أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - -داعش- والحب














المزيد.....

-داعش- والحب


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 19:22
المحور: كتابات ساخرة
    


لا شيء يخفّف من كربي أكثر من رؤية عاشقين يتخاصران على شاطئ البحر، أو يجلسان على مقعدٍ في حديقةٍ عامة، أو على رصيف، أو يقفان في ظلال شجرة يتهامسان أحاديث الحب. ولهذا فقد اعتدتُ منذ مدة على تشجيع هذه العلنية في التعبير عن المشاعر بأن أثني عليهما ممازحاً بعبارات مثل (عيشو أيامكن – الله لا يحرمكن من بعض – دخيل الحبايب أنا..) فيبتسمان غالباً. لكنني في الآونة الأخيرة بدأت أستخدم عبارة واحدة وهي (الله يحميكم من داعش). فيردّ البعض منهم معلقاً: (الله يسمع منك يا عمّو). والبعض الآخر يعقّب بحماس وتحدّي: (فشروا يجوا لهون). وثمة من يكتفي بالابتسام المغلّف بحياء..
وفي آخر مرة، وبينما كنت مناوباً في مكتب الحزب، وإذ بعاشقين جميلين يجلسان على سور حديقة المكتب لا يزيد عمريهما عن العشرين عاماً يتجادلان بصوتٍ عالٍ، وتناهى إلى سمعي بعض مفردات العتاب بينهما.. فكّرتُ كيف يمكنني فضّ النزاع بينهما؟ اتجهتُ إليهما دونما خطة واضحة، حاملاً معي عبوة ماء باردة وكأساً واقتربت منهما وطيف ابتسامة يحوم على وجهي:
- الله يحميكم من داعش.. أراكما معصّبين، إليكما الماء البارد، تفضّلا انعشا قلبيكما..
استلم مني مباشرةً الشاب العبوة والكأس شاكراً وكأنه مضى على عطشه دهر. قدّم كأس الماء لحبيبته أولاً فرفضت شاكرةً. سارع إلى إفراغها في معدته بتلذّذ وأعاد الكأس والعبوة بامتنان قائلاً:
- شكراً عمّو يسلمو، ونعتذر منك جداً.. قد نكون سبّبنا لكم إزعاجاً..
- لا حبيبي.. أبداً، إذا كان لديكم متسع من الوقت، يسعدني أن أدعوكم إلى تناول القهوة، هنا مكتب حزب الإرادة الشعبية.
- آه.. هذا حزب "قدري جميل"!
- لا يا عزيزي حزبنا ليس ملكاً لشخص، الرفيق قدري أحد قادة الحزب، على كل حال، أكرّر دعوتي لكما، تفضّلا.. ونتحدث إن شئتم بهذا الموضوع وغيره..
تطلّع باتجاه المكتب سائلاً بفضول: أين الآرمة التي تدلّ على وجود مقرّ للحزب؟
أجبته: قريباً سنعلّقها فالحزب لم يكتمل ترخيصه بعد..
نظر إلى حبيبته مستفتياً وقد ارتسمت على محيّاه أمارات الرضى والقبول، إلا أنها أبدت رفضها لقبول الدعوة بحركة سلبية من حاجبيها. وهنا اهتبل الشاب فرصة الأريحية التي سادت حوارنا وقال للصبية: طيب، هل تقبلين أن يكون "الأستاذ" حكماً فيما بيننا؟
أجابت بحياء واقتضاب موشّى برفض مهذّب: (هذه أمور شخصية..)
أحسّ الشاب بنوعٍ من الخجل وشعر أنه بموقع المتهم ومن الضروري أن يدافع عن نفسه، فأضاف: طالما كنا نتحدث بالسياسة، فهي ليست أمور شخصية، والأستاذ يبدو أنه مخضرم، ويمكننا الاستفادة من رأيه؟
وقبل أن تتمكّن الصبية من التلفّظ بإجابة، سارعتُ إلى أخذ حصتها من الردّ تلافياً لإحراجها وقلتُ:
- إذا كان خلافكما شخصياً، يُفضّل الاحتفاظ به وعدم طرحه على الملأ. أما إذا كان سياسياً، فهذه حالة طبيعية وتحدث بين كل الناس..
تشجّعت الصبية وقررت التخلي عن تحفّظها وسألت بصوتٍ ناعمٍ متشكّك بعد أن ألقت نظرة اتهام باتجاه الشاب: عمّو حسب رأيك، صحيح "داعش" أوجدها النظام؟
حدّقتُ بهذا الشاب وأدركتُ أنه المقصود، أجبتها بعد صمتٍ قصير: لا أعتقد، ولو أن قوى النهب والفساد في النظام وفي المجتمع يمكن أن تستغلّ وجود "داعش" وتعتبر أن الأزمة في سورية تقتصر على مؤامرة خارجية وعلى محاربة الإرهاب.. وبأن البديل القادم أسوأ بعشرات المرات من النظام..
وهنا انبرى الشاب مدافعاً عن قناعته محتجّاً بكلمات متلاحقة: طيب، ما هو تفسيرك لاحتلال الرقة من قبل داعش منذ أكثر من خمسة عشر شهراً، ولم يكلّف النظام خاطره بإطلاق رصاصة واحدة اتجاه أيّ داعشي؟!
خالجني شعور بأنه من واجبي أن أتخذَ موقفاً توفيقياً بينهما فأجبت:
- أتمنى عليكما يا أحبّائي ألاّ تلوّثوا لقاءكما الجميل هذا بترّهات السياسة.. الاختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية. داعش ومن في حكمها إلى زوال صدّقوني.
وما إن نطقتُ بعبارتي الأخيرة حتى قفز الشاب برشاقة من على السور إلى داخل حديقة المكتب وعانقني مقبّلاً:
- يسلم تمّك يا عمّي.. بالفعل، أيّاً يكن وراء داعش فهي زائلة. والمحبة والسلام قادمان بفضلكم وفضل شرفاء هذا الوطن العظيم.
فرد ذراعيه راقصاً يهتف: تسقط داعش.. يحيا الحب.. تسقط داعش.. يحيا الحب..
وطفقت حبيبته تصفق له وهي بحالة من السعادة وقد أشرق وجهها ببسمة قلّ نظيرها في عالم الابتسامات..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا حصدنا من الفيتو المزدوج؟
- الصحافة السورية وملفات الفساد
- هل العلمانية دواء للصراع الطائفي؟
- يحدثُ في سورية
- في الباص
- عذراً.. لن أترشّح!
- فوق الموتة.. عصّة قبر!
- وصيّة
- الصورة
- المرآة
- السردين
- العاشق
- دقائق بلا حياء.. ولا خوف
- القطط الضامرة
- مشوار
- روسيا تزداد تعملقاً
- أوباما.. يا بالع الموس عالحدّين!
- عالمكشوووف
- S.M.S إلى الرفيق قدري جميل
- خريف العمر


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - -داعش- والحب