أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (6)















المزيد.....

في علم الاجتماع القبلي (6)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4297 - 2013 / 12 / 6 - 16:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وديع العبيدي
في علم الاجتماع القبلي (6)
غرائب الاغتراب..
الجزر وأشباه الجزر مناطق بيئية طبيعية، هي نتيجة للتغيرات والتموجات الجيولوجية في باطن الأرض والمناطق القريبة من سطح التربة، وبسبب وجود المياه في محيطها، تحتضن الجزر وأشباهها ثروات طبيعية حيوية (أويكومين) من غابات نباتية وحيوانات مختلفة، كما هو الحال في الجزر الاسترالية والهندية والأمريكية الجنوبية. بينما تختلف بيئة العرابيا عن سواها بكونها امتدادات رملية شبه جافة ومقفرة، رغم انتشار المستوطنات الحيوية والحضرية على شواطئ المياه المحيطة بها، على امتداد شواطئ الخليج والبحر الجنوبي والبحر الأحمر غربا.
وباستثناء (اليمن وحضرموت) فأن المناطق الأخرى لم تقدم مساهمة تذكر في اقتصاديات الانتاج المادي. وكان دورها التجاري الدولي يقتصر في جوهره على الجمع والالتقاط من ثمار الطبيعة كالصمغ والمرّ وغيره من الأحجار الأرضية التي تنقلها القوافل نحو الحبشة ومصر والشام في طريقها نحو روما وفارس.
بحسب المؤرخ اللبناني [Philip M. Hittitti] في مصنفه الكبير (تاريخ العرب) فأن تاريخ تلك التجارة يعود إلى الألف الرابعة قبل الميلاد، وكانت مصر الفرعونية وروما أوسع أسواقها، ويذكر أهميتها في الصناعة المصرية النسائية كالعطور ومواد الزينة التي تميزت بها المرأة المصرية منذ القدم. وكان لامتداد خطوط التجارة من الجنوب إلى الشام، أثر في نشأة عديد مراكز الاستراحة على طول الخط، والتي استحال قسم منها إلى مراكز وعواصم تجارية لاحقا بفعل الحاجة والنمو والتطور. وكانت الطائف ومكة وحائل والأنباط والبتراء ومعان وصولا إلى تدمر ودمشق بعضا من تلك المراكز.
وكانت المراكز التجارية تمتع بنوع من الحصانة السياسية والعسكرية من الغزوات العسكرية والاعتداءات الأمنية، ويجد فيها ضيوفها وقتا للراحة واللهو والتعارف والمثاقفة قبل عودتهم لاستكمال رحلتهم شمالا أو جنوبا. يمكن تشبيه أنظمة المراكز التجارية تلك بنوع من الأنظمة المتعارفة المعمول بها في الموانئ والمراكز البحرية التي تتوقف فيها البواخر التجارية للراحة والتبادل وأغراض الصيانة.
إذا كان هذا حال الشواطئ الجنوبية والغربية، فقد كانت شواطئ الخليج امتدادا سياسيا أو تجاريا للممالك السومرية والبابلية التي تصل البحر الجنوبي، فيما كانت (دلمّون) بمثابة عاصمة جنوبية أو مركزا دينيا جنوبيا حيث يرد ذكرها في ملحمة جلجامش.
تأمل خريطة وتوزيع الاستيطان في العرابيا، يدفع لسؤال حقيقي ملغز، في ظلّ هذه الخريطة السكانية والتجارية، ما الذي يجعل جماعات من الناس تنأى بنفسها عن المراكز الحضرية والمائية، وتعتكف في مغاور الصحراء والمناطق الجافة القاحلة، معتزلة العالم، وهي على أشدّ القرب منه ومن كلّ الاتجاهات.
البداوة (العرابة/ عربن) نمط من الحياة هو نتيجة لاجتماع جملة من عوامل البيئة والطبيعة الصعبة، والتي تدفع أفرادها ان تقاوم بكلّ امكانياتها للبقاء على قيد الحياة ومضارعة الزمن. والبداوة مشخصة تاريخيا وعالميا في حالة البربر - سكان الصحراء الأفريقية الكبرى شمالي أفريقيا، وحالة المغول - في أواسط آسيا وغرب شمال الصين.
وقد كان للبربر أثر فاعل في الحضارات الأغريقية والرومانية والمسيحية في مختلف قطاعات الفلسفة والسياسة والعسكرية، انعكس في موقفهم المنفتح من الجماعات الثقافية والسياسية المحيطة بهم. ويعيش البربر اليوم حالة نهوض ثقافي واجتماعي وسياسي في تأكيد هويتهم القومية والحضارية الانسانية في امتدادها من ضفاف الأطلسي حتى مناطق النوبة شمالي السودان وجنوبي مصر.
وعلى الصعيد الآسيوي انطلقت هجرات سكانية متعددة من غربي الصين متجهة نحو الغرب الأوربي والشمال والشرق الأوسط، يحددها أرنولد توينبي بين القرنين السابع والثاني عشر الميلادي. وقد التحم المغول في أوربا بالموجات الكيلتية السابقة لهم والبربر من الجنوب في تجذير قيم العمل المادي في الزراعة والحرف والتصنيع التي سادت بها أوربا على كلّ العالم.
ورغم استمرار بقايا متفرقة من قبائل المغول والتتر في مناطق السهوب، فقد انمازوا منذ البدء بحسن التنظيم والقدرة على الادارة والقيادة ولهم مملكة واسعة شمال الصين وأكثر من خمس دول في وسط آسيا. ومن امتداداتهم الدولة العثمانية التي حملت إرث الامبراطورية الاسلامية وتوسعت بها منذ العصور الوسطي حتى فاتحة القرن العشرين، وولادة دولة تركيا الحديثة من رحمها.
فالبداوة لم تكن غير مرحلة سبات بدائي، ما تنفك الجماعة أن تنهض وتخلفه وراءها. لكن الغريب ومصدر التساؤل، - كما يطرحه توينبي نفسه-، هو استمرار البداوة في الشرق الأوسط والعرابيا، وعجزها أو رفضها الخروج منها نحو التطور الاقتصادي الاجتماعي، والالتقاء بالمجموعة الانسانية!.
بدلا من ذلك، ينقل لنا التاريخ صورة (الاعرابي المتربص) كما ترد في النصوص الفرعونية والأشورية والتوراتية والسبأية، هو أكثر ما يتعارف ويتوارد عن البدو/ (عربن).
يقدم فيليب حتيته رسما لشكل الرأس وقوام البدوي مستقاة من مصادر فرعونية تعود حتى الألف الرابعة قبل الميلاد. لكن تلك الصورة تتناول جماعة سينوية أو مقابلة لسيناء التي كانت عبر التاريخ ساحة لأحداث وأقوام كثيرة ومتقلبة، ولا يمكن الوثوق أو الركون إلى تشخيص جامد وثابت لوجود (البدو) على أبواب سيناء في القرن الرابع عشر.
أن كثيرا من أسماء المواقع والمواطن بين فلسطين ومصر متغيرة ومتعددة بحسب الأقوام واللغات والمراحل التاريخية المتعاقبة فيها. وبالتالي، ليس من المنطق العلمي إلصاق صفة أو لغة أو جماعة عرقية ثابتة بالمنطقة. والواضح في تواريخ الفراعنة ظهور الهكسوس على السواحل المصرية بشكل أعجز القوات المصرية عن الاستمرار في طردهم، بعد أن نزلوا في سيناء، وكانوا أقرب إلى البدائية والوحشية قبل أن يتوغلوا في حكم مصر وتتكون منهم أسر فرعونية عاصرت أحداث قصة يوسف التوراتية المعروفة في مصر.
استخدم المصريون الفراعنة بعض جماعات البدو في حماية طرق التجارة عبر سيناء، كما نجح الرومان في الاتصال بهم لنفس الغرض، وكذلك للحصول على أدلاء في حملاتهم العسكرية، تطورت إلى انشاء جيش من المرتزقة (العرب) كان لهم شأو في الحرب والقتال، مما وطنوا أنفسهم عليه، وقد اشتهر منهم المعروف باسم (فيليب العربي). ويذكر بالمناسبة، أن هيرودس الكبير مؤسس العائلة الهيرودية الحاكمة في فلسطين هو من أهل أدوم (الحجاز)، وقد عينه الرومان ملكا على فلسطين [37ق م- 4 م] وفي أيامه كانت ولادة يوحنا المعمدان ويسوع المسيح، والذي أصدر قرارا بقتل مواليد الأطفال دون الثانية من العمر، للقضاء على يسوع الطفل. وقد تولى بعده ابنه هيرودس أنتيباس [4 م- 38م] وهذا الأخير هو المسئول عن مقتل يوحنا المعمدان لارضاء هيروديا وسالومه الراقصة ابنتها.
ولا يكاد يذكر التاريخ السوري الآرامي شيئا في هذا المجال، مما يمكن تأويله بأحد اتجاهين؛ عدم ظهور ممالك كبيرة في سوريا، وشيوع ممالك عديدة ذات طابع قبلي أو مديني، محاطة بمملكة فرعونية قوية في مصر، وممالك آشورية امبراطورية في العراق. والاحتمال الآخر، تداخل الوجود الآرامي السوري مع القبائل البدوية، عبر (بادية الشام)، وهو مصدر التأثير أو التشويش على حدود أشور كما تردد في سجلاتهم.
وفي كلّ ذلك، تبقى البداوة (عربن) دالة نمط حياة [lifestyle] أكثر منه دالة على عرق أو قوم بعينهم. فكلّ من اتخذ نمط البداوة فقد تعرّب، أو استعرب، بحسب أصلها اللغوي.
البداوة (العرابة) كنمط حياة، لها ثلاثة مواصفات رئيسة: الانعزال وعدم الاختلاط بالبشر، الجمود وعدم قبول أي تغيير أو خروج عن نمط حياتها، العدوانية في موقفها من الآخر، ومعاملاته الخارجية واسلوب تأمين حاجاتها.
وفي اللغة السريانية كانت تسمية يوم الراحة والعبادة – اليوم الأخير في الاسبوع (عربايا) بما يقابل [Shabath] عند العبرانيين، وهو يوم يخصص للعبادة ويمتنع فيه الاختلاط بالغير والاعتكاف في المنازل ومداومة الصلوات والطقوس الدينية.
ومن طقوس الصحراء العزلة واعتزال الخلق والحياة والانقطاع للتأمل في الوجود واستكناه الغيب، وفي أيام الاضطهادات المسيحية نمت ظاهرة الرهبنة ملتجئة في أعماق الصحارى ومغاورها، كحال الأديرة المصرية القديمة في غرب النيل وصحراء سيناء وجنوبي فلسطين. ومنها المعروف باسم وادي عربة، ليس بالمعنى المعاصر، وانما بالمعنى الديني ومكان الانقطاع للتأمل الوجودي!.
Wadiobeadiblogspot.com



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علم الاجتماع القبلي (5)
- في علم الاجتماع القبلي (4)
- في علم الاجتماع القبلي (3)
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)
- أوراق شخصية (2)
- مصر (و) أمريكا.. من يحتاج من؟..
- أوراق شخصية
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (2)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (1)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (3)


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (6)