أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا سعيد موللا - صراع حول تقاسم الارهاب















المزيد.....

صراع حول تقاسم الارهاب


لينا سعيد موللا

الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 20:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يرتبط الارهاب عادة باستعمال العنف لأجل تحقيق غاية سياسية معينة .

تنشأ الحركات الارهابية لأغراض محددة، كمحاربة الظلم واستئثار الثروة بيد قلة مستغلة، تمثل في الغالب لغة تلجأ إليها الفئة المقهورة في محاربة أخرى مستبدة، ونظراً لأن أدواتها عنفية قتالية ، فإن الأنظمة الأمنية الدولية تسعى إلى تبنيها واستعمال إرهابها كرسائل بين بعضها البعض، هذه الأنظمة تبحث وتسعى إلى ساحة صراع مفتوحة، تضعف فيها مركزية الدولة ، لتتبادل على أرضها وجهات النظر بأبجدية غريبة يختلط فيها التراب مع الدمار والدماء .

وبعد خفوت إرهاب الحركات اليسارية المتطرفة إثر انهيار الكتلة الاشتراكية، حل محلها إرهاب يقوم على التطرف الاسلامي الذي وجد في الدول الاسلامية بيئة خصبة، باعتبارها تعاني تفاوتاً طبقياً كبيراً بين طبقة قليلة حاكمة تملك كل شيء وأخرى محكومة يسرق منها كل شيء، سرقات تتدرج بين الحقوق لتنال أخيراً الأحلام.

حيث تمت أدلجة هذا التفاوت داخل الوطن، إلى شكل أكثر عولمة بحيث بات يفصل بين دول كافرة حاقدة على الاسلام والمسلمين، تمتص مقدراتهم وتبقي على قياداتهم الفاسدة، لأجل ديمومة استغلالهم لتلك الشعوب المغلوبة على أمرها .

وعندما سعرت الحركة السلفية الاسلامية في تقويض الزحف الماركسي، باتت جسداً موجوداً بكوادر مدربة وممولة من قبل أمراء الحرب، للضغط على أنظمة الدول الاسلامية وإضعافها اقتصادياً، بحيث تبقى على تبعيتها للدول الأقوى، ولاشغالها في معارك جانبية عوضاً عن معركة النمو التي عرفتها بقية الدول التي سبقتها في اختيار الخط الليبرالي بدلاً من الأنظمة الشمولية أو العسكرية القمعية .
كان ذلك في أوروبا الشرقية ومن ثم دول أميركا الجنوبية واللاتينية .
وهكذا اتبع السلفيون سياسة تكفر من لا يلتزم بفهومهم للاسلام، واتخذوا من اللحية والنقاب رموزاً، وطغت هذه الرموز على مرموزها، وبات كل من لا يمتثل لها خارج عن العقيدة وبالتالي محلاً للقصاص . واعتبر المسلمون الذين لا يستوفون معاييرهم مرتدين ومصيرهم القتل .
وهكذا قسمت المجتمعات المسلمة إلى فئتين - المؤمنون والكفرة - . وغابت السماحة التي عرف عنها الاسلام ليحل محله الارهاب الأصولي . وكذلك التشديد الظاهري على اللحى وارتداء النقاب محل المعاصرة والحداثة واللحاق بركب الدول المتقدمة، وبالتالي هزمت تيارات النهضة التي قام بها المفكرون العرب في أوائل القرن الماضي لصالح غوغائية الاقصاء والقتل والتخلف .

تتصارع اليوم على زعامة العالم الاسلامي دول كثيرة:
السعودية التي تعتبر أن أرضها شهدت بداية الدعوة الاسلامية، و فيها تتم طقوس الحج والعمرة، وفيها الكعبة الشريفة، رمز كل المسلمين وقبلة صلاتهم . ومصر بلد الأزهر أهم جامعة دينية لمذهب السنة، ورمز الاعتدال والاسلام الوسطي، وقطر التي تحاول استقطاب الحركات الاسلامية، ولعب دور يتماشى وقدراتها الاقتصادية الكبيرة، وإيران باعتبارها الدولة الشيعية الأكبر، والتي تحاول من خلال سياسة التشييع التسلل إلى دول إسلامية أخرى وبسط نفوذها هناك، وبين أندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان . إضافة لدول إسلامية أخرى تحمل الطموح ذاته وإن بإمكانات أقل .

ونذكر جميعاً التحذيرات المتواترة التي أطلقها بعض المفكرين في أواخر القرن الماضي، من أن الحرب القادمة ستكون حرباً مذهبية سنية شيعية، حرب بدأت بشائرها مع الغزو الأميركي للعراق، الذي افسح المجال لامتداد النفوذ الايراني الشيعي، وزيادة في استقطاب قوى جديدة ظهرت على الأرض، قوى أريد منها أن تكون الوقود لحرب طويلة مستعرة . وهكذا ظهرت الميليشيات الشيعية على امتداد العراق، وقويت شوكة حزب الله بعد حرب تموز، وبات يشكل قوة داعمة لايران تستعمله جهارة في سياستها، وسط صمت عالمي مهيب .

ولأن القوى العالمية تتفق بين بعضها حول ملفات معينة تخدم مصالحها، وتتصارع في أخرى، فكان لا بد من أدوات وساحة حرب خارج أراضيها، تعبر فيها عن قوتها وقدراتها على بسط نفوذ أكبر .

اليوم للأسف سوريا تمثل الساحة المثلى لذلك، ومن تتبع دقيق لمجريات السياسة الدولية خلال سنوات الثورة الثلاث المنصرمة، نجد أن سوريا متروكة لقدرها في استقطاب قوى التطرف الشيعية والسنية لتتقاتل فيما بينها، وتكون مكان صراع للسيطرة والهيمنة . صراع يتجاوز وبكثير دور سوريا وموقعها الجغرافي إلى صراع مخفي، تحاول كل دولة إقليمية أو عظمى تسجيل حضور طاغ فيه .
صراع لا يعترف بالشعب المضيف ولا بمصالحه أو حقوقه . وتطغى عليه الكثير من الوحشية والبهيمية البشرية . كاستمرار لطبيعة إنسانية لازمت الانسان منذ وجوده .

روسيا اليوم تحاول استقطاب التطرف الشيعي في مواجهة التطرف السني، وتجنيد الأول كورقة قوة لصالحها، ورسم سياسة صراع طويل الأمد، كانتقام لخسارتها في أفغانستان، أو تقويض الخطر السني في جمهورياتها الفيديرالية كالشيشان وسواها . وترد على تمدد الغرب حتى تخوم حدودها الغربية ، وفي محاولة ل استنزاف الغرب وإلهائه عن إكمال طوقه حولها، وبالتالي خنقها .
من هنا نفهم تمسك موسكو بالأسد، باعتباره من يقود التطرف الشيعي ورأس حربتها في المنطقة، وباعتياره الحليف الرئيسي في إذكاء هذه الحرب وفرض الكثير من الشروط . لذلك فهي تقدم له كل ما يلزم من السلاح لديمومة الاقتتال مستعراً .
ما يقوي موقف روسيا هو أن التطرف الشيعي يتمتع بالمركزية لطهران، يأتمر بأمرها وبالتالي يسهل التعامل معه .

الغرب وعلى رأسه واشنطن، لا تريد لبوتين ان ينجح في استقطاب الارهاب الشيعي لذلك حاولت مد الجسور إلى طهران، وعدم حشرها وارتمائها في أحضان قيصر موسكو، انتهجت خطاً مهادناً أزعج حلفاءها الخليجيين لايمانها بأن التعامل مع التطرف السني صعب للغاية باعتباره مقسماً في ولاءاته، وما تزال ذاكرتها مليئة بصور مقلقة كثيرة، حينما ارتد عليها حليف الأمس وضربها في عقر دارها، معتبرة ذلك أقسى أنواع الغدر الذي أصابها في تاريخها المعاصر .
لكنه غدر صبغت به السياسة الأميركية في تعاملها مع أقرب الحلفاء إليها. لذلك فهي تخشى من ارتدادات كل هذا عليها .

روسيا وفي حركة إعلامية ضخمة تحاول تذكير واشنطن بأن التعامل مع التطرف السني سينقلب عليها، وهي تسهب في وصف أهوال الماضي القريب ، وتعدها بالخسارة الأكيدة، أما الساسة الأميركيون فيحاولون وضمن إمكانات ضعيفة الضغط على تل أبيب لتوقيع صلح فلسطيني إسرائيلي، ينزع فتيل الخصام بينها وبين الححركات السنية المتطرفة، ويعيد الحلف إلى سابق توهجه وعطائه، لكن ذلك يتعارض ومصالح اليمين الاسرائيلي المتنفذ والمتشابك أيضاً مع التطرف السني وقيادته في فلسطين، باعتبارهما يسعيان كل بدوره ومن موقعه على الابقاء على الصراع الفلسطيني العربي قائماً، فتوقيع السلام من شأنه أن يلغي ضرورة التشدد لدى الطرفين، ويضعفهما لدرجة الاضمحلال والغياب عن الساحة تماماً، وهذا ما لا يريدانه .
صحيح أن أميركا قد نجحت في تهيئة الظروف لابرام اتفاقات سلام سابقة بين العرب والاسرائيليين، لكن الظروف اليوم تبدو أكثر تعقيداً، في ظل نمو التطرف في المنطقة، وهو ما يحجم أوباما من التدخل، ليقينه وإدارته أن تدخله مهما كان رمزياً ومحدوداً سيعيد خلط الأوراق، ويستدعيه لمزيد من التدخل وبالتالي التورط، كما حصل في فيتنام أو حتى العراق وافغانستان، حين حاربته طالبان والقاعدة، ولم تستطع واشنطن من تحقيق أهدافها المعلنة في تحييد التطرف السني وإبعاده عن أرضها ومواطنيها .
وهنا أذكر بحادثة مقتل المارينز في لبنان حين أدت عدة عمليات فدائية جهادية في توقيت واحد إلى مقتل المئات من الجنود الأميركيين والأوروبيين والاسرائيليين، وكانت رسالة شديدة البلاغة، دعت رونالد ريغن الرئيس الأميركي القوي للانسحاب الفوري من لبنان وترك هذا البلد عقوداً أخرى فريسة لحربه الأهلية واقتتال جميع القوى الدولية والاقليمية على أرضه . وكانت هذه العملية هي افتتاحية عمليات التطرف الشيعي .
ويبدو أن روسيا عازمة على استدراج الغرب إلى صراعات من هذا النوع لأسباب المذكورة قبل قليل، يقابلها عدم اكتراث غربي، وخشية حقيقية من الغرق في وحول حرب جديدة لا يرى فائدة أو مصلحة من خوضها .

وإذا كان الوضع اليوم على هذا الحال، فإننا نتساءل، ما هو دور الشعب السوري في إبعاد وطنه في أن يستمر مضيفاً لهذه القوى المتطرفة ؟
وفي ظل هذا التشرذم المقصود بين قوى المعارضة، المحاولة وعبر أدوات مهلهلة، إثبات ذاتها دون تمتعها بقيادة ملهمة، ودون قدرتها على توحيد الشارع السوري الثائر، شعب يستطيع وحده ردع الجميع من استغلال أرضه وناسه في حروب لا طائلة له بها؟

في غياب كل هذا ستكون المهمة صعبةً للغاية.

إننا أمام تحد حقيقي ..
إما أن ننتظر القوى الدولية والاقليمية أن تتفق بين بعضها على صيغة معينة، وهذا متروك للزمن، والأغلب أنه سيحتاج إلى سنين طوال، ستكون محملة بكل أنواع المرارات.
صيغة تتناسب ومصالحهم ونكون نحن فيها كأرانب المختبرات، أو أن نعتمد على أنفسنا وقوتنا الذاتية.. وهي قادرة وصادمة لكي نملي إرادتنا ونترجم من خلالها تضحياتنا إلى مستقبل نؤمن به جميعا .

ليتني أستطيع أن أهبكم الأمل، لكن هذا سيبقى كلاماً معسولاً، ما لم تتحرك كوادرنا الشعبية لبناء قيادة حقيقية وطنية توحد الشعب وتكون قادرة على صنع عقيدة قتالية سورية صرفة جامعة في مواجهة المزاودات الكاذبة، تتسابق فيها قوى التطرف على كسب ود الخالق في مسرحية مكشوفة، لكن متلازمة مع استمرار الحرب الطائفية كل فصيل فيها يقوم بأداء دور يخدم فيه مصالح الدول الخارجية .

دور يقوض الحراك الوطني ويطمسه تحت وابل من الكراهية والأحقاد .
الحل دائماً موجود ..
فهل نستطيع انتشاله من كل هذه الفوضى ؟

قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية



#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للنصر حبكة وهدف
- ليس باكراً .. مرحلة ما بعد الأسد .
- التصعيد علىى الجبهة السورية
- صفحة أخرى مغايرة
- صراع الآلهة والخوف
- ماذا بعد يبرود ؟
- توضيحات لا بد منها
- نماذج مختلفة
- الحوادث الثلاث الفارقة
- صراع الرهانات ..
- منصب الرئاسة
- في مقارعة الثورة السورية
- البحث عن الاستقلال قبل الوحدة
- بين البيت الأبيض وقصر الشعب
- لعنة الأقليات - ج1
- لعنة الأقليات - ج 2
- لا لهدر الطاقات والفرص
- الأسد القاتل
- إضاءات على مقال مخطط تقسيم المنطقة
- مخطط تقسيم المنطقة


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لينا سعيد موللا - صراع حول تقاسم الارهاب