أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الدين الخارج عن القانون














المزيد.....

الدين الخارج عن القانون


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 20:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا شك أن الدين قد حل أولاً في الوجود داخل "أذهان" أفراد الناس قبل نشأة القانون على الأرض وسط جماعة الناس في مراحل تطورية لاحقة. وقد كان ولا يزال "الدين" يخزن ويعكس تخيلات الناس وتصوراتهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم عن الغاية من وجودهم وإيمانهم "المطلق" بصواب ذلك، بينما كان ولا يزال "القانون" هو المسؤول عن تنظيم هؤلاء الناس أنفسهم في جماعة بشرية آمنة ومنتجة، بما في ذلك حتى تخيلاتهم وتصوراتهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم عن الغاية من وجودهم، وحتى أديانهم المطلقة ذاتها على اختلافاتها. إذا كان الدين ينظم قناعات الناس المطلقة، القانون ينظم الناس أنفسهم؛ وإذا كان الدين يختمر في "داخل" أذهان أفراد الناس، القانون يفرض عليهم من "خارجهم"؛ وإذا كان الدين في الأصل يستخدم "الإقناع" عبر الترغيب والترهيب كوسيلة أساسية له، القانون يستخدم "القوة" المادية والمسلحة لفرض سيادته فوق الجميع.

بناء على ما سبق، كان ولا يزال مقبولاً أن تتضمن نفس الجماعة البشرية الواحدة أكثر من دين ومعتقد وإيمان ومذهب وأيديولوجيا فكرية أو سياسية، بينما يستحيل أن تخضع لسلطان أكثر من منظومة قانونية عليا في نفس المكان والزمان. في عبارة أخرى، أي جماعة بشرية يمكن أن تكون متعددة اللغات والأديان والمذاهب والطوائف والأعراق والأعراف والثقافات والأيديولوجيات، لكن لا يمكن أن تنشأ أو أن تبقى- حتى لو كانت على هيئة غير مركزية مثل الاتحاد الكونفدرالي- من دون السيادة الوحيدة والمطلقة على الجميع لقانون أعلى موحد وشامل.

هذا هو التقليد السائد منذ النشأة الأولى للجماعات البشرية المنظمة المتحضرة، إذ كان على الدوام هناك درجة من التمييز بين المعتقدات الشخصية (السلطة الروحية) سواء داخل المخيلة الفردية أو الجمعية، وبين حزمة القوانين الموضوعية (السلطة الدنيوية) المنظمة والحاكمة لتفاصيل الحياة اليومية والمستقبلية لهؤلاء الأفراد أو الجماعات. ومن زمن لآخر، كان يحدث الإرباك لحياة الجماعة كلما ادعى ممثلون للسلطة الروحية لأنفسكم أو لممثليهم ولاية على الحياة اليومية والمستقبلية للأفراد والجماعات، أو كلما تدخل فارضو القانون والنظام في خصوصيات الأفراد والجماعات وفي ثنايا تخيلاتهم وتصوراتهم وآرائهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم وأديانهم وحياتهم الروحية. وقد ضربت الإمبراطورية الرومانية بعد اعتناق المسيحية كدين رسمي للدولة مثالاً صارخاً على مثل هذا التمايز، ثم التنافس والصراع الدموي، بين السلطة الدينية (الروحية) ممثلة في الكنيسة من جهة والسلطة الدنيوية (القانونية) ممثلة في بلاط الملوك والأمراء في المقابل، الذي انتهى بتمكن الأخيرة مع بداية عصر النهضة من فرض السيادة المطلقة للقانون، الذي يكفل للأفراد والجماعات المختلفة حماية الخصوصية وحرية الرأي والفكر والتعبير والمعتقد والدين.

حتى خلال العهود الإسلامية المختلفة من نبوية وراشدية وأموية وعباسية وعثمانية وخلافه، ما كان يشكل اختلافاً مهماً أن يكون الفرد- أو الجماعة- وثنياً أو يهودياً أو مسيحياً أو مسلماً أو غير ذلك مهما كان طالما أن هذا الفرد- أو هذه الجماعة- يطيع تعليمات السلطة الدنيوية (القانونية) القائمة. على سبيل التوضيح، يسجل التاريخ أن النبي محمد نفسه قد تحالف مع اليهود- وهم على يهوديتهم- عندما كان متفقاً معهم سياسياً ثم عاد وقاتلهم-وهم لا يزالون على نفس يهوديتهم كما كانوا- عندما اختلف معهم سياسياً؛ أي أن العلة الأساسية وراء النتيجة المختلفة في الحالتين مع بقاء جميع المتغيرات الأخرى ثابتة كانت تكمن في "المتغير السياسي"، الذي أدى إلى تغير النتيجة من النقيض إلى النقيض عندما تغير هو بدوره. وقد تأكدت هذه الحقيقة أيضاً في عهد الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق، الذي كان أول من خاض حرباً ضد "مسلمين" من نفس قومه ومعتقده ودينه، ليس لكونهم مسلمين لكن لأنهم خرجوا عن طوع السلطة السياسية الحاكمة عقب وفاة النبي لما تقاعسوا عن دفع الزكاة والامتثال لبقية تعليمات الدولة الناشئة. في قول آخر، الدولة قد لا تعادي بالضرورة الذين هم خارجون عن سلطتها الدينية (الروحية) الرسمية، لكنها في الوقت نفسه لا تتردد لحظة واحدة في الفتك بكل الذين يجرؤون على تحدي سلطتها الدنيوية (القانونية)، حتى لو كانوا من نفس دينها ومذهبها وطائفتها وعرقها ولغتها وثقافتها، أو حتى من أفراد نفس العائلة الحاكمة ذاتها.

في البلد الواحد- مثل الهند- قد تُعبد "أرباباً" شتى، لكن لا يمكن أن يُطاع سوى "حاكم" واحد.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العقلية الخرفانية
- إسلام بالقسوة
- إيران الإسلامية في سوريا العلمانية
- مصر- بلد .....
- صناعة العبيد
- عودة عمرو
- صناعة الأديان
- السيسي بونابرت
- عبدة الشياطين
- في البحث عن صهيوني عربي
- أنا بكره إسرائيل وبحب الدولة الوطنية
- في حب إسرائيل
- إيران القنبلة النووية
- مصر تحت الاحتلال
- للزوجة نصف ثروة الرجل
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (4- تركيا)
- بين القانون والقرآن والسلطان
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (3- قطر)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (2- طائر النار)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية


المزيد.....




- أغنيات وأناشيد وبرامج ترفيهية.. تردد قناة طيور الجنة.. طفولة ...
- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الدين الخارج عن القانون