أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب














المزيد.....

في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 19:15
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


على عكس ما حلاَ ومازال يحلُو لجهاتِ أجنبية ولجهات محلية أن تروّجه عبر التاريخ، ليس الشعب العربي الإسلامي عموما غير ديمقراطي أو غير قابل للديمقراطية وليس شعبا ينفر من الديمقراطية. لقد أثبت التاريخ المعاصر أنه كلما كانت هنالك ثورة من أجل الديمقراطية كانت القوى العظمى بالمرصاد لقمع مثل هذه الحركات (الانقلاب على الدكتور مصدق في إيران في سنة 1953، و حل برلمان عراقي عمره شهرين فقط كلن قد تأسس بعد ثورة بهاء الدين النوري الشيوعية).

إذن غاية ما في الأمر هو أننا شعب ليس في أتمّ لياقته الصحية. وكما أنّ الشخص المريض لا يتمتع بكامل إمكانياته الجسمانية ومداركه العقلية أثناء فترة مرضه فإنّ الشعب لمّا يكون طريح الفراش لا يتسنى له أن يتمتع بكامل قدراته الديمقراطية قبل أن يعافى.

في هاته الحالة يتوجب أن يتخلص الشعب من العلة حتى تلوح بوادر النقاهة وتُسترد المهارات الضرورية لاستبطان الديمقراطية وتمَثُّلها عبر الفكر والمؤسسات.

أما العلة التي تعوق شعوبنا وتسد أمامها الطريق إلى الممارسة الديمقراطية، لئن ليس لها اسم فلها أعراض وهي خطيرة جدا. و أهم هذه الأعراض في الوقت الراهن هي الانقسام. المجتمع المصري منقسم والمجتمع التونسي منقسم والمجتمع السوري منقسم والمجتمع اللبناني منقسم والمجتمع الليبي منقسم والمجتمع الصومالي منقسم، علاوة على الانقسام الترابي على غرار السودان والعراق، ولو بصفة نسبية، وليبيا، نسبيا أيضا. هؤلاء يمثلون فقط الذين يوجدون في حالة انقسام، أما عن عدد المجتمعات ذات القابلية للانقسام في يومٍ ما فحدّث ولا حرج حيث إنها تُعَدّ بعدد المجتمعات العربية الإسلامية بتمامها وكمالها.

لو اعتنينا الآن بمعْول الانقسام الضارب اليوم و هو الذي بمفعوله انشطر المجتمع المصري إلى أنصار "الشرعية" وإلى أنصار "الانقلاب" والمجتمع التونسي إلى تقريبا نفس الشيء مع فارق في نوعية "الانقلاب"، للاحظنا أنه انقسام جدُّ خطير سيما أنّ بحسب مقاييسه لا الشرعية شرعية بحق ولا الانقلاب انقلاب بحق، مما يضطرنا للجزم بأنّ حتى الديمقراطية ليست حقيقية.

و إلا فكيف يكون المجتمع الواحد في نفس الوقت شرعي و منقلب على نفسه ويزعم اقتداره على السير بخطى ثابتة على درب الديمقراطية. وإلا فكيف يحصل القبول بوجود شرعية حقة وانقلاب حق في ذات الوقت كطريق إلى تثبيت الانقسام نكاية في الذات، بينما من المفترض أن يكون الخيار الأفضل هو غض البصر عن وجود شماعتَي الشرعية والانقلاب ثم الانصراف إلى البحث عن الجذور العميقة للأزمة، ومنه تقرير الثبات على موقف واحد. وهو الخيار الأفضل لأنه الطريق إلى وحدة المجتمع.

أن تتوخي المجتمعات المنقسمة لمقاربةِ غض البصر عن الشيء الواقع، المرئي والمسموع، وبالتالي أن تثبت على أمرٍ واحد مع تجنّب الثبات على نقيضه، فهذا عمل يندرج في إطار معْول الخلاص، المبطل لِما أفسده معْول الانقسام، وهو ذاك الذي له من النفوذ ما يُذيب الجليد ويكسر الصخر، معولُ التجاوز وما يتطلبه من ثقة بالنفس ومن تعالٍ على الواقع المشين دون تكبر على الناس ومن اتعاظ و تدبر، وهي صفات تسند العزم وتسهل الثبات على الأمر الموحّد.

لا أعتقد أن حوارا سياسيا سينجح في تونس أو في مصر أو في بلد متأزم مثلهما، و لا وفاقا سيتحقق بين الفرقاء والأطياف وعلى الأخص بين إسلاميين وغير إسلاميين، سوى في صورة تغيير العقليات وتوجيه الناس كافة نحو الأهداف الحيوية التي يخدمها التجاوز الإيجابي للواقع الرديء والهش.

لكننا في بلداننا المعلولة نعيش مفارقة صعبة لن تسمح لمثل هذه الدعوة الإصلاحية بأن تلقى بكل سهولة طريقها إلى التنفيذ. و تتمثل المفارقة في كوننا من جهة نسعى إلى ممارسة الديمقراطية بينما نحن نفتقد إلى الآلية التجاوزية، إن صح التعبير، التي من شأنها أن تسهّل هذه الممارسة، ومن جهة ثانية نرفض حتى التفكير في الإصلاح، ناهيك أن نشرع فيه، مع أنّ هذه الآلية رهنٌ بتنفيذٍ إصلاحي أكيد وعاجل.

وهذا مما يعني أنه يتوجب علينا إما التضحية بالديمقراطية لتنفيذ الإصلاح في مناخ سيكون حينئذ أشبه ما يكون بالوصائي أوالشمولي، وإما التضحية بالإصلاح مع الاستمرار في الانقسام واللهث وراء وهمِ الديمقراطية بعدما تكون مبررات الديمقراطية الحقة قد فشلت وشروطها لم تتوفر. وهنا تكمن جذور الاحتقان السياسي في مجتمع مثل مجتمعنا التونسي.

فطالما تبيّن أننا في الأصل لسنا ديمقراطيين شرعيين ولا ديمقراطيين انقلابيين وإنما نحن أناس منتمون إلى بلاد ما وراء الشرعية وما وراء الانقلاب بموجب التوعك الصحي الذي طال أمده والذي أوشك على أن يصبح عضالا، تُرى ما ذا عسى أن نفعل لكي تطأ أقدامنا مجددا وطننا الذي نأمل أن يكون فيه هذه المرة للشرعية معنًى وللانقلاب معنًى، كما نأمل أن يكون للخير معنًى وللشر معنًى؟



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: في ضرورة الانقلاب الثالث
- تونس: الإسلام بين اليمين و اليسار والحوار بين النفاق والوفاق
- إدماج الإسلاميين لإنجاح المبادرة الوطنية التونسية !
- تونس على ذيل وزغة !
- تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ
- نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - في بلاد ما وراء الشرعية والانقلاب