الغيب و العلم

الناصر لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 4017 - 2013 / 2 / 28 - 14:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ربما يرى الكثير من الناس ان فكرة وجود اله فكرة مرغوب فيها.. لكنني شخصيا اعتقد انه ليس هناك فكرة اسوء من الاعتقاد ان هناك شخص ما في السماء يهتم بنا و يقوم بالاشياء بدلا عنا ...هل تعلم لماذا عزيزي القارئ؟ ...لان هذه الفكرة قد تجعل الانسان يثق في الغيب .فليس هناك شيء اكثر كأبة في هذه الحياة من ان تكرس حياتك للتعبد و القيام بتعليمات جاءت من ذلك العالم المجهول فالغيب هو عدو العلم و لا يلتقيان ابدا فاذا اخترت ان تثق في الغيب فلابد ان تضحي بالعلم

الغيب هو الغموض و العلم هو عدو الغموض ...العلم يحتل الاراضي الفكرية التي احتلها الدين يوما ما و كرس الغموض فيها فيضيئها و يزيل الغموض و يذيب الغيب ...ان الذي انقذ حياة البشر هو العلم و ليس الغيب و الطب و ليس اية الكرسي فاذا كان ابو لحية و ابو عمامة و الراهب صاحب القلنسوة المعلقة على رقبته كالبقرة يعتمد على الغيب فاعلم ان حقنة تطعيم واحدة تساوي الالاف من الادعية و الصلوات و الرقية السحرية ...أقصد الشرعية ...فمن نصدق العلم او الغيب؟

اسأل نفسك عزيزي القارئ ...ماذا ساهم هؤلاء الذين يتحدثون باسم الغيب في تطوير هذا العالم ...ماذا قدم رجال الدين للبشرية و كم راهب اخترع لنا شيئا ...هل سمعت عن شيخ اخترع الة مفيدة للبشرية؟ ...ان الغيب لا يزيد ابدا من سعادة البشرية ...بل هو الشر ذاته ...انه غموض و فراغ في المعرفة تعشعش فيه الاديان

حياة البشرية تحسنت في القرون الاخيرة بسبب العلم و ليس بالصلاة و لا بالدعاء ...حياتنا البشرية تتحسن بتطوير سياستنا و اقتصادنا و في تطوير قوانيننا و ابتكار و التطوير في الزراعة و الطب و الهندسة و رفع مستوى التعليم ....فمن يستطيع ان يفعل كل هذا ؟...هل هم الكهنة و الشيوخ؟ا...طبعا لا ..فاصحاب نظريات الغيب من الشيوخ و السلفيين و القديسين و الصوفيين و الكهنة و الحاخامات و المشعوذين و الرهبان و الراهبات و المنجمين و المنقبات و الملتحين و غيرهم من الطفيليين و من على شاكلتهم من الاعجازيين و أعداء العلم و يريدون تعطيله بشتى الطرق ...انهم يريدون تعطيل الحضارة فهؤلاء هم أعداء الانسانية و سبب الحروب في الشرق الاوسط و زيادة معاناة الانسان هناك ثم يصدرونها الى العالم ....انهم يمثلون الصورة الكريهة للانسانية ..هؤلاء يقدمون لنا العنصرية و الحروب و القتل و سفك الدماء

عزيزي القارئ...عليك ان تتاكد ان الصلوات و الدعاء لا تنفع لاننا نحن من نغير بعملنا و بمجهودنا فنحن من نغيث و نحن من نساعد و نحن من نعمل لتجنب الكوارث و نحن من نشفي المرضى و الله عاجز عن ذلك تماما لانه غائب في عالم الغيب و الغموض في عالم خارق للطبيعة تعيش فيه الملائكة و العفارين و السحرة و السوبرمان الذي يشق البحار و اخر يشق القمر و سوبر وومن تهز جذع النخلة بيد واحدة و اخر يمشي فوق الماء و اخر يعيش في بطن الحوت و ذلك يتكلم مع الحشرات ....انا لست اتحدث عن كتاب هاري بوتر انه عالم الغيب الذي تؤمن به انه الكتاب و السنة

ان احاسيسك الرواحانية الاسفنجية عزيزي المؤمن مهما كانت قوية فهذا لن يغير من حالك فمهما تعصر ابو عمامة و بكى و هو يذكر قصة الحسين و مهما بكى الشيخ ابو لحية و يقرا سورة المواشي او الانعام و مهما تنكر البابا بكل انواع الثياب المزركشة اللماعة فهذا لا يفيد .....العلم و المعرفة هي التي تغير العالم

الحقيقة ان الملحد و المؤمن كلاهما يثق في العلم مرغما و ان كان الاخير يغلفه بالادعية و الصلوات و يشكر الهه بدل ان يشكر صاحب ذلك الابتكار ...لاحظ حتى السلفي المتخلف ابو لحية منكوشة صار يثق في العلم و يعتمد عليه و صار يرى انه اكثر جدوى من الرقية و الدعاء ...ارايت عزيزي المؤمن فكلانا نثق في العلم و نحن لسنا بحاجة ان نزيد ايماننا به و نصلي لكي لا نفقد ايماننا بالعلم كما تؤمن انت بالغيب ....لان العلم يبصق في وجه منكريه كل يوم فنا اثق في علم الهندسة و متيقن ان هذا السقف الذي فوقي لن يسقط لانه مصمم وفق قواعد علمية و لو دعا علي كل مشتركي هذه الصفحة من المسلمين لن يسقط انه مثل مفتاح النور ...فانت حين تضغط عليه لن تفكر ان كان المصباح سيشتعل او لا بل تفعل ذلك تلقائيا أرايت عزيزي المؤمن كيف هو بديهي جدا ان تثق في العلم لانك تعرف ان علم الهندسة الكهربائية الذي صمم ذلك المفتاح لا يحتمل الشك و لا يحتاج حتى ان تؤمن به لانه يثبت نفسه بنفسه كل يوم...انه مثل الجسر الذي تمشي عليه بسيارتك بكل ثقة و انت تعرف انه لن ينهار

الغيب بحاجة الى ايمان ...الغيب لا دليلة على حقيقته حتى و لو اوحى لك الشيوخ عزيزي انه لا داعي للدليل عليه او انك لا تحتاج ان تتاكد انه موجود فهذا لانه لا يوجد اي دليل تتاكد من خلاله انه يعمل ...ان كل ما يتحدثون عنه هو أن تظن انه موجود فقط و ليس اكثر ...اذا فليس هناك اي سبب عزيزي المؤمن ان تصدق ما يقوله لك الدين لانه كله ظنون فان اردت ان تتاكد مما اقول فلنقم بهذه التجربة البسيطة
قم باحضار اطار سيارة .. و ادعه ان يعطيك مليون دولار ....فما هو احتمال ان تفوز بمليون دولار يا ترى ؟...الاحتمال الاول: أن تحصل عليه فورا الاحتمال الثاني: ان لا تحصل عليه أبدا الاحتمال الثالث : أن تحصل عليه لاكن لاحقا و طبعا لو ان احتمال ان تحصل على مليون دولار بطريقة ما تحقق سوف تضحك و تقول طبعا هي صدفة و اطار السيارة ليس هو السبب في حصولي على مليون دولار

الان لنرى ما هي الاحتمالات الممكنة حين تدعو الله الذي تؤمن به من عالم الغيب ان يعطيك شيء : الاحتمال الاول: ان يعطيك ذلك الشيء فورا ...الاحتمال الثاني : ان لا تحصل على ذلك الشيء ابدا..الاحتمال الثالث: ان تحصل على ذلك الشيء لاكن لاحقا
لاحظ عزيزي المؤمن ان احتمال ان يتحقق لك شيء بالاعتماد على القوى الخارقة التي تاتي من الغيب هو نفسه الاحتمال ان يتحقق لك باعتمادك على قاروة كوكاكولا او طنجرة او اطار سيارة ان تحقق لك رغباتك فاطار سيارة يجيب الداعي اذا دعاه بنفس مستوى احتمال ان يجيبك الهك

و اخيرا انا انصح هؤلاء المؤمنين الذين يعتقدون انهم يستطيعون تغيير أحوالهم بالاعتماد على الغيب و يصدقون قصص غبية و حكايات مجانين يسمون انفسهم انبياء ان يعتزلونا و يذهبو الى مساجدهم و كنائسهم و معابدهم و كهوفهم يتعبدو فيها الههم المجهول الغائب في عالم الغيب و يطلبو منه ان يحقق لهم رغباتهم حتى يموتو و يرحلو في مركبة فضائية الى جنتهم هناك في ذلك الغيب و ان يحذرو فقط ان يصطدمو باحد اقمارنا الصناعية المفيدة التي نستخدمها لمراقبة الكوارث و الأعاصير و مشاهدة قنوات المسخرة الاسلامية المسلية و اما انت عزيزي الكافر فلتتعلم و لتعمل لكي تتقدم اكثر و تحصل على حياة افضل من حياة هؤلاء المؤمنين بعيدا عن أساطير و خرافات عالم الغيب الغائب و اذا كان الله موجود فليعترض اذا على ما أقول

#الناصر_لعماري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين