أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - فلسفة ما بعد الفلسفة ج2














المزيد.....

فلسفة ما بعد الفلسفة ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4353 - 2014 / 2 / 2 - 21:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد أصبح مثلا على الفيلسوف أن يمتلك قاعدة عظمى من وسائل البحث ومناهج التفكير ومفردات أسية وأساسية من علوم أخرى , على أن يعتمد في دراسة أي ظاهرة من خلال الرصيد المتراكم من مفردات تتعلق بها الظاهرة من جهة وبالعلوم التي تنتمي لها من جهة أخرى ,هذا الرصيد مقنن ومفرز ومهيأ أصلا ومتوافر بدرجة كبيرة من الحرية , مما يعني أن الفلسفة لم تعد بحاجة إلى التجميع والتراكم المعرفي الذهني والبحث العميق بين المصادر.
فقد حررها هذا الخزين المؤرشف والمنمط والممنهج من إشكالية الربط والتواصل والاختيار وأتاح لدارس الفلسفة المزيد من الوقت والكثير من الخيارات والمساحة الواسعة والمهمة في أن يبحث بعمق ورؤية أكثر قدرة على الاكتشاف من ذي قبل ,هنا صار للفلسفة يد أطول لتناول أكثر المواضيع إشكالية بأقل الجهد وبوسعة هائلة وغير مسبوقة من الوسائل.
• كما لم يعد مجديا أن تبقى الفلسفة تدرس الحال وتمارس وعيها الفكري بعيدا عن الواقع وعليها مغادرة معراجها الأسطوري وأن تعود للواقع ليس فقط بالطريق الافتراضي بل بحقيقة أن تعي أن حركة المجتمع كثيرا ما تتسارع بالقاع قبل أن تصل حركتها للأفق المنظور ,الزمن اليوم يتحرك بقوة في الجزئيات وجزئيات الجزئيات التي في تراكمها من أشياء لا مرئية ولا محسوسة لتتحول مع التراكم إلى ظواهر ونزعات وخطوط تماس للصراع بين اللحظة واللحظة القادمة.
هذا الصراع اليوم غير محكوم بدراسة جادة ولم تتناوله الفلسفة بالدراسة أولا كظاهرة جديدة تعلن عن نفسها بالعصر التقني فائق الجزئية والنانوية ولم يسجل له الفكر مثال سابق ,كما لا تتناوله الفلسفة بالدراسة كموضوع ذاتي قابل للفحص والفرز والتقرير وإخضاعه لمنطق أو أستنباط منطق مناسب ومتناسب معها, هذا المنطق هو الذي يبين لنا اتجاهات التجزئة ومسارات حركة الزمن له , هنا لدينا حاجة وضرورة فكرية وفلسفية أكيدة ومهمة لدراسة ظاهرة الجزئية والتجزؤ.
• حاجة الفلسفة اليوم إلى فضاء من الحرية في أستخدم الوسائل وفي تبسيط استخدامها لتكون أكثر التصاقا بمحل الدراسة ,لم تعد تنفع الرطانة والرصانة الكلاسيكية القديمة والتي تمظهرت بها الفلسفة وأفردت لها مكانة مميزة بين العلوم والفنون والمعارف الإنسانية , هذا القول لا يعني أن تتحول الفلسفة إلى دراسة شعبية ولا تعني أبدا أن نجعلها مادة يمكن تناولها من العامة والخاصة بحد متساو , إنما نعني أن نعطي للفهم الفلسفي مجال للوصول بصورة ما إلى القواعد الفكرية التي كانت ترى فيها نتيجة عدم قدرتها على فهم الموضوع الفلسفي المحاط بهالة من الغموض المتعمد والصرامة الجادة في تغريب المصطلحات والمفاهيم على أنها ترف فكري لا جدوى منه ,على الفلسفة أن تخاطب الإنسان بلغة ذات وجهين الأول ترتقي به فهما وفكرا وثانيا تشعره أنه جزء من هموم الفلسفة وعليه أن ينتمي لها كما هي منتمية له.
الفلسفة اليوم مهتمة أكثر بدراسة وملاحقة الظواهر والنزعات التي تحكم السيرورة الوجودية في محاولة منها للفهم إلا أنها تصبح على كم أخر من الإشكاليات التي نتجت بالأمس وولدت اليوم كم أخر من نفس نمطية الإشكالية التي لم تنهي أصلا من دراستها مما أعيا الكثيرون من ملاحقة ما يجري ,هنا انكشفت عورة الفلسفة وخاصة في المجتمعات التي لم تصحو بعد من تأثيرات صدمة الحداثة والعولمة وما نتج منها وعنها ,وبصورة أقل حدة وإن كانت أكثر تأثيرات في مجتمعات أخرى تجاوزت وانتقلت من هذه المفاهيم إلى موضوع الما بعد.
اليوم الفلسفة عليها أنت تنتقل من حيزها القديم ومن مسمياتها وقواعدها وأسسها ومدار الفلك الذي تسير به إلى مدار الما بعدية إلى ما يسمى مدار الاستشراف والسبق والتنبؤ وفهم حركة الزمن في اللحظة القادمة وما بعدها والتحرر من لباسها التقليدي وأن تقترب من الإنسان أكثر وأن تتحول من الصورة الترفية المتزمتة إلى ساحة العمل الفكري الصانع والخالق للظروف والرؤى والنزعات وسوقها نحو غائية المصير الإنساني أولا والوجودي ثانيا ,وأن تنزل في تشابك وتكامل وتظافر مع بقية المجموعة المعرفية لمواجهة الانهيار الفوضوي للقيم والتطلعات الإنسانية الأساسية والحد من ظاهرة تقنية الشعور الإنساني وفرض العزلة عليه وللحد الأهم والمهم من نزعة جنون الإنسان الذي يسير بسرعة فائقة نحو المجهول الكوني معتمدا على ما جناه من أساسيات التقنية التي منحته قسطا من الراحة لكنها سلبته الكثير مما هو أساسي في وجود الإنسان.
هذا القول لا أظنه تشاؤم ولا ميل نحو التغريب الذاتي إنما هو وصف لواقع حال تشترك به الفلسفة كما يشترك به الإنسان المسحوق تحت عجلة الزمن , قد تكون حاجة مجتمعنا اليوم إلى هذه النظرية أكثر وأمس وأعمق من غيرها من المجتمعات لكن لا ننكر أنها كعموم هم إنساني واحد , وإنها كتشخيص لواقع الفلسفة لم ندع به لوحدنا بل سبقنا إليه الكثيرون ,هناك من نعى الفلسفة أصلا وأعلن موتها وضرورة دفن كل المسميات التي تنتمي لها أو ترتبط بها وهناك من قال بعدم حاجة المجتمع للفلسفة طالما أن الواقع والزمن هما من يصوغا النظرية وأن الإنسان مجرد متلق فقط غير قادر على ممارسة تأثيره الخلاق كالسابق ,الإنسان اليوم هو ضحية الزمن وضحية التقنية وضحية أخلاقيات ما بعد العولمة وعالم الحداثة وما بعد الحداثة.
الإقرار بالمشكلة نصف الطريق لحلها وفهم أسباب وعلة المشكلة نصف الحل أما النصف الأخر فلا بد أن يرافقه دراسة نقدية جادة وحقيقية ومعمقة وأصيلة لا تنحاز لرؤية ولا تنتمي لاتجاه ما , المهم أن نشرع في تأشير الجوانب والحدود للإشكالية وأن لا نستهين بالمظاهر ونتركها للعوامل الموضوعية المرافقة للوجود الإنساني ومنها عامل الزمن ,علينا أن ندرك ونعي واقعا أن الوقت كلما تأخر في الدراسة فرض ضريبة مضاعفة قد لا يمكن سدادها مع التراخي والإهمال ,الزمن كما أنه لا يرحم التأخير إلا أنه عامل مساعد ومعين جيد لمن يحترمه ويسايره بمتطلباته حتى يتمكن الإنسان من أن يسيق زمنه وأن يسبق بنظره ولادة اللحظة القادمة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقض الدين والتدين
- الدين والانتظام
- لكل إنسان عقل إذن لكل إنسان دين
- تجربة الدين والتجربة العلمية
- تعرية العقل
- استراتيجية التربية والتعليم في العراق رؤية حداثوية
- الرب المذموم والإنسان المعصوم.
- أعراب قحطان وعرب عدنان
- خطيئة التأريخ
- العرب والأعراب في التأريخ
- أول التأريخ حكاية
- أحلام السلام جزء من استراتيجية التقدم.
- مطر السياب
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح4
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح3
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ح2
- رواية _ الرجل الذي أكله النمل _ ج1
- كتب إبراهيم في ليلة الوداع الاخير
- أتجاهات التغير ومسالك الطريق العربي
- الديمقراطية ومستقبل العراق وسيناريوهات المستقبل ج2


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - فلسفة ما بعد الفلسفة ج2