عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 02:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أما من الجانب الأخر المعروف عن فكرة الدولة المدنية هي أنها تسعى دوما لجعل كل العلاقات الاجتماعية والارتباطات البينية تبنى علة قواعد تنظيمية مؤسساتية بما فيها المؤسسة الدينية كما حصل مع الفاتيكان وهنا تقع المؤسسة الدينية تحت طائلة القانون ومراقبته دون ان تمتع بنفس الاستقلالية في التصرف والعمل وفق ما تتبناه من رؤية تكون أحيانا فردية , فتخضع بذلك وجميع أنشطتها تحت مفهوم قاعدة المؤسسة المسئولة من المجتمع , عندها ستجد نفسها تفقد المزيد من الاستقلالية والقوة وهذا ما لا يمكن أن تتبناه المؤسسة الدينية التي ظلت وعلى مدى مئات السنين في شبه استقلالية وفردانية في الإدارة , السعي اليوم من قبل جزء من التيار الديني نحو مدنية الدولة يمثل بالنسبة للقارئ الواع نوع من أنواع النفاق السياسي وانغماس جاد وحقيقي في مشروع ظاهرة الغزل مع الناخب وباطنه السعي للعمل المضاد وترسيخ سلطة الأحزاب والكتل الدينية بمسميات جديدة , المدنية تخضع الكل مجتمع وأفراد للقانون ولا يبقى خارج سلطتها إلا من يختار السير عكس التيار وبذا يتعرض للملاحقة وأقلها التناقض الاجتماعي مع سلطة الدولة والمأسسة التكوينية القانونية.
نبقى أخيرا مع الليبراليين وهم الأكثر قربا في تعاطيهم مع مفهوم الدولة المدنية هذا المفهوم الذي يتطلب ركيزتين مهمتين حتى نضمن لها النجاح وهما الحرية والقانون الصارم,القانون الذي لا يستثني من سلطانه أي فئة أو شريحة أو كتلة اجتماعية ويمارس فرض إرادته التي هي إرادة انتظام المجتمع بكل قوة وحيادية مما يضمن للمجتمع أن يمارس حريته بكافة أشكالها ومنطلقاتها وتكويناتها دون قيد ودون خوف من تزاحم أو قدرة على التناقض كما هو مفهوم التزاحم العلماني والديني في أن واحد , أمريكا والكثير من الدول الغربية ليست دول علمانية كما يروج لها العلمانيون العرب بل هي دول ليبرالية تتعامل مع الدين كواحد من أهم القواعد التي تشد أزر المجتمع وتمنح الشعب نوعا من الأنتماء لبعض لكنها في ذات الوقت لا تمنحه الدعم القوي الذي يجعل من المؤسسة الدينة وليس الدين كقيمة قوة تدخل وقوة تأثير إلا في الحدود المرسومة له بدقه , نحن نحتاج اليوم إلى هذا المفهوم أن يكن الدين كروح قادرا على ضبط حركة المجتمع وتوحد الناس وتقوية الأنتماء الجمعي به لكن خارج مفهوم العبادة , العبادة لها محلها وأوقاتها ومراسيمها التي يجب ان تكون فردية ومحترمة وضمن اطار علاقة الفرد مع السماء , لكم من حقنا كمجتمع له انتماء روحي وارتباط عميق بالسماء أن تكون روح الدين والعقيدة الخالصة الأصلية فاعلة ومسيرة لتوجه المجتمع نحو قيم الأخلاق والفضيلة والسلام والمحبة.
.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟