أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - المملكة .. وزمن أفول الامبراطوريات















المزيد.....

المملكة .. وزمن أفول الامبراطوريات


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4252 - 2013 / 10 / 21 - 14:30
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


تعامل المملكة السعودية مؤخرأ مع منظمة الأمم المتحدة ، المتمثل بحركتين متواليتين ، لاتفصل بينمها سوى أيام ، هو بمثابة " فيتو " غريب يستخدم لأول مرة من خارج مجلس الأمن .. الأولى الامتناع عن إلقاء كلمة المملكة أو توزيعها في اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة .. والثانية الاعتذار عن قبول مقعد في مجلس الأمن الدولي لمدة عامين ، طالما بذلت المملكة جهوداً حثيثة للحصول عليه .. وهو تعامل لافت بامتياز .. ومثير لأسئلة هامة حول مستقبل سياسة المملكة الخارجية الإقليمية والدولية ، لاسيما وأن العالم يمر في مرحلة انهيار القطبية الدولية الأحادية ، والتوجه لاستبدالها بالقطبية الدولية التعددية .
وقد سبق هذا التعامل مع المنظمة الأممية ، تعامل المملكة المتباين مع الموقف الأمريكي في إسقاط محمد مرسي .. وإسقاط المشروع الأخواني في مصر ، وفي العمل على عقد مؤتمر جنيف 2 لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية .

وعلى الرغم أن هناك ما يشي ، أن التعامل السعودي مع المنظمة الدولية وما يتعلق بمصر وسوريا ، قد يكون توزيع أدوار بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية ، في اللعبة الدولية حول النفوذ في الشرق الأوسط ، وحول سوريا بالذات . إذ أن الذريعة التي استخدمتها المملكة لسلوكها الدولي الجديد المريب ، وهي عجز الأمم المتحدة عن قيامها بدورها .. واستخدامها المعايير الزدوجة ، في معالجة قضيتي فلسطين وسوريا ، ليست مقنعة لأحد . فموقف الأمم المتحدة من القضية الفلسطينة ليس مستجداً بل هو قائم منذ زرع إسرائيل في الوطن العربي 1947 حتى الآن ، فلماذا لم تقم المملكة خلال هذه المدة المديدة ، بمثل هذه الخطوات " الفيتو " ، دفاعاً عن فلسطين وعن القضايا العربية الأخرى التي استخدمت الأمم المتحدة في معالجتها فعلاً ازدواجية المعايير ، في لبنان والسودان والصومال والعراق والبحرين ، بل قدمت باسم ملكها ما سميت لاحقاً بالمبادرة العربية لتصفية القضية الفلسطينينة . كما أن موقف الأمم المتحدة في معالجة الأزمة السورية ، الذي تحتج المملكة عليه ، هو ليس لعدم قيامها بوقف الحرب في سوريا ومساعدتها للوصول إلى حل سياسي ، وإنما لأن مجلس الأمن الدولي لم يتمكن ، بفعل الفيتو الروسي والصيني ، من اتخاذ قرار التدخل العسكري تحت الفصل السابع لتدمير سوريا وتوسيع الحرب ، كما حدث في ليبيا والعراق ، وهكذا قرار هو ضد مصلحة الشعب السوري ومصلحة العرب جميعاً ومصلحة السلام والأمن الدوليين .

ومع الأخذ بالاعتبار ، أن تعامل المملكة الأخير مع المنظمة الأممية ، لجهة توزيع أدوار في المسارات الدولية ، له نسبة ما من الصحة ، فإن ما يلفت في هذا التعامل ، هو أن المنحى السياسي الخارجي ، الذي بدأت تتخذه المملكة ولابد من أخذه بعين الاعتبار ، يأتي في ظروف تحولات القطبية الدولية ، من الأحادية إلى التعددية ، وانعكاسات هذه التحولات على القوى الإقليمية هنا وهناك ، وعلى موازين القوى الدولية ، التي لاشك أنها وضعت المملكة أمام استحقاقات سياسية بالغة الأهمية لم تكن قائمة من قبل ، واستدعت تجاوز الكثير من شروط واعتبارات تكون بنية المملكة ، وفرضت على المملكة السؤال .. التحدي .. حول المستقبل . ما يعطي أن المملكة هي بصدد إجراء متغيرات متعمدة .. ملزمة .. لبقاء ، وتوسع نفوذها الإقليمي والدولي ولو اضطرت لارتكاب بعض التباينات مع حلفاء الأمس ، والانتقال إلى مواصفات وفعاليات " الامبراطورية " والدولة العظمى .. وأحد مكونات القطبية الدولية التعددية الجديدة .

فحسب معايير العقلية الحاكمة المعروفة لدى كيثر من المراقبين في المملكة ، أن المملكة تمتلك كل مقومات طموحاتها الدولية ، من الجغرافيا السياسية ، إلى القدرة الاقتصادية المتعاظمة والمخزون النفطي الهائل ، إلى القدرة العسكرية والقدرة على الانفاق العسكري ، إلى محوريتها المهيمنة في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، إلى تاريخها في مكافحة الشيوعية والحركات التحررية واليسارية ، ضمن المنظومة الامبريالية في الحرب الباردة ، ومساهماتها بالمال والسلاح والرجال " المرتزقة " بدبغة إسلامية في التدخلات الغربية لتفكيك يوغسلافيا ، وتفكيك الاتحاد السوفياتي ، وتدمير أفغانستان والعراق وليبيا ، ومعاداتها المقاومة الفلسطينية ، وقيادة وتمويل المجموعات المسلحة في سوريا ، ومحاولة نقل النموذج السوري في التغيير الحكومي إلى بلدان أخرى .

وهذا التاريخ الهائل بالفعاليات السعودية ، الذي يعتبر لدى أمراء المملكة المقررين ، من مقومات ومؤهلات تبوئها دور الامبراطورية ، يثير السؤال المحفز لطموحاتهم .. أي دولة أوربية قامت بنفس الحجم من الفعاليات والإنفاق في دعم المصالح الغربية الذي قامت به المملكة طوال أكثر من نصف قرن . ومن طرف آخر ، أي من الدول الأوربية يخدم حالياً المصالح الاقتصادية الغربية كما المملكة . إن في مسألة استقرار أسعار النفط للحفاظ على معدلات الربح وتجاوز الأزمات الاقتصادية ، أو في توظيف تريليونات عديدة من الدولارات في المشاريع الاستثمارية االغربية عامة والأمريكية خاصة .

ومن المؤشرات التي لايمكن تجاوزها في هذا السياق ، أن حجم الإنفاق العسكري السنوي في المملكة يبلغ ( 2 , 54 ) مليار دولار ، وهذا الرقم مرشح للزيادة في الأعوام المقبلة ، أي ما يعادل الإنفاق العسكري في اسبانيا وكندا وتركيا وهولندا مجتمعة ، وما يقارب ما تنفقه كل من اليابان وبريطانيا ، ويتجاوز ما تنفقه كل من ألمانيا والهند . والمملكة منذ أكثر من سنتين وحتى الآن ، تقوم بالإنفاق على حرب الغرب ( باسم المعارضة) في سوريا ، وتتحمل كل المسؤوليات المالية والعسكرية والسياسية والأخلاقية المترتبة على ذلك ، وذلك ليس من أجل إسقاط خصمها اللدود بشار الأسد وحسب ، وإنما من أجل إسقاط خصوم المصالح الغربية وإسرائيل كلهم في الإقليم ، واستثمار الطاقة السورية براً وبحراً لحساب الشركات الغربية " الصديقة " ..

وحسب العقلية الحاكمة في المملكة أيضاً ، فإن المملكة تتمتع بمواصفات الإمبراطورية وقدراتها ، لأنها أكثر استقراراً من البلدان الأخرى التي حملت صفة الامبراطورية . ففي المملكة محرم وجود الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المجني ، والانتخابات والبرلمانات ، التي تحرك الاحتجاجات والمظاهرات والانقلابات . وأن الملك هو الدولة .. هو الحاكم الثابت ، الذي لايتغير إلاّ بالوراثة بعد الموت .. يحيط به آلاف الأمراء من القبيلة الحاكمة الذين يتقاضون رواتب خيالية بلا عمل ، وهيبة الدولة مستمدة من هيبته المطلقة . ويستطيع الملك .. وهو يفعل ذلك عمليا ً .. أن يشتري أحزاب وزعماء ورجال فكر مزعومين ووزراء ونواب برلمانات ورؤساء دول وحكومات ومؤسسات إعلامية .. في الدول الكبرى قبل الصغرى . بينما رؤساء الدول الذين يأتون عن طريق الانتخابات ، هم مجرد موظفين غير دائمين .. ومع تداول السلطة والرئاسة .. ( تضيع الطاسة ) وتهمش مصالح الدولة . أي أن لدى المملكة مكيال واحد ، في تعاملها مع الآخر المخالف في الداخل .. هو السيف ، وفي تعاملها مع الآخر الخصم في الخارج هو الحرب .. والإرهاب .. والموت .

من هنا جاء الإحباط السعودي من ممارسات مجلس الأمن ( تعدد المكاييل ) في معالجة الأزمة السورية . لقد صرح سعود الفيصل في مؤتمرات عدة أمام عدسات الصحف والتلفزيون ، إن تسليح المعارضة السورية واجب . وحزن لأن الفصل السابع لم يكن في مضمون أي قرار دولي في الشأن السوري . ولم يكن غريباً ، لهيمنة المملكة ودول الخليج على الجامعة العربية أن يصدر عن الأخيرة مثل هذا الإحباط ، والدعم لموقف المملكة ، متلطية خلف ربط القضيتين الفلسطينية والسورية معاً .

يبدو أن أمراء الإمبراطورية .. صانعي القرار في المملكة .. يريدون من الناس أن ينسوا ، أن حل القضية الفلسطينية ومعالجة الأزمة السورية ، ليست بحاجة للقرارت الدولية ، بل بحاجة إلى قرار سعودي أولاً ، وخليجي عربي ثانياً ، باستخدام البترول العربي إلى جانب الشعب الفلسطيني في صراعه مع الكيان الصهيوني ، وإلى قرار سعودي أولاً ، وخليجي عربي ثانياً ، وعربي شامل ثالثاً ، بوقف إرسال الأسلحة والإرهابيين إلى سوريا .. ووقف الحرب فيها .. والتصدي للجهات الأخرى ، التي تلعب وتتاجر بالدم السوري ، وتقديم الدعم الأخوي العروبي الأصيل للشعب السوري ، الذي لعبت " العقلية الإمبراطورية " والقرارات السعودية دوراً كبيراً في تدميره .

المأساة المهزلة ، أن المملكة تحزن .. وتحرد .. في الوسط الدولي .. لأن الدول الأجنبية الاستعمارية ، لم تتمكن بقرار من مجلس الأمن الدولي ، من مهاجمة وتدمير سوريا ، كما دمرت هذه الدول ليبيا والعراق . وأن المملكة التي تستأثر بالثروة القومية .. شخصياً .. وعائلياً .. وقبلياً .. والتي أفرزت حالات إثرائية مذهلة ، حيث أن ثروة أربعة من السعوديين تبلغ ( 7 ,2 ) تريليون دولار ، أي ما يعادل الناتج الاجمالي لفرنسا مدة عام كامل . والأمير طلال يملك ( 30 ) مليار دولار ، أي ما يفوق خمسة أضعاف الميزانية السورية لعام 2014 ، حسب السعر الرسمي الحالي للدولار في سوريا ، وللمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها (5 ,3 ) تريليون دولار هي برسم ودائع واستثمارات ..بينما عشرات الملايين من العرب يعيشون تحت خط الفقر .. تتنطع لزيادة ثرائها ونفوذها بفرض نفسها إمبراطورية وانتزاع امتيازات دولية تخدم طموحاتها وهيمنتها على أوسع جغرافيا سياسية عربية وغير عربية .

المطلوب في هذا الزمن الأكثر رداءة في التاريخ العربي ، ليس إقامة إمبراطورية قبلية متعصة بالقوة والدم .. تعتمد على بنية مفوتة وعلى العنف الجاهلي ، وتشكل ركيزة للمخططات الامبراطورية التقليدية الفاشلة المعوقة للنمو العربي والإنساني الحضاري ، وإنما هو تجاوز الدولة القبلية المفوتة .. والجمهورية المشوهة .. وتحقيق نهوض قومي تحرري ديمقراطي ، يعيد الاعتبار لما تحقق من إيجابيات في التاريخ المشترك .. لبناء عالم عربي متآخ موحد .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد السوريين الأكبر
- سوريا إلى متى .. وإلى أين ؟ ..
- الأزمة السورية ولعنة أمراء الحرب
- ابرهيم ماخوس باق .. لم يرحل .
- اللحظة السياسية داخل وخارج الأسوار السورية
- عندما تقع الحرب
- ضد المذبحة الدولية في سوريا
- مصر والتحديات الإرهابية والتآمرية الدولية
- ثورة .. أم انقلاب .. أم ماذا ؟ ..
- أكبر من مؤامرة .. وأكثر من تدخل عسكري خارجي
- سوريا بين موازين القوى .. وموازين الدم
- دفاعاً عن ربيع الشعوب العربية
- الحظر الجوي .. والسيادة الوطنية .. والديمقراطية
- سوريا بين الانتداب والحرية
- الوطن أولاً
- أول أيار والبطالة .. والأفق الاشتراكي
- لو لم تقسم سوريا ..
- - هنانو مر من هنا - إلى عشاق الوطن -
- ماذا بعد - المعارضة والثورة - .. ؟ ..
- بقعة الدم


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - المملكة .. وزمن أفول الامبراطوريات