قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 11:40
المحور:
حقوق الانسان
خارج التداول
كعملة اهل الكهف، حينما افاقوا من سباتهم الطويل ، واحسوا جوعا وحاجة لطعام ، ارسلوا احدهم الى المدينة ، عله يحصل على ما يسد رمقهم ، لكنه يفاجأ بأن ما يحمله من "ورق" ،قد خرج من التداول ، وأن ما يحمله لا يساوي وزنه !! شيء تافه . ظن هؤلاء القوم ،أن ما يملكونه سيحميهم غائلة الزمان ،فاذا به يتحول الى لا شيء ، أو الى شيء ليس لأحد به حاجة .
وفي ايامنا هذه ،نشاهد وعلى شاشات التلفاز كيف يقوم عمال بحرق الرزم المالية بالأطنان ،نفس الرزم التي كانت متداولة ، كانت محط الأنظار ومنية النفوس والقلوب ، ادخلت البهجة والسرور الى نفس مالكها ورفعته فوق اقرانه درجات ! كم من الفقراء قضوا عمرهم بأكمله وهم يحلمون في الحصول على رزمة سميكة من هذه الاوراق ، تحل لهم كل مشاكلهم ، وتقربهم من تحقيق امالهم في الحصول على رغد العيش ، وتريحهم من عناء الحياة ووعثاء السفر الطويل فيها!! يستبدلون اسمالهم ، ثيابا من افخر وأكبر بيوت الأزياء العالمية ، ويريحون اقدامهم التي انهكها السير "بأمتطاء " سيارة حديثة او جيب رباعي الدفع ! ومعداتهم التي بقت خاوية وناموا على الطوى ، يملؤونها بخيرة واطيب ما انتجه اشهر الشيفات في ارقى المطاعم . يريدون ان يحتكوا ولو لمرة واحدة " بنجومهم "ويذوقون طعم النجومية والأهمية ، التي يحصل عليها المشهورون والمهمون والأغنياء ممن ولدوا مع ملعقة من ذهب في افواههم .
فهذه الرزم ، التي ستلتهمها النيران ، أدارت عجلات الحياة بخيرها وشرها . فكم من مناورات اقتصادية ، واستبداد واستغلال فاحش ، بل واستعباد للبشر من اجل زيادة المخزون من هذه الأوراق المالية. وكم من القتلى على مذبح شهوة المال!
غامر اللصوص بحيواتهم من اجلها ، وانزلت المومسات الى الشوارع ، علهن يحصلن على مكسب يصب في جيوب رعاتهن ، الذين بذلوا كل جهد مستطاع في تجنيد "لحم طازج" و "دم جديد " لمهنة الهوى ، من اجل حفنة دولارات ! ألا يحاول مروجو المخدرات يوميا ، الايقاع بصيد سهل جديد ، لضم مستهلك اخر يصب الفضة في جيوبهم !
أليست اغلب الرذائل والموبقات ، ألاعمال الساقطة ، الاستغلال البشع ، الفقر ، المرض ، الجهل ، أليست كلها الا الوجه الاخر "للعملة " ؟ غريزة تملك الاشياء ، المدفوعة بأنانية مطلقة ، والتي وضعت لنفسها شعارا مقدسا : "بعدي الطوفان ". المهم أنا ، رفاهيتي ، سعادتي ولتبك كل الأمهات !
المعايير والقيم الانسانية البسيطة ، اصبحت خارج التداول ، في زمن التغول!
لكن حلم الفقراء ، بلقمة هنية ، وملبس نظيف ، ومسكن وعلاج . حلم الفقراء بالعدالة الاجتماعية ، سيبقى عملة متداولة، حتى يصبح الحلم حقيقة ! وكل حلم وانتم بخير .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟