أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - مُراد الدنماركي..!!














المزيد.....

مُراد الدنماركي..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4624 - 2014 / 11 / 4 - 19:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يندر في مطارات العالم، وفي كبريات المدن الغربية، أن نرى رجالاً ملتحين، ونساءً منقّبات. ولا يندر، أيضاً، أن نرى بينهم أوروبيين لا يصعب تمييزهم عن المهاجرين الآسيويين والأفارقة، الذين اصبحوا جزءاً من المشهد العام في المجتمعات الغربية. وإذا كان الناظر مطلعاً بعض الشيء على طريقة اللباس باعتبارها علامة، سيلاحظ أن عدداً منهم يرتدي ثوباً قصيراً، يرتفع عن الكاحل، ويعتمر طاقية أو كوفية. وهؤلاء هم السلفيون. وفي لندن، وباريس، وبرلين، ونيويورك، ثمة مناطق سكنية تكاد تكون نسخة معدّلة من حارات وأحياء في مدن عربية وباكستانية وتركية وإيرانية.
وهذا من عولمة العالم، ومن ميراث الكولونيالية الغربية، والتطور اللامتكافئ بين الشمال والجنوب، ناهيك عن الحروب الأهلية، وأنظمة الاستبداد، التي دفعت أعدداً يصعب حصرها من بني البشر للهجرة بحثاً عن حياة أفضل. وهذا، كله، لا يعنينا الآن، إلا بقدر ما يتصل بحقيقة أن تلك الأحياء المُستنسخة من عالم آخر، وسكّانها الذين يعيشون "خارج المكان"، وفي حالات كثيرة خارج الزمان، أصبحت منذ تسعينيات القرن الماضي، جبهة ساخنة من جبهات الحرب على الإرهاب.
وهذا، على الأقل، ما تعيد تذكيرنا به الأخبار التي تتكلم عن وجود أكثر من ألفي إرهابي من أوروبا يقاتلون في صفوف داعش، بينهم خمسمائة من بريطانيا. ولا يصعب التفكير في حقيقة أن أغلب هؤلاء من الجيل الثاني، أو الثالث، لمهاجرين من بلدان آسيوية وأفريقية، وقعوا بين مطرقة التهميش الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وسندان التبشير الوهابي، الذي منحهم إحساساً بهوية فوق وخارج المكان، وعابرة للزمان.
بيد أن كتاباً صدر، قبل أشهر قليلة، بعنوان "العميل ستورم: حياتي في القاعدة والسي أي إيه"، يعيد تذكيرنا بإمكانية العثور بين هؤلاء على أوروبيين وأميركيين أصلاء جاءوا من خلفيات مسيحية ويهودية، واعتنقوا الإسلام، بحثاً عن المعنى والجدوى، في حياة لا تقل هشاشة وهامشية عن حياة المهاجرين من بلدان آسيوية وأفريقية.
وهذا، في الواقع، ما تؤكده حياة مورتن ستورم، الموطن الدنماركي، الذي انتقل من حياة السطو المسلّح، والتهريب، ونزاعات العصابات، في مدن وقرى اسكندنافية هامشية ونائية، إلى حياة "المجاهد"، الناشط في خلايا السلفية الجهادية في الدنمارك، وبريطانيا، والتي قادته إلى منطقة نائية في اليمن للدراسة في ما يشبه مدرسة للكادر، على يد شيخ يمني، ومكنته من إنشاء صلات شخصية، و"تنظيمية" بالقاعدة في اليمن، والسعودية، وكينيا والصومال، وانتهت به، بعد أزمة وجودية، للعمل عميلاً مزدوجاً للمخابرات الدنماركية، والبريطانية، والأميركية.
ربما كانت الأزمات الوجودية، التي أوصلت ستورم إلى الإسلام الجهادي، وتلك التي أخرجته منه، حقيقية. وهذه مسألة أقل أهمية من التفاصيل المدهشة، التي أوردها في سيرته، عن الوهابي السعودي في بريطانيا، الذي اشترى له تذكرة السفر، وأوصله إلى مدرسة "للعلم الشرعي" في اليمن، وعن أستاذه الشيخ اليمني مُقبل، "مدير" مدرسة الكادر، الذي لا يعرف أين تقع الدنمارك، والذي كان يخاطبه بالأخ البنماركي، بينما الأخ البنماركي نفسه لم يكن يعرف أين تقع اليمن، وكان يعتقد أن صنعاء عاصمة عُمان.
المهم، أن مورتن ستورم، الذي اختار لنفسه اسم مراد، أصبح شخصية معروفة في أوساط السلفية الجهادية، وتنقّل بين اليمن وبريطانيا والدنمارك، تزوّج مرتين في الأولى من مغربية أنجب منها طفلين، وأطلق على ابنه البكر اسم أسامة، تيمناً ببن لادن، زعيم القاعدة، وتزوّج مرّة ثانية من يمنية، أهداها في ليلة الزفاف أناشيد جهادية، وفرض عليها النقاب.
ولعل الجانب الأهم في سيرته يتمثل في علاقته الخاصة باليمني أنور العولقي، الذي بزغ نجمه، وأصبح أحد كبار منظري القاعدة، وصاحب نفوذ واسع لدى مؤيديها وأنصارها في أوروبا والولايات المتحدة. وقد استدعت العلاقة، في حالات بعينها، إرسال أموال، وأجهزة كومبيوتر، وحتى البحث عن زوجة أوروبية (كرواتية، اعتنقت الإسلام، وعثر عليها الأخ مراد على الإنترنت) وإرسالها إلى اليمن، لتؤنس العولقي المُطارد في جبال اليمن.
وهذه العلاقة، بالذات، هي التي رفعت أسهمه لدى المخابرات الدنماركية، والبريطانية، والأميركية، التي بدأ العمل معها منذ العام 2007، وعادت عليه في المحاولة الأولى لاغتيال العولقي بربع مليون دولار دفعها الأمريكيون، وباحتمال الحصول على خمسة ملايين دولار، في حال نجاح المحاولة الثانية. وقد تمكن الأمريكيون، فعلاً، من اغتيال العولقي في العام 2011، لكنهم أنكروا أن تكون واسطة الأخ مراد (ستورم)، هي التي أوصلتهم إلى العولقي. وبهذا المعنى جاء الكتاب، الذي نال اهتماماً واسعاً في كبريات الصحف الأميركية والأوروبية، لتصفية حساب العميل السابق مع الأجهزة التي تخلت عنه، بعدما استنفدت أغراضها منه.
وإذا كانت نيويورك تايمز، والغارديان، وواشنطن بوست، قد اهتمت في تعليقها على الكتاب، بالجانب القانوني لاغتيال العولقي، الذي كان يحمل الجنسية الأمريكية، وكذلك بمدى ما في حكاية الأخ مراد من الصدق أو الخيال، وكانت خلاصتها أن روايته صحيحة، فإن القارئ العربي (وأرجو أن تظهر ترجمة عربية للكتاب) يمكن أن يعثر في حكاية الأخ مراد على وسيلة إيضاح تُفسّر:
معنى عولمة الإرهاب، التي يجسّدها وجود الشبكات والدفيئات الأصولية في الغرب، وديناميات الهجنة والعولمة، التي تأخذ مغامرين وهامشيين غربيين، من الجنسين، إلى داعش وشقيقاتها، إضافة إلى حقيقة أن بين هؤلاء مَنْ يمثل دوراً مزدوجاً مثل الأخ مراد الدنماركي، الذي أتحفنا بسيرة تشبه فيلماً من هوليوود، لكن وقائعه الدامية دارت على الأرض، وفي الواقع، وما تزال.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شارة رابعة في الزاوية اليمنى لصورة النعيمي..!!
- الحق على الصينيين هذه المرّة..!!
- حبات الكستناء على مائدة نوبل العامرة..!!
- جدلية العلاقة بين حجازي وفلسطين..!!
- سطو مع سبق الإصرار والترصّد..!!
- حماس على الجانب الخطأ للمتراس..!!
- عنتر وعبلة بين الصيّادين أم الطرائد؟
- قال: انهض، أنا أخوك سميح..!!
- السوق التي أنجبت الوحش..!!
- هيلاري ومفاجآتها، للجادين فقط..!!
- استشهاد المواطن المُسن..!
- بطولة الناس العاديين..!!
- تفصيل صغير في مشهد الخليفة..!!
- أحبتْ يهودياً، وما علاقة محمود درويش بالأمر؟
- مريض بالقلب وميكانيكي سيّارات!!
- الحق والبطلان في الفرق بين أتاتورك وأردوغان..!!
- هل الأرض كروية..!!
- عن غزة واستراحة المُحارب..!!
- حروب داعش والغبراء..!!
- المصالحة والمصارحة..!!


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - مُراد الدنماركي..!!