أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم مرزة الاسدي - 4 - المعري ظلم المرأة لعُقده وليس لفكره















المزيد.....

4 - المعري ظلم المرأة لعُقده وليس لفكره


كريم مرزة الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 00:21
المحور: الادب والفن
    


4 - المعري ظلم المرأة لعُقده وليس لفكره
انتصاراً للمرأة العربية
كريم مرزة الأسدي

أبو العلاء المعري لتفلسفه لا لفلسفته ، ولتطبعه لا لطبعه ، ولعقده لا لفكره جعلته أن يحطّ من منزلة المرأة !! العقل الجمعي يجب تصحيح مساره لبقاء الأمة في صراعها ، ولتقدمها، ولمصلحة الأجيال ، وإلا ستبقى أمتنا : يا أمة ضحكت من جهلها الأممُ ...!!
1 - المقدمة:
ذكرنا في ختام الحلقة السابقة من انتصارنا للمرأة العربية ، إن فرويد يعتقد أن الطاقة الجنسية الفائضة والكامنة لدى الفنانين والشعراء والمفكرين والناس أجمعين ، يمكن أن تتحول إلى نتاج إبداعي فني أو شعري أو فكري أو عضلي ، ومن هذا الإبداع الشعري الغزل والنسيب والتشبب ،إذ تعبر عن كل ما هو مجبول بطبع البشر ، وعلاقة الذكر بالأنثى ، أو الأنثى بالذكر ، يتلاقفه هذا الناس بكثير من مراتب الحب طبعاً ، والهوى نفساً والعشق تأكداً مقروناً بلذة ، وأين عن طينتنا نعدي ، و ما عدا ذلك يأتي من باب التصنع الكاذب ، أو التكلف المنافق ، وفي أحسن ألأحوال يمكن أن يُردّ للعجز الزاهد ، أو الزهد العاقل الذائب بالذات الإلهية كرد فعل للملذات الطبيعية تهتكاً ومجوناً وخلاعةً وعبثاً !!ويذهب الإمام الغزالي في معرض تعريفه للعشق الإلهي أنّ " المحبة إذا تأكدت سُميت عشقًا ، فلا معنى للعشق إلا محبة مؤكدة مفرطة " ،والعرب تفننوا في مجال تقديسهم لامرأتهم سواء على مستوى عشق الزوجة أو الحبيبة ، أوحبّ الأم أوالأخت أوالابنة ، وجعلوا للعشق مقامات كالشغف واللوعة والصبابة والشوق والتبل والوصب والهيام والتتيم و الوله ، وسار على مسارهم أصحاب العشق الإلهي الصافي من اللذة ، كما يزعمون ! ولله في خلقه شؤون .
على مهلك عليّ ، فكرة تستوجب التأمل الجريء ، والقول الصريح ، بلا عقل جمعي قد هيمن عليه الأوائل ، ما بين عاجز ومخاتل ، وعالم وجاهل ، ومتهتك ومتصوف،ولقد جرّنا هذا التناقض الرهيب بين التزهد حتى التصوف المختلق ،يقول أبو العلاء عن هذه الخزعبلات المتصوفة برقصها وهزّاتها:
أرى جيلَ التصوف شرَّ جيلٍ *** فقل لهمُ وأَهْوِن بالحلولِ
أقالَ الله حين عبدتموه *** كلوا أكلَ البهـائم وارقصوا لي
وبين الطبع الجارف من التهتك والخلاعة والمجون بدون قيود،ولا حدود ، يقول مطيع بن إياس :
اخلع عذارك في الهوى *** واشرب معتقة الدنــــان
وصل القبيح مجاهراً *****فالعيش في وصل القيان
من هذا التناقض الرهيب في السلوك والفكر ، والعلم والإبداع ، والتشعب والتراكم ، والتقديس والتكفير ، وهيمنة العقل الجمعي على حرية الفكر الفردي ، وصلنا إلى ما نحن عليه من عدم وضوح رؤية عميقة متحضرة متعقلة متوازنه رزينة غير منفعلة في جميع مجالات الحياة ، ومن هذه المجالات الرئيسية دور المرأة ، الركن الأساسي الثاني ، في المجتمع للتوازن الطبيعي كما أراده الإبداع الإلهي الحقيقي، لا مشيئة خلقه المنفعي التسلطي !! وإليكم - كمثال - التسلط الفكري لأحد عمالقة فكرنا وأدبنا وشعرنا ، ألا وهو أبو العلاء المعري .
2 - تعريف موجز بأبي العلاء المعري (973 - 1058م / 363 - 449هـ) :
وردنا ماءً دجلة ًخيرً ماءٍ *** وزرنا أشرفً الشجرَالنخيلا
وزلنا بالغليل وما اشتفينا***وغـاية كلّ شيءٍ أنْ يــزولا
سبق أن عرّفت بأبي العلاء في حلقات أخرى ، وللتذكرة مقدمة ، هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي عربي النسب من قبيلة تنوخ اليمانية ، ولد في معرة النعمان ، وأكسبها شهرته ، بالرغم من أنّ عائلته كريمة فاضله شهيرة بالرئاسة ، يسودها القضاة والعلماء والأدباء ، ثم نكبه الدهر بفقد بصره عقبى إصابته بالجدري ،وعمره أربع سنوات وتمم عماه في السادسة،ولم يرَ الا اللون الأحمر، ولكنه خرج علينا بتعليل غريب عجيب :
قالوا العمــى منظرٌ قبيحٌ *** قلتُ بفقدانكم يهــــونُ
واللهِ ما في الوجودِ شيءٌ** تأسى على فقده العيونُ
تتلمذ على أبيه ، وكان من دعاة الفاطميين الذين يقدسون العقل ، وما زال شيخ عقلهم حتى اليوم رمزا ، وروتْ جدّته أم سلـّمه بنت أبي سعيد الحسن بن إسحاق عليه الحديث ، وكانت تـُعدُّ من شيوخه ، وأخذ على بعض علماء مدينته المشهورين ، وبدأ بقرض الشعر ، وعمره إحدى عشرة سنة، وهاجر إلى حلب حيث أخواله من آل سبيكة المعروفين بالتجارة والشرف والكرم ، وحلب - كما لا يخفى - حاضرة سيف الدولة سابقا، ومركز العلم والأدب،وأخذ العلم عن تلاميذ ابن خالويه ومنهم محمد بن عبد الله بن سعد النحوي ، راوية المتنبي ، فتأثر به و تعصب لمتنبيه ،وضاقت به الدنيا فعرج على إنطاكية،فحفظ كثيراً من علوم مكتباتها العامرة ، وخصوصاً البيزنطية منها ، ومنها ذهب إلى طرابلس في صباه - على أغلب الظن - للتعلم والتثقف ، ولكنه سرعان ما قطع دراسته فيها لوفاة أبيه سنة 377هـ /987م على حد رواية ياقوت في كتابه الجامع المانع وهو صبي حيث عانى الفاقة والعوز ، فبقى معتكفاً في بيته حتى العشرين ، إذ ترك له والده عقارا ، يكريه بمبلغ زهيد يقارب ثلاثين ديناراً فيقتات مع خادمه منه ، وللخادم النصف ! ، انكب على دروسه الأدبية واللغوية والفلسفية ، تشعب في تساؤلاته وشكوكه أبان شرخ شبابه - ومثله من يملك عقلاً جباراً لابدَّ أن يجعل من الشك أساساً لليقين أخيراً ثبت إيمانه :
حياة ٌوموتٌ وانتظار قيامةٍ ***ثلاث ٌأفادتنا ألوف معان ِ
لملم علومه اللغوية ، وفنونه الشعرية وفلسفته البيزنطينية والإغريقية ، وما تعلم عن عقائد الأديان ، وعقله،وتشككه ، وحافظته ، ورواياته ، وأحاديثه ، وعلوم القرآن ، وتفسيره ، واستأذن أمه الحلبية العجوز، فرفضت بادئاً ، فاقنعها ، فوافقت على شفق ، ثم توجّه إلى بغداد حاضرة الدنيا ، وشاغلة الناس نعم قصد بغداد عاصمة العباسيين ( 398- 400 هـ / 1007 - 1009 م ) ، في عهد الخليفة أبو العباس أحمد القادر بالله ، ولكن السلطة الفعلية كانت بيد السلطان بهاء الدولة البويهي بن عضد الدولة ، وكان غرضه تحصيل العلم و الشهرة ، ومكث فيها سنتين ، وتناولنا الموضوع بحلقتين ، ولولا وصول رسالة من أهله تخبره بمرض أمه ، لقضى فيها فترة أطول ، ولابد أدرك بحدسه أنه الموت ، فقال :
إذا نأتِ العراقَ بنا المطـايا ***فلا كنـّا ولا كان المطيّ ُ
على الدنيا السلامُ فما حياة *** إذا فارقتـــــكم إلا نعيُّ
ولما نعى مشى ، وشدّ رحاله مع الركبان إلى معرّة النعمان سنة (400هـ)، ولما تيقن من الخبرجزع جزعاً عظيما ، ورثى أمه ، ثم اعتزل طيلة نصف قرن،وحدثتْ في عصره الحروب والفتن بين الحمدانيين والفاطميين، وغزوات الروم ،أسد الدولة صالح بن مرداس لمعرّته الجميلة ( 417 - 418 هـ / 1026 - 1027 م) ، الذي أفحمه بأبياته الرائعة - ذكرناها في حلقة أخرى - بعد إلحاح أهلها لخروجه إليه،وهذه المرة الأولى والأخيرة التي خرج فيها من منزله طيلة اعتزاله فرجع الصالح خجولا خائبا،فكان هو الأسد ، وكان أسد الدولة هو الحمام , باعتراف الصالح الهمام !
ومن بعد عاش الكفاف والعفاف برضىً تام ، وتغرب نفسي هام ، وتشاؤم قاسٍ من الأنام ، وخصّ المرأة الحرام ، بالشك والريبة من حيث سجونه الثلاثة ، عيشه بالظلام ، وما حمّله الدهر من عُقد عظام أبان طفولته ، فكره ملذات الدنيا الحسية بغضاً وحقدا، ونهم منها الشهرة والخُلدا ، ولكلّ امرىء من دهره ما رُزقا ، وما تعوّدا !!
3 - أبو العلاء المعري بين الدكتورين زكي مبارك وطه حسين :
الدكتور الناقد زكي مبارك يرى " أنّ أبا العلاء لم يكره الدنيا أبداً ، ولم يكن يوم اعتزل دنياه إلا حيواناً مفترساً ، نزع الدهر ما كان يملك من أظافر وأنياب ، ولو كان أبو العلاء كره دنياه لاكتفى منها بأيسر العيش ، ولكنه عاش عمراً طويلاً جداً ، وطول العمر يشهد بقوة الأواصر بين المحب والمحبوب ، فالقتال بين أبي العلاء وبين دنياه كان قتالاً بين عاشقين يظهران البغض والحقد ، ويضمران العطف والحنان ." ( أبو العلاء المعري : حياته وشعره - الحديثة - بيروت - ص 70 ) .
لا أستطيع التكهن بما ذهب إليه دكتورنا المبارك من حيث الصلة الخفية بين التعلق بالحياة و أسبابها وطول عمر الإنسان ، وكل شيء بحسبان ، وقد قلت في بيت من إحدى قضائدي :
تأتي المنية للصبيان تغصبهم *** روح الحياة ويُعفى العاجزُ الهرمُ
وقد قال زهير بن أبي سلمى من قبل :
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب * * * تمته ، ومن تخطئ يعمر فيهرمِ
ربما أراد الدكتور المبارك أن يرميه بالحجر الذي رماه المعري على مناؤيه من المتزهدين ، فخانه الاستشهاد بهذين البيتين ، وأنا أكمل المشوار !!:
بخيفة الله تعَبَّدتنا *** وأنــــــت عينُ الظالم اللاهي
تأمرُنا بالزهدِ في هذه ال *** دنيا وما همُّك إلا هي
على كلّ حال ،أمّا الدكتور طه حسين ،فالمعروف عنه ، والجلي منه ، لكل قارئ عربي ، من أشد أنصار ومريدي المعري، والمعجبين به حتى الوله ، ويبرر كل مواقفه من الحياة ، وتفلسفه لمجرياتها ، بل يعتبره فيلسوفاً ، ويدخل في مجادلات شديدة مع المستشرق الأنكليزي نيكولسن الذي لا يرى المعري سوى حكيم مفكر متأمل ، ليس له منهج واضح المعالم ، فمما يقوله على كل حال بينما الدكتور المبارك يشن هجوماً لاذعاً قاسٍ على المعري ، كما أسلفنا موجزاً ، وأزيدك من الزكي ما يعجبني ، وليسامحني شيخ المعرة !! ، يقول هذا الزكي المبارك : " لقد أنسحب المعري من المجتمع، وما كان ذلك من باب الزهد ، وإنما كان فرار المناضل الذي تعب من النضال ، وماذا صنع المعري حين اتسحب من المجتمع ؟ أترونه نظر إليه نظر الرفق والعطف ، وذلك واجب الفيلسوف؟
ما صنع شيئاً من ذلك ، وإنما قضى دهره في أكل لحوم المجتمع ، لو كان قلبه أحس النورلعرف المجتمع غير مسئول عما يعاني من أوهام وأضاليل ، فتلك مواريث القرون الطوال ... ولو كنت أستبيح لحم المعري كما استباح لحوم الناس لقلت إن ثورته على المجتمع كانت ضرباً من الانتقام الأثيم ..." ، ( أبو العلاء م. س. ص 72) .
4- أبو العلاء المعري متفلسفاً لا فيلسوفاً ، ومتزهداً لا زاهداً:
لا ريب أن المعري ركل الدنيا بقدميه ظاهريا ، شأنه شأن الزاهدين والمتصوفين المتطبعين بقوة عزوف المغريات عنهم ، أو من أجل التودد إلى مغريات أخرى أكثرة حلاوة لأذواقهم ، كالمنزلة الاجتماعية ، والثناء المرفوع إلى حضراتهم ، والتنصل من تعب الحياة ، وكدّها وكدحها -
والناس أجناس - ألم يقل المعري نفسه ؟ :
تعبٌ كلها الحياة ، فما أعجْــ *** بُ إلا من راغب بازدياد
وهو الأدرى أن عقله لا يرزقه ، وربما أخذ المعنى من متنبيه ( ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله...) ، ألا تراه قائلاً :
والعقل زين، ولكن فوقه قدر*** فماله في ابتغاء الرزق تأثير
ثم هو يعترف بسجونه الثلاثة:
أراني في الثّلاثة من سجوني *** فلا تسأل عن الخبرِ النّبيثِ
لفقدي ناظري، ولزومِ بيتي** وكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ
هذه الأمور تُقنعني أن الزهد فرضته الحياة عليه فرضاً ، وهو ينافي طبعه المجبول على حبّها كشاعر حساس ومفكر ملتهب جذوة ، فتطبع مجبراً ، وصبّ جحيمه على أم دفرٍ ( الدنيا)، لأنها قهرته عن تلبية كلّ رغباته ، وملذاته ،أرجو التركيز على كلمة (ظالمة ) في البيت الأول مما يلي من قوله :
عَرَفتُكِ جَيِّداً يا أُمَّ دَفرٍ****** وَما إِن زِلتِ ظالِمَةً فَزولي
دُعيتُ أَبا العَلاءِ وَذاكَ مَينٌ***وَلَكن الصَحيحَ أَبو النُزولي
فأبو العلاء الذي رمى أباه بالجناية ، ونظم بيتاً من الشعر ، أوصى أن يوضع على قبره قائلاً:
هذا جناه أبي عليَّ *** وما جنيتُ على أحد
ليس بسبب ولادته ، وتمتعه بالحياة ، ومجدها ، والخلود ما بعدها ، وإنما حزناً على مفارقتها ، أليس هو القائل :
إن حـــزنــاً في ســاعة الــمـوت*** أضــعــاف سرور في ساعة المـيـلاد
ومن غرائب أبي العلاء إذ يحمّل أباه جناية موته،ولا أقول ولادة حياته ، كما يوهمنا تمنيه ببيتيه مثلاً:
فليت وليدا مات ساعة وضعه *** ولم يرتضع من أمه النفساء
فليت حواء عقيما غدت*** لا تلد النـــاس ولا تحبل
هذه الأمنيات يطلبها شيخنا العبقري لغيره لا لنفسه ، فهو ككبير بطموحه وعزمه ورؤاه وعقله وفكره ، لا يرضيه القليل من الدنيا ، وإن تصنع الزهد فيها زورا ، يريد الدنيا كلّها بملذاتها ومجدها وعقلها ورفيع مننزلتها ، والدنيا تأبى ذلك له ولغيره ، وقد قسمت حظوظها في الحياة ، وربما أبقت شيئاً لما بعد الممات، يقول حافظ ابراهيم :
فــإذا رزقــت خـلـيقة مـحـمودة *** فـقـد اصـطـفاك مـقسم الأرزاق
فـالـناس هــذا حـظـه مــال وذا *** عــلـم وذاك مــكـارم الأخــلاقِ
5 - أبو العلاء المعري وازدواجية موقفه من المرأة !!
أقول من هنا جاءت نقمته على الدنيا ، ولا أعني بهذا كل تفلسفاته عن مجرياتها وظواهرها وأحداثها ، بل رفضها بالمرّة ظاهرياً ، وهو سعى جاهداً فيها ، فكراً وشعراً ولغة وهجرة ووساطة - ومالاً أبان هجرته لبغداد - ... وهذا تناقض بين السلوك والفكر ، وكذلك من حيث أفكاره حول المرأة ، ففي الزمن الذي عدّ جدّته من شيوخه ، ولا يهاجر إلى بغداد لطلب العلم ، ونيل الشهرة إلا بموافقة أمه ، وكان قد تجاوزعمره خمس وثلاثين سنة ، وأصيب بصدمة عنيفة عند وفاتها ، ورثاها بأروع رثاء ، وكاد أن لا يذكر أباه ، إلا في وصيته ، وحمّله جناية وجوده ، ومع ذلك تجاوز الرجل ، وصبّ جحيمه على المرأة ، لذا أميل لوجهة نظر نيكولسن من أنه لم يكن صاحب مدرسة فلسفية واضحة المعالم ، حسب مفهوم هذا العصر للفلسفة والفيلسوف.
من شعره الظالم للمرأ قوله :
أشْدُدْ يدَيْكَ بما أقـو*** لُ،فقَولُ بعضِ النّاسِ دُرُّ
لا تَدنُوَنّ مِنَ النّسـا **** ءِ، فإنّ غِبّ الأرْيِ مُرّ
والباءُ مثلُ البَاء، تَخـ *** ـفِضُ للدّناءَةِ أوْ تَجُرّ
سَلِّ الفؤادَ عن الـحَيا **** ةِ، فإنّــها شَــرٌّ وشُرّ
لا أعرف من أين جاء القول الدرّ! ، وهو لم يعاشر امرأة طيلة حياته ، كما هو مفروض ، وتجاربه بعد معايشته لجدّته الشيخة أستاذته - ، وأمه الحنون ولدت وجهة نظر عنهما أكثر من رائعة ، ثم دقق في البيت الثالث ، حيث استعار الباء الأولى عن المرأة، وشبهها بحرف الباء الجارة التي تخفض الرجل نحو الدناءة ، لذلك وربما لكون عصره كان مضطرباً ، مفككاً أمنياً ، وتجار الرقيق الأبيض يتابعون الفتيات والنساء المتعلمات للمتاجرة بهنّ ، المهم اقرأ الأبيات الهابطات إلينا من تلك العصور :
علموهنَّ الغزل والنسجَ والرّدنَ *** وخــــلّوا كتابة وقراءهْ
فصلاةُ الفتاة بالحمد والإخلاص **تُجزي عن يونسٍ وبراءهْ
تهتكُ السترَ بالجلوس أمام الستر *** إن غنت القِيانُ وراءه
وفي لزومياته ، يطالب بما يشبه وأد البنات ، وأكثر بقوله :
بَدْءُ السعادة أن لم تُخْلَقِ امرأةٌ *** فهل تَوَدُّ جُمادَى أنّها رَجَبُ
الحقيقة جعلني المعري أبتسم في سرّي مندهشاً ، ثم أعضّ على شفتي مشفقاً ، وكأني أهمس في أذنه قائلاً ، ومن أين يأتي الرجل يا سيدي ؟!! هذا تراث قاسٍ ومرير أثر كثير على العقل الجمعي ، لذلك يجب تصحيح المسيرة بقوة وحزم من أجل الصالح العام للمجتمع ، ولا أزيد بالاستشهاد من الأبيات الظالمات المظلمات ، ولكي لا نظلمه ، ونظلم تاريخنا وتراثنا، نذكر ما أبدعه في رثاء أمه ، واحترامه للأم ، إليك :
سَمِعْتُ نَعِيّها صَمّا صَمَامِ *** وإنْ قالَ العَوَاذِلُ لا هَمَامِ
وأمَتْني إلى الأجْداثِ أُمٌّ *** يَعِزّ عَلَيّ أنْ سارَتْ أمامي
وأُكْبِرُ أنْ يُرَثّيها لِساني *** بلَفْظٍ ســـالِكٍ طُرُقَ الطّعامِ
وظل يعاني من عقدة فقدان أمه التي أثرت في نفسيته تأثيراً جلياً ، ومما يخيل في ذهني أنّ البيتين التاليين انعكاس لما كانت تردده أمه أمامه مراراً ،اقرأ وتأمل رجاء:
العيش ماضٍ فأكرم والديك به **** والأم أولى بإكرام وإحسانِ
وحسبها الحمل والإرضاع تدفعهأ**مران بالفضل نالا كل إحسانِ
ولكن لماذا عزف عن الزواج ، وما وجهة نظره حول الزوجات ؟ هذا نتركه لما تأتي به الحلقات القادمات ، وأتركك مع التحيات الزاكيات المباركات !!



#كريم_مرزة_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيبتي حفيدتي الصغيرةْ
- لمرأة والرجل متكاملان تماماً ، والنوع الإنساني وليدهما
- 2 - انتصاراً للمرأة العربية
- 1 - انتصاراً للمرأة العربية
- (وكلُّ الناسِ ِ في الدنيا سويّة)
- 6 - المتنبي عبقري بالقوة الفكرية والشعرية ، ولهذا تلاقفه الد ...
- مَا كانَ لوْ تتريّثُ...!!
- 5 - المتنبي إنسان بالقوة ، ولهذا تلاقفه الدهر...!!
- 4 - دعبل الخزاعي عبقريٌ بالقوة، وثائرٌ طيلة قرنه !!
- تمايز فكري وثقافي وعنصري تحت غطاء أمني ، الفيس بوك في أمريكا ...
- 3 - العبقري بين إنسانيته بالقوة وقوة إنسانيته ...!!
- ما بيني وبين العبقري الخالد ابن الرومي ...!!
- 2 - العبقري ما بين إنسانيته بالقوة وقوة إنسانيته...!!
- العبقري ما بين إنسانيته بالقوة وقوة إنسانيته...!!
- ألا يا ليلتي ميلي لنسقيكِ وتسقينا
- الليلُ يا ليلى ينادينا...!!
- الشاعرة والصحفية المغربية سناء الحافي تحاورني - 1 -
- ودربُ العراق كثيرُ الحفرْ!!
- إخطار وتحذير مرة ثانية - للسلطة العراقية وسفارتها
- تنبيه وإخطار وتحذير من الشاعر الباحث كريم مرزة الأسدي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم مرزة الاسدي - 4 - المعري ظلم المرأة لعُقده وليس لفكره