أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - المسبحة تاريخا وصناعة وشرعا















المزيد.....

المسبحة تاريخا وصناعة وشرعا


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 20:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


السبحة في اللغة والتاريخ

السُبْحة – كظلمة، خرزات للتسبيح منظومة في سلك تُعَدُ. ومنه قول المعري:

وليس عندهــــــم ديــنٌ ولا نســـــكٌ
فلا تغرك أيـــــدٍ تحملُ السـُــــــــبحا

وكم شيوخ غدوا، بيضا مفارقهـــــم
يسبحون، وباتــــوا في الخنى سبحـا

فالمسبحة أو السبحة عبارة عن مجموعة من القطع ذات الاشكال الخرزية مع فواصل، حيث تتألف كلها من عدد معين منظومة في خيط أو سلك أو سلسلة. وتجمع السبحة على سبحات وسبح، بينما تجمع المسبحة على مسابيح. وهي أداة معروفة منذ عصور ما قبل التاريخ. وقد وصل الاعتقاد ببعض شعوب آسيا الى أن سبح الكوك مصنوعة من خشب سفينة سيدنا نوح عليه السلام.

وقد استعملت المسبحة لأغراض مختلفة منها: الزينة والتعويذة والتميمة. وفى الأثار الفينيقية ما يشير إلى استعمالها في المقايضة التجارية، بينما استعملها الكهنة البوذيون في الصين والهند في عباداتهم.

وبعض الشعوب يضعونها في أعناقهم للوقاية من الأمراض، وبعضهم يستخدمها بطرق مختلفة لمعرفة البخت، وفي بعض البلاد يستعملونها للوقاية من الحسد والأخطار، ويغسلونها بالماء ويشربون غسالتها على أنها دواء. ويرى البعض بأن المسبحة تعالج العادات السيئة لدى بعض الناس مثل: عض الأصابع، وقطع شعر الذقن، وقضم الأظافر.

وكان البعض يعتقد أن للأحجار التي تصنع منها السبحة بعض الفوائد الطبية ومنها أن للأحجار الخضراء اللون تأثير بمنع الأمراض، والحمراء لتخفيف النزيف والالتهاب، وحجر العقيق للقبول والاقتناع وجلب الحظ، والجمشت لمنع تراكم الشحوم ، والملكيت للتخدير وللحماية ضد السحر، وحجر الياقوت الأزرق كرمز للعفة، والفيروز للنصر وتبيان لحالة الإنسان النفسية عند تغير ألوانه، والكهرب والكهرمان لامتصاص الأمراض من جسم الإنسان ولطرد الأرواح الشريرة، وسبحة العقيق تمنع النزيف بالنسبة للمرأة، وتزيل الدم الموجود في العين إذا وضعت على الدماغ أسفل العِمة.

والسبحة ليست من ابتكار المسلمين، بل ظهرت أول ما ظهرت في الديانة البوذية الوثنية في الهند وسيرلانكا، كما تشير بعض الدراسات إلى بعض رسوم البوذيين التي يظهر فيها الإله براهما وهو يمسك سبحة بيده اليمنى. وتشترك بين المسلمين والمسيحيين والبوذيين بأنها تحتوي على الشاهد والمئذنة والفاصل، لكنها تختلف في العدد.

ولم تكن السبحة معروفة في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولم تكن مستخدمة في صدر الاسلام، ويعتقد المؤرخون أن أول سبحة في الإسلام كانت من نوع البلح. ومنها ما كان مصنوعا من النوى والحصى والخيوط المعقودة. وفي العصر الأموي أتخذ المسلمون السبحة أداة لتسبيحهم.ويرجع تاريخ صناعة السبح في مصر إلى العصر الفاطمي.

وتشير الكتب التاريخية إلى اشتهار مدينة البندقية بصناعة المسابح من الزجاج الملون، والصين بصناعة سبح من العاج، وأوروبا بصناعة سبح من الكهرمان الأسود.

ولا يمارس مهنة صناعة السبح إلا أصحاب “البال الطويل”، والصبر الفائق، والتركيز الشديد، وهي عناصر لا تتوافر إلا لدى كبار السن وأصحاب الخبرة الطويلة في الحياة كما أنها مهنة نادرة.

صناعة السبح

تصنع السبح من خامات عدة، منها:

1. الكهرمان: وهو خامة أصلية وعريقة جدا، وهي أحجار تكونت منذ ملايين السنين، وللكهرمان أنواع وألوان عديدة فمنه الشجري والحجري ومنه الأصفر والأحمر والأبيض والشفاف والكاتم، وهو ذو رائحة زكية، وتستخرج حباته من أشجار الكهرمان الكريمة، ويستورد من روسيا، وبولندا أوكرانيا والهند وألمانيا.

2. اليسر: وهي خامة من حجر «يسر»، التي يكون لونها غالبا أسودا أو أبيضا مطعما بمسامير صغيرة من الفضة، ويعتبر خرز «اليسر» من الصخور البحرية، وهي أحجار كريمة، ويوجد منه العديد من الأشكال وبأحجام مختلفة بعضها مطعم بعظم، وبعضها بالكهرمان، وبعضها بالفيروز والفضة.

3. العقيق، وهو حجر كريم من نوع المرو المسامي دقيق التعريق يوجد على هيئة مخطط من العقيق الأبيض، ويوجد بشكل رئيسي على هيئة طبقات في تجويفات الصخور الرسوبية ومعظم أنواع العقيق ذات ألوان قاتمة وتتنوع خطوطها ابتداء من الأبيض مرورا بالرمادي وانتهاء بالأسود وقد تكون الخطوط حمراء باهتة أو صفراء أو زرقاء في بعض الحالات.

4. الكهرب: وهي مادة صمغية تفرزها بعض انواع الاشجار الصنوبرية من خلال جذوعها وتفرز الاشجار هذه المادة كوسيلة دفاعية لها ضد الامراض والفطريات والحشرات، وهذه الافرازات التي تثقل الشجرة وجذعها المتدلي صوب الاسفل ليسقط " الكهرب" المادة الخام على الارض او في اعماق البحر إذا كانت الاشجار قريبة منه ومع تقادم الايام والاشهر والسنوات تتحول هذه المواد الى صخور صغيرة من الكهرب" ذات أشكال مختلفة وحسب البيئة المحيطة بها. ويتمتع الكهرب برائحته الزكية. ويعتبر الأتراك أشهر صناع الكهرب البرتقالي والأبيض وينافس البولندي والألماني، على الرغم من أن الألماني هو الأشهر لتطور الماكينة الألمانية والدقة في الصناعة.

5. عظم الجمل ويعتبر من الأنواع المتوفرة في السوق.

6. المرجان: يعد المَرْجَان أحد أشهر الأحجار الكريمة بالرغم من أنه لا يعد من المواد المعدنية، بل يعتبر من المواد الحيوانية (العضوية). والمرجان هو أحد المواد العضوية الأكثر قدماً في الاستعمال في صناعة الحلي، وتتركب هذه المادة من شويكات دقيقة حمراء اللون يفرزها حيوان المرجان، وبعد إفرازه هذه الشويكات تتماسك مع بعضها البعض، وتخرج هذه الأفراد التي تستخدم كل منها في صناعة الحلي.

7. الكوك: وهو خامة تستخرج من أراضي البرازيل وهو المستخدم في معظم ورش صناعة السبح. وهناك نوع من الكوك هو الكوك الاسطنبولي، وهو خشب مستخرج من شجر النارجيل أو جوز الهند، حيث يتم استخراجه من بذرة النارجيل، التي تكون صغيرة وخشنة وقوية كالصخر، فتقطع وتصنع منها حبات السبحة، وللكوك رائحة طيبة، و"كلما كان مطعما بالفضة كان ذلك أفضل.

8. الفيروز: وهو حجر أزرق صاف ومن أفضل أنواع الفيروز هو الفيروز الإيراني حيث أن لونه يعبر عن أصالة الحجر وجودته.

9. اللؤلؤ: وهو عبارة عن افراز صلب كروي يتشكل داخل صدفة بعض أنواع الرخويات والمحار وتستخدم كحجر كريم. ويعد اللؤلؤ الكبير المُتقن الشّكل من أثمن الأحجار الكريمة من حيث القيمة. ويختلف اللؤلؤ عن بقية الجواهر الأخرى، حيث تُعد معظم الجواهر معادن، تُستخرج من المناجم تحت سطح الأرض. إلاّ أن الّلؤلؤ يتكوّن داخل أصداف المحار.

10. العاج: ولونة أبيض مائل للاحمرار وتسمى سبحة “ناب الفيل” والعاج الطبيعي لا يمكن أن يحترق أو يتغير لونه لأي سبب من الأسباب. ويوجد في الأسواق سبح غير طبيعية مصنوعة من العاج الصناعي الذي يحترق ويتغير لونه إلى الأسود عند تعريضها للنار.

عدد حبات السبحة

تختلف السبح في عدد حباتها (خرزاتها)، فهناك سبحة عددها تسعة وتسعون حبة وأخرى من ثلاثة وثلاثين حبة وهي الأكثر تداول بين الناس إلى جانب سبحة ستة وستين حبة وأربعة وأربعين حبة، وهذان النوعان للأقباط. ويلاحظ من هذه الأعداد بأنها مكونة من رقمين متشابهين (33)، (44)، (66)، (99).

وتمر صناعة السبحة بمراحل منها” التفصيل – التسويك – التقطيع – التخريم – عمل فرمة على المكينة – السنفرة – التلميع – الطقم – التلضيم” .

شرعة استخدام السبحة للتسبيح

اختلف الفقهاء في حكمها الشرعي على قولين: قول بالإباحة والجواز، وقول بالحظر والمنع، فمن أباحها اشترط أن تستخدم في الأذكار الطويلة، التي تحتاج إلى أعداد المئات أو الآلاف، وأن يبتغي صاحبها بذلك الإعانة على الذكر، وألا يحاول إظهارها أمام العامة بقصد التباهي أو المراءاة، وألا تكون غاية في ذاتها، بمعنى ألا يبالغ في ثمنها وقيمتها، ويجب أن تكون مجرد وسيلة لتحقيق الغاية الكبرى وهي الذكر.

أما الذين قالوا بالمنع فهم كثرة، وقد ذهبوا إلى عدم مشروعيتها نظرا لأنها تتعلق بالعبادة وهي عبادة الذكر، واستندوا بذلك إلى أنه لو كانت جائزة لاتخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) مسبحة من ذهب، ولكن تركُ النبي لها يدل على أن الأولى، هو عدم التقيد بأي وسيلة معاصرة خاصة لأن العبادة قائمة على التوقيف وليس على الاجتهاد، وهذه عبادة والعبادات توقيفية، والأولى بالإنسان أن يلتزم بما ثبت، لأن الصحابة كانوا يجتهدون في محاربة البدع بكل ما أتوا من قوة.

ويرى البعض الآخر أنه لا بأس من استخدامها، خاصة أنها تنتشر كثيرا بين الصوفيين، فيما يستشهد آخرون بأن المسلمين الأوائل كان يسبحون بالحصى والحبل المعقود. والذي يبدو أن "الرأي الغالب بين أهل العلم في مسألة المسابيح أو السبحة هو جوازها" وعدوها وسيلة من وسائل الطاعة والعبادة. ويستندون على أن التسبيح بالحصى كان على أيام النبي (صلى الله عليه وسلم) حين دخل على إحدى أمهات المؤمنين، فوجد أمامها كومة من الحصى، وهي تذكر الله تعالى، فتركها وهو ذاهب إلى المسجد، حيث صلى وجلس حتى طلوع الشمس ورجع، فوجدها على ماهي عليه، فقال لها: أما زلت على ما تركتك عليه، قالت: نعم، فقال لها: لقد قلت كلمة لو قلتيها، لكانت أفضل من هذا كله: "سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عشره ومداد كلماته".

فالذين قالوا بالمنع، قالوا: إن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لم يفعل كما فعلت، ولم يمدح فعلها، والذين قالوا بالجواز، قالوا إن النبي لم يقل لها إنها أخطأت أو أنه ممنوع، وكونه دلها على الأفضل لا يعني أن ما كانت تفعله كان خاطئا أو مبتدعا.
أما أفضل اليدين في التسبيح فيرى الفقهاء أن الأولى والأفضل أن يكون التسبيح باليد اليمنى.





#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن مع مَن في مصيبة الأنبار؟
- الشاعر والصحفي والأستاذ
- هذا مو انصاف منك
- عبد الغفور جاسم محمد عبيد
- حقيقة أمينة العاصمة سعاد العمري
- الليلة التي لم تنطق بها شهرزاد
- الراشدي
- بشرى
- قصة مدرسة
- دعوة الى الإستثمار
- ليلة زكريا
- إيمان مهدي
- حبي جميل
- حميدة
- ضياء الخطيب
- بيت الشايع الهيتي
- حنان
- اليها مع التحية
- وداعا ابا حسان
- نجلاء


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - المسبحة تاريخا وصناعة وشرعا