أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - المادة الغائبة عن الدساتير العربية!














المزيد.....

المادة الغائبة عن الدساتير العربية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3943 - 2012 / 12 / 16 - 20:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الحياة السياسية" في مجتمعاتنا العربية، والتي يُفْتَرَض أنْ يَشْحَنَها "الربيع العربي" بكثيرٍ من قِيَم ومبادئ الديمقراطية، ما زالت تُعاني أمراضاً، بعضها مُزْمِن وعضال؛ ولا بدَّ لها من أنْ تشفى منها، وإلاَّ ظَلَلْنا كمثل من لا يتقدَّم خطوة على طريق الديمقرطية، و"الدولة المدنية"، إلاَّ ليتراجع خطوات.
وإنَّ أخطر هذه الأمراض نُعاينه في خُلوِّ الدساتير العربية من مادة في منتهى الأهمية هي المادة التي فيها يُجَرَّم كل مَنْ يَسْتَخْدِم الدِّين (وبصرف النَّظر عن أسلوب أو طريقة الاستخدام) لأغراض ومآرب وغايات سياسية (وانتخابية على وجه الخصوص).
وهذا إنَّما يعني أنَّ الزَّجَّ (أيْ كلَّ زَجٍّ) بالدِّين في السياسة يجب أنْ يُحْظَر دستورياً، وبنَصٍّ دستوري واضح جلي لا لبس فيه، وأنْ يُعَامَل على أنَّه "جريمة يُعاقِب عليها القانون"، وأنْ يُتَّخَذَ هذا "التجريم (أو التحريم)" أساساً من الأُسُس التي يقوم عليها قانون الأحزاب السياسية، أيْ قانون إنشاء الأحزاب السياسية، والترخيص لها بالوجود.
وأحسب أنَّ "الإصلاح الدِّيني (الإسلامي) في بُعْدِه السياسي (على وجه الخصوص)" يجب أنْ يَسْتَهْدِف (ويتمخَّض عن) تحريم ديني (أو ما هو في منزلة التحريم الدِّيني) لكلِّ "تشكيل ديني" للسياسة، أي لكلِّ مسعى يُبْذَل لإعطاء محتوى أمْرٍ، أو شأنٍ، سياسي شكلاً دينياً؛ فالسياسي من الأمور والشؤون، ولجهة "محتواه (ومضمونه)"، والذي هو "دنيوي خالِص"، لا يَقْبَل، وينبغي له ألاَّ يَقْبَل، أي "شكلٍ دينيٍّ".
و"السؤال الفاسِد" هو الذي يكون من قبيل "ما هو حُكْم (رأي) الشَّرْع (أو الدِّين) في هذا الأمْر، أو الشأن، السياسي؟"؛ فليس من "سؤالٍ سياسي" يَقْبَل، أو يتقبَّل، "إجابة دينية"، ولو كانت على هيئة "إشارة (أو تلميح) في نَصٍّ دينيٍّ إلى أمْرٍ سياسي ما"؛ وإنَّ "أسوأ استغلالٍ"، على ما أرى، هو "الاستغلال الدِّيني" في "السياسة"، والذي نراه على وجه الخصوص في سعي الأحزاب السياسية المتدثِّرة بالدِّين إلى أنْ تَكَسُّب النُّفوذ الشعبي من طريق دغدغة العواطف الدِّينية للعامَّة من الناس، أيْ إثارة وتحريك العواطف الدِّينية للناس بما يَخْدُم الأغراض والمقاصِد والمآرب السياسية لهذه الأحزاب؛ وهذه "الدَّغْدَغَة" هي "المكيافلية في أسوأ صورها وأشكالها"!
وإذا ما كان لي الحق في أنْ اُعَرِّف، عن "الإسلاميين (الحزبيين)"، "الحزب السياسي الإسلامي"، لَقُلْتُ إنَّه جماعة منظَّمة من المسلمين، تُؤمِن وتَعْتَقِد بالصلاحية السياسية للفكر الإسلامي، وبوجوب اشتقاق واستخلاص وإنشاء وتطوير آراء ووجهات نظر ومواقف (وبرامج سياسية حزبية) من هذا الفكر، الذي، وعلى ما يرون، يتَّسِم بـ "الشمولية"، ولن تشذَّ حتى "السياسة" عن "شموليته".
إنَّ أسوأ ما في ظاهرة "الحزبية السياسية الدينية" هو إخضاع الحياة السياسية (لمجتمع مسلم، يشتد ميل أبنائه، والشباب منهم على وجه الخصوص، إلى التديُّن) لمبدأ "الحلال والحرام"؛ فالمؤسَّسات والأحزاب الدينية غرست في عقول العامَّة من الناس فكرة مؤدَّاها أنَّ الآراء ووجهات النَّظر والمواقف السياسية يجب أنْ تُوْزِن هي أيضاً بميزان "الحلال والحرام"؛ ولقد غدا الناخب المسلم في تصويته لهم كَمَن يُخْرِج "الصَّدَقة"، أو كَمَن يعطي شيئاً تَقَرُّباً لله، ورجاء الثواب والمكافأة!
إنَّ حزب أردوغان في تركيا، ولجهة مواقفه من قضايا ومسائل خلافية عِدَّة، كمثل صلة الدِّين بالسياسة، والحقوق الديمقراطية والمدنية، والدولة المدنية، والعلمانية، يَصْلُح نموذجاً للتطوُّر الفكري (والسياسي) الحزبي الإسلامي الممكن والضروري في بلادنا العربية، وفي مصر على وجه الخصوص؛ وأحسبُ أنَّ الحاجة تشتد إلى أنْ تأتي قيادة هذا المسار (في مصر) من حزب مرسي، ومن آخرين في مقدَّمهم الجماعات والقوى التي يمثِّلها أبو الفتوح والعوا.
ومع نموِّ وتبلور هذا الاتِّجاه الإسلامي الجديد (متعدِّد المَصْدَر) بمساعدة ضغوط حاجات الواقع الجديد الذي جاءت به ثورة 25 يناير (المستمرة) يمكن أنْ يَشْهَد التناقض بينه وبين "الاتِّجاه الآخر (المنتمي هو أيضاً للثورة المصرية)" مزيداً من التقويم، فتزداد العزلة الشعبية والسياسية لقوى وجماعات العهد البائد، وللقوى والجماعات الإسلامية المتعصِّبة والمتزمته، والتي لا تملك في ذاتها الفكرية والسياسية من أسباب التطوُّر ما يجعلها متصالحة مع مقوِّمات وأُسُس "الدولة الديمقراطية المدنية".
ولا شكَّ في أنَّ السَّيْر قُدُماً في هذا الاتِّجاه سيَتْرُك أثراً قوياً في الدستور نفسه؛ فيرتفع فيه أكثر، وفي استمرار، منسوب القِيَم والمبادئ الديمقراطية، وتتوطَّد، من ثمَّ، الأُسُس الدستورية للدولة المدنية، التي هي كائن ينمو، ولا يُوْلَد مكتملاً تامَّاً؛ فالثورات، ومهما كانت قوَّتها، لا تأتي إلاَّ بما يُطْلِق ويُحرِّر يَديِّ التاريخ في الهدم والبناء المستمرين.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -صندوق الاقتراع- يُشدِّد الحاجة لدينا إلى مارتن لوثر إسلامي!
- كلاَّ إنَّ الإنسان لم يُوْلَد حُرَّاً!
- -أزمة دستور- أم -أزمة ثورة-؟
- توقُّعات ونتائج!
- فضيحة البرادعي!
- حِرْصَاً على ثورة 25 يناير..!
- كيف تؤثِّر -الكتلة- في -الفضاء-؟
- -مجتمع الحقوق- أوَّلاً!
- -لا- ل -الإسلام السياسي-.. -نَعَم- للدستور الجديد!
- -صاروخ فَجْر- الذي أُطْلِق من نيويورك!
- كَمْ هو -غالٍ- هذا -المجَّاني- في -العرض الإيراني-!
- هل نحن أهْلٌ للديمقراطية؟
- حتى لا تَفْقِد الثورة المصرية بوصلتها!
- اقتراحٌ لحلِّ الأزمة بين قوى الثورة المصرية!
- حذار من الوقوع في هذا الشَّرك!
- من -مخيَّم اليرموك- إلى -قطاع غزة-!
- معنى -النَّصر- و-الهزيمة- في -عمود السحاب-!
- هذا ما ينبغي للعرب فعله الآن!
- غزَّة بمعانيها الجديدة!
- 29 تشرين الثاني 2012!


المزيد.....




- الرئيس التنفيذي لشركة أبل يهدي ترامب لوحًا تذكاريًا مصنوع من ...
- ماذا نعلم عن الرقيب الذي أطلق النار على خمسة جنود في قاعدة ف ...
- ترامب محق.. أرقام صادمة تدخل خزينة أمريكا بسبب الرسوم الجمرك ...
- بعد قرار لبنان تجريده من سلاحه قبل نهاية العام... ما الذي بق ...
- دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!
- السودان يعلن تدمير طائرة إماراتية ومقتل عشرات المرتزقة الكول ...
- رسوم ترامب المرتفعة تدخل حيز التنفيذ .. هل ينقلب السحر على ا ...
- هل تؤثر التغيرات المناخية في تسارع دوران الأرض؟
- بلا طعام ولا أهل.. حازم البردويل يروي حكاية البقاء في غزة
- تقرير يكشف تطوير دول رؤوس نووية جديدة.. ما عليك معرفته


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - المادة الغائبة عن الدساتير العربية!