أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - السوق التي أنجبت الوحش..!!














المزيد.....

السوق التي أنجبت الوحش..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سأل غسّان شربل في الحياة اللندنية يوم أمس: "من أين جاء داعش، كيف ولد وتحول وحشاً كاسراً، وخطراً وجودياً على الدول والمجموعات والأفراد؟"
الأكيد أن في العالم العربي، وخارجه، ما لا يحصى من بني البشر، الذين يطرحون الأسئلة نفسها. والأكيد، أيضاً، أن لدى البعض تصوّرات معيّنة، وإجابات محتملة. والأكيد، أيضاً وأيضاً، أن مستقبل العالم العربي يعتمد على العثور على إجابات صحيحة، وهذا ما لن يتحقق في وقت قريب، وما سيكون، على الأرجح، الشرط الأهم في كل محاولة عربية للنهوض والنهضة في النصف الثاني من القرن الحالي.
الأفكار لا تصنع العالم (الواقع). العالم (الواقع) يصنع الأفكار. وعندما يتكلّم البعض عن عصر التنوير الأوروبي باعتباره مقدمة للنهضة في الغرب، يعتقد هؤلاء أن عدداً من الكتب، وأصحابها، ظهروا فغيّروا العالم. وهذا هراء. العالم يتغيّر عندما يتمكن أفراد من ترجمة ما تغيّر فيه إلى لغة يمكن تعميمها، والأهم قبولها من جانب آخرين باعتبارها ترجمة لما هو كائن، وما ينبغي أن يكون.
الرطانة الماركسية تعيد إنشاء هذا الكلام بطريقة مغايره عن العلاقة بين البناء الفوقي والتحتي. والمهم أنها تصل إلى النتيجة نفسها. وإذا بحثنا عن طريقة للتمثيل فلنقل إن "العلمانيين" من المنوّرين العرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأحفادهم على امتداد القرن العشرين، لم يملكوا فرصة حقيقية، لأن أفكارهم لم تكن قابلة للتعميم، والقبول من جانب آخرين باعتبارها ترجمة لما هو كائن، وما ينبغي أن يكون.
ولكن، بعد القاعدة، وداعش، والنصرة، وأنصار الشريعة، وختن وسبي وبيع النساء في السوق، وتقسيم الغنائم، والقتل الجماعي، والتطهير العرقي للمسيحيين، واليزيديين. بعد الخليفة والخلافة، وبعد انهيار الدولة في سورية، والعراق، وليبيا، وبعد وقوف لبنان واليمن على حافة الهاوية، وبعد أنصار بيت المقدس في مصر المحروسة، وبعد تعميم الكلام عن التوّحش (تخيّلوا: التوحّش) لتدمير دول، وتطهير مجتمعات، والاستيلاء عليها باسم الإسلام.
بعد هذه الأشياء، التي لم تنته بعد، ولن تنتهي في وقت قريب، بعد كل هذا الدم والجهاد، بعد بن لادن، والظواهري، والزرقاوي، والبغدادي، ستصبح العلمانية في يوم قادم ممكنة بقدر قابليتها للقبول من جانب آخرين يمثلون قطاعات اجتماعية واسعة، باعتبارها ترجمة لما هو كائن، وما ينبغي أن يكون. لم يعد معظم العرب في حاجة، بعد نشرة الأخبار المسائية في التلفزيون، لمَنْ يحذرهم من مخاطر توظيف الدين في السياسة.
فلنفكر في بعض ما أوصلنا إلى ما نحن فيه: مثلاً، سنرى خيطاً من الدم يصل ما بين مصطفى محمود، وبرنامجه عن العلم والإيمان، وبين البغدادي ودولته، ومَنْ سيأتي بعد قليل بعده، ولم نعرفه بعد، وسيكون أكثر وحشية، وكراهية للإنسان منه.
هذه المُقارنة مقصودة بقدر ما تحرّض على أكثر من علامة سؤال كبيرة: كيف نقيم صلة بين المُسالم الوديع البديع، الذي ظهر في سبعينيات القرن الماضي، على شاشة التلفزيون، بعدما انتقل من الماركسية إلى الإسلام، واستعان بمعلومات طبيب عام، وبرامج مدرسية أميركية، للتدليل على أن كل حقائق العلم موجودة في النص الديني، وبين رموز جماعات تتبنى أفكاراً متوحشّة تهدد حاضر ومستقبل العالم العربي.
يبدو من قبيل التجني إقامة الصلة بين شخص كمصطفى محمود وما نحن عليه وفيه الآن. فقد كان سلمياً ومُسالماً، ووادعاً ووديعاً. ومع ذلك، قام مشروعه على الخصوصية، والغيرية، والتفوّق. ثلاثة أضلاع تمثل ترجمة لما هو كائن، وما ينبغي أن يكون، وما يمكن أن يحظى بالقبول من جانب آخرين، بمبنى ومعنى ومنطق (اقتصاد وسياسة ومزاج) سبعينيات القرن الماضي:
الهزيمة الناصرية، والطفرة النفطية، والصحوة السعودية، والبنوك الإسلامية، ودولة العلم والإيمان، ونشاط وتنشيط الخلايا الإخوانية، والثورة الإيرانية، وحرب الجهاد الأفغانية. وكلها وجدت في الكاسيت، والفيديو كاسيت، والتلفزيون، مؤرِّخها، وكاتب حولياتها، وشاهدها، وساعي بريدها، و"منفاخ حدادتها" (بتعبير لينين في كلامه عن جريدة الأيسكرا، مَنْ يذكره الآن).
بكلام آخر، كان مصطفى محمود وليد زمانه ومكانه، ولم يكن ليصبح ظاهرة لو لم تكن ثمة ضرورة موضوعية، وبنية تحتية، وسوق للعرض والطلب، وذائقة استهلاكية. كان مُترجماً وترجمة في آن، والكلام عنه من قبيل التمثيل، ففي السبعينيات تأسلم قوميون وماركسيون مثل عادل حسين، ومحمد عمارة، وطارق البشري، ومنير شفيق، وشرع حسن حنفي، بتأثير من لاهوت التحرير الكاثوليكي في أميركا اللاتينية، في مشروع مهيب لإنشاء عمارة فكرية لليسار الإسلامي.
قام هؤلاء بعملية تطهير مزدوجة: حرروا أنفسهم من أفكار غربية، اعتنقوها من قبل، وجعلوا من الانقلاب عليها، وما اكتشفوه من خصوصية، وغيرية، وتفوّق النموذج الفكري والأخلاقي والسياسي الإسلامي (الذي لم يتمكن منه التغريب، ولا شوّهته الهُجنة) عماد مشاريعهم الفكرية، التي يُراد منها ولها تحرير أرضت احتُلت، والتبشير بذات حضارية استُعيدت، وحماية ثقافة "استُبيحت".
في الواقع، كان كل ما ذكرنا ترجمة للطفرة النفطية، والصحوة الوهابية، والبنوك الإسلامية، والجهاد الأفغاني، والثورة الإيرانية، ودولة العلم والإيمان، وعودة الإخوان. ولم يكن فيه ما يتنافى وشهوة وشهية المستهلكين، بل كان محكوماً بقانون العرض والطلب، والذائقة الاستهلاكية، وموارد السوق. والأهم من هذا وذاك، أن الفرق بين الترجمة المُستحدثة، وترجمة الإخوان المتوّهبنين، والوهابيين المتأخونين للخصوصية، والغيرية، والتفوّق، في الدرجة لا في النوع.
كلتاهما: القديمة والمُستحدثة ترجمة لسوق أنجبت الوحش. وبهذا المعنى وفيه، فلنفكر في كل ما يُكتب ويُقال باعتباره إما ترجمة لتلك السوق، أو محاولة لنقدها ونقضها. وبهذا يصبح العثور على إجابات محتملة أسهل وأفضل.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيلاري ومفاجآتها، للجادين فقط..!!
- استشهاد المواطن المُسن..!
- بطولة الناس العاديين..!!
- تفصيل صغير في مشهد الخليفة..!!
- أحبتْ يهودياً، وما علاقة محمود درويش بالأمر؟
- مريض بالقلب وميكانيكي سيّارات!!
- الحق والبطلان في الفرق بين أتاتورك وأردوغان..!!
- هل الأرض كروية..!!
- عن غزة واستراحة المُحارب..!!
- حروب داعش والغبراء..!!
- المصالحة والمصارحة..!!
- غارسيا ماركيز في غزة..!!
- ربحنا باكستان وخسرنا الهند..!!
- عن العلمانية وأسلوب الحياة..!!
- كل يسار وعشائر وأنتم بخير..!!
- سورية: حرب مفتوحة وأفق مسدود..!!
- محمود درويش ومعرض الكتاب في الرياض..!!
- القليل منها يشفي القلب..!!
- حماس، أسئلة في فضاء مفتوح..!!
- أهلاً، يا نجلاء، في البيت..!!


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - السوق التي أنجبت الوحش..!!