أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فكرى عمر - قصة قصيرة / حارس المقبرة














المزيد.....

قصة قصيرة / حارس المقبرة


فكرى عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 17:32
المحور: الادب والفن
    


كانوا كلما سدوا بالطوب منفذًا خرَّ آخر. كنت معهم. أدور حاجًا مثلهم حول جدرانها المتآكلة وقد جئنا لترميمها. السقف كان مائلًا. مسنودًا بأركان عتيقة.
نحن، شباب العائلة، نشعر بالحنين إلى موتانا المكومين عظامًا نخرة. نرى الموت ما يزال بعيدًا عنا فلا تخور قوانا. ربما اختارنا كبار العائلة لهذا السبب، لكنني لست متأكدًا بالضبط ممن كلفنا بهذا الأمر من البداية.
غالبًا ما واريت عيني بأصابعي؛ كيلا أرى ما بالداخل. أعرف أن عظامهم المستباحة لن تتركني. ستقتحم علي وحدتي في الليل، وتؤرق منامي.
لقد تبادلنا النكات أكثر من مرة على بعد خطوة واحدة من الموتى. كان الموقف قويًا لا يُحتمل. ضجيجنا غطى أحيانًا على كوكب الوحدة التي أتوق لاستنطاقها. مللنا من تكرار المحاولة والفشل.
رأينا فجأة شابًا عاريًا يرقد على بطنه فوق سطح المقبرة. كان يخفى وجهه في الناحية الأخرى كلما أحدق فيه، ويلمزني كنوع من المشاكسة بأصابع قدميه الكبيرتين. لم أفلح في النجاة من مشاكساته؛ لأن الممر بين المقابر كان ضيقاً. كنت مشغولًا من قبل بحماية ما تركوه لنا. كل ورقة خطها أحدهم، أو بابًا طلاه، أو حائطًا ترك عليه هاوِ للرسم منهم بعض أفكاره. الآن أنا أحفظ عظامهم العارية من العيون المتلصصة بعدما تهاوت المقبرة؛ نوعا من التبجيل.
يتمدد جسد الشاب العاري الحي كاسرًا ألفتنا. يزيد مساحة التساؤل الصامت القلق بيننا. يداه بعد قليل تدليتا ونحن نراقبه بخوف إلى الأرض. غاصت أصابعه كالجذور، وتمدد جسده؛ لتحتوى المقبرة. لم نجد من حل سوى الهرب قبل أن تدهمنا المفاجآت.
لا أعرف بالضبط هل كانوا معي داخل حلم يخصني، أم أننا نعيش واقعًا غريبًا لا قانون له؟!
حين وصلنا البيت الكبير مددت يدي، لكنها لم تمسك بأي شيء. كانت أياديهم تخترقني، وتعبر إلى الناحية الأخرى. كأنما صرت شبحًا.عيونهم حدقت بشراسة في مصدر الصراخ الذي أعلنت به عن وجودي. اتخذوا جميعًا وضع الاستعداد؛ للهجوم. صرخت باسمي في محاولة أخرى؛ ليروني. قال ابن عم لي:
- كيف نصدق أنك أخونا يا من تحدثنا؟!
تشجع الباقون، ووجهوا حديثهم إلى الفراغ الذي أقف فيه..
- كيف جئت أصلًا من فوق سطح المقبرة؟! ألم تعلن أنك سوف تحمى العظام التي لم نجد فائدة لحمايتها؟!
صرخت فيهم:
- لقد هربنا معًا. وإن كنت قد استحضرت عطر أجدادي من قبل إلا أنني لا أتوق احتواء عظامهم. ماذا أفعل بها؟!
كان الجو قد بدأ يغيم أكثر مما كان، وشعوري بجسدي المتعب قد بدأ يتضح، وكأنني أكسر جدار عالم هش.



#فكرى_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة / الجميلة وفارس الرياح
- قصة قصيرة / السور
- الصندوق
- قصة قصيرة/ الشبح والعصا
- قصة قصيرة - أصابع الأشياء الصغيرة
- قصص قصيرة جدًا
- قصة قصيرة / حُلم
- قصة قصيرة / رجل الساعة الضاحك
- قصة قصيرة - تفاوض
- قصة قصيرة - تراب النخل العالى
- قصة قصيرة - وراء الستار
- قصة قصيرة - الثقب والكرة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فكرى عمر - قصة قصيرة / حارس المقبرة