أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - نقد الأخلاق البوذية















المزيد.....

نقد الأخلاق البوذية


الناصر لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 15:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


البوذية ديانة غير ألوهية وهي من الديانات الرئيسية في العالم، تم تأسيسها عن طريق التعاليم التي تركها بوذا ‘المتيقظ”. نشأت البوذية في شمالي الهند وتدريجياً انتشرت في أنحاء أسيا، التيبت فسريلانكا، ثم إلى الصين، منغوليا، كوريا، فاليابان.
تقوم العقيدة البوذية على مبدأين: يتنقل الأحياء أثناء دورة كينونتهم من حياة إلى أخرى، ومن هيئة إلى أخرى: إنسان، إله، حيوان، شخص منبوذ وغير ذلك فيما يسمى بتناسخ الأرواح. و تتحدد طبيعة الحياة المقبلة تبعا للأعمال التي أنجزها الكائن الحي في حياته السابقة، ينبعث الذين أدوا أعمال جليلة إلى حياة أفضل، فيما يعيش الذين أدوا أعمال خبيثة حياة بائسة وشاقة فيما يسمى بالكارما. عُرف المبدأ الأول بين الهنود حتى قبل مقدم بوذا من خلال العقائد الهندوسية، فيما يُرجح أن يكون هو من قام بوضع المبدأ الثاني.
أثناء مرحلة تبشيره الأولى، قام بوذا بتعليم أتباعه الحقائق الأربع النبيلة. وتختزل هذه الحقائق تعاليم العقيدة الأصلية.

1- أولى هذه الحقائق هي المُعاناة: الحياة الإنسانية في أساسها معاناة متواصلة، منذ لحظات الولادة الأولى وحتى الممات. كل الموجودات (الكائنات الحية والجمادات) تتكون من عناصر لها دورة حياة مُنتهية، من خصائص هذه العناصر أنها مُجردة من مفهومي الأنا الذاتي والأزلية، كما أن اتحادها الظرفي وحده فقط يمكن أن يُوحي بكينونة موحدة. تتولد الآلام والمعاناة من غياب الأنا (راجع فقرة أناتمان) وعدم استمرارية الأشياء، لذا فهي -المعاناة- ملازمة لكل دورةِ حياة، حتى حياة الآلهات (لم تتعارض البوذية الأولى مع الهندوسية وتعدد الآلهات) نفسها والمليئة بالسعادة، لابد لها أن تنتهي. بالنسبة لبوذا والذي كان يؤمن بالتصور الهندوسي لدورة الخلق والتناسخ (الانبعاث)، لا يشكل موت الإنسان راحة له وخلاصا من هذه الدورة.
2- الحقيقة الثانية عن أصل المعاناة الإنسانية: إن الانسياق وراء الشهوات، والرغبة في تلبيتها هي أصل المعاناة، تؤدي هذه الرغبات إلى الانبعاث من جديد لتذوق ملذات الدنيا مرة أخرى. تولدت هذه الرغبة نتيجة عدة عوامل إلا أن الجهل هو أصلها جميعا. إن الجهل بالطبيعة الحقيقية للأشياء ثم الانسياق وراء الملذات يُوّلِدان الجذور الثلاثة لطبيعة الشّر، وهي: الشهوانية، الحِقد والوَهم، وتنشأ من هذه الأصول كل أنواع الرذائل والأفكار الخاطئة. تدفع هذه الأحاسيس بالإنسان إلى التفاعل معها، فيقحم نفسه بالتالي في نظام دورة الخلق والتناسخ.
3- الحقيقة الثالثة عن إيقاف المعاناة: وتقول بأن الجهل والتعلق بالأشياء المادية يمكن التغلب والقضاء عليهما. يتحقق ذلك عن طريق كبح الشهوات ومن ثمة القضاء الكلي (نيرفانا) على ثمار هذه الأعمال (كارما)، والناتجة عن الأصول الثلاثة لطبيعة الشر. وحتى تتحقق العملية لا بد من الاستعانة بالقديسين البوذيين من الدرجات العليا، وحتى ببوذا نفسه، والذي يواصل العيش في حالة من السكينة التي لا يعكر صفوها طارئ.
4- الحقيقة الرابعة عن الطريق الذي يؤدي إلى إيقاف المعاناة: ويتألف الطريق من ثمان مراحل، ويسمى بالدَرْب الثُماني النبيل، تمتد على طول هذا الطريق ثمان فضائل:
الفهم السوي،
التفكير السوي،
القول السوي،
الفعل السوي،
الارتزاق السوي،
الجهد السوي،
الانتباه السوي
وأخيرا التركيز السوي.

توزع هذه الفضائل إلى ثلاث أقسام: الفضيلة، الحكمة والتأمل. ويتم الوصول إلى كل واحد منها عن طريق وسائل مختلفة. أول هذه الوسائل هي اتباع سلوكيات أخلاقية صارمة، والامتناع عن العديد من الملذات. تهدف الوسائل الأخرى إلى التغلب على الجهل، عن طريق التمعن الدقيق في حقيقة الأشياء، ثم إزالة الرغبات عن طريق تهدئة النفس وكبح الشهوات، وهي -أي الوسائل- تشتمل على عدة تمارين نفسانية، من أهمها ممارسة التأمل (ذيانا)، لفترة طويلة كل يوم. عن طريق إعمال العقل في جملة من الأفكار أو الصور، وتثبيتها في الذهن، يمكن شيئا فشيئا أن يتحول العقل ويقتنع بحقيقة العقائد المختلفة للبوذية، فيتخلص من الشوائب، والأفكار الخاطئة، والمناهج السيئة في التفكير، فتتطور بالتالي الفضائل التي تؤدي إلى الخلاص، وتتبد العادات السيئة المتولدة عن الشهوة. عن طريق اتباع هذه التمارين والتزام الأخلاق النبيلة يمكن للراهب البوذي أن يصل وفي ظرف زمني قصير (فترة حياته) إلى الخلاص.

ما فات منقول من : ويكبيديا
عيوب الفكر الأخلاقي البوذي :
1- قبول المعاناة كأمر واقع
فبوذا يقبل المعاناة و كأنها أمر لا مفر منه و لا يدعو للكفاح ضدها بل على العكس يستوعبها و يراها أمرا طبيعيا و متحد مع الحياة بحيث يكون ملزما بالعمل في إطار المعاناة بدلا من محاولة تقليلها و القضاء عليها. تلك الفلسفة تتعارض مع الفلسفة الغربية في التعامل مع المعاناة بشكل كامل فالمنطق الغربي هو أن إعمال العقل و بذل الجهد و السعي خلف تلبية الحاجات الإنسانية قد يرتقي بنوعية الإنسانية و يحصل للإنسان على السعادة أو جزء منها على الأقل.
إذن فطريقة الحياة الغربية أثبتت أن المعاناة ليس حقيقة مطلقة بل هي أمر يمكن التغلب عليه و قهره, و إذا كان في عرف البوذيين ان الجوع مثلا هو معاناة و يكون على المرء أن يتخلى عن شهواته و رغباته ليتخلص من ألم الجوع فإن الغربيين نجحوا في القضاء على الجوع إلي حد كبير عن طريق العقل و العمل. طبعا لا توجد جماعة بشرية إستطاعت القضاء على الجوع أو أي معاناة بشكل كامل رغم النجاحات الغربية و لكن على مستوى الأفراد الغالبية نجحوا في ذلك و لذلك فإن البوذية او مبدأ قبول المعاناة في الحياة كأمر واقع قد لا يناسب إلا الفقراء و الضعفاء و قليلي الحيلة.
و مع ذلك فأسلوب الحياة الغربي هو ما جعلنا نتساءل عن فلسفة أخلاقية شاملة و ملزمة فالغربيين حين يشبعوا حاجة بشرية يخترعوا حاجة أخرى ثم يحاولوا إشباعها لكي يشعروا بالإمتلاء و هكذا يخترعون المعاناة إختراعا لكي يقهروا تلك المعاناة المزعومة و يشعروا بالإنتصار و الإمتلاء. و بالتالي فإن اهم المآخذ التي نراها في المجتمعات الغربية أن الإنسان تحول لكائن نهم و طماع و شره بل إن المجتمعات كلها تحولت لآلة إستهلاكية نهمة. طيب إذا كان قبول المعاناة كحقيقة و أمر واقع هو حل غير طموح و لا يحفذ على العمل و الإبداع بينما الطموح و السعي الدائم لقهر المعاناة و غزوها بالإشباع يحول المرء إلي إنسان مدلل و نهم فماذا يكون الحل ؟
أعتقد أن الخلط بين المنهجين بطريقة ما هو الحل, يعني نحن لا نريد عقيدة تحول الإنسان إلي آلة إستهلاكية و لا عقيدة تحوله إلي راهب زاهد في الدنيا و ما فيها. هذا الخلط أستطيع أن أسميه ” الإشباع الناقص”. الإشباع الناقص هو أن يسعى المرء لإشباع معظم إحتياجاته تاركا بعض شهواته و رغباته عن طيب خاطر من اجل هدف مهم هو ألا يعتاد الشبع فتضعف إرادته و تفقد القدرة على المقاومة و تحول الإنسان إلي ضحية لديكتاتورية الجسد. لكن بالزهد في بعض (و ليس كل) الرغبات و الشهوات عن طريق كبحها و رفض التعلق بها يتعلم المرء قوة الإرادة و القناعة و بالتالي السعادة.
بهذا المنطق أستطيع أن أقسم الناس إلي أربع طبقات :
- طبقة تشتهي و لا تملك : و تلك هي طبقة الفقراء الكسولين و الحاقدين الطماعين
- طبقة تزهد و لا تملك : و تلك هي طبقة الفقراء النشيطين غير الحاقدين
- طبقة تشتهي و تملك : و تلك هي طبقة الأغنياء و لكن المدللين ضعيفي الإرادة
- طبقة تزهد و تملك : و تلك هي طبقة الأغنياء من أصحاب الإرادة القوية.
و بالطبع فإن الزهد هنا ليس هو الزهد الكامل في الحياة بما فيها و لكن هو بعض الزهد أو معظم الإشباع بحيث لا يتوقف المرء عن التفكير و العمل من أجل إشباع معظم إحتياجاته و لكنه لا ينساق خلف أي نزوة فجة او رغبة جامحة.
بعض الزهد أو الإشباع الناقص يعني ألا يجعل المرء أي إشباع مطلقا يعني حين يأكل لا يشبع كما يقول المسلمين (و لا يفعلون) بل يترك المرء الطعام قبل أن يشبع و أيضا لا يأكل كل أنواع الطعام بمنطق الرجيم و توفير السعرات الحرارية او بغير منطق نهائي, المهم ان يعود نفسه على الإشباع الناقص و بعض الزهد و ليس كله.
الإشباع الناقص في الجنس هو ألا يسعى المرء لممارسة الجنس كلما أثير جنسيا و لو مع زوجته بل يزهد في بعض الجنس و أيضا لا يمارس الجنس مع كل من يسمح له بذلك فهناك عهد الزواج و هناك حرمة الطفولة و الأسرة و القرابة و الصداقة. يعني ليس كل الجنس و ليس مع كل الناس بل يكون هناك أشخاص فوق مستوى الشهوة الجنسية بالنسبة للمرء.
الإشباع الناقص في المال أيضا فالمرء يجب ألا يتخذ كل الناس على أنهم زبائن و عملاء بل يكون لديه الإستعداد لان لا يكسب من بعض الناس بل يخدمهم دون أن يربح منهم, و حتى عملاؤه و زبائنه لا يربح منهم كل الربح بل يتنازل عن بعض الربح بمنطق أن يربح الزبون أو بغير منطق. المهم ألا يسعى من أجل كل الربح و ليس مع كل الناس بل يكون هناك بعض الأشخاص فوق مستوى شهوة المال بالنسبة للمرء.
و هكذا هلم جرا, ليس كل الأشباع و ليس من كل المصادر بل أختار معظم الأشباع من معظم المصادر فبعض الزهد يصلح المعدة أما كل الإشباع فيفسد و أما كل الزهد فيفقر.
2- الإعتماد على أساطير لتبرير الأخلاق
تؤكد البوذية على تناسخ الأرواح و على الكارما من أجل تبرير اللجوء لإتباع السلوك القويم. و بالطبع فإن التناسخ لا دليل عليه و الطبيعة التي نعرفها هي طبيعة لا اخلاقية لا تكافئ العادل أو الطيب و لا تجازي الظالم او الشرير و بالتالي فالكارما مجرد أسطورة مثلها مثل تناسخ الأرواح الماخوذ من الهندوسية.
و بالطبع فإن اللجوء للضحك على الناس بأسطورة (بوعي او غير وعي) من أجل ان يقبلوا الأخلاق التي ينادي بها المبشر هو أمر غير أمين و غير فعال و غير عقلاني. فالأديان الإبراهيمية مثلا إحتاجت لأسطورة وجود ذكر عظيم يحيا في السماء من أجل أن تفرض رؤيتها للأخلاق و الفضيلة. و لكن بتبين الكذب في الأسطورة تسقط الأخلاق تلقائيا و تصبح بلا قيمة و لذلك فالأسطورة قد تفيد في إنتشار نمط أخلاقي معين على المدى القصير و لكنها لا تفيد في إنتشار الأخلاق على المدى الطويل. طبعا لا يمكن الجدال مع أن البوذية هي أقل دين معروف من حيث الخرافات و الأساطير و هذا امر يحسب لها و لكنها مع ذلك لم تستغنى عنها كلها حين تؤكد في أفضل الأحوال على التناسخ و الكارما و في أسوأها على ألوهية بوذا أيضا.
على كل حال التبرير الوحيد الصالح لإتباع أي أخلاق يجب أن يكون عقلانيا و إلا إن لم نجد تبريرات عقلانية و منطقية جيدة للأخلاق فمن الأفضل لو نتجاهل الموضوع برمته و نكفر بالأخلاق كما كفرنا بالآلهة.
3- المبالغة في التعاطف مع الكائنات الحية على حساب الجنس البشري
بالطبع البوذية جميلة و بها الكثير من القيم المهمة التي يمكن الإستفادة منها بأكثر من ألف دين آخر يدعي انه سماوي أو إلهي. و لكني أظن أن بوذا كان مبالغا حين اكد على التعاطف المطلق مع الكائنات الحية بحيث حرم قتلها نهائيا و حتى لو كان حيوانا متوحشا و حتى لو كان مجرد بعض النمل و البق و حتى لو كان حشرة ضارة ناقلة للمرض ..
أتصور أن السبب وراء هذة الحالة من المسالمة المبالغ فيها هي أن بوذا لم يكن يعلم شيئا (بالطبع) عن الماضي التطوري الرهيب للإنسان من الوحشية و الإفتراس. صحيح أننا أصبحنا بشرا منذ حوالي سبعة ملايين سنة إلا أن هذا لا يمنع أننا نحتاج لقتل الحيوانات و العيش على لحومها و جلودها و غيره. و لو تصورنا أن كل الناس أصبحوا بوذيين ربما سيكون عالما مسالما جميلا و لكنه سيكون كذلك على حساب الجنس البشري الذي سيمتنع عن قتل أي حيوان او حشرة مؤذية.
و اكتفي بهذا القدر من نقد البوذية و أخلاقها لانه لا يوجد بصراحة ما يمكنني قوله أكثر من ذلك في عيوب البوذية فلا شك أن البوذية و خصوصا الفرع العلماني منها هو أفضل دين في العالم يؤكد على الحكمة و التعاطف و ينبذ العنف و البوذيون بالفعل يطبقون تلك التعاليم الجميلة و ليس لهم أي تاريخ في إراقة الدماء كجماعة تنشر الدين. يعني دين رائع و هو الأقدر على إرضاء الجانب الأخلاقي و العقلاني في الإنسان و خصوصا لأنه لا يتعارض مع العلم بعقائد كثيرة غبية مبالغ فيها.

مميزات الفكر الأخلاقي البوذي :
1- الإنطلاق من رفض المعاناة
صحيح أن بوذا كان يقبل إرتباط الحياة بالمعاناة و كانها امر واقع و جزء من طبيعة الحياة نفسها إلا أنه كان يرفض المعاناة و من هنا إقترح كبح الشهوات كطريقة للوصول إلي النرفانا أو السعادة. و قد وضحت أن مبدأ قبول المعاناة كجزء من الحياة يعتبر مبدأ سلبي و لم يثبت صحته لأن طريقة الغرب في الحياة و هي أن يسعى المرء لتقليص المعاناة أثبتت نجاحا كبيرا. و لكن طريقة بوذا في تحاشي المعاناة عن طريق كبح الشهوات و الرغبات تعتبر طريقة معتبرة أيضا للحصول على السعادة و يمكن الإستفادة منها. ثم إن الإنطلاق من رفض المعاناة بغض النظر عن طريقة التعاطي معها هو امر نبيل و منطقي أيضا.
إن تبرير الأخلاق برفض المعاناة يبدو لي تبرير عقلاني جدا بعكس تبرير الأخلاق برضا الإله أو الحصول على جائزة بعد الموت. طبعا لا يمكن إنكار أن فكرة الكارما أفسدت نقاء فكرة رفض المعاناة كتبرير للأخلاق و هي تعتبر جائزة بعد الموت بصورة مماثلة للأديان الإبراهيمية و لكن المرء يستطيع أن يقتبس فكرة الكفاح ضد المعاناة كأساس للأخلاق و يتجنب الخوض فيما يسمى الكارما.
رفض المعاناة إذن هو أساس أي أخلاق قويمة و مبرر أي سلوك خيّر و هو أساس عقلاني و نبيل للأخلاق و إن كنت أرى أن بوذا أكد على الطريقة الروحية للكفاح ضد المعاناة و ترك تماما الطريقة المادية.
أما الطريقة الروحية في الكفاح ضد المعاناة فهي الزهد في الشهوات و الرغبات و أعتقد أن الإنسان يحتاج لتلك الطريقة بصورة أو باخرى, و أما الطريقة المادية للكفاح ضد المعاناة فهي إبتداع وسائل مادية للقضاء على المعاناة بإستخدام العلم و التكنولوجيا.
يعني القضاء على الفقر مثلا يكون بالعلم و العمل أساسا كطريقة مادية و يكون بالإستغناء عن بعض الرفاهيات كطريقة روحانية. أعتقد أن هذا المزيج هو أفضل من أي حل منفرد, مزيج من 75 % مادية على 25 % روحانية أو مزيج من 80% مادية على 20 % روحانية أو أي مزيج مشابه و لكن في النهاية تكون الوسائل المادية مهذبة بالروحانية و الزهد.
2- التأكيد على الحكمة و التعاطف
ينتقد البوذيون الأديان لأنها تؤكد على التعاطف كأهم صفة روحية في حين أنها تفشل في تنمية أي حكمة حيث أن النتيجة هي أن يكون الواحد احمقا ذو قلب طيب. و هم ينتقدون العلم الصرف أيضا لأنه يؤكد على أن الحكمة ستتطور بشكل أفضل لو تجنبت الأحاسيس و المشاعر بشكل كامل. و بذلك تنظر الأديان إلي التعقل و الحكمة كعدو كما ينظر العلم للعواطف و المشاعر كأعداء للتعقل و الموضوعية. أما البوذية فتؤكد ان المرء لكي يكون متزنا يجب أن ينمي الحكمة و التعاطف.
أما الحكمة البوذية الأسمى فهي ان جميع الظواهر غير كاملة و غير دائمة و بالتالي يجب على المرء أن يكون منفتح العقل و ليس منغلق العقل و أن يستمع لوجهات النظر بدلا من أن يكون متزمتا و أن يتفحص الحقائق المنقاضة لمعتقداته بدلا من دفن الرأس في الرمال و أن يكون موضوعيا بدلا من ان يكون متحيز و متحزب. فمن المهم ان نأخذ الوقت الكافي لتغيير معتقداتنا و آراءنا و أن نكون جاهزين لتغيير معتقداتنا حين تقدم إلينا الحقائق التي تناقضها.
أما التعاطف بالنسبة للبوذية فهو أن يشعر المرء بمشاعر الآخرين فحين يرى شخصا مكتئبا و يحس بألمه و يناضل من أجل تخفيفه و إزالته يكون المرء متعاطفا. فجميع الصفات الجميلة كالمشاركة و المساعدة و الشفقة و الإعتناء و الإهتمام كلها صور من التعاطف. فيمكننا أن نفهم الآخرين حقا حين نفهم أنفسنا حقا و أن نعرف الأفضل للآخرين حين نعرف الأفضل لأنفسنا و أن نعطف على الآخرين حين نعطف على أنفسنا. و توضح حياة بوذا ذلك لانه عاش ستة أعوام يكافح من أجل رفاهيته الخاصة و بعدها كان قادرا على إفادة البشرية كلها.
و في البوذية لا تكون التضحية (و هي الإهتمام بالآخرين قبل النفس) ضد الأنانية (و هي الإهتمام بالنفس قبل الآخرين) بل ترى أن التعاطف هو خليط من الإثنين, فالإهتمام الأصيل بالذات سينضج تدريجيا إلي إهتمام بالآخرين حين يرى المرء أن الآخرين هم نفسه هو, و هذا هو التعاطف الأصيل.



#الناصر_لعماري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يؤمن الناس بالآلهة و الأديان ؟
- خرافة نوح
- الأخلاق الاسلامية
- المتدين يحتقر نفسه
- الموسيقى
- الوهابية
- إن لم تشك فأنت مؤمن
- الدمقراطية العربية
- فكرة تجسيد شخص الله
- فوبيا الجحيم
- الغيب و العلم
- عاطفة الإيمان
- الأخلاق الدينية
- هل من الممكن ان يكون هناك شيء اسمه تعصب اسلامي؟
- رياح خريف الاسلام السياسي
- الطب النبوي الخاطئ
- التفكير الأصولي
- الحاكمية الله


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - نقد الأخلاق البوذية