أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فكرى عمر - قصة قصيرة / رجل الساعة الضاحك














المزيد.....

قصة قصيرة / رجل الساعة الضاحك


فكرى عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 01:11
المحور: الادب والفن
    


انحنى الوزير الأول أمام الملك قائلًا فى سعادة:
- جلالة الملك، جميع أهل المدينة فى قبضتنا.
- هل راقبتم كل وسائل اتصالاتهم، وصفحاتهم الخاصة؟
- كل شىء مراقب مولاى، شركة الإتصالات أبلغناها بالكلمات الخاصة التى عند ذكرها تقوم الشركة بمتابعة المتصل ومُستلِم المكالمة.. (الملك - الأسرة الكبيرة – الحاشية – التزوير – النهب – السرقة – الرشوة - التطبيع).
- جهد مشكور، لكن قد يغير الناس تلك الكلمات، بمعنى ما يُشفّرونها ويتواصلون بكلمات أخرى؟!
- أعزكم الله ونصركم مولاى، لا تفوت جلالتكم اللمحة، وبالفعل قلنا لهم كلمات موازية مثل ..أحم.. أعذرنى مولاى....
- انطق، ليس فى الحق عيب.
- سامحنى مولاى، وصدق لسانك: ليس فى الحق عيب. قلنا لهم راقبوا كلمات مثل.. خر..ووو..ف- ك...ب...ش- أرررر...نب- حظ..يي..رة – ميدان.
- لكن ليس لدينا ميادين، لقد حولناها من زمان إلى واجهات زجاجية لعرض أحدث وسائل التكنولوجية الغربية من صور وأفلام ومسرحيات وعروض عالمية، بعدما رأيناه أثر تلك الميادين على الملوك الخائبين فى البلدان الأخرى.
- إنها كلمة مفتاح مولاى الملك (الوزير الأول حمد الله فى سره أن الملك لم يأمر أحد حراسة المدججين بالسلاح بتصفيته إثر نطقه بكلمة خروف – كبش – أرنب، رغم أنها كانت كلمات للتأمين فقط). مولاى، صفحات التواصل هى الأخرى راقبناها بكل صرامة.. تخيلوا أنهم يستطيعون تسيير البلاد والتحكم بها من خلال التكنولوجيا فلاعبناهم باحتراف.
- كيف يا وزيرى النبيه؟!
- أتينا بعلماء نفس على أعلى كفاءة؛ ليحللوا لنا شخصيات كل فرد على حدة.. مزاجه، طباعه، متى يتحرك، أسراره، كيفية التحكم به، أتينا بخبراء ليحددوا مكان النشطاء، أدخلنا من يمزق الصف، قطعنا الاتصالات ليوم لنعرف ما هو رد الفعل. نعرف عن الجميع أكثر مما يعرفون عن أنفسهم.
- ممتاز، تستحق مكافأة بجدارة، هل هناك من شىء آخر؟
- مكافأتى هى خدمة مدينتنا العظيمة، وملككم الشامخ مولاى، وأمن كل فرد من أفراد عائلتكم المبجلة حفظها الله.. هناك أمر واحد فقط بسيط أحتاج فيه هذه الفراسة التى وهبكم الله إياها دون سائر أهل المدينة.
- تفضل، ليس لدى وقت كثير.
- رجل واحد يا مولاى، بعضهم يطلق عليه الحكيم، والبعض يقول الأعزب الأبدى، والكثيرون يصفونه بالمتنبئ الضاحك، والكثيرون فى المقابل يصفونه بالمجنون.
رقم 7 برز فى جبهة الملك وفوق حواجبه المصبوغة بالأسود بالضبط منذرًا بعقاب. الوزير الأول يعرف أن المكافأة كثيرًا ما تكون بلا سبب، وأن القتل أيضًا داخل تلك المملكة بالذات هو على أتفه سبب، التقط نَفَسًا سريعًا وزفره حتى يستعيد توازنه..
- مولاى، الرجل لا يملك تليفونًا ولا حسابًا خاصًا على أى شبكة تواصل إجتماعى، ولا تليفزيونًا، ولا كتبًا، ولا زوجة، ولا أولاد، ولا أصدقاء، ولا عمل.
- أعطوه مالًا ليشترى كل ذلك ثم يتلهى بعيدًا عنا بألعابه الجديدة.
- المال جلب علينا نتيجة عكسية، أعطيناه، فوزعه على الفقراء، فزاد هيامهم به بعد أن كانوا يلفظونه، بعثنا وراءه عيون الشرطة فلم تحدد له مكان، رجل بألف وجه، يدخل حانة ويخرج كائنًا آخر، ينام فى كوخه، ثم يصحو فى شارع آخر، وعلى وجهه نفس الضحكة التى تكاد تقتلنا، وعلى فمه خليط من كلمات النبواءات والمجانين.
- إذًا انفوه بعيدًا.
- لو كان النفى يجدى مولاى كنا فعلنا دون أن نعود إليكم؟!
- خلصوا المدينة منه..
الإشارة بقتل إنسان لا تحتاج لأكثر من ذلك فلا يمكن أن يتورط الملك فى القول الصريح، وفى الزمن الذى يعج بالفضائح على كافة الشاشات، والوسائط، وبتحول الأتباع إلى أعداء فى اللحظة والتو.
- مولاى، لا نستطيع، كلماته أشرس من البارود، ودخان ضحكته يفوق القنابل شديدة الانفجار. يكفى أن يقابله الواحد فى الشارع لينظر فى وجهه فتنتقل الضحكة فورًا كالعدوى على كافة الوجوه، وتلف كلماته كالمشانق حول رقابنا نحن رجالك.. يقول الرجل: كل شىء بأوان.. القادم قادم.. الكراسى ستنقلب خشبًا للمشانق.. الذكرى ستدخل البيوت من جديد.
- هل تحتاجون إلى تفويض للخلاص من كل تهديد يقابلكم.. خزائن الدولة ملأى، فماذا يريدون؟!
كان الوزير يوشك أن يترنح من غضبة الملك بينما يعده ببذل دمه فى سبيل ذلك، وما أن نطق بتلك الكلمة حتى شكره الملك للمرة الأولى والأخيره، وأهداه عشر رصاصات بيد حراسة من خلال إشارة واحدة، مقررًا فى نفسه أن من لا يستطيع مواجهة رجل مجنون واحد لا يستحق الحياة..
وانتشر الضحك فى اليوم التالى فى المملكة، بدلاً من أن ينتشر الخوف لمقتل الوزير الغامض، وهجر الناس التكنولوجيا التى أسرتهم زمنًا طويلًا، ونفضوا الحزن، ثم تفتحت نوافذ البهجة فى الوجوه، وصارت كلمة الرجل الضاحك: الوقت سيحين ولو بعد حين شعارً مع الساعة التى كان الرجل من قبل يرفعها كلما انعطف إلى شارع جديد، البهجة فتحت شبابيك الحريم التى كانت مغلقة بأمر الملك والديانة لمئات الأعوام، وفتحت الأفواه الظامئة للعدل، وكسرت المتاريس الغاضبة وأصص الورد البلاستيكي ومقابر الجنود المجهولين الذين لا يعرفهم أحد ولم يقوموا بأى عمل بطولى سوى إشاعة الحزن لوقت طويل.
البهجة جعلت الغربان تهرب إلى متاريس الجهامة أمام قصر الملك وعائلته وتنقر شبابيكها دون خوف من مطر الرصاص المنهمر. أما العصافير والحمام فكانوا يرفرفون فوق الرؤوس المرفوعة فى السماء بالبهجة والأمل دون خوف من مطر الرصاص الذى كان يدخل الجسد فيبصق الجسد توًا دم ينفرش على الأرض كزهور التحدى.. والبهجة أطارت العقال من فوق رأس الملك ليرى رعيته عمق صلعته السوداء المضحكة فتتسع أفواههم فجأة بضحكات كريهة كالرصاص وكالمواد السامة التى قصفت رداء الجهامة الذى ارتداه الملك على عظامه الغائرة لعشرات السنوات ليتشقق جسده اليابس، ثم يتطاير ساقطًا على الأرض فى كل اتجاه، فتدوسه الأقدام الراقصة هنا وهناك، بينما يُعلن الناس أن رجل الساعة الضاحك صار رمزًا للثورة.



#فكرى_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة - تفاوض
- قصة قصيرة - تراب النخل العالى
- قصة قصيرة - وراء الستار
- قصة قصيرة - الثقب والكرة


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فكرى عمر - قصة قصيرة / رجل الساعة الضاحك