أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - رواتب أردنية للوقاية من -التَّسَوُّل-!














المزيد.....

رواتب أردنية للوقاية من -التَّسَوُّل-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 09:55
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



إنَّ لـ "الراتب"، في مؤسَّسات القطاعين العام والخاص، في الأردن، نظامه، ومنطقه، ومعاييره؛ ولقد أتى الفساد على الراتب حتى أصبح نظام الراتب جزءاً من نظام الفساد العام؛ وأوجه هذا الفساد (الذي اعترى نظام الرواتب في مجتمعنا) كثيرةٌ جدَّاً، نرى منها استفحال ظاهرة "وظائف بلا أعمال"؛ فإنَّ اعتبارات "غير مهنية"، مُهِينة للمِهْنة، تَكْثُر وتتكاثر في مجتمعنا الشرقي، بمكوِّناته الاجتماعية والثقافية دون الرأسمالية، هي التي تَكْمُن في كثيرٍ من قرارات وطرائق التوظيف والتشغيل؛ فإمَّا أنْ يُسْتَحْدَث لهذا الموظَّف (الذي تَوَظَّفَ من طريق "الواسِطة"، أو من طريق تَمَاثُل الموظِّف والموظَّف في انتماء ما من الانتماءات التي تَعْكِس بوجودها وقوَّتها ضَعْف المواطَنة) وظيفة لا يَسْتَلْزمِها، ولا يحتاج إليها، عمل المؤسَّسة، وإمَّا أنْ يُناط به عمل، تحتاج إليه المؤسَّسة، موضوعياً؛ لكنَّ العمل نفسه لا يحتاج إلى هذا الموظَّف الجديد، لِقِلَّة أو انعدام كفاءته وأهليته.
هذا الصِّنْف من "الموظَّفين"، بعضه يؤدِّي عملاً غير ضروري، ولا تحتاج إليه المؤسَّسة، موضوعياً، وبعضه لا يَصْلُح لتأدية عمله الذي هو ضروري، متقاضياً، مع ذلك، راتباً قد يكون من العُلُوِّ بمكان، فيترتَّب على استشراء هذه الظاهرة، ظاهرة "وظائف بلا أعمال"، تنامي جيش العاطلين عن العمل في المجتمع؛ وغالبية أفراد هذا الجيش هم من ذوي الكفاءات؛ ومُحرِّفاً قليلاً قولاً عظيماً لآينشتاين، أقول: اثنان لا نهاية لهما، الكون، وغباء نظام التوظيف عندنا؛ مع أنَّني لستُ متأكداً بخصوص الكون.
إنَّهم جيوش ثلاثة، الأوَّل هو جيش "وظائف بلا أعمال"، والثاني هو "جيش العاطلين عن العمل"؛ أمَّا الثالث فهو "الجيش النظامي" من الموظَّفين والذي تتضرَّر رواتبه من تنامي الجيش الثاني.
ومن أوجه الفساد نفسه، اضمحلال المعايير والقيم الإنسانية والحضارية في الراتب حتى أصبحت "أنْسَنة" الراتب، ورَفْع منسوب "الآدمية" فيه، المطلب الأوَّل والأهم من مطالب الإصلاح الإداري الذي في الأساس منه يَكْمُن إصلاح نظام الرواتب في مجتمعنا.
ولقد فَسَد نظام الرواتب حتى أصبح الراتب على وجه العموم (أي باستثناء الرواتب التي يتقاضاها أعضاء "الأرستقراطية الإدارية" في مؤسَّسات القطاعين العام والخاص) أبعد ما يكون عن "الراتب"، أو "المعاش"، وأقرب ما يكون إلى معونة مالية للوقاية من التسوُّل (الاستعطاء والشِّحاذة) تكفي متلقِّيها (غالبية الموظَّفين) شرَّ مدَّ يده إلى "المُحْسنين"، وإلى ما يشبه "الممات" بمعانيه الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والحضارية.
إنَّ "فلاسفة" نظام الرواتب عندنا يضربون صفحاً عن حقيقة أنَّ الراتب، بأهليته لتلبية حاجات الإنسان في هذا العصر الذي نعيش، هو "الدِّرع" التي تحمي صاحبها إنسانياً وأخلاقياً، أو "الشوك" الذي يحرس الوردة بأوراقها الرقيقة، فإذا أُفْقِر الإنسان مادياً (أي اقتصادياً) فلن يقوى زمناً طويلاً على مواجهة مخاطِر إفقاره روحياً وأخلاقياً. هؤلاء ("الفلاسفة") إنَّما يمثِّلون مصالح أولئك المُغْتَنين من الإفقار المادي للموظَّف (عبر نظام الرواتب الذي يتوفَّرون على حفظه وصونه) والذين لا يميَّزون خدمة الموظَّف للمؤسَّسة من جَعْل الموظَّف نفسه خادماً لصاحبها، وكأنَّ غايتهم أنْ يُثْبِتوا بالأفعال أنَّ الموظَّف هو الإنسان بصفة كونه البضاعة الأرخص في المجتمع؛ ولقد صَدَقَ جون وليامز إذْ قال: ما فائدة الدنيا الواسعة إذا كان حذاؤك ضيقا؟!
رواتب الموظَّفين، في معظمها، هي دون "الحقِّ المهني" لصاحبها الذي يعطي (بما يتمتَّع به من خبرة وكفاءة مهنية) أكثر، وأكثر كثيراً، مِمَّا يأخذ من صاحب المؤسَّسة على شكل راتب؛ ودون "الحق الإنساني"، فراتبه لا يكفيه، أو يكفيه فحسب، لاستئجار شقة؛ فكيف له أنْ يتزوَّج (في مجتمع مُثْقَل بالأعباء المالية لتقاليد وعادات الزواج) وأنْ يؤسِّس أُسرة؟!
وكيف له أنْ يشعر بالانتماء، وأنْ ينمو فيه الانتماء، فكراً وشعوراً وممارَسةً، وهو يرى "الشيخ" يُنْفِق من المال لإطعام "كلبه"، والعناية به، أكثر ممَّا يتقاضاه معظم الموظَّفين من رواتب؛ ولقد كان كالين هايتارو على حق إذْ تساءل في دهشةٍ واستغراب قائلاً: لمــاذا ليس في الإنسان مــا يكفي من الإنســـان؟!
يقولون إنَّ على المواطِن أنْ يسأل نفسه ماذا قدَّم هو للدولة قبل أنْ يسأل ماذا قدَّمت الدولة له. هذا قول لا يقره منطق المواطَنة؛ فالدولة تعطي وتعطي المواطِن؛ ثمَّ يحقُّ لها أنْ تسأل المواطن ماذا قدَّم لها، فالأب لا يسأل ابنه ماذا قدَّم له إلاَّ بعد أنْ يعطيه ويعطيه حتى يصبح قادراً على العطاء؛ أمَّا أنْ تسهر الدولة على حرمان مواطنها من كل شيء تقريباً؛ ثمَّ تسأله ماذا قدَّم لها فهذا إنَّما هو الوقاحة بعينها.
قِلَّة قليلة من الموظَّفين المُصْطَفين الذين يَنْتَمون، في المنطق المتهافت نفسه، إلى ما يشبه "شعب الله المختار"، هم الذين يَنْعَمون بامتياز "الراتب السماوي"، وبامتياز "الهوَّة السحيقة" بين هذا الراتب وبين متوسط الرواتب في المؤسَّسة، وبغير ذلك من الامتيازات؛ وفي هؤلاء "المُصْطَفين" أقول: ما عَرَفْتُ أسخف من الذين يَحْفرون أسماءهم في الصخور ليُخَلَّدوا.
وإنَّ "البطالة"، التي يَحْرِصون عليها كل الحرص، وينافِقون في إظهارهم الحرص على مكافحتها، هي سلاحهم الأمضى في ترويض وإخضاع صغار الموظَّفين، أي الذين لا يتقاضون من الرواتب إلاَّ ما يقيهم شر التسوُّل، فربُّ العمل، أكان الدولة أم الفرد، يدعو كل موظَّف من هؤلاء الموظَّفين إلى أنْ يَحْمِد ربه على هذا المكروه؛ لأنَّه يظل في عيش أفضل من عيش ذاك العاطل عن العمل؛ وقد يخيِّره قائلاً له إمَّا أنْ تَقْبَل هذا "الممات" المسمَّى "معاشاً"، وإمَّا أنْ تنضم إلى جيش العاطلين عن العمل.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تنادي موسكو بحلٍّ -يقرِّره الشعب السوري-!
- نِصْف الطعام في العالَم -تأكله- صناديق القمامة!
- صورتنا في -مرآة الزعتري-!
- بشَّار الثالث!
- حتى لا يعيث التعصُّب الطائفي فساداً في الربيع العراقي!
- تباشير فَجْرٍ عراقيٍّ جديد!
- نتنياهو إذْ جاء متأبِّطاً -الكونفدرالية-!
- إذا ما زار نتنياهو الأردن..!
- سيكولوجيا انتخابية أردنية!
- هل نسي الأسد أنَّ فَتْح دمشق بدأ بمعركة اليرموك؟!
- فكرة -نهاية العالَم- ما بين -الخرافة- و-العِلْم-!
- ما معنى -دين الدولة هو الإسلام-؟!
- في ديباجة مسودة الدستور المصري
- الشرع إذْ شَرَّع طريقاً إلى -الإنقاذ-!
- المادة الغائبة عن الدساتير العربية!
- -صندوق الاقتراع- يُشدِّد الحاجة لدينا إلى مارتن لوثر إسلامي!
- كلاَّ إنَّ الإنسان لم يُوْلَد حُرَّاً!
- -أزمة دستور- أم -أزمة ثورة-؟
- توقُّعات ونتائج!
- فضيحة البرادعي!


المزيد.....




- غدا.. اجتماع لكبار المسئولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ...
- تعرف على بنود مشروع جدول أعمال الملف الاقتصادي والاجتماعي لل ...
- ابدء الاحتراف الان .. خطوات تحميل eFootball 2024 بسهولة وابد ...
- مصادر: إمدادات الخام السعودي للصين ستهبط 5.8 مليون برميل في ...
- اقتصاد بريطانيا ينمو 0.6% بالربع الأول متجاوزا التوقعات
- أرباح -الأنصاري- في الربع الأول تهبط بـ 26% على أساس سنوي
- مذكرة تفاهم تُعزز التعاون التجاري بين الإمارات وإندونيسيا
- أسهم أوروبا تفتح على ارتفاع غير مسبوق.. وتتجه لمكاسب أسبوعية ...
- تعرف على أكثر الدول إنتاجا وتصديرا للبطيخ.. بينها 3 بلدان عر ...
- تقرير يكشف حجم فاتورة حرب غزة على الاقتصاد الإسرائيلي


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - رواتب أردنية للوقاية من -التَّسَوُّل-!