أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل نفذ باكورة الأعمال الاستشهادية في العصر الحديث منتمي لتيار الاسلام السياسي المتشدد ، أم كان مسيحيا؟















المزيد.....

هل نفذ باكورة الأعمال الاستشهادية في العصر الحديث منتمي لتيار الاسلام السياسي المتشدد ، أم كان مسيحيا؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4244 - 2013 / 10 / 13 - 02:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج الى اجابات حول الواقع العربي والربيع العربي

السؤال الخامس والخمسون :
هل نفذ باكورة الأعمال الاستشهادية في العصر الحديث منتمي لتيار الاسلام السياسي المتشدد ، أم كان مسيحيا؟

عرفت العمليات الاستشهادية في العصور الاسلامية الأولى ، حيث ظهرت مجموعة انشقت عن الخوارج ووصفت بالصوفية وربما "بالدروشة"، وتواجدت في عهد صلاح الدين الأيوبي في قـلعة ربما كانت في احد الجبال المحيطة بحلب. وقد نفذت في حينه بعض الأعمال الانتحارية ضد بعض الساسة في ذاك العصر اللذين لم يكونوا متفقين معهم في النهج. ولكن سرعان ما انقرضت تلك الجماعة ، ويقال أن القائد صلاح الدين الأيوبي قد حاربهم وقمعهم.

وعادت الأفكار الجهادية أو الاستشهادية للظهور في العصر العربي الحديث. ويعتقد الكثيرون أنها قد أطلت على العالم العربي الحديث مع ظهور التعاليم الاسلامية ومع قدوم التيارات الاسلامية السياسية المتشددة وأبرزها تيار الفكر الجهادي والتكفيري الذي وعد المستشهد بالجنة وبمباهجها الكثيرة من حور وأنهار من العسل. ولكن هذا الاعتقاد غير دقيق تماما، اذ عرف العالم العربي عملية استشهادية كبرى، وربما عمليات أخرى نجهل تفاصيلها ، ولم يكن منفذها ، أو منفذوها، من بشر ينتمون الى الفكر السياسي الاسلامي، أوالى التجمعات النكفيرية الجهادية.

ولكن الأعمال الانتحارية قد وجدت في مواقع أخرى من العالم. كل ما في الأمر أنها لم تعرف عندئذ بالأعمال الاستشهادية، حيث أن قضية الاستشهاد هي فكرة مرتبطة بالديانة الاسلامية، وظهرت أول ما ظهرت في القرن السابع ميلادي، الأول هجري، في مرحلة الفتوحات الاسلامية االساعية لنشر الدين الاسلامي عبر أصقاع الأرض. فالشهيد الذي يقضي في سبيل الله وفي سبيل نشر دعوة الاسلام، كان ولا زال موعودا بالجنة وبمباهجها. ولكن الاستشهاد في ذلك الوقت، وقبل ظهور طائفة الدراويش من الصوفيين والخوارج ، لم يكن مرتبطا بالأعمال الانتحارية، بل كان مرتبطا بالأعمال البطولية التي يتفانى فيها المقاتل من أجل نصرة الدين ونشر الاسلام.

وليس هناك معلومات مؤكدة حول كيفية وزمان بداية الأعمال الانتحارية، رغم وجود بعض الروايات عن أعمال بطولية وتوصف بالانتحارية، هي أعمال نفذها بعض الرجال من الشيعة المتأثرين بالفكر الكربلائي ، وذلك في القرنين الحادي عشر والثالث عشر ميلادي. أما أول المعلومات عن الأعمال الانتحارية في العصر الحديث ، فقد كانت كما وردت في صفحات الانسايكلوبيديا والويكيبيديا حول عمل انتحاري في روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر. اذ كانت هناك جمعية سياسية في روسيا مناهضة للقيصر الكسندر الثاني وتسعى لاغتياله. وقامت بعدة محاولات لتحقيق رغبتها تلك بين الأعوام 1879 و 1881، ولكن أيا منها لم تنجح، الى أن قام أحد أعضاء الجماعة واسمه Ignaty Grimevisky من الاقتراب كثيرا من القيصر، حيث ألقى قنبلة يدوية وقعت بينهما، فقتلت القيصر وقتلت المهاجم "جريمفيسكي".

واذا كان ذلك هو العمل الانتحاري الأول المعروف في التاريخ الحديث، والذي وقع في أواخر القرن التاسع عشر، فان عدة عمليات اغتيال أخرى نفذها سياسيون روس مناهضون للقياصرة خلال العقود التي تلت ، وانقضت معظم هذه العمليات بمقتل المهاجم على يد حراس القيصر أو السياسي الذي نفذ الهجوم ضده . وكان آخر تلك الهجمات قيام احدى النساء الروسيات باطلاق النار على "لينين" وأصابته، فجرح وعاني من جراحه الى أن توفي بعد فترة من الزمان.

لكن القرن العشرين قد عرف الكثير من العمليات الانتحارية. فخلال الحرب العالمية الثانية ، تشكل في صفوف المقاتلين اليابانيين فرق انتحارية عرفت باسم "الكاميكازي". فكان من بعض عملياتها التي نفذت كثيرا،أن يوجه الطيار الياباني "الكاميكازي" النزعة أو الانتماء، طائرته نحو الهدف العسكري أو المدني، فيسقط بطائرته المحملة بالقنابل والمتفجرات على ذاك الهدف، مضحيا بحياته بغية الحاق أكبر ضرر ممكنبالعدو. ونفذت بعض الزوارق اليابانية أيضا عمليات مشابهة، اذ كان البحار "الكاميكازي" يتجه بزورقه المحمل بالمتفجرات ، نحو السفينة الحربية التابعة للعدو فيصطدم بها ويفجرها. وسجل تاريخ الحرب العالمية الثانية ثلاثة آلاف هجمة قادها ما عرف بالقنابل البشرية نفذتها وحدات انتحارية متفرعة عن "الكاميكازي" وعرفت باسم "توكوتاي" اختصارا لتسمية وحدات الهجوم الخاصة. ونفذت معظم تلك الهجمات في السنة الأخيرة للحرب العالمية الثانية عندما شعرت اليابان بأنها بدأت تخسر الحرب، فباتت بحاجة لأعمال عسكرية نوعية بغية انقاذ ما يمكن انقاذه . لكنها خسرت الحرب رغم ذلك بعد القاء الأميركيين قنابلهم النووية على هيروشيما وناكازاكي.

ومع أن الديناميت قد اكتشف منذ عام 1860، فان العمليات الانتحارية عبر التفجير، لم تعرف الا في القرن العشرين . وابرز العمليات الانتحارية عبر التفجير كانت عمليات الكاميكازي السابق ذكرها. الا أنها لم تلبث حتى شاع استعمالها كثيرا. ولعل أبرز تفجير انتحاري، ويمكن وصفه بالاستشهادي ، هو ذاك التفجير الانتحاري الاستشهادي الذي نفذه أحد ألمنتمين لحزب الله في عام 1983، حيث ملأ شاحنة بالمتفجرات، وقادها الى داخل معسكر القوات الأميركية التي جاءت للسيطرة على الأوضاع في بيروت بعد قيام القوات الاسرائيلية التي احتلت بيروت في شهر أيلول 1982 بالموافقة على الانسحاب منها شريطة تنفيذ أمرين: أولهما توقيع معاهدة سلام بين لبنان واسرائيل، وثانيها قدوم قوات أميركية وفرنسية لتحل محلها لدى انسحابها.

ووقع أمين الجميل، رئيس الجمهورية اللبنانية آنئذ، معاهدة سلام مع اسرائيل . وكان الرئيس أمين الجميل قد تولى كرسي الرئاسة فور اغتيال شقيقه المنتخب أصلا للرئاسة "بشير الجميل"، والذي اغتيل بتفجير مكتب حزب الكتائب، ولكن بعمل وصف بالتفجيري فحسب وليس بالعمل الانتحاري. واثر توقيع معاهدة السلام ، جاءت قوات أميركية وفرنسية لتقيم قواعد لها في بيروت، وتحل محل القوات الاسرائيلية التي بدأت بالانسحاب. لكن المفاجأة الكبرى التي حصلت في الساعة السادسة وخمسة وأربعين دقيقة من صباح يوم 23 تشرين أول 1983 لدى دخول تلك الشاحنة ، سابقة الذكر، الى قلب المعسكر الأميركي، وقيام المقاتل المنتمي لحزب الله والمتواجد بداخلها ، بتفجير الشاحنة المحملة بالديناميت وبتفجير نفسه معها ، مما أدى الى مقتل 241 جنديا أميركيا على الفور . وبعد دقائق فقط ، وفي مكان غير بعيد عن موقع القوات الأميركية ، وقع انفجار انتحاري آخر في مركز القوات الفرنسية، تسبب على الفور بمقتل 58 جنديا فرنسيا . وهذان التفجيران ذكرا الولايات المتحدة بهجمات "الكاماكازي وال توكوتاي" اللتين عانيا منهما قبل قرابة الأربعين عاما .

وسحبت الولايات المتحدة وكذلك فرنسا قواتهما على الفور من لبنان . كما رفضت الحكومة اللبنانية تنفيذ اتفاقية الصلح مع اسرائيل لأسباب عديدة كان أحدها انها قد وقعت الاتفاقية تحت ضغط الاحتلال الاسرائيلي . وفي الوقت الذي انسحب فيه الاسرائيليون من لبنان بعد اطمئنانهم الى انسحاب القوات الفلسطينية منه الى تونس ، استمرت الحرب الأهلية في لبنان ، لكن لم تستمر معها العمليات التفجيرية الانتحارية والتي انتهت بانسحاب القوات الأجنبية من بيروت مع بقاء القوات الاسرائيلية في جنوب لبنان .

لكن هذا الصمت لم يستمر طويلا، اذ عادت المنطقة الى التعرف على أعمال انتحارية جديدة ومتلاحقة بعد مضي عشر سنوات على التفجيرين الكبيرين اللذين نفذهما لبنانيان منتميان الى طائفة الشيعة وتركا ذكرى دائمة لا تنسى لدى الأميركيين والفرنسيين. وكانت باكورة العودة للأعمال الاستشهادية في عام 1993، وقد نفذها هذه المرة فلسطينيون ينتمون لطائفة السنة وينتسبون لحركات فدائية فلسطينية أبرزها كانت حركة حماس، ولكن شارك في بعضها منتسبون لحركة الجهاد المقدس ولمجموعة كتائب الأقصى . واستمر هؤلاء بتنفيذ تلك العمليات التفجيرية، وعدد منها كان عمليات انتحارية، حتى الشهرين الأولين من عام 2005 عندما توقفت فجأة ، وتبعها بعد عدة أسابيع انسحاب اسرائيلي من جانب واحد مون قطاع غزة، وضمن ما وصف بقرار اسرائيلي منفرد ، مما شكل نصرا مبدئيا للفلسطينيين، وبالذات لحركة حماس، رجح البعض أنه كان نتاج صفقة سرية بين حماس واسرائيل ، يتم بموجبها انسحاب اسرائيلي من غزة مقابل تعهد حماس وحلفائها بالتوقف عن تنفيذ مزيد من العمليات التفجيرية والاستشهادية . وهذا ما حصل فعلا .

والواقع أن عدد العمليات التفجيرية والانتحارية خلال الثلاثة عشر عاما التي سبقت الاتفاق أو الصفقة، كان كبيرا ومؤثرا فعلا. ففي عام 1993 نفذت عمليتان كان أبرزهما عملية في الرابع من تشرين أول، وتمثلت بنفجير سيارة مفخخة في منطقة "بيت آل" أدت الى جرح 29 اسرائيليا . وقد نفذت حركة حماس تلك العملية.

وفي عام 1994 نفذت خمسة عمليات قامت حماس بتنفيذها جميعها، وقد نفذ أهم تلك العمليات في 19 تشرين أول في شارع "ديزنجوف " في تل أبيب ،وقد أدت تلك العملية الجريئة الى مقتل 22 اسرائيليا. وفي عام 1995 وقعت أربع عمليات كان أبرزها عملية نفذتها حركة الجهاد الاسلامي في مفترق طرق "بيت ليد" في 22 كانون الثاني وأدت الى مقتل 21 اسرائيليا ، وقد نفذها انتحاريان . وفي عام 1996 وقعت أربع عمليات كان أبرزها عملية انتحارية بكل معنى الكلمة. وقد نفذها استشهادي من حركة حماس بتاريخ 25 شباط ، وذلك في موقف الباص رقم 8 بمركز الموقف الرئيسي للباصات في القدس . وأسفرت هذه العملية عن مقتل 26 اسرائيليا . وفي عام 1997 جرت ثلاث عمليات رئيسية كان أبرزها في 30 تموز، وأدت الى مقتل 16 اسرائيليا. وقد نفذت هذه العملية في سوق "يهودا مهانا" وهوة سوق رئيسي في القدس.

وفي عامي 1998 وكذلك عام 1999، نفذت عمليتان في كل منهما ، ولم تكن أي منها عملية مميزة . أما في عام 2000 فقد نفذت خمس عمليات أخرى، لكن مرة أخرى لم تكن أي منها عملية مميزة . أما في عام 2001 فقد نفذت أربعون عملية عسكرية لم يكن الا عددا محدودا منها عمليات تفجيرية أو انتحارية . أما العمليالت الأخرى ، فقد استخدمت فيها الرشاشات والقنابل اليدوية. وساكتفي بالاشارة الى بعض من أبرز تلك العمليات الاستشهادية : 1) تفجير انتحاري نفذه مقاتلون من حركة الجهاد الاسلامي في 25 أيار في موقع باصات "هديرا" وأدى الى جرح 65 شخصا . 2) ونفذ أحد استشهاديو حركة حماس في الأول من حزيران، تفجيرا في ديسكوتك "دولفيناريوم بتل أبيب " تسبب في مقتل 21 اسرائيليا . 3) وفي التاسع من آب، نفذت حركة حماس بالمشاركة مع الجهاد الاسلامي عملا انتحاريا في مطعم "شبارو" في القدس وأدى الى مقتل خمسة عشر شخصا . 4) ونفذت حركة حماس هجوما انتحاريا في الثاني من كانون اول، وذلك في موقف الباصات رقم 16 في حيفا ، وأـسفر عن مقتل خمسة عشر شخصا.

وفي عام 2002 وقع 47 هجوما وتفجيرا وبعضها كان انتحاريا . وسأكتفي بذكر العمليات الانتحارية الاستشهادية وعددها خمسة على الأقل : 1) ففي 16 شباط ، نفذت عملية استشهادية في أسواق "كارنيه شومرون" قتل نتيجتها ثلاثة وجرح 30 ، وقد نفذتها الجبهة الشعبية. 2) في الثاني من آذار، نفذت كتائب الأقصى عملية انتحارية في "ياشيفات – بيت اسرائيل" وأدت الى مقتل 11 اسرائيليا . 3) كما نفذت حماس وكتائب الجهاد في "ناتانيا" عملية مشتركة في 25 آذار كان من نتيجتها مقتل ثلاثين شخصا . 4) وفي 31 آذار (أيضا) نفذت حماس عملية انتحارية في مطعم "ماتزا" بحيفا ، أدت الى 15 قتيلا . 5) وفي 21 تشرين أول ، نفذت حركة الجهاد الاسلامي عملية مميزة في مطعم "كاركور" استخدمت فيها مائة كيلو غرام من مادة ال "تي أن تي" وادت الى وقووع 14 قتيلا .

وفي عام 2003 تم تنفيذ 23 عملية عسكرية وتفجيرية بعضها كان انتحاريا. وأهم العمليات الانتحارية كان كالتالي:
1) وقع 17 قتيلا نتيجة عملية استشهادية نفذتها حماس في 5 أذار في ضواحي جبل الكرمل بحيفا . 2) كما وقع 23 قتيل نتيجة عملية استشهادية نفذتها حماس في 19 آب، وذلك في موقف باصات "صموئيل هانا" في القدس .
3) أما حركة الجهاد الاسلامي ، فقد نفذت عملية في مطعم "ماكسيم" بحيفا. وكان ذلك في 4 تشرين أول، وأدت الى مقتل 21 شخصا.

وفي عام 2004 وقعت 17 عملية عسكرية وتفجيرية ، كان من بينها عملية انتحارية مزدوجة ، اذ نفذتها حركة حماس بالمشاركة مع كتائب الأقصى من حركة فتح ، وذلك في ميناء أشدود . وقد أدت تلك العملية التي نفذت في 14 آذار الى مقتل عشرة أشخاص. كما نفذت عملية أخرى متميزة من حيث الموقع وكيفية التنفيذ، بل ومن حيث الجهة المنفذة أيضا . اذ أشرف على تنفيذها شخص واحد بالاشتراك مع بعض الفلسطينيين دون تسمية انتسابهم الى أي من المنظمات الفلسطينية. واسم هذا الرجل كان "اياد صالح" ، وقد نفذت في فندقين يقعان في صحراء سيناء ويرتادهما الكثير من اليهود . وكان فندق هيلتون – طابا ، أحد أبرز تلك الفنادق حيث قتل فيه واحد وثلاثين شخصا كان من بينهم 12 اسرائيليا، حيث قتل آخرون من جنسيات أخرى. كما أدت تلك العملية الى جرح 120 شخصا. وقد نفذت بتاريخ 7 تشرن أول من عام 2004 .

أما عام 2005 فلم يشهد تنفيذ أكثر من تسع هجمات، وذلك خلال الشهرين الأولين من ذاك العام ، حيث توقفت العمليات التفجيرية منذ نهاية شهر شباط من ذاك العام. وأهم تلك الهجمات التسعة تمثل في عملية هامة نفذت في 13 كانون ثاني، وقد نفذت في تقاطع "كارني" بغزة وأدت الى مقتل ستة أشخاص. وقد نفذتها حماس بالمشاركة مع كتائب الأقصى ومجموعة من رجال المقاومة في قطاع غزة .

وبطبيعة الحال وقعت أعمال تفجيرية كثيرة خارج العالم العربي في العقدين السابقين، ومنها ما وقع في أفغانستان وبعضها في باكستان. كما وقعت عمليتان تفجيريتان في السفارتين الأميركيتين في كينيا وفي تنزانيا وغيرها من العمليات التي لا مجال للتفصيل فيها. وربما كان بعض هذه العمليات التفجيرية عمليات انتحارية.

وما يهمنا بالطبع هو تلك العمليات التفجيرية والانتحارية التي جرت في العالم العربي وخصوصا ضد اسرائيل . ولكن رغم كل هذه العمليات الاستشهادية البطولية التي نفذها فلسطينيون بين الأعوام 1993 و2005 ، فان أيا منها لم يشكل باكورة الأعمال الاستشهادية في العصر الحديث للعالم العربي. فباكورة الأعمال الانتحارية قد نفذ في عام 1956 خلال مرحلة العدوان الثلاثي على مصر. وقد نفذه مواطن سوري الجنسية، عروبي الانتماء، مسيحيو العقيدة الديبنية . وكان ذلك هو جول جمال، من مواليد اللاذقية والذي كان يعمل مبكانيكيا في البحرية السورية . فعندما بدأ العدوان الثلاثي على مصر اثر تأميم قناة السويس، تطوع هذا الضابط السوري للقتال الى جانب القوات المصرية في بور سعيد التي كانت قوات التحالف المهاجم تعتبرها الهدف الأهم لها . وعندما لاحظ الضابط السوري أن البارجة الفرنسية "جان دارك " كانت تسعى للاقتراب من ميناء بورسعيد، طلب من رئيسه المباشر "جلال الدسوقي" أن يملاء له الطوربيد الذي يقوده بالمتفجرات. لكن "جلال االدسوقي" تردد لوهلة ، وازاء الحاح "جول جمال" وافق على اقتراحه وملاء الطوربيد بكمية كبيرة من المتفجرات ، فركب "جول" في الطوربيد ، ويقال بأن "جلال الدسوقي " قرر مرافقته، فاتجها معا بالزورق نحو البارجة الفرنسية، وضرباها في وسطها، فانشطرت الى قسمين ثم غرقت ، مما أخر كثيرا العملية الفرنسية ضد مدينة بورسعيد الباسلة.

وهكذا أصبح "جول جمال " الذي لم يكن منتميا الى أي فكر جهادي أو تكفيري، أو الى أي من تيارات الاسلام السياسي، بل كان منتميا للعروبة ، ولفكر القومية العربية الذي نادى به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، هو الانتحاري الاستشهادي الأول في العالم العربي الحديث . علما بأن الكثيرين ممن أسسوا للفكر القومي العربي،
كانوا أيضا من المسيحيين ومنهم بشارة وسليم تقلا (اللذان أسسا دار الأهرام عام 1876) وكذلك فارس خوري السياسي السوري الذي لعب دورا هاما في تاريخ سوريا الحديث، وايضا قسطنطين زريق ، ميشيل عفلق، مكرم عبيد، جورج حبش ، جبران خليل جبران ، أمين الريحاني، ايليا أبو ماضي، نجيب عازوري، جورجي زيدان (الذي أسس دار الهلال )، مي زيادة ، سلامة موسى، ادوارد سعيد، جورج أبيض ونجيب الريحاني (ممن أسسوا للمسرح المصري الحديث) وأخرون كثر لا مجال لذكرهم جميعا. علما بأن مسيحيين آخرين من الماضي البعيد ، قد أدلوا أيضا بدلوهم في الحفاظ على الشعر العربي والأدب العربي، وأكتفي بالتذكير أن الشعراء : النابغة الذبياني، وطرفة بن العبد وامرؤ القيس كانوا أيضا مسيحيين، الأمر الذي قد يخفى على الكثيرين.

والواقع أن هناك عشرات من المسيحيين الذين أدلوا بدلوهم في الحفاظ على التراث العربي والاسلامي من ثقافة وأدب وتاريخ . وهناك تفصيل واف عنهم في مقال لأحد الكتاب العرب واسمه حازم طاهر وهو بعنوان (المسيحيون العرب ملحنا وأهلنا )، وأتمنى لو يقرأه بعض المتشددين الاسلاميين ليدركوا ان العروبة هي التي تجري في عروق الملايين من المسيحيين ، مع الاعتقاد الراسخ لديهم أن العروبة والاسلام أمران يسيران معا ، ويصعب فصلهما عن بعض . ألم يكتب القرآن باللغة العربية ؟ فكيف نفصل الاسلام عن العروبة ، والعروبة عن الاسلام ؟



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أدركت الولايات المتحدة أن زمن القطب الواحد قد انتهى؟
- هل معركتي-اعزاز- و-باب السلامة- هما لسيطرة -داعش- على موقع آ ...
- لماذا لم يزهر ربيع عربي في قطر. ولماذا تصر أصغر الدول العربي ...
- هل جاء دور إخوان السودان في الرحيل ، بعد رحيل إخوان مصر ؟
- هل يؤدي الانقلاب شبه العسكري داخل المعارضة السورية، إلى الشر ...
- هل هناك منظمة -قاعدة- شريرة ، وأخرى -قاعدة- شريفة ؟ كيف؟ وأي ...
- لماذا كانت المنطقة العربية منذ الحرب العالمية الأولى وحتى ال ...
- لماذا يلاحق -أوباما-مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السل ...
- هل تشكل معركة -إعزاز- علامة فاصلة في كوكتيل تحالفات المعارضة ...
- هل يدمر نتنياهو سلاح إسرائيل الكيماوي، بعد أن تعهدت سوريا بت ...
- متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟
- هل يؤدي الاقتراح الروسي حول الكيماوي، إلى قرار شبيه بالقرار ...
- متى تسقط ورقة التين عن البعض، كما سقطت منذ حين عن البعض الآخ ...
- السؤال الحادي والأربعون : هل أصبح النفط نقمة ، ولم يعد نعمة ...
- السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثور ...
- هل يتعظ اوباما من تجارب بوش وبوش في العراق ؟وهل انتهى زمن ان ...
- كم ستقتل الولايات المتحدة من السوريين، انتقاما لضحايا الكيما ...
- هل تسعى عملية دول الغرب العسكرية إلى إنهاء الحرب في سوريا، أ ...
- لماذا لا يسمح بإقامة التوازن النووي في الشرق الأوسط؟
- لماذا ...لماذا ...لماذا ؟؟؟


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل نفذ باكورة الأعمال الاستشهادية في العصر الحديث منتمي لتيار الاسلام السياسي المتشدد ، أم كان مسيحيا؟