أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - المدارس الدينية وما وراءها..















المزيد.....

المدارس الدينية وما وراءها..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4349 - 2014 / 1 / 29 - 17:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المدرسة مؤسسة تعليمية ودار لنشر العلوم ونهضة العقول ومساعدة الناس على تدبر امور حياتهم والارتقاء بمسيرة العقل نحو الامام. ويمكن معرفة المدارس وتقييمها من خلال دورها الاجتماعي الايجابي وما يضيفه خريجوها من منجزات تساهم في تحسين مستويات الحياة والحركة العلمية الانسانية..
وما زال العالم يدين لفلاسفة الاغريق وأفكارهم في شتى مجالات الحياة والفكر. وكان لمدرسة الاسكندرية التي انشأها البطالمة في مصر دور في استمرارية معارف الاغريق وعلومهم، كما احتفظت بها مكتبة الاسكندرية التاريخية، ولكن هذه المدرسة تراجعت لاحقا بسب انحسار حرية الفكر وهيمنة الصراعات الدينية، وعوامل اخرى.
وقد انشأ اليهود عقب عودتهم من سبي بابل مدارس دينية في فلسطين لتعليم اطفالهم أمور الدين والعقيدة. وفي القرن الاول الميلادي كان من ابرزها المدرسة التي كان يديرها غمالائيل، احد اعضاء المجلس اليهودي الاعلى ومن مجادلي يسوع المسيح وتلامذته. ولكن اهمية مدرسة غمالائيل تظهر بسبب احد تلامذة تلك المدرسة، والذي هو شاول الطرسوسي، احد اكبر مضطهدي المسيحية الاولى، والذي يتحول لاحقا الى شخصية بولس الرسول، ويكون احد اهم اعمدة الفكر المسيحي والعقيدة المسيحية.
شخصية بولس تكشف عن ثقافة غنية ومتنوعة، وقراءات تتعدى حدود الديانة اليهودية الى مجالات الادب والميثولوجيا والفلسفة الاغريقية، وفي عظاته يستشهد بشعراء وفلاسفة اغارقة ونصوصهم. ولا يعرف اذا كان التعليم اليهودي ينوع في مواده، ام ان بولس تتلمذ في طرسوس واثينا ايضا.
بالمقابل اهتم المسيحيون ببناء المدارس وتيسير سبل التعليم، التي يعود تاريخها الى مراحل مبكرة. وكان لها دور في تخريج اعداد كبيرة من العلماء والفلاسفة والمكتشفين والادباء اضافة للقساوسة ورجال الدين. ومع دخول الارساليات في الشرق الاوسط ظهرت مدارس مسيحية ومعاهد علمية في لبنان في وقت مبكر، عمت فائدتها لكثيرين،ولم تكن قاصرة على ابناء المسيحيين، وانما مفتوحة للجميع، لم تقتصر على التعليم الديني وانما عنيت بمختلف العلوم والمعارف.
في الدولة الاسلامية لم يظهر اهتمام خاص باشاء المدارس ومعاهد العلم، وكان التعليم يجري داخل المساجد خارج اوقات الصلاة، وكان لكل عالم ومعلم زاوية أو عمود تنعقد قربه حلقة التعليم، وحتى مطلع القرن العشرين كانت في جامع الحيدرخانة حجرات خاصة بالمعلمين والطلبة ومن أبرز طلبتها المعاصرين العلامة محمد بهجت الاثري والاديب معروف الرصافي ممن تتلمذ على يد العلامة محمد شكري الالوسي.
لكن ذلك لا يعني عدم ظهور مدارس ومعاهد تعليم، سيما ايام العباسين، كالجامع/ة المستنصرية وما شابهها، كانت غالبا مخصصة لتعليم امور الديانة ولوازمها من لغة ونحو وبيان الى جانب الفقه والتفسير والحديث وما اليه. هل كانت مناهج التعليم تتضمن المعارف العلمية والعقلية الاخرى مثل علوم الطبيعة والطب والفلسفة واللغات والاداب. هذا هو سبب انتشار الامية وتراجع العقل واستشراء الغيبيات الدينية والخرافات. وفي ذلك ضمان استمرار طبقة الحكم، واستمرار نفوذ طبقة الوعاظ وملالي الدين.
*
المدارس الشيعية..
لا يسجل التاريخ ظهور مدارس دينية ومعاهد تعليم في ايام الخلفاء الراشدين او حكم الامويين، وقد خالف العهد العباسي ما سبقه. وسبب ظهور تلك المدارس هو استشراء الخلافات وتعدد الاجتهادات والمذاهب وشيوع الهرطقات والبدع، وانعكس اثر ذلك على طبقة الحكم التي كانت تمالئ جهة وتخالف اخرى بين حاكم واخر، وتكرر تغيير القضاة من معتدل الى متشدد، وهي خلافات رائجة تحفل بها كتب تلك المرحلة وما زالت اثارها والمتأثرين بها بين مؤيد ومعارض.
ان دخول غير العرب في الاسلام انعكس وبالا عليه، اكثر من أية مكاسب كان يتوقعها. وليس ذلك بسبب دخول النعرات الأثينية في الدين وانعكاسها في المزاودة على اصوله ومتونه، فحسب، وانما بسب شيوع الصراع والمنافسة بين العناصر غير العربية نفسها، الفرس والترك في المكون الايراني، ونقل صراعاتها لساحة الدين الاسلامي. ولا يمكن هنا اغفال عوامل – بحسب رأي بعض المفكرين- كاليهود والمسيحيين الذي دخلوا الاسلام عنوة، فتلاقحت الاثار اليهودية والمسيحية والمجوسية مع العوامل القومية والعنصرية لتنتج خليطا عجيبا، لا يجتمع تحت عنوان او سياق فكري غير البدع والهرطقات. وقد اجتمعت وانتشرت تلك البدع في بلاد محايدة ، كان قدرها ان تقع ما بين ارض الحجاز من جهة، وارض ايران من جهة اخرى. فكان لذلك التهافت الفكري الديني ان ينعكس على الهوية العراقية وكيانه السياسي والاجتماعي الذي بقي هشا مرضوضا، حتى اليوم. فالعراق,, هو ضحية موقعه الجغرافي- بحسب مؤرخ هولندي-.
حاولت الدولة العباسية السيطرة على سوق البدع والهرطقات التي بدأت في ايامها. وقد اتبعت الدولة مختلف الوسائل السلمية كالوعظ والتعليم والافتاء والوسائل العنفية كالعقوبات والاعتقال والملاحقة. فهرب بعض رموز تلك البدع – وربما كانوا من ضحاياها- الى اليمن، ثم تركوا اليمن الى اقصى الشمال الافريقي. وبدأ بعضهم هناك يدعو لافكاره بين اقوام البربر ممن لا يجيدون العربية ولا يفقهون من الاسلام شيئا معتبرا، حتى وجدوا لهم انصارا وظهرت سلسلة من امارات، -عادت- لتزحف شرقا نحو تونس والقاهرة، حيث قامت الدولة الفاطمية. ويلحظ هنا ثلاثة مؤشرات في طبيعة تكتيك هاته الحركة..
1- تفاديهم ارض الحجاز في دعوتهم وحركتهم، لكونها مركز الاسلام الاصلي واهليه.
2- تفاديهم دخول ارض الاندلس لوجود خلفاء بني امية فيها السابقين عليهم، وبنو امية اصلهم من قريش/ الحجاز.
3- توجههم الى غير العرب في العرق واللغة واعتمادهم عليهم في تجييشهم والتصوير لهم ان ما يقدمونه هو الدين الاصلي، مستغلين اختلافهم القومي عن العرب، واختلافهم اللغوي عن العربية، مما يسهل اغواءهم وتضليلهم. واليوم تنتشر حركة بين البربر ضد العرب ودينهم، متناسين الحقائق التاريخية التي جرى طمسها وتوزيرها عبر الزمن.
في اطار الصراع المذهبي التنافسي على صدارة الاسلام وتصدره، جاء الاهتمام الشيعي الملحوظ بالتعليم الديني لنشر افكارهم بين العامة باعتبارها الدين الاصلي واصل الدين. ويظهر ذلك في سلسلة الجوامع/ المدارس التي ظهرت مع نشأة امارات في المعرب وتونس ومصر، التي من أشهرها جامع/ مدرسة الأزهر.
يعود انشاء الجامع الازهر الى القرن العاشر الميلادي مع بداية الحكم الفاطمي لمصر. وكان يعنى بالعلوم الشيعية –المذهب الاسماعيلي-. وفي عهد الصليبيين انتهى دور الازهر، وتم بناء ست وعشرين مدرسة جديدة اضيفت لها علوم الطب والقانون وغيرها واجريت رواتب لشيوخها (المدرسين) من قبل الدولة. ويلخظ ان التعليم الديني المدرسي عموما اصطبغ بطابع السلطة الحاكمة، ويتغير بتغيرها. فالحاكم هو النص وهو المصدر الديني والسياسي والقانوني، تتغير عقول الناس وافكارهم وامور حياتهم بحسبه.
ان ظهور المدارس في الشمال الافريقي ليس منقطعا عن الاثر العلمي والحضاري لحضارات الاغريق والرومان واهتمامهم بالعلوم والمدارس، ولكنها لا تضاهيها شانا وشأوا، رغم اختلاف الزمن. لكن المدارس الافريقية تلك – والمصرية تحديدا- تميزت بامرين..
1- استمرارها في الزمن، وانفتاحها في فروع العلوم والمعارف، واعتبارها في مصاف الجامعات الوطنية عامة.
2- خضوعها للهوية المصرية والقانون الرسمي المصري. فرغم الاف الطلبة غير المصريين المتخرجين فيها، لكن احد اولئك لم يتسلم رئاسة الجامعة او تصدر هيئة فتاويها.
بل ان الجامعة العربية التي تأسست عام 1945 –كهيئة قومية- لتمثل الشراكة العربية السياسية والاقتصادية يحتكر المصريون اغلبية طواقمها، وبالكاد سمح لغير المصريين برئاستها..
في هذه الزاوية.. وزوايا اخرى كثيرة، تبدو قضية الهوية والانتماء غائبة في العراق. ان الحديث عن الشيعة والمرجعية هو حديث عن العراق والهوية الوطنية العراقية، والعلاقة بالشيعة هو انهم يشكلون نصف سكان العراق ومساحته، وهذا يجعلهم مؤتمنين ومسؤولين، سواء كانوا في الحكم، او خارج الحكم، على كيان العراق وشعبه ومستقبله.
وفي هذه النقطة ينبغي ان يسمو مستوى التفكير النوعي للشخصية العراقية، ليكون جديرا بانتمائه للارض، وصيانته للوطن، وتقديسه الهوية وعناصرها الحساسة.
الواقع العراقي السائد اليوم هو رث ومخزِ، ولا يسر الصديق. ولكن طامة هكذا واقع مختل فاسد متخلف، ينبغي ان تكون حافزا لاستثارة عناصر الحمية الوطنية وارادة البناء والانتماء الوطني.
في امسية للشاعر كريم العراقي في البحرين، قال له مواطن سوري، ان أغنية (جنة يا وطنه) هي بمثابة نشيد وطني عند السوريين.. جنه يا وطنه- اغنية عراقية ولكن ممنوعة من الحكم الرجعي اللاوطني، ولا يريد كثيرون ان يتذكروها. فالغناء حرام والنواح حلال.
منذ سنوات والسياسة تلعب على الوتر الديني وتقسم الوطن الى كانتونات طائفية واثينية، وجرى تهجير اكثر من مليونين عائلة بدعاوى طائفية دينية داخل وطنهم. ورغم ذلك، يجري اتهام من يختلف عنهم ويخالفهم بالطائفية، وزعمائهم يراجعون البيت الاسود في طهران لكل صغيرة وكبيرة. ان التاريخ يمتحن الجميع.. والحياة فرصة ليقدم كلّ ما عنده.. خيرا او شرا.. !! ولكل أمر امد.
انها مأساة الوطن العراقي.. مأساة وطن يتيم.. بلا ابناء!



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية (2)
- أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية.
- النخبة.. غياب أم تغييب..!
- في صراع العقل والغريزة..
- في علم الاجتماع القبلي (الكتاب كاملا)
- جدلية الوطن والمنفى في قصيدة أسعد البصري
- نحو علمنة الدين..! (الكتاب كاملا)
- في قصور الفلسفة..
- في رثاء الحضارة ..!
- شاكر النابلسي.. وعلم نقد الدين
- سعدي يوسف.. صورة في الثمانين (الكتاب كاملاً)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (18)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (17)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (16)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (15)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (14)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (13)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (12)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (11)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (10)


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
- فيديو خاص: نداء عاجل من طلاب موريتانيا إلى الأمة الإسلامية؟ ...
- خطة مدغشقر.. يوم قررت ألمانيا النازية ترحيل اليهود إلى مستعم ...
- بالفيديو.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تسهدف قاعدة -رام ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- اجعل أطفالك يمرحون… اضبطها الآن || تردد قناة طيور الجنة الجد ...
- التردد الجديد.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2024 على عرب سات و ...
- السيد الحوثي:مكافحة الإرهاب مؤامرة الغرب لاحتلال الدول الإسل ...
- غضب إسرائيلي ويهودي بسبب شعار في متحف بمدريد
- الجماعة الإسلامية في لبنان.. من جماعة إغاثية إلى حركة مقاومة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - المدارس الدينية وما وراءها..