علاقة المنفعة المتبادلة بين الأيباك والإدارة الأمريكيّة وعلاقة الاستغلال للشعوب العربيّة

راضي كريني

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 17:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نشرت النيويورك تايمز مقالا للكاتب مارك لندلر، كشف فيه عن فشل محاولات الأيباك (لجنة الشؤون العامّة الأمريكيّة الإسرائيليّة) في تثبيت العقوبات الاقتصاديّة المفروضة على إيران وتوسيعها وتعميقها، بالرغم من تعاظم نفوذها، ومن تحقيق العديد من النجاحات المثيرة للإعجاب، بعد أن تعلّمت درسا في تفعيل الضغط، نتيجة لفشلها الأوّل في أواسط الثمانينيات، حين تمادت في التأثير على إدارة رونالد ريجان؛ كي لا يوافق على إقرار صفقة بيع طائرات التجسّس الأمريكيّة (أواكس) للسعوديّة.
يشير الكاتب إلى أزمة عدم الثّقة الحاصلة (أو ربّما تكون مفتعلة كطعم لصيد ما) بين إدارة أوباما وحكومة اليمين المتطرّف في إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو-بيبي، وأعوانها من رجعيّة عربيّة وجمعيّات ولجان ومنظّمات و... الضغط الصهيونيّ في العالم، التي هدفها تحقيق المكاسب والدعم و... حتى التشجيع للسياسة الإسرائيليّة.
تسعى الأيباك أقوى جمعيّات الضغط، وتجتهد للتأثير على صانع القرار في أمريكا لكسب تأييد أعضاء الكونغرس وموظّفي البيت الأبيض، بتوجيه وبدفع من بيبي نتنياهو وحكومته اليمينيّة، لجرّ الإدارة الأمريكيّة إلى شنّ حرب جديدة، تارة على سوريا لتتخلّص المنطقة من السلاح الكيماويّ، وتارة على إيران لتتخلّص إسرائيل والحلف السنّيّ من التهديد النوويّ الإيرانيّ، تمشيّا مع صناعة الخوف التي يتّبعها بيبي المشغول بتحديد الخطّ الأحمر لإيران؛ وبنشر الذعر وباستثمار التوتّر، وبتكثيف وتطوير ترسانة سلاح الدمار الشامل؛ ليُحكم سيطرته على المؤسّسات الأمنيّة في المنطقة، وعلى ثروات الشعوب العربيّة، وعلى المواطن الإسرائيليّ معا.
يظهر أنّ الأيباك ولجت طريق الصدام (المرغوبة في ديار بني بيبي) مع إدارة أوباما الأمريكيّة، فحصدت الفشل في منع تعيين تشاك هايجل، السيناتور الجمهوريّ "بطل" حرب فيتنام (في المفهوم الأمريكيّ)، وزيرا للدفاع؛ فاندثرت تخويفات بيبي من تفوّهات هايجل المعادية لإسرائيل! وجنت خيبة الأمل، وحصدت الفشل في ردع إدارة أوباما من إعادة ترتيب وتغيير أولويّات مفهوم الأمن القوميّ للولايات المتّحدة.
من الواضح أنّ قوّة مجموعات الضغط محدودة الحجم والفاعليّة، ولا ترقى إلى مستوى السيطرة على الإدارة الأمريكيّة وسياستها الخارجيّة، رغم أنّها "على استعداد للغوص في أعماق البذاءة والخزي والسفاهة من أجل تحقيق أهدافها" (تشارلز فريمان، أحد عناصر الاستخبارات، والسفير السابق في السعوديّة، الذي حرمته الأيباك من تولّي منصب رئاسة الجهاز، لأنّه نطق كلمة حقّ في وصف الحرب على قطاع غزّة بالعدوان الوحشيّ)؛ لكنّ، هذه المجموعات، لا تسمح لنفسها أن تفقد التأثير وأن تمحو نجاحاتها في تحقيق الدعم الأمريكيّ لإسرائيل، وأن تجعل التباين في المواقف والقضايا خلافا وتناقضا في المصالح الأمريكيّة والإسرائيليّة، قابلا للانفجار، ولإحداث تحوّلات كيفيّة في العلاقة الاستغلاليّة المفروضة على شركات النفط والسلاح ودول الخليج، والمرتبطة بمصالح متبادلة النفع بين الأطراف: الإدارة الأمريكيّة وحكومة إسرائيل وجمعيّات الضغط الصهيونيّ والرأسمال العربيّ الرجعيّ.. لذلك لاحظنا تراجع بيبي عن الهجوم على جون كيري، ورأيناه كيف يطالب جوقته الوزاريّة والبرلمانيّة والحزبيّة بالكفّ عن الهجوم على كيري، الذي تجرّأ وتطرّق للمقاطعة الاقتصاديّة المتنامية التي تتعرض لها إسرائيل، ولتحذيره من خطورة توسّعها من المستوطنات إلى تل-أبيب.
بموجب المركز الذي تشغله هذه الأطراف الرأسماليّة المستَغِلَّة في ميزان القوى العالميّ، تعتقد أنّها كلّية القوة وأنّ الشعوب العربيّة عاجزة حيال قوّتها، ومقدّراتها الوطنيّة ليست إلاّ غذاء وفريسة يسهل التهامها، وأنّ المضطهَدين العرب لا يستحقّون الرحمة والعزّة أو التعاطف ولا الاحترام، فهم بالتالي ضعفاء وغير مهدِّدين لسياساتها، ولا بدّ من قهرهم ومن فرض إرادتها عليهم، في سياق علاقة المنفعة الواحدة/الاستغلال، التي تعني أن يجني الرأسمال الربح والمنفعة من جرّاء الأذى والنهب لمقدّرات وثروات الشعوب المستَغَلَّة واستثمارها، هذه هي العلاقة التي تهتمّ لها، وتطمع بها هذه الأطراف الرأسماليّة المتوحّشة، وتُرجع لها سائر العلاقات؛ فأهميّة باقي العلاقات تأتي بمدى ما يستطيع الرأسمال أن يضمّها ويُمَوْضعها في علاقة الاستغلال، والربح، والمال،كما علّمنا ماركس وإنجلز: المال هو التعبير الماديّ عن هذا الربح؛ فهو ممثّل قيمة جميع الأشياء، والناس، والعلاقات الاجتماعيّة.
لكن خطيئة هذه الأطراف المستغِلّة أنّها لا تعي طمعها وجشعها وأنانيتها وكذبها وخداعها و...لذلك من الصعب عليها أن تنزل من التعالي الوهميّ إلى عالم الواقع؛ فالواقع العربيّ يمرّ في مرحلة المخاض/الطفرة ما بين تراكمات الظلم وكيفيّة التحرّر من الطغيان والاستغلال البشع. لم تعد الشعوب العربيّة راكدة، لقد بدأت التحرّك والنزول إلى الميادين، والانتقال من وضع الفهم والرفض للظلم إلى وضع الانتفاض والصدام، وهذا تعبير عن وعيها لطبيعة المرحلة وحقيقتها، وعن تحديدها لمصدر تعاستها ولسيرورة التخلّص منه.
فالشعوب العربيّة ليست شاذّة عن باقي الشعوب؛ تمهل ولا تهمل!

#راضي_كريني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات