصرخ بوجه العالم , ما أقبح الرجل عندما يتصرف كذكر يحدد جغرافيا الإنسان على تأريخ أنثى منحته الكون كله وارتشفت منه المرارة فقط ليس إلا ,كتبت هذه الصرخة كمذكرات وقدمتها للطباعة وهي ترى أن الألاف من قريناتها سيذرفن دموع الأسى على ماضي تولى تشاركن به ,تتصفح مختارات مما كتبت لتجدد مبرر للاعتذار .
في ليلة مضت من أعوام وعلى وقع رشفات قهوته المسائية الداكنة رسمت له خريطة العالم التي تتشكل في لحظة هيام به وزينتها له بكل ألوان الأنوثة بتفاصيل ناعمة ورقيقة سجادة لأحلامه وقالت هيت لك ,حتى رائحة العطر المنبعث من الحرير الذي لف الجسد أختال من مشهد الإثارة ,كل شيء يوحي أنك ملك لا يدانيه سلطان عصملي ولا إمبراطور في زمنه, أنتظرت لمسات تزرع الورد في هذه الجنة (كنت أنتظر مطرا يحملني شيئا فشيئا لبحر هادر مزمجر يكسر لي أشرعني ويحطم كل سفني على مراسيك) ,تذكر الفارس أنه لم يمارس الخذلان معها فاندس كالتائه الذي وجد ضالته أخيرا بين طيات الفراش يشتم ربها الجميل.
كان أستغرابها كبيرا أن لا يكون ما كتبته من بوح لا يسمى أدبا فقد صاغت حروفه كما تصاغ أجمل قلائد النساء الثمينة وأختارت لها أجمل الجواهر الحقيقية ,لم تكذب بل أفرغت كل أحاسيسها التي تتمنى لها أن لا تعود لمحبسها مرة أخرى لتكلم القلوب والعقول , عادت فقرأت مرة أخرى علها تكتشف العيب الذي منع الرجل من أن يمنح حروفها ضياء وقطع طريق الوصول عليها ,ألا يكفي معشر الرجال أنكم سارقون كل لحظات الجمال وتركتك أجسادنا كأثار مرت عليها قرون تتطلعون فيها بشماته.
الأشياء الصغيرة وحدها من تفتقدني ,عطرك وحقيبتي وبعض من كتب وقلادة أهديتني إياها في زمن جميل , بعض المقاعد الباردة في حديقة المدينة المهجورة , هناك حيث كنا نلعب على رصيف قديم تزخرفه الحجارة ... كم جميل أن نعود لنحصي حماقات الطفولة ,حتى البراءة تبعث فينا الروح كي نكون كبارا , ندمت أنني وافقتك على أن ننضج معا لو تركتني أتمتع أكثر بعرائسي التي أصنعها من عيدان السعف وملابس امي القديمة , كم أحس بالظلم أنني كنت غبية أكثر من المعتاد يوم هربت معك من أنظار جدتي لنختبئ خلف الجدار الطيني لأمنحك أول قبلة شيطانية ... ارجوك إن كنت تحبني تعال وأنتزع قلبي الأسود ,لقد فقد قلبي بكارته لم يعد نقيا يوم كرهت الحب .
الطفلة الوديعة التي مزقتها أنياب أنانيتك أيها الرجل عادت لتمزق فيك كل جدران الغرور وبالحب أيضا, النساء لا يمكنها أن تعيش بلا حب ...الرجال وحدهم يمكنهم أن يكونا أكثر غدرا لأنهم من القسم الأصلب من الطين ,نحن الرقة المكنونة بالماء المنساب فراتا عذبا في طينة آدم أما أنت أيها التراب الذي لا يمكنه التماسك إلا بقليل مني تنسى حدود ذلك أمام جبروت الماء الرقيق ثم تتجبر حين لا يبقى حين يفصل بين الماء والطين ,قادمة أيها الشيطان المتأنس سأسقيك الحب وأنا أعلم أن بقايا القلب الذي كان ينبض في يوم منحتك أول أشارة حب ... قد لا يكون لها القدرة أن تستفيق من غفوة طالت أكثر كأنني أشك فيها موت حقيقي .
كتب للرجل على ظهر الورقة وتركت النص دون أن تلقي علية نظرة أخيرة , سيدي الرجل أعرف أنك تنظر لحروفي كأنها معركة تسلق غير محبب لبرجك العاجي وأعلم أنك تعلم أنني كشفت كل عورتك لكن ما لا تعلمه أني مع كل هذا ما زلت أعشق فيك أول لقاء تجردنا فيها من كل حدود الحياء الطبيعي فعرفتني جسدا لا يقاوم وعرفتك رغبة أستسلمت لها حتى مسمات جلدي فغرقت بحمى الشوق لك وأنت في أحضاني ,في تلك اللحظة عرفت أنك مجرد أسطورة تهزمها المرأة بقليل من التمنع ولم أتمنع ولن أفعلها وفاء لكلمة حب فطمت بها طفولتي وحولتني لأنثى تسابق عمرها لتكشف أن الحب ليس له موعد للبلوغ .
وأنا اقرأ مسودة الكتاب تذكرت أن الكلام الذي يدور فيه لم يكن حياديا ولم يك مجرد بوح لسيدة اكتسبت الصفة قبل أن تنتهي من تحسس أنوثتها التي تفجرت على يد رجل اطعمها أكسير الروح وأعتقها من حرية البراءة وأدخلها جنة الرجل باكرا وهي ليست باكرا بعد, هممت أن أمزق هذه الأوراق وأكيدها وليكتب التاريخ بعد اليوم وكيد الرجال عظيم ,منيت نفسي في حيلة أكسر فيها هذا البيت الزجاجي الذي تحتمي فيه وتشتمني في رجولتي فلم أجد غير حجارة العجز ومقاذيف تصدأ مفتاحها عندما لا مستها يد ناعمة كحرير يمسح على جبين .
تذكر سيدي الرجل دموعي وهي تسيل كالحزين وأنا أفرح لأجلك لأجل انتصارك على أنوثتي وأن تغزوني في عقر داري لتكتشف كل الجغرافيا الظاهرة والخفية بعدما جعلتها تأريخا لا يحتمل التزوير ,فأهديتني وردة هي كل ثروتي التي ورثتها عنك ,وقد راودني تجار الجواهر واللآلئ على أن أبيهم شيئا منها لم أفعل ولا أبالي اليوم ولا غدا بكل عروضهم لأنها تذكاري للجنة بها أفوز بمقد دخول وأمنعك هناك أن تطمس أيا من الحور العين , سأخبر الله عن قصة حبنا وأرجوه أن يخصص لنا بيتا من قصب على شط نهر من خمر في زاوية بعيدة حتى لا يرانا أحد , سأعلمك هناك كل فنون الحب التي لم أتمكن من شرحها لك هنا , سنعيش على الخمر والعسل ونمارس الحب تحت أنظار الرب .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصدية عالم سبيط النيلي قراءة متأنية ح1
- قصدية عالم سبيط النيلي قراءة متأنية ح3
- أحلام ليست وردية _ قصة قصيرة
- في معنى السياديني ح1
- في معنى السياديني ح2
- دنفش وصندوق جدتي وصورة الزعيم _ قصة قصيرة
- مشروع قرضة حسنه _ قصة قصيرة
- الرقص على جسد الشهوة _ قصة قصيرة
- إشكاليات الثقافة العراقية
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح1
- الإسلام وتأريخ المسلمين ح2
- الف جني وجنية _ قصة مجنونة
- مشاكل التدخل الإنساني في هيكلية النص الديني
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح1
- أوربا والعولمة وفرصة بناء عالم متجدد ح2
- عناوين كبرى وعناوين صغرى
- مفاهيم القيادة والعمل التنظيمي في فكر الرسالة
- العراق التأريخي وصناعة التمدن
- العبادي وواضعي العصي بالدواليب
- محاولات لكبح الجنون


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - من رسائل امرأة طفلة _ قصة فصيرة