أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - تخريب برمجة الروح المصرية















المزيد.....

تخريب برمجة الروح المصرية


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 19:19
المحور: المجتمع المدني
    


ما الذي حدث لـ"برمجة" روح المواطن المصري في الشهور الأخيرة؟! كيف تم العبثُ بها حتى تخرّبتْ وصار المصريُّ قاسيًا منزوع القلب يذبح القطط ويسلخ فروتها عن جسدها وهي حيّة تقطر دمًا، فيما عيونُها المرتعبة تنظر في عمق عينيه بوهنِ الاحتضار كأنما تسأله: "بأي حقٍّ تعذّبني، سوى حق استقواء القويّ على الضعيف إن كان حقًّا، فبئس الحق!" كيف استطاع شابٌّ يافع أن يجرَّ كلبًا من ذيله على سطح إحدى البنايات، والكلبُ ينبح في دهشة، ثم يرفعُ الشابُّ التافه الأخرقُ كلبَه المسكين من ذيله وساقيه ليلقي به من حالق ليسقط صارخًا وهو يتلوى في الهواء قبل أن تخمد روحُه، دون أن يفهم لماذا قتله صاحبه! أقول "صاحبه" لأن الكلب رفض أن ينهش الشابَّ الآثمَ، حين سحله من ذيله، وكان بوسعه أن يفعل إن أراد، لكنه فيما يبدو كان يظن أن "صاحبه" الإنسانَ يلاعبه، ولم يفطن إلى أنه سيرمي به بعد برهة من الدور الرابع ليلقى حتفه، دون جريرة سوى أن الكلب الوفيَّ أساء اختيار “صاحبه” الإنسان، ولم يدافع عن حقّه في الحياة بمعاقبة المعتدي الآدمي بعضّه ونهشه والإجهاز عليه، والبادي أظلم! أما المحزن، فهو مرح القاتل الوغد ومزاحه السخيف مع صديقه وضحكاتهما الجهور وهما يراقبان عذاب الكلب في لحظاته الأخيرة، قبل انفجارات الدماء من جسده الذي لا حول له ولا قوة؟!
ماذا يحدث لو فعل تلك الفعلة الخسيسة مواطنٌ في دولة متحضرة من دول الغرب "الكافر"؟! الكلب في تلك الدول يُكتب على اسم صاحبه ويأخذ بطاقةً تحمل لقب العائلة المستضيفة: مستر آدمز، مسز سميث، الخ. ويُراقَب من قِبل المجتمع، فإن أساء الإنسانُ معاملة حيوانه يُغرَّم ويُحرم من اقتناء حيوان بأمر القانون.
هل يعلم هذا الوحشُ الآدميُّ الذي أنجبته الأرض "بالخطأ" في الألفية الثالثة أن رجلا عظيمًا اسمه "فيثاغورث" فكرّ في الحيوان ودافع عن حقوقه في القرن الخامس قبل الميلاد؟ وأن طالبًا محترمًا اسمه "ثيوڤ-;---;--راستس" عارض أستاذه العظيم "أرسطو" حين قال إن الحيوان لا حقوق له لأن لا واجباتٍ اجتماعيةً عليه، ولهذا فهي في مرتبة أقل من الإنسان، فجادله تلميذُه بأن للحيوان عقلا وبالتالي يستحق الاحترام، ثم نادى بالامتناع عن أكل الحيوانات لأن في هذا تعذيبًا لها؟!
أين هذا الوحشُ من أولئك الأجلّاء الذين سبقوه في الحياة بخمسة وعشرين قرنًا، ومع هذا سبقوه على سُلّم التحضر بقرون وقرون؟!
متى تعلّم المصريُّ أن يكون "داعشيَّ" القلب مثل أولئك الوحوش التي تنحر الرقاب وتقطف الجماجم من أجسادها؟! كيف سمح المصريُّ، كريمُ العنصرين، أن تخترقه فظاظة الدواعش الذين أثاروا اشمئزاز العالمين في الدنيا، وعليهم من الله ما يستحقون في الآخرة؟! مَن يتجاسر على قتل حيوان بريء يبكي ولا يكاد يُبين ولا يقدر على التعبير عن ألمه، سوف لا يجد أي بأس أو عُسر في أن يقتل غدًا طفلا وامرأة وشيخًا. فإزهاقُ الروح، بالنسبة للطبيعة، يتساوى فيها روحُ القطة مع روح الإنسان. ليس لدي شكٌّ في أن أولئك الرعاع الذين اعتدوا على قرية "جبل الطير" في صعيد مصر بالأمس، وأشبعوا أطفالها وشيوخها ونساءها ضربًا وتنكيلاً وإهانة، كانوا في طفولتهم يعذّبون الطيرَ ويخنقون العصافير.
وأعود إلى دهشتي: هل هذا هو المصريُّ المشهور، بين أشقائه أبناء العرب، بالطيبة والشهامة والمروءة ورقّة القلب ودِعة المشاعر؟!! كأنني أشاهد بشرًا لا أعرفهم ولا أنتمي إليهم ولم أعش معهم عمري كلّه منذ مولدي ولم أنشأ في ديارهم وألهو بين أترابهم في طفولتي وأتعلم من نُبهائهم في مدارسهم وأمرح مع غيدهم في صباي وأدرس على يد علمائهم في جامعاتهم! وحين غدوت أُمًّا أسلمتهم أطفالي ليدوروا دورتي بين ظهرانيهم، إلى أن أُسلم روحي إلى خالقي في خبائهم حين يحين الأجل، راضيةً مرضية حيث عشتُ عمري بين قوم يحترمون حق الحياة لكل كائن قال له اللهُ: كن، فكان، وكل روح أمرها الله أن تحيا حتى يستردها خالقُها بأمره وحده لا شريك له!

ولم يدافع عن حقّه في الحياة بمعاقبة المعتدي الآدمي بعضّه ونهشه والإجهاز عليه، والبادي أظلم! أما المحزن، فهو مرح القاتل الوغد ومزاحه السخيف مع صديقه وضحكاتهما الجهور وهما يراقبان عذاب الكلب في لحظاته الأخيرة، قبل انفجارات الدماء من جسده الذي لا حول له ولا قوة؟!
ماذا يحدث لو فعل تلك الفعلة الخسيسة مواطنٌ في دولة متحضرة من دول الغرب "الكافر"؟! الكلب في تلك الدول يُكتب على اسم صاحبه ويأخذ بطاقةً تحمل لقب العائلة المستضيفة: مستر آدمز، مسز سميث، الخ. ويُراقَب من قِبل المجتمع، فإن أساء الإنسانُ معاملة حيوانه يُغرَّم ويُحرم من اقتناء حيوان بأمر القانون.
هل يعلم هذا الوحشُ الآدميُّ الذي أنجبته الأرض "بالخطأ" في الألفية الثالثة أن رجلا عظيمًا اسمه "فيثاغورث" فكرّ في الحيوان ودافع عن حقوقه في القرن الخامس قبل الميلاد؟ وأن طالبًا محترمًا اسمه "ثيوڤ-;---;--راستس" عارض أستاذه العظيم "أرسطو" حين قال إن الحيوان لا حقوق له لأن لا واجباتٍ اجتماعيةً عليه، ولهذا فهي في مرتبة أقل من الإنسان، فجادله تلميذُه بأن للحيوان عقلا وبالتالي يستحق الاحترام، ثم نادى بالامتناع عن أكل الحيوانات لأن في هذا تعذيبًا لها؟!
أين هذا الوحشُ من أولئك الأجلّاء الذين سبقوه في الحياة بخمسة وعشرين قرنًا، ومع هذا سبقوه على سُلّم التحضر بقرون وقرون؟!
متى تعلّم المصريُّ أن يكون "داعشيَّ" القلب مثل أولئك الوحوش التي تنحر الرقاب وتقطف الجماجم من أجسادها؟! كيف سمح المصريُّ، كريمُ العنصرين، أن تخترقه فظاظة الدواعش الذين أثاروا اشمئزاز العالمين في الدنيا، وعليهم من الله ما يستحقون في الآخرة؟! مَن يتجاسر على قتل حيوان بريء يبكي ولا يكاد يُبين ولا يقدر على التعبير عن ألمه، سوف لا يجد أي بأس أو عُسر في أن يقتل غدًا طفلا وامرأة وشيخًا. فإزهاقُ الروح، بالنسبة للطبيعة، يتساوى فيها روحُ القطة مع روح الإنسان. ليس لدي شكٌّ في أن أولئك الرعاع الذين اعتدوا على قرية "جبل الطير" في صعيد مصر بالأمس، وأشبعوا أطفالها وشيوخها ونساءها ضربًا وتنكيلاً وإهانة، كانوا في طفولتهم يعذّبون الطيرَ ويخنقون العصافير.
وأعود إلى دهشتي: هل هذا هو المصريُّ المشهور، بين أشقائه أبناء العرب، بالطيبة والشهامة والمروءة ورقّة القلب ودِعة المشاعر؟!! كأنني أشاهد بشرًا لا أعرفهم ولا أنتمي إليهم ولم أعش معهم عمري كلّه منذ مولدي ولم أنشأ في ديارهم وألهو بين أترابهم في طفولتي وأتعلم من نُبهائهم في مدارسهم وأمرح مع غيدهم في صباي وأدرس على يد علمائهم في جامعاتهم! وحين غدوت أُمًّا أسلمتهم أطفالي ليدوروا دورتي بين ظهرانيهم، إلى أن أُسلم روحي إلى خالقي في خبائهم حين يحين الأجل، راضيةً مرضية حيث عشتُ عمري بين قوم يحترمون حق الحياة لكل كائن قال له اللهُ: كن، فكان، وكل روح أمرها الله أن تحيا حتى يستردها خالقُها بأمره وحده لا شريك له!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهور على جبين 57357
- إن لم تجد بشرًا، اصنعهم
- قصص الأنبياء، والكائنات الرخوة
- أين مضيتَ يا سميح؟
- الأم تريزا، أم الغلابة
- العيون النظيفة
- حوار مجلة نصف الدنيا مع الشاعرة فاطمة ناعوت بعد فوزها بجائزة ...
- عروس النيل
- مصريون ضد الحزن
- هنا قناة السويس
- قَسَتْ أمي.... ودلّلني القراء
- نجيب محفوظ، هل سامحتني؟!
- إلا إيزيس يا داعش!
- محنتي مع المثقفين
- داعش أم الرسام الدنماركي؟
- حوار مجلة (حواء) المصرية مع الشاعرة فاطمة ناعوت
- الراهبات يا د. جمعة!
- المسرح في المستشفى
- الجهل، الحصان الرابح
- داعش أم دولة الإسلام أم عمعيص؟


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - تخريب برمجة الروح المصرية