أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - خاطرة المساء














المزيد.....

خاطرة المساء


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 21:14
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


بحثت طوال النهار عن كسرة خبزٍ يابسة,وبحثتُ عن مكانٍ أستظلُ فيه من حر الشمس, وبحثتُ عن شُربة ماءٍ باردةٍ وبحثتُ عن وسادة أضع رأسي عليها,وبحثتُ عن ألبوم الصور القديم, صار شريط الذكريات يعيد نفسه ويكرر نفسه من جديد, تذكرتُ أيام الطفولة فركعتُ على الأرض ساجدا من كثرة البكاء,يا لها من قصة تعيد نفسها كل يوم,ياله من يوم أغبر,ويا لكم من تجارٍ تتاجرون بآلام الناس, فهذه المأساة بألف وتلك بعشرة آلاف,والفضائيات تتسابق على التقاط أفضل الصور التي تصور همومنا وأحزاننا ودماءنا, صار دمنا يباع من قناة إلى قناة,وكل الوكالات الإخبارية تدفع أكثر للذي يصور دماء أكثر, وأنا مادة وأنتم مادة دسمة للذين يتاجرون بالصور.

انهار كل شيء,وباعوا قضيتنا بالمزاد العلني, انهار الصرحُ الذي سعيت لبنائه عدة سنوات,انهارت الأرجل التي تحملني,انهارت قواعد بيتي ,بقيتُ طوال الليل أجوب الطرقات بحثا عن أي إنسانٍ يعرفني,أضعتُ الناس وأضعتُ نفسي, لم يعد أحد يعرفني حتى أنا لم أعد أعرف نفسي,فأين المبيت هذا الليلُ يكون؟ كل شيء لمن يدفع أكثر فهذا له الحظوة لأنه يدفع أكثر,وتلك العاهرة لها الفضل لأنها تكسب أكثر,وذاك له أكثر لأنه يدفع أكثر.. ولم يعد أحد يعرف عني أي شيء,أنا أرخص شيء,بضاعة غير مرغوبٍ فيها ومكدسة في الأسواق,ومثلي مثايل,كانت فيما مضى ذاكرتي تنتشلني من بين الحطام,اليوم لم يعد لي ذاكرة,كنت فيما مضى موجودا ومتوفرا بكمياتٍ هائلةٍ ولكن منذ عدة أشهر أصبحت أشعرُ بالملل وبالكآبة,فالجو يبعثُ على الاكتئاب,لم تعد الظروف والأوقات مريحة كما كانت في الماضي, متى سأعود إلى أصدقائي وإلى قرّائي وإلى أحبابي؟,متى ستنتهي القصة التي بدأتها بقلمي,ومن هو الذي يجرؤ على وضع النهاية لها ,لم أكن أعلم أنني أُأَسسُ لحربٍ كلامية عالمية؟ لم أكن أعرف بأن بيتي مضربا للرياح وللأمطار, لم أكن أعلم بأنني في أي يومٍ من الأيام سأعود لأروي الحكاية من جديد,أبصارهم غابت عني لفترة, ولكن للمجرمين ألف عين وألف أذن يسمعون فيها ويرون فيها إلا أنا لي عينٌ واحدةٌ أستعملها لعدة أشياء,للأكل وللشرب وللنوم ولليقظة وللشهوة.

لم يبق أي شيء ثابت ٌفي مكانه, كل الأشياء تغيرت وتبدلت حتى هويتي الشخصية ومحل إقامتي, من أنا ومن أين جئتُ وإلى أين سأذهب؟, نفسي أيضا وشخصيتي تبدلتْ,لم أعد أطيق الأجواء الروتينية, رفعت الراية البيضاء واستسلمت للنوم, شخصيتي اهتزت,أصبحت شخصيتي ضعيفة جدا أمام المغريات, بعد أن كانت قوية لا يهزها الدينار أو الدولار أو الجنيه الإسترليني؟ والآن أي قطعة نقدية تجعلني أنهض من مكاني لأبحث عنها من خلال صوت رنينها, الحياة تبدلت وكذلك أنا ,السماء اهتزت من أركانها الأربع وخلتها تبكي لبكائي,الأرض مالت يمينا وشمالا,آلهة الحصاد بكت على بكائي والبرق استجمع قواه في فصل الشتاء استعدادا ليقف احتراما أمام بريقي اللامع, دروب ضائعة والمسير ضائع والفراشة ما زالت تبحثُ عن شرنقتها,العيون والمصابيح انطفأت,البحر ابتلع كلماتي ثم شرب من دمائي ومز عليها مزيزا,النجوم َصَعقت لقصة الصمود,المتاهات ازدادت وكثُرت, الآذان صُمت,العاشقون توقفوا عن قراءة وكتابة قصائد الحب والغزل وأعطوني أذنا صاغية لبياني السياسي,قررت أن أنهي الحكاية كلها, ذوبني الحنين والحنين فعل بي ما فعل,كوتني نار الغربة,هجرتني عيون الأحبة,وازداد ليلي سوادا,والذكريات تزيد من ألحاني وأشواقي نمت على وجهي وكأنني أسدٌ هائم متسكعٌ, قذفتني الدنيا,رفضتني الحياة, لذلك استبدلت ثوبي الجديد بثوب قديم.

وحين انفض السامر وذهب كل حيٍ إلى حيه,وكل محبٍ إلى حبيبه,بقيت أنا وحدي أردد صلواتي وأكررها بيني وبين شيء لا اعرفه, الآن اشعر بحب كبير لإنسان لا أعرفه ولم أره ولا في أي يومٍ من الأيام, الدموع بللتني وجعلتني أغرق في التساؤلات, يا لها من حياة ويا لها من قصة مفجعة, الندوب في يدي تلألأت مثل النجوم في الليالي الصيفية, لا أحد يعرفُ عني أي شيء ولا أنا أعرف عن الناس أي شيء, أصبحتُ جاهلا ومجهولا, لا أعرف أين ذهب مفتاح شخصيتي!!,هل وقع مني في طريق الضياع أم ضاع مني في طريق العودة,الطريق أمامي مسدود ومغطى بالضباب,أضواء السيارات العالية تعمي عيوني,أصوات الهوامير تخنقني,أصوات الماتورات تقتحم عليّ خلوتي وسباتي الصيفي القصير,لا أعرف عن الناس أي شيء والناس لا يعرفون عني أي شيء,انقطعت أخباري منذ عدة أشهر,أصبحت شخصا مجهولا للناس,أصبحتُ شخصا معدودا ضمن المفقودين الذين أضاعوا عقولهم,وقلوبهم ما زالت تنبض في حبها للحياة,فهل سأعود في أي يومٍ من الأيام إلى هذا الوجود؟.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان سينقرض
- لا أندم على خسارتي وإنما أندم على كسبي
- مهمة خالد الكلالدة
- ابتسامة الموناليزا
- أوهام السعادة
- الشهادات الجامعية في العلوم الإسلامية
- الإسلام والعقل والعلم والمنطق
- طريقة صنع نبيذ العنب
- موازنة الأردن
- لا يوجد عندي عيد
- هل الطلاق شريعة سماوية؟
- خطأ علمي في القرآن
- رأيتُ فيما رأيت
- حكمة من التوراة
- ما الفائدة من ختم القرآن
- القرآن هو السبب
- هل القرآن فعلا كتاب الله؟ 2
- هل القرآن فعلا كتاب الله؟
- أمريكيا والإسلام
- التعب الفكري


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جهاد علاونه - خاطرة المساء