أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - العراق حينما يتحول إلى قدر هريسة














المزيد.....

العراق حينما يتحول إلى قدر هريسة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4274 - 2013 / 11 / 13 - 20:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أظهر شريط نشر بواسطة اليوتيوب السيد المالكي وهو يسير وجمع من مرافقيه وأصحابه إلى مقام سيد الشهداء الحسين بن علي مشاركة منه لطقوس الحزن الشيعي. وإذ يشكل عاشوراء شهرا للحزن الشيعي, فإن رموزا سياسية شيعية إعتادت أن لا تفوت الفرصة لإظهار تعلقها بالإمام الحسين, وكسب الأجر بعد ذلك غنائم سياسية لا علاقة لها مطلقا بنصرة الإمام الثائر. أما فقراء الشيعة فلا شك إنهم يبكون على الحسين دون إنتظار لعائد سوى طلب الشفاعة من الحسين عند الله, وكأنما صار البكاء ثمنا لبطاقة دخول الجنة بدلا من العمل الصالح !
لكن على الجهة الأخرى فإن رجالا من أمثال الحكيم وصاحبيه عادل وبيان باقر وكذلك الجلبي يقومون بدورهم على أفضل وجه حينما ينتصبون أمام جدر الهريسة لكي يخوطوه بكل خشوع. ولا تتأخر النائبة مها الدوري عن واجبها الحسيني فتظهر في إحدى صورها واقفة خلف طفل مدمي ومتشقق الرأس في منظر مخالف لكل الشرائع التي تؤكد على أن الطفل غير ناضج بالشكل الذي يمنحه حق التعبير عن نفسه, أو تجعل غيره يقدمه بهذه الصورة البشعة.
وهل بتنا بحاجة إلى قدر عظيم من الشجاعة لكي نعبر بصوت عالي عن إدانتنا لظاهرة المبالغة في الحزن الشيعي ونشرح كيف أن هذه المبالغة لا علاقة لها بنوايا الحزن الصادقة على الحسين ولا بالطرق الصحيحة للتعبير عنها.
في بداية الستينات من القرن الماضي سألت شيخا معروفا من رجال الدين وكنت أقف إلى جانبه في كربلاء متفرجا على مواكب التطبير التي إمتدت أمامنا لعدة كيلومترات: لماذا يا مولاي لا تفتون بتحريم هذه الظواهر الدموية التي أظن أنها لا تتفق ولوازم الحزن الحقيقي على الإمام الشهيد. أجابني إن الأمر يحتاج إلى شجاعة قد تؤدي بصاحبها قتيلا في فراشه.
لكننا في ايامنا الحالية وجدنا الأغرب, ففي السابق كان أغلب السياسيين يدينون هذه الظاهرة, إن لم يكن جميعهم, أما في يومنا الحالي فإن رجال دين شيعة عديدون يدينون الظاهرة في حين تجد في المقابل أغلب رجال السياسة من الشيعة الإسلامويين, إن لم يكن جميعهم, يشاركون فيها ويجذرونها كإحدى أبرز مفاصل المشهد الثقافي العراقي.
لقد إنقلب الأمر تماما, ولا أظن أن هناك صعوبة تجابه تفسير الموقف, فرجل الدين الأخلاقي المتجرد, والذي لا علاقة له بالسياسة ليس بحاجة إلى إستغلال هذه المناسبات من أجل الصوت الإنتخابي, لكن السياسي بحاجة ماسة لذلك, خاصة وهو لا يملك سجلا للخدمة يؤهله لكسب أصوات العامة.
بالنسبة لسياسيين من هذا النوع عاشوراء هو كنز ثمين, وهم يعتقدون أن بإمكان دمعة كاذبة على الحسين ودشداشة سوداء ووقفة على قدر للهريسة أن تضمن لهم كسب ولاء العامة الذين يؤمنون أن دمعة حزن واحدة على الحسين كفيلة بان تدخلك الجنة. والنتيجة أن جريمة قتل الحسين كأنها جاءت لصالح هؤلاء السياسيين, وكأنما كان يزيد يعمل لحسابهم الخاص. فما أن يتوارى هؤلاء عن مواكب الحزن حتى يبدأوا من جديد مسيرة الفساد والسرقة والكذب والتزوير المخالفة جذريا لمسيرة العظماء من آل البيت الذين عرفوا بزهدهم وتجردهم وبغضهم لكل أشكال الحرام.
ولم يكن في نيتي حينما أشرت إلى رفض العديدين من رجال الدين لهذه الظاهرة أن أبرئ هنا المؤسسة الدينية الشيعية, فكثير من عوامل تشجيع هذه الممارسات البشعة في عاشوراء يقف وراءها المتنفذون في هذه المؤسسة التي وجدت طيلة تاريخها, الذي كان في أكثر صفحاته, صداما بينها وبين مؤسسة الدولة, الأموية والعباسية والعثمانية, وبعد ذلك مع الدولة العراقية الحديثة, أن عليها لكي تحافظ على رصيدها بين الشيعة, ولكي لا ينصرف هؤلاء عنها إلى نشاطات قد تربطهم بمؤسسات الدولة على حسابها, أن تدفع بإتجاه المغالاة في مظاهر الحزن الشيعي, حتى أنهم راحوا يعملون ويثقفون بعناوين مرهقة مثل (كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء).
لكن المسألة, يوم دخل عليها السياسيون, أصبحت أخطر بكثير. إن الدولة هنا لم تعد تخوض صراعا مع المؤسسة الدينية من أجل تبريد تلك الثقافة وطقوسها على الأقل, فلقد جاءت بنفسها لكي تقدم الولاء لتلك الثقافة ولكي تتبناها, فصار لها أن تعيش حالة إنفجارية سونامية بعد أن أدرك السياسيون هذه المرة قيمة تفعيلها لبقاء عروشهم الضالة. والسياسي لم يعد بحاجة إلى أن يحصل على أصواته الإنتخابية من خلال الخدمات التي يقدمها لمواطني بلدته أو محلته بعد أن صار الوقوف أمام جدر الهريسة يضمن له ذلك.
لقد كانت عملية ناجحة لإلقاء القبض على شعب بكامله وتغييبه في حالة حزن قاهرة لا سبيل لإنعتاقه منها.
ولا أظن أن سيد الشهداء كان وقف ضد طغيان يزيد, فضحى بنفسه وأخوته وأبنائه ونسائه وصحبه من أجل هؤلاء الخائطين بجدر الهريسة العراقي.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين هي عمامة البطاط من عمامة علي
- إذا كان بيتك من زجاج فلا تضرب المالكي بحجر !
- عودة المالكي المفاجئة من واشنطن .. محاولة للقراءة
- وراء كل عظيم إمرأة.. إختراع ذكوري مخادع, وبإمتياز
- في زمن خيبات الأمل وادلهام العتمة .. عبدالحسين لعيبي وعمر ال ...
- في واشنطن.. أربعة أسئلة ليست بريئة في مواجهة المالكي
- يا لثارات الحسين .. معك يا عبدالحسين, نعم معك
- السيد أحمد الصافي ومفهوم التعايش السلمي بين العراقيين
- غزوة الخضراء .. نهاية سياسية وأخلاقية لنظام ينتظر نهايته الق ...
- وثيقة الشرف .. أم وثيقة -الكَرِف-
- أحمد العلواني ..ذبَّاحا.
- الكيميائي .. إعادة الحدث السوري إلى عالميته
- أوباما على خطى كلينتون .. الضربة العقابية
- خط أوباما الأحمر.. وما تحته
- مرة أخرى.. حول رفع صور الخميني وخامئني في الشوارع العراقية
- الطائفية والإرهاب .. جريمة الخط السريع
- قراءة في الموقف السعودي الداعم للثورة المصرية
- المسطرة والفرجال.. وقضايا الديمقراطية
- دروس من مصر.. صراع الهويات وصراع البرامج
- الديمقراطية .. فاتنة أم فتنة


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - العراق حينما يتحول إلى قدر هريسة