أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية















المزيد.....

الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 17:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية
جعفر المظفر
في أمريكا الساحتان ,المحلية والدولية, مفتوحتان على بعضهما. ومنذ أول التاريخ حتى يومنا هذا, كلما تتسع الإمبراطوريات تكون عرضة لتأثير ما يحدث خارجها, ويكون هذا واحدا من أسباب إنهياراتها أو تقهقرها وإنغلاقها على نفسها.
أمريكا ليست إستثناء على هذا الصعيد, بل لعلها من أكثر الإمبراطوريات على مدار التاريخ عرضة لذلك. لقد ادت المستحدثات على الصعيد التقني إلى التسريع بنقل الخبر, فما كان ينقله الجنود العائدون من جبهات القتال البعيدة في عام صار ينقل في لحظته, خبرا مصورا ومسموعا ومكتوبا, واليوم تتراجع إلى حد ما القيمة الإستراتيجية لوجود أميركا بعيدة عن بقية العالم, ومسيجة بمحيطين, فالعالم الذي قادت عملية تصغيره جعلها في القلب منه.
في الحرب العالمية الثانية, كان هناك من نصح بضرورة أن تبقى أميركا بعيدة عن التدخل المباشر في الصراع, لكن الأمر لم يطل كثيرا. طائرات الكاميكاز اليابانية كانت جاهزة لكي تؤكد على سقوط نظرية العزلة. في أقل من ساعة تحول الأسطول الأمريكي الجبار والذي كان راسيا على شواطئ بيرل هاربر إلى مجرد حديد خردة, ومن يومها ونظرية العزلة تعيش في العزلة.
غالبا ما يشار إلى ان الجمهوريين هم أصحاب نظرية القوة للقضاء على اي خطر يهدد مصالح أمريكا الإقتصادية أو نفوذها السياسي أو أمنها القومي. في المقابل قيل عن الديمقراطيين انهم أصحاب تهدئة اللعبة وإنهم حَمام السياسة الأمريكية مقابل صقورها الجمهوريين. لكن علينا أن نتذكر أن (كندي) لم يكن جمهوريا. وهو, لا غيره, الذي كاد أن يلقي العالم برمته في مهاوي الردى أثناء أزمة الصواريخ الروسية في كوبا بداية الستينات من القرن الماضي حينما وضع يده على الزر النووي.
لكن ثمة جمهوري سيخبرك أن كندي الديمقراطي لم يكن لديه وقتها اي خيار آخر, ولأن كوبا على مرمى حجر من الأراضي الأمريكية فقد كان بإمكان الصواريخ السوفيتية أن تضع الأمن الأمريكي القومي كله في فم المدفع. معناه أن ذلك المشهد التاريخي لا يعتمد عليه لإعادة تصنيف القوى, وسوف يظل الجمهوريون, المتمسكون بنظرية القوة والردع الجاهز والفوري صقورا أما الديمقراطيون المتمسكون بالقوة الناعمة فسيظلون حمائم.
المناكفات السياسية في الساحة الإنتخابية الأمريكية غالبا ما تدور حول هذه الموضوعة. الديمقراطيون يستغلون تعثر سياسة الرئيس الجمهوري على الصعيد العسكري الخارجي, وغالبا ما يجعلهم ذلك يحصلون على ذلك المنصب الرئاسي الذي اتعبه الجمهوريون, أما ورقتهم الرابحة فغالبا ما تحتوي على عناوين تؤكد على ضرورة ان تكون الأولوية للإنجاز الإقتصادي والإجتماعي. ولأن النصر له ألف أب والهزيمة لها أب واحد فإن الديمقراطين لن يحتاجوا إلى فحوصات مختبرية للتأكيد على إنتساب الهزيمة إلى أبيها الجمهوري, إضافة إلى ما تضيفه الأزمات الإقتصادية التي تترتب على الحروب من أرصدة تتغلب حتى على قيمة ما يمكن ان يؤسس له نصر جمهوري ما في حرب ما.
أفضل مثال رأيناه حين حقق بوش الأب إنتصارا عسكريا وسياسيا كبيرا يوم قاد التحالف الدولي في الحرب ضد صدام حسين بعد غزو الكويت, لكن ذلك النصر لم يمنحه قدرة التفوق على منافسه الديمقراطي كلينتون الذي حقق فوزه على اساس برنامجه الإقتصادي الواعد فلم يحضى بوش بالتجديد لولايته.
الحالة الإقتصادية الداخلية من جهة والقوة التي هدفها الحفاظ على الإمتياز العسكري والسياسي الأمريكي في العالم من جهة أخرى يؤسسان للعبة التنافس الإنتخابية. حينما يكون هناك خلل كبير في احدهما يتقدم أحد المنافسين على خصمه إذا عرف كيف يُشَغُّل ذلك الخلل ضمن معادلة لا تهمل قيمة الثاني وتعرف كيف تُفَعِّلَهما معا ضمن جدلية ذكية.
لقد حقق كارتر الديمقراطي فوزه الإنتخابي يوم إكتسح خصمه الجمهوري فورد الذي كان قد ورث تركة جمهورية متعبة من رفيقه الجمهوري نيكسون قوامها الهزيمة في فيتنام إضافة إلى الفضيحة الإخلاقية العاصفة التي تركتها قضية ووترغيت. ولم يكن مُزارع الفستق كارتر بحاجة إلى جهد كبير للحوار مع الناخب الأمريكي الذي كانت اتعبته الحرب كثيرا على صعيد إقتصادي وإجتماعي وآذاه كثيرا الخروج الجمهوري على اخلاقية التنافس الإنتخابي ففضل رئيسا عرف كيف يتعامل مع مسيحية المجتمع ويؤسس في نفس الوقت للسلم الذي يزيح من ذهن الناخب منظر آلاف التوابيت القادمة من ساحة الحرب في فيتنام وبصحبتهم عشرات الألوف من الجنود المعاقين جسديا والمعطلين نفسيا.
لكن كارتر الديمقراطي لم يستمر سوى لولاية واحدة. لقد خسر منصبه لصالح الجمهوري ريغان الذي كان اكد في برنامجه الإنتخابي على ضرورة إستعادة الهيبة الأمريكية التي كان أهانها الإيرانيون حينما قاموا بإحتجاز 52 رهينة كانوا يشكلون مجموع الدبلوماسيين العاملين في السفارة الأمركية في طهران. وقيل وقتها أن الجمهوريين وعدوا بتنفيذ المطالب الإيرانية فيما لو تحقق لهم الفوز على الديمقراطيين. لقد طلبوا من الإيرانيين تمديد فترة الإحتجاز التي أظهرت الإدارة الديمقراطية بمظهر العاجز المشلول, وحينما تحقق لريغان الفوز أنهى الإيرانيون فورا إحتجازهم للرهائن الذي إستمر لفترة 444 يوما.
الرئيس الحالي أوباما هو واحد من أفضل الأمثلة على قضية التناوبية السياسية الأمريكية فهو لم يربح منصبه ويتغلب بشكل ساحق على منافسه الجمهوري إلا على أساس برنامج السلام والإنسحاب من الأراضي العراقية التي أنهكت أمريكا بشرا وأخلاقا وإقتصاد.
لعبة إستعادة الهيبة الأمريكية هي لعبة يجيدها الجمهوريون كثيرا وغالبا ما يكون هناك سؤال حول ما إذا كانت هناك يد جمهورية وراء بعض الأحداث الساخنة التي يمكن أن تمهد لتسخين اللعبة.
لقد تعب أوباما كثيرا في سبيل الحفاظ على إبقاء أمريكا بعيدا عن التورط العسكري في الحروب, وكان أفضل أداء له هو قدرته على السيطرة على الموقف يوم ظل بعيدا عن التدخل المباشر في الحرب في سوريا. لكن إستعمال الأسلحة الكيمياوية الذي اودى بحياة الكثير من السوريين الأبرياء سرعان ما دفعه في مواجهة ذلك الخانق بمحاولة البقاء متوازنا على حبله الرفيع وهو التهديد بالقوة والمناورة بإنتظار رد الفعل السوري. وقد دفع الموقف ذاك إلى التساؤل عما إذا كانت هناك صلة بين حدث إستعمال الكيمياوي وبين لعبة الإستغماية التي تدور بين الحزبين الرئيسين. واليوم فإن تصعيد داعش لمجموعة الجرائم التي ترتكبها, والذي توجته بتحد مباشر لأمريكا ذاتها بعد ذبح الرهينتين, يعيد طرح ذلك التساؤل نفسه, اي عما إذا كانت هناك علاقة لحادثة ذبح الرهينتين بتسخين الساحة الإنتخابية المزمع نصب سرادقها بعد سنة.
ربما يؤمن البعض بان سيناريوهات كهذه لا وجود حقيقي لها على الأرض وإنما هي موجودة في عقول اصحاب نظرية المؤامرة فقط, لكن الجهل بقوانين الألعاب القذرة لا يحمي المغفلين وإن من النباهة الإعتقاد بأن جزء اساسيا من عمل أجهزة المخابرات إنما ينصب في هذا الإتجاه.
بغض النظر عن وجود ذلك من عدمه لا يمكن نكران أن إعلان حالة الحرب الأمريكية ضد داعش لها جدزرها في لعبة الإستغماية, وإذا ما صح أن أوباما والديمقراطيين قد أجبروا على أن يشاركوا اللعبة, فذلك يعني ان مساحة هذه اللعبة ستبقى إلى حد كبير محكومة بقوانين اللعبة ذاتها, وإلى أن تحين معركة الإنتخابات الساخنة فإن عملية الكر والفر ستبقى هي سيدة الموقف مما يجعل الحاجة إلى داعش قائمة أو متراجعة تبعا لمتغيرات اللعبة ذاتها.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفاق الدولي والعربي في محاربة داعش
- العثمنة والفرسنة ونحن الذين بينهما
- سامي المظفر .. ليس لأنه إبن عمي, وطاهر البكاء .. ليس لأنه صد ...
- يوم إمتدح المالكي خصميه اللدودين
- ذاكرة الطيور
- الصيد الطائفي الثمين
- وأخيرا سمعت نباحا
- عزت مصطفى .. الموت نظيفا
- لولا علي لهلك عمر (3)
- قريبا من التاريخ قريبا من السياسة .. لولا علي لهلك عمر (2)
- الوهابية التكفيرية اشد خطر على السنة العراقيين مما هي على ال ...
- والعبادي أيضا دَعْشنوه وسَعْدنوه
- الرهان على البيشمركة
- بين سكين داعش وسيكارة التحالف الوطني
- تغيير المالكي .. أين المشكلة ؟
- هزيمة ما قبل الهزيمة
- في حرب العراق ضد داعش.. هل العراق بحاجة إلى اسلحة متطورة
- خطبة الوداع
- الطبعة العراقية لنظرية المؤامرة
- فؤاد معصوم رئيسا لدولة فاقدة العصمة


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية