أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني














المزيد.....

الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 11:54
المحور: الادب والفن
    


ثمة أفلام وثائقية مُتقنة تمنح المتلقي فرصة كبيرة للتأمل والغوص في جوهر الأشياء والقناعات مهما كانت بسيطة، لكنها نفّاذة وعميقة تهزّ الضمير، وتلامس العاطفة الإنسانية في كل مكان من أرجاء هذه المعمورة. وفيلم "آمال كبيرة" للمخرج الإيراني الكردي كيوان مجيدي هو من نمط هذه الأفلام المؤثرة التي تجعلك تنحني احتراماً وتقديراً للفلاح الكردي محمد ولابنته آزر أيضاً اللذين يعملان بشكل متواصل على مدار السنة في تهيئة حقل الأعناب كي يجنيا ثماره بعد سنة ونصف السنة على وجه التحديد.
إن اختيار هذه الثيمة من قبل المخرج كيوان مجيدي يدلل على نَفَسه الإبداعي المرهف القادر على الرصد والالتقاط والذهاب بالفكرة المهيمنة على القصة السينمائية إلى أقصاها. والسينما الوثائقية، كما هو معروف، هي سينما الواقع بامتياز حيث يتركّز جهد المخرج المبدع على بلورة الثيمة المعبّرة وتقديمها للمتلقي بشكل فني مقنع تستطيع أن تستشف منه شيئاً معقولاً في نهاية المطاف.

مقاربات بسيطة
على الرغم من تنوّع موضوعات هذا الفيلم الوثائقي الذي يمكن أن يكون عن البيئة الكردية في كردستان إيران، أو عن طراز المدن الكردية، أو عن الزراعة، أو عن سُبل تحصيل الرزق الحلال، لكنه يمكن أن يكون أيضاً وجهاً من أوجه التحدي السيزيفي الذي يقوم به كل من الأب وابنته حيث ينقل الأب التراب من سفح الوادي إلى أعلى ذروة في الجبل الشاهق الذي يستصلح أراضيه كي يزرعها بأشجار الكروم. كما تجلب البنت اليافعة الثلج من الجبل العالي المحاذي لهم، وتساعد أبيها في العمل على مدار العام في تسوية الأرض وجني الأعناب وتحويلها إلى زبيب وكشمش.
لقد انتقى المخرج سلسلة جبال هاورمان التي تقع في غرب إيران تحديداً والتي تضم مدينتي مريوان وياوه الكرديتين وتقابلهما مدينة حلبجة من الجانب العراقي. ولو توخينا الدقة لقلنا إن هذا الأب هو من قرية بولبور وهي واحدة من القرى الكثيرة المبنية بناء هندسياً متقناً لافتاً للأنظار. فالفيلم في دقائقه الأولى يستعرض هذه القرى الجميلة، ويتوقف عند بعض الينابيع والشلالات المائية الهادرة التي يحبها لأنها مرتبطة بذكريات جميلة لا يستطيع أن ينساها، ولعل أبرزها هو اللقاء الأول الذي جمعه بزوجته حينما كانت فتاة شابة ثم تزوج منها لاحقاً من دون أن يغرقنا بتفاصيل قصة حبه. لقد قال جملة مكثفة واحدة بأنه يحب الشلال الذي يحمل ذكرى ذلك اللقاء العاطفي الأول وعلينا أن نستكشف إخلاصه لها لأنه سوف يحقق لها كل ما كانت تطمح إليه من العناية بالأطفال، والشرب من مياه الشلال بعد الوضوء، وزراعة الحقل بأقلام الكروم الصغيرة.
ثمة تركيز واضح من لدن المخرج على العمل شبه الأسطوري الذي يقوم به هذا الفلاح البسيط، فهو يتسلق يومياً هذا الجبل الشامخ حتى يصل إلى قمته، ثم يقوم يتنظيفه من الصخور التي يستعملها لبناء الأسيجة الحجرية للقطع الزراعية التي يقسّمها، ولأن بعض الأماكن تخلو من التراب لذلك يلجأ إلى نقل التراب على ظهره من سفح الجبل إلى قمته وهي مهمة شاقة لا يقوى عليها إلاّ من ينتمي إلى هذه الشريحة المثابرة الصبورة، فمَزارع الكروم المعلقة في قمم الجبال الشاهقة تحتاج إلى نصف متر من التراب في الأقل كي تكون صالحة لإنتاج الغلّة. وأكثر من ذلك فهذه المزارع تحتاج إلى الماء الذي ينقله محمد من الشلالات التي تتساقط في بطن الوادي كي يسقى نبابات الكروم التي أينعت في الأعالي وصار ينتظر هو وآزر موسم الجني والقطاف. ولأنه عملَ بنصيحة زوجته الراحلة فقد زرع محمد أقلام عنب صغيرة فلا غرابة أن يتأخر ثمرها إلى الموسم القادم. وأن من ينقل على ظهره أطناناً من التراب والمياه إلى قمم الجبال يستطيع أن ينتظر موسماً لكي يتمتع بالغلة في الموسم القادم. وهذا ما حصل بالفعل حيث حلّ الموسم الثاني بخير وفير من العنب. وقد رأيناه، هو وآزر، منهمكين في جمع العناقيد، وغسلها في مياه الينابيع، ووضعها في السلال حيث تجد طريقها إلى أسواق المدن القريبة من قريتهم. أما العنب الفائض عن الحاجة فإنهما يحوّلان العنب الأسود إلى زبيب والأبيض إلى كشمش.

الشخصية الأسطورية
يعيش بعضُ الشخصيات الأسطورية بيننا من دون أن نلتفت إليهم. فليس بالضرورة أن تكون الشخصية الأسطورية إلهاً أو نبياً أو إمبراطوراً أو قائداً عسكرياً أو مفكراً سياسياً خارقاً للعادة، بل يمكن ببساطة شديدة أن يكون فلاحاً بسيطاً مثل المُزارع محمد، بطل هذا الفيلم الوثائقي، أو مثل آزر ابنته التي لا تقل عنه بطولة، فمازال لُهاثها يملأ آذاننا، نحن المتلقين، وهي تشعر بالإنهاك قبل أن تصل إلى قمة الجبل حيث ينغمس والدها في العمل. أكاد أن أقول إنهما يتناصفان البطولة لولا الجهود الجبارة التي كان يبذلها الأب في نقل التراب والماء من مسافات بعيدة ووعرة، فهي بالتأكيد لا تستطيع أن تقوم بهذه المهام في مثل هذه السن المبكرة من حياتها، لكنها تشترك معه في عدد من الجوانب من بينها الكدّ والمثابرة والدأب اليومي والصلاة في أعالي القمم حيث تغدو للهمسات المقدسة معنىً آخر وكأن مسافة الصلة بالربّ تصبح أقصر مما هي عليه في المناطق العادية. لا يمكن إهمال اللحظات الطفولية لآزر حينما كانت تلعب مع قريناتها كرة القدم أو غيرها من الألعاب المألوفة فهي تشكّل جانباً مهماً من طفولتها. فالفيلم يمكن اعتباره فيلم فتيان أيضاً وهو نوع رائج من الأفلام الروائية والوثائقية خصوصاً عند عباس كيارستمي وغيره من المخرجين الإيرانيين الذي حققوا سمعه طيبة داخل إيران وخارجها. جدير ذكره أن كيوان مجيدي قد أنجز عدداً من الأفلام الوثائقية أبرزها "علاج النساء" وهو يدور في المناطق الحدودية التي تفصل العراق عن إيران وقد بنى تفاصيله من القناعات المستمدة من الغيبيات والأساطير الشعبية التي ليس بالضرورة أن يكون طرفا فيها.












#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقنية الإبهار في فيلم أمازونيا لتييري راغوبير
- مقبول فدا حسين. . أهدى حبيبته ثمانين لوحة لكنه لم يحظَ بالزو ...
- قراءة نقدية في كتاب سينما الواقع (2-2)
- قراءة في كتاب سينما الواقع لكاظم مرشد السلّوم (1-2)
- الفنانة لويز بورجوا تغرف من سيرتها الذاتية
- أكراد سوريا وثورتهم الصامتة
- المخرج الأميركي جون فافرو يقتبس -كتاب الأدغال-
- ملاعق ليست للأكل وإنما لتشويه الأعضاء الحسّاسة!
- زنابق الماء لكلود مونيه وأسعارها الفلكية
- عين النجمة البريطانية مَبَيذا - رو على دور كليوباترا
- المخرج آسو حاجي يوثق الديانة الإيزيدية عبر خطاب بصري
- فيلم (Dom) للمخرج التركي خليل آيغون
- لمناسبة تكريمه في مؤسسة الحوار الإنساني (2-2)
- لمناسبة تكريم أحمد المهنا في مؤسسة الحوار الإنساني (2-2)
- أحمد المهنا، مالك الجواهر، ومرشد الأصدقاء إلى الكتب النفيسة ...
- أمسية احتفائية بالدكتور جعفر هادي حسن (2-2)
- أمسية احتفائية بالدكتور جعفر هادي حسن (1-2)
- هل تعترف إيران بحقوق الأمة الكردية؟
- الحوار الإسلامي المسيحي
- قراءة أولية لوثيقة تيار الضمير البرلماني للباحث نديم العبدال ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني