أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل الديمقراطية ضد الدين؟














المزيد.....

هل الديمقراطية ضد الدين؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4330 - 2014 / 1 / 9 - 17:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الأساس، الديمقراطية تقوم على التعددية وقبول الانشقاق السلمي، قولاً وفعلاً. هي آلية لتنظيم الصراع وفق قواعد سلمية بين المختلفين. على هذا، لا يمكن أن تكون أي حكومة ديمقراطية حين لا تقبل وتعترف بالمعارضة السلمية لها، أو حين لا تقبل المعارضة وتعترف بالحكومة الحالية من منطلق قبولها بالنظام السياسي المجمل والقواعد المشتركة المنظمة للعبة السياسية وتداول السلطة. الديمقراطية، باختصار، هي صراع سلمي، أو تنافس، فيما بين مختلفين على السلطة وفق قواعد موضوعية موحدة ومشتركة تلقى القبول والاعتراف بها من جميع المشاركين في هذا الصراع أو التنافس السلمي. الديمقراطية ضد الشمولية- القول والفعل الواحد الذي لا يقبل الانشقاق السلمي.

على هذا، الديمقراطية ليست ضد الدين- طالماً بقي الأخير مسالماً ولم يخرج عن القواعد السلمية للعملية الديمقراطية.

في المقابل، عكس الديمقراطية التي تقوم في الأساس على التعدد وقبول الآخر المنشق، الدين يقوم على التوحيد ورفض المختلف دينياً. فبينما تقبل الديمقراطية بالمنشقين السلميين عنها ضمن المعارضة، الدين لا يتردد في أن يخرج المنشقين السلميين عنه خارج رحمته في الدنيا وجنته في الآخرة. هل سمع أحد عن دين قط يساوي في المعاملة بالضبط بين أتباعه وأتابع الأديان الأخرى؟ أو هل سمع أحد عن دين قط يجيز لأتباع الأديان الأخرى، أو عديمي الدين، أن يدخلوا نفس الفردوس بصبحة أتباعه؟ وهل يوجد دين في العالم أجمع يعامل المرتد أو الملحد أو المتحول من أتباعه إلى أي دين آخر نفس المعاملة التي كان يلقاها قبل الانشقاق. الدين الإسلامي، على سبيل المثال، كان ولا يزال يرفض الشرك والإلحاد والتحول، ويعاقب المرتد بالقتل.

إذا كان الأمر كذلك، حينئذ يمكن بسهولة استنتاج أن الديمقراطية لا تجد مشكلة في قبول الدين والتعايش السلمي معه، لكن بشرط قبوله هو الآخر بالقواعد الموضوعية المنظمة لهذا التعايش المشترك. لكن حين يخرج الدين عن هذه القواعد سوف يجد خصومة شرسة من الديمقراطية ذاتها التي تجيز التعددية، ليس بسبب الاختلاف الجوهري فيما بين الدين من جهة والديمقراطية في المقابل إنما لأن الدين قد انتهك قواعد الكلام والعمل السلمية المتفق عليها. وحين يرجع الدين عن العدوان ويسلم بحدوده الذاتية ضمن مجمل قواعد الديمقراطية التي تحمي حق الانشقاق والمنشقين السلميين، سوف تعود مجدداً علاقة التسامح والتعايش المشترك فيما بين الديمقراطية والدين رغم استمرار الاختلاف الجوهري فيما بين الاثنين.

في مثال توضيحي، الانشقاق عن الدين، في مفهوم الدين، يعد ردة تستوجب القتل. لكن الديمقراطية لا تعاقب الانشقاق السلمي بأي نوع من العقوبة على الإطلاق، لأنها تعتبره حق مصون لكل إنسان. فإذا قام الدين، من خلال المتحدثون باسمه أو المنتصرون له، من تلقاء نفسه بإيقاع أي عقوبة على هذا المنشق الديني، يكون بذلك قد اعتدى صراحة على إحدى القواعد الأساسية للديمقراطية. هنا يتعين على ممثل النظام الديمقراطي، الحكومة الحالية، أن تعاقب المعتدي وتنصف المعتدى عليه، حتى لو وصل الأمر إلى حد الحرب المعلنة بين الحكومة الممثلة للنظام الديمقراطي والمكلفة بحمايته وبين هذه المؤسسة بالذات الخارجة عن قواعد الديمقراطية التي تكفل الانشقاق السلمي كحق مكفول لجميع المواطنين، بما فيهم أتباع الدين أيضاً.

المرجعية التي تنطلق منها الديمقراطية هي قاعدة السعي والاجتهاد السلمي الحر فيما بين مجموعة البشر، المختلفين بالضرورة بحكم الميول النفسية والاستعدادات الجسدية والقدرات ومستويات التعليم والخبرة والبيئات والعوامل التاريخية والمصالح المختلفة. هؤلاء البشر المختلفين بطبائعهم هم أنفسهم، أو من خلال الممثلين لهم، الذين يشكلون المرجعية الوحيدة في النظام الديمقراطي. الديمقراطية لا تتبنى أي مرجعية خلاف الإنسانية، الموضوعة بمعرفة الإنسان نفسه. فإذا كان الناس أنفسهم متعددين ومختلفين ومتصارعين فيما بينهم على هذا النحو الطبيعي، وكان يتعين عليهم لأسباب كثيرة أن يتعايشوا فيما بينهم على نحو ما، عندئذ لا قد يوجد أفضل من القواعد الموضوعية الديمقراطية التي لا تنكر هذا الاختلاف والتصارع وتعارض المصالح وفي الوقت نفسه تحصر التعبير عنه وممارسته على الوسائل والآليات السلمية فقط.

لكن مرجعية الدين مستمدة حصراً من إله، أو عدة آلهة، فيما وراء الطبيعة وخارج نطاق قدرة واستطاعة البشر، الذين وفق هذا التصور ليسوا أكثر من متلقين ومطيعين سلبيين لإرادات وتعاليم خارقة عليا. على هذا، هل يقبل، أو حتى يعقل، أن يجرؤ إنسان مهما كان على أن ينشق سلمياً أو خلافه على مثل هذه الإرادة أو الشريعة الإلهية الخارقة؟! المقارنة، ومن ثم الاتفاق والانشقاق، تكون ممكنة ومعقولة فيما بين البشر، لكنها تصبح مستحيلة وغير متصورة أو معقولة إطلاقاً فيما بين مخلوق بشري من جهة وإله في المقابل.

في جوهرها، الديمقراطية مختلفة عن الدين، لكن الديمقراطية لا ترفض الاختلاف وتفسح المجال للتعايش مع كافة المختلفين والمعارضين والمنشقين السلميين. الديمقراطية ليست ضد الدين. في المقابل، الدين مختلف أيضاً من حيث الجوهر مع الديمقراطية. لكن، عكس الديمقراطية، الدين لا زال يجد صعوبة بالغة في قبول والتعايش مع الآخر المختلف والمنشق.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رياضة الإسلام السياسي
- سلميتنا أقوى من الرصاص
- شلباية ولميس، وكمان أم أيمن
- هل مصر على فوهة فوضى؟
- الأنثى الداجنة
- هيا بنا نقتل إسرائيل
- حكومتها مدنية
- باشاوات ثاني؟!
- وهل ماتت دولة الإسلام؟!
- دولة الإسلام- دينية، عنصرية، متخلفة
- إيران الإسلامية تحتمي بالقنبلة النووية
- برهامي، ومثلث الرعب الإسلامي
- الإرشادية تمثيل الإلوهية على الأرض
- الأزهر سبحانه وتعالي
- تحذير: للكبار فقط
- بأمر الواقع، السيسي رئيساً.
- ثورة دي، ولا انقلاب؟!
- رثاء
- كبير الإرهابيين، إمام المغفلين
- في حب الموت


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل الديمقراطية ضد الدين؟