الطب النبوي الخاطئ

الناصر لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 4015 - 2013 / 2 / 26 - 11:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

اااااه.. اااتشو...معذرة انا اليوم مصاب بالزكاب ....هل لاحظتم أعزائي القراء انه حين تصابون بالزكام تكثر مقترحات الاخصائيين الغير متخصصين بعرض علاجات مختلفة فمن يقول لك اشرب حليب بالزنجبيل وواحد يقولك بابونج بالعسل و اخر يقول اشرب ماء البحر او ملعقة زيت زيتون مع الثوم و الحليب ...اليوم اقترحت علي امي علاجا حسب اعتقادها هو الاكثر نجاعة و يستأصل المرض نهائيا ...هل عرفتموه؟..لا ليس التلقيح...انها الحجامة..و طبعا انا كعادتي لم اكلف نفسي مناقشتها لانني ادرك ان هؤلاء المؤمنين عبيد النصوص و غيرهم من المساكين المحصنة عقولهم من الحقيقة لا ينفع معهم نقاش حول شيء يتعلق بالدين ...لهذا قررت ان اكتب لكم اليوم عن الطب النبوي مقالا لن تقوم بعده حجة عند احد الا من تولاه الله و اعمى بصيرته عن الحق و اتبع هواه

اعزائي القراء بداية عليكم ان تعلموا ان هناك علاقة وطيدة بين ....المعتقدات الدينية و الصحة فمنذ ألاف السنين كان الانسان يستخدم العلاج معتمدا على معتقداته الدينية معتقدين ان مصدر المرض ياتي من ارواح شريرة لابد من مواجهتها بطقوس و تمتمات يقوم بها الكاهن المتخصص بالرقية ...قرات مرة عن قبائل الزولو انهم يستخدمون عظام الاموات في التداوي من بعض الامراض كقوة طاردة لارواحهم الشريرة التي تتسبب بالامراض ..فمن هذه الشعوب البدائية نستطيع مراقبة بدايات البشرية مع الطب و العلاج و كيف كان يرتبط ارتباطا وثيقا بالمعتقدات ...فمثلا كان سكان استراليا الاصليون حين يصاب احدهم بمرض ياتي الكاهن ببيضة تسلق في بول المصاب ثم يقوم باكلها في مهرجان طقوسي ثم يتقيا المريض البيضة التي اكلها و يدفنها في التراب على امل انه قد دفن تلك الروح الشريرة التي تسببت له بالمرض

الطب الصيني القديم كان يعتمد بدوره على فكرة الارواح الشريرة المسببة للامراض ...و هناك الطب الصيني الأحدث منه و الذي يعود الى الفين سنة فقط يعتقد ان المرض سببه اختلال في التوازن بين الاضداد اليين و اليانغ و العلاج يعتمد على التحكم في الطاقة الداخلية و التي يسمونها اتشي ...الى اخر هذا الهراء

كانت العرب ايضا تعتقد ان الامراض تتسبب فيها الارواح الشريرة و التي يسمونها (الجن) و منها ظهر مصطلح الجنون للمريض عقليا بسبب دخول هذه العفاريت الى جسد الانسان و التحكم فيه فابتكرو لذلك اساليب علاجية تعتمد على الرقية التي تعتمد على طلاسم تعمل على طرد تلك العفاريت من الجسد و تعاويذ ...و كذلك الاسلام ورث هذا المعتقد و يرجع سبب الامراض الى الارواح الشريرة ...فيقول صلعم في الطاعون مثلا: الطاعون وخز أعدائكم من الجن ، و هو لكم شهادة
الراوي: أبو موسى الأشعري
خلاصة الدرجة: صحيح المحدث : الالباني (صحيح الجامع)ا

الا ان هناك شعبا واحدا في هذا العالم تمكن من تفسير الامراض بطريقة منطقية عقلانية بعيدة عن الارواح الشريرة و العفاريت و الكلام الفارغ....انهم الاغريق...لاول مرة في تاريخ البشرية يبتعد الدين عن الطب و يظهر علم خاص بالطب و ظهر ابوالطب (ابو قراط) الذي اكتشف ان اجسامنا تمرض باسباب عضوية لا علاقة لها بالارواح الشريرة و لا يمكن علاجها الا بالبحث الجاد عن ذلك السبب في أجسامنا...و بفضله ظهر الى الوجود ما يسمى بالطب الحديث الذي لا يعتمد على اي تفسير خارج الطبيعة للامراض و بعده ظهر أطباء حاولو اكتشاف نظريات جديدة تفسر الامراض التي تحدث للانسان مثل الطبيب ...جالينوس ...صاحب النظرية التي تنص على انه في حالات مرضية يقوم القلب بانتجاج دم فاسد و يجب اخراجه عن طريق الظهر قبل ان يستهلكه الجسم..و ابتكر لذلك الحجامة ..نعم كان الانسان قديما يعتقد ان القلب ينتج الدم و الرئتين تضخه و الاعضاء تستهلكه حتى اكتشف ويليام هارفي الدورة الدموية و اكتشف ان القلب هو المضخة و ليس الرئتين و ان القلب يدور في الجسم و لا يستهلك و بعد تم اكتشاف التلقيح و التطعيم بعد اكتشاف الجراثيم و هي المسؤولة عن الامراض اذا تلوث بها الدم ....و في القرن التاسع عشر اعلن العالم الفرنسي بيار لويس ديشون عدم جدوى ممارسة الحجامة التي كانت منتشرة في اوربا في القرون الوسطى اعتمادا على نظرية جالينوس لفساد الدم و بعد ذلك توقف الاطباء في العالم عن ممارستها و طبعا هذه نظرية تعود الى القرن الاول الميلادي و هي نظرية بمنظور الطب الحديث طبعا خاطئة و قد تتسبب بمخاطر على الجسم الا ان الكثير من المسلمين مازالو يعتمدونها في القرن الحادي و العشرين بسبب اضفاء الصبغة الدينية عليها حين انتقلت الى العرب
و على فكرة فالطبيب جالينوس أيضا هو مصدر اية تطور الجنين في سورة ال عمران : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا
و طبعا هي ايضا بمنظور الطب الحديث مراحل خاطئة وضعها الطبيب جالينوس في القرن الاول و انشرت بين الثقافات المجاورة و مازال الكثير من المسلمين يعتقدون انها صحيحة بسبب اضفاء صبغة دينية عليها ايضا

ان ما يسمى بالطب النبوي في الحقيقة ما هو الا خرافات الجاهلية الممزوجة بالطب اليوناني القديم و رقية و التعاويذ من عين الحاسد و التداوي ببول الجمال و الكي بالنار ...تفاهات عند العرب سنة نبوية مؤكدة و مضمونة النتائج يعتمدها تجار الوهم المحصنين بالنص المقدس ليبيعو الناس الاوهام و يجنو الثروات الطائلة و من هؤلاء الدجالين صرنا اليوم نسمع عن عودة الحجامة و نظرية الدم الفاسد الخاطئة

هذا هو يا اعزائي الدور السافل الذي يلعبه هؤلاء الدجالين من دعاة الطب النبوي الخاطئ لتعزيز التخلف و الخرافات بين البلهاء بعد ان حشرهم العلم هم و خرافاتهم في زاوية ضيقة ...صارو يراهنون على ..أمة لا تقرأ

#الناصر_لعماري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل