أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنانة لويز بورجوا تغرف من سيرتها الذاتية














المزيد.....

الفنانة لويز بورجوا تغرف من سيرتها الذاتية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 3 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


يميل بعض الفنانين التشكيليين إلى توظيف تجاربهم الشخصية في أعمالهم الفنية، خصوصاً إذا انطوت هذه التجارب على أبعاد نفسية متشابكة تكشف في جوهرها عن مكنونات النفس البشرية المعقدة. فالرسّامة والنحّاتة الفرنسية - الأميركية لويز بورجوا (1911-2010) تغرف من سيرتها الذاتية الكثير من ثيماتها الأساسية، فقد كانت تعيش بين أبوين إشكالييّن، فالأب لويس بورجوا متطرف في خياناته الزوجية، والأم جوزفين فوريو متطرفة في السكوت على هذه الخيانات المتواصلة. الأب مستبد على الأسرة برمتها، والأم خانعة، ومستسلمة للأمر الواقع، لكنها ذكية، صابرة، طويلة الأناة في نظر ابنتها لويز في الأقل فلاغرابة أن تحوّلها إلى منجمٍ عميق، وذاكرة متشعِّبة تستمد منها موضوعات عديدة تبدأ بالصدمة، والخيانة الزوجية، وتمرّ بالقلق والوحدة، وتنتهي بالصراع والإحباط والهشاشة.
تكشف السيرة الذاتية لبورجوا وأبويها عن ثلاث شخصيات مثيرة للجدل حيث انتبهت هذه الابنة منذ وقتٍ مبكر إلى طبيعة العلاقة العاطفية التي يُقيمها الأب مع (سَيْدي)، مُربية لويز ومعلِّمتها لمادة اللغة الإنكليزية، الأمر الذي يوحي أن هذا الأب المهيمن يمكن أن يمارس خياناته الزوجية مع نساء أخريات فلاغرابة أن تتخذ لويز من الأب، بوصفه خائناً، وناكراً للجميل، موضوعاً للعديد من أعمالها النحتية التي استقتها من سيرتها الأسَرية مُستثمرة بعض الوقائع السيئة والذكريات المؤلمة التي تُدين من خلالها أفعال هذا الأب الأناني الذي كان يُذِّل الأسرة برمتها من خلال لُهاثه المتواصل خلف غرائزه وشهواته الجسدية المحمومة. كما اتخذت من أمها أنموذجاً إيجابياً في العديد من المنحوتات التي تمترست وراء أبعاد رمزية لا يجد الناقد الحصيف صعوبة في فكّ طلاسمها، وتفسير معانيها الغامضة.
لابد من الإشارة إلى أن بورجوا هي رسّامة تجريدية لكن غالبية لوحاتها توحي بالأشكال البشرية المتوحدة، القلقة، والمصدومة بشكل من الأشكال، خصوصاً إذا عرفنا أن صدمتها الأولى هي اكتشافها لخيانة أبيها لأمها، هذه المرأة الصابرة، المتماسكة التي لم تقلب الدنيا رأساً على عقب، وإنما اكتفت بغض الطرف على أمرٍ لا يمكن السكوت عليه من وجهة نظر النساء جميعا.
لا تعوز الفنانة بورجوا أية تقنية حديثة، فهي مكتملة الأدوات، وقد تدربت بما فيه الكفاية في المعاهد والكليات والدروس الخصوصية التي أفادتها كثيراً حتى أن الفنان الفرنسي فردناند ليجيه قد نبّهها إلى "أنها نحّاتة وليست رسّامة"، كما أنها درست الرياضيات وعلم الهندسة قبل أن تتخصص في الفن التشكيلي وتنهل منه الكثير من المعارف والتقنيات الحديثة. وبما أن والدها المستبد كان يضايقها حتى في رسم معالم مستقبلها فهو يعتقد أن الفنانين المُحدثين متبطّلون ولا يصلحون لشيئ لذلك رفض دعمها في مواصلة دراستها الفنية غير أنها أصرّت على تحقيق هذا الحلم الجميل الذي يداعب مخيلتها ليل نهار.
ثمة أعمال فنية كثيرة تتوزع بين الرسم والنحت وفن الإنستليشن مستوحاة من سيرتها الذاتية والأسرية وسنكتفي بالتوقف عند عملين فقط وهما "تدمير الأب" 1974 و "ماما" 1999 اللذين يُعدان من أبرز أعمالها النحتية والتركيبية. فعمل "تدمير الأب" يذِّكرنا بصدمة بورجوا الأولى حينما اكتشفت أن والدها يخون أمها مع المربية والمعلمة "سَيْدي". وعلى الرغم من أن بعض الدراسات النقدية تقول إن هذا العمل الفني مستوحىً من "حُلم" ما مفاده أن الأم وأطفالها ينقضّون على الأب ويمزقونه إرباً إربا ثم يلتهمون أشلاءه المقطّعة في وليمة دسمة ترضي غائلة الانتقام. العمل منفّذ بمواد متعددة من الجص واللدائن والخشب والنسيج والضوء الأحمر. وفي أثناء الولوج إلى جوف التركيب يشعر المُشاهد وكأنه يقف في أعقاب جريمة ارتكبت للتو بعد أن تمرد الأطفال على أبيهم، ثم قتلوه وأكلوه في نهاية المطاف.
أما المنحوتة الثانية التي أنجزتها بورجوا عام 1999 فهي منحوتة "ماما" التي استعملت فيها العنكبوت كيهكل رمزي شديد الدلالة بالنسبة إليها. نُفِّذت هذه المنحوتة من الفولاذ والرخام بارتفاع 30 قدماً، وبعرض 33 قدماً، وتحتوي على كيس يضم 26 بيضة رخامية. أما بطن العنكبوت وصدره فهما مصنوعان من برونز مضلّع. جدير ذكره أن النسخة الأصلية مصنوعة من الفولاذ، أما النسخ الست المتتالية فقد صنعت من البرونز.
ترمز منحوتة العنكبوت إلى قوة أم لويز مع استعارة إلى قدرتها الواضحة في الغزل والنسيج وتوفير عنصري الرعاية والحماية. قالت لويز ذات مرة: "العنكبوت هو أنشودة لأمي التي كانت أفضل صديقة لي. كانت أمي نسّاجة مثل عنكبوت" ثم تقارن بين أمها وأي عنكبوت يأكل البعوض الذي ينشر الأمراض لتوحي بأن أمها كائن مفيد يوفر لها الحماية من صروف الزمان وأمراضه.
كثيراً ما تقارن أبويها ببعض الحيوانات فإذا كان الأب ذئباً متوحشاً فإن الأم ستكون بالضرورة أرنباً أبيضَ وديعاً. ثمة موضوعات كثيرة تجسّدها الفنانة لويز بورجوا وعلى رأسها الجنس وتمظهراته العديدة التي لا تجد حرجاً في البوح بها، فهي كما اسلفنا فنانة بوحية قبل كل شيئ وقد استثمرت سيرتها العائلية أفضل استثمار حتى قيل عنها أنها فنانة وإنسانة بلا أسرار.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكراد سوريا وثورتهم الصامتة
- المخرج الأميركي جون فافرو يقتبس -كتاب الأدغال-
- ملاعق ليست للأكل وإنما لتشويه الأعضاء الحسّاسة!
- زنابق الماء لكلود مونيه وأسعارها الفلكية
- عين النجمة البريطانية مَبَيذا - رو على دور كليوباترا
- المخرج آسو حاجي يوثق الديانة الإيزيدية عبر خطاب بصري
- فيلم (Dom) للمخرج التركي خليل آيغون
- لمناسبة تكريمه في مؤسسة الحوار الإنساني (2-2)
- لمناسبة تكريم أحمد المهنا في مؤسسة الحوار الإنساني (2-2)
- أحمد المهنا، مالك الجواهر، ومرشد الأصدقاء إلى الكتب النفيسة ...
- أمسية احتفائية بالدكتور جعفر هادي حسن (2-2)
- أمسية احتفائية بالدكتور جعفر هادي حسن (1-2)
- هل تعترف إيران بحقوق الأمة الكردية؟
- الحوار الإسلامي المسيحي
- قراءة أولية لوثيقة تيار الضمير البرلماني للباحث نديم العبدال ...
- مازن شيرابياني يصنع من الأفكار البسيطة عالما معقداً ومتشابكا
- منْ يحمل بيرق الشعر النبطي في موسمه السادس؟
- أزمة السكن في العراق: التحديات والفرص والحلول الممكنة
- توثيق فاجعة الأنفال سينمائياً
- الدنمارك في رواية عراقية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنانة لويز بورجوا تغرف من سيرتها الذاتية