أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - من المسؤول عن تحديد قناعاتنا الشخصية ؟














المزيد.....

من المسؤول عن تحديد قناعاتنا الشخصية ؟


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 21:50
المحور: الادب والفن
    


لازلت اتذكر صديقي (عزيز )الذي تعرفت عليه أبان عملي في احدى الورش لتصنيع الحلي الكاذبة خلال سنوات الحصار الذي فرض على الشعب العراقي في منتصف تسعينيات القرن الفائت ,كان (عزيز) يأتي الى العمل صباحا وهو مقطب الحاجبين عصبي المزاج , ضيق الصدر , كانه يتصعد في السماء ,فقد كان عزيز يعيل عائلة تتكون من ام واب وسته بنات دون ان يرزقه الله بمولود ذكر, يحفظ اسمه , ويرث رسمه كما تذهب ثقافتنا الاجتماعية والعشائرية ,لازلت اتذكر كيف افتعل (عزيز ) يوما آزمة كبرى كادت ان تتسبب في قطع ارزاق عشرات العاملين داخل الورشة الرطبة في احدى زوايا شارع الرشيد داخل العاصمة (بغداد ),حيث تسبب عزيز في اندلاع شجار كبير بينه وبين مجموعة من العمال لسبب بسيط ,ومع كل ذلك فقد كان عزيز طيب القلب , كريم السجايا , سرعان ما يحس بذنبه ليسارع الى الاعتذار والتودد ممن اساء اليهم بغير وجه حق .
ذات يوم اجتمع بنا صاحب الورشة التي نعمل فيها معلنا عن نيته للسفر الى خارج القطر ,مما يعني انه يطالبنا بترك العمل فورا , فما كان من عزيز الا ان ينفجر بوجه صاحب الورشة , وهو يهم بالانقضاض عليه لولا اننا تداركنا الامر وحلنا بينه وبين مبتغاه ,ثم اخذنا نؤكد له ان المسالة لا تعدو كونها مسالة رزق وقد يكون من وراء كل هذا (صالح ) كعادتنا نحن العراقيين في تفسير ما ابهم علينا تفسيره وما اشكل علينا تدبيره ,
وهكذا مضى كلا منا لغايته بعد ان تركنا مورد رزقنا وسط سنوات عجاف ثقال ,لم ار عزيز الا بعد عام 2003 بأشهر حتى انني لم اتعرف عليه وذلك لما طرأ على محياه وبدنه وطريقة لبسه وكلامه ,فقد بدى عزيز صبوح الوجه منفرج الاسارير منشرح الصدر يعلو وجه بياض مشوب بحمرة ,كان عزيز يتحدث لي وهو في قمة الزهو والسعادة ,ولم اكد اسأله عن احواله واين استقرت به الامور حتى بادرني قائلا بان ابواب السماء قد فتحت له من كل جانب وان الله لم يخيب ظنه بل انه بات متيقن ان الله يحبه , ويغدق عليه من بركاته يوما بيوم ,قلت وكيف ذلك , قال لقد ترك لي زوج اختي مبلغا كبيرا من المال قبل ان يغادر البلاد على شكل دفاتر من الدولارات التي حصل عليها بطريقته هو ,فما كان مني الا ان سارعت الى شراء بيت في احد الاحياء الراقية اضافة الى اقتنائي لسيارة فارهة تكفيني مؤونة الطرق ,سكت قليلا ثم عاود كلامه وبصوت عال وهو يقول وفوق كل هذا رزقني الله بمولد اسميته (حيدر ) ثم اردف قائلا الم اقل لك ان الله بجانبي ,والا كيف نفسر حدوث كل تلك المصادفات التي حظيت من خلالها بتلك النعم الجسيمة والعطايا العظيمة بين ليلة وضحاها ,وها انا اليوم لا افوت لله فرضا ولا اعصي له امرا وكيف وقد رزقني الله من حيث لا احتسب .
لاشك ان (عزيز )ومثله الكثير , ممن كانوا في اوضاع اجتماعية ونفسية واقتصادية لا يحسدون عليها ثم انقلبت بهم الموازين ودارت فيهم المقادير لا شك ان مثل هؤلاء سيكيفون طرائق تفكيرهم ازاء ما وصلوا اليه من نعم وامتيازات دونما اي جهود او مقدمات .
يمكن القول اننا جميعا نشبه (عزيز )بنسب متفاوتة لا سيما في جانب بناء قناعاتنا الشخصية التي طالما اضفينا عليها مسحة سماوية وصبغة الهية خارقة .
ان قناعاتنا الشخصية لا يقف من ورائها اي عامل خارجي كما ندعي بل اننا من نصنع تلك القناعات وفقا لمصالحنا الشخصية ومنافعنا الذاتية ,ثم نقوم بالترويج لها والافصاح عن تفاصيلها ,والا فما هو دليل صديقي (عزيز ) على حب الله له وتوفيقه اليه ,كل ما في الامر ان (عزيز )قد اغتنى عن طريق فلته من فلتات القدر وهو لا شك يعرف كل ذلك لكنه قام بخداع ذاته ومراوغة نفسه موهما اياها بمشروعيه رزقه , وقانونيه غنا ,ه وحب الله اشخصه .
يبدو ان الكثير منا يشترك مع عزيز فيما ذهب اليه من تصورات ,فالكثير منا يسعى لبلورة قناعاته بما يتلائم ومصالحه بشعور منه وبغيره وهو ينسب كل ما حاز عليه بغض النظر عن الوسيلة المتبعة الى السماء وذلك لأنه بدون تلك النسبة سوف يكون بدون غطاء سماوي مما يجعله مكشوف الجانب امام الاخرين وانتقاداتهم .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقه الحسين بن علي (عليهما السلام )
- فيروز واحزاب الاسلام السياسي
- التكريم جاء متأخرا
- أميركا في ميزان الكاتب العراقي عبدالخالق حسين
- الشيعة والاميركان
- المالكي والانقلاب الذي لابد منه
- إسلام مسرطن
- الثورة المزعومة
- أكذوبة الحروب الدينية
- شبهة الشبهات
- ليلة سقوط الموصل
- مع السيد السيستاني بفتواه الاخيرة
- سؤال يبحث عن اجابة
- ماذا لو بعث الموتى
- مجسات حزبية
- مستويات الوعي السياسي لدى الناخب العراقي
- المشكلة أكبر من ذلك
- دولاب الانتخاب
- هل يتوحد العراقيون أمام جلاديهم ؟
- عندما يصبح الإعلام أداة للتسقيط السياسي (البغدادية انموذجا )


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - من المسؤول عن تحديد قناعاتنا الشخصية ؟