أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - في رحاب المطلق














المزيد.....

في رحاب المطلق


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 3887 - 2012 / 10 / 21 - 17:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم يكن حدثاً مفاجئاً، أن حازت الكاتبة (فؤادة العراقية) على التفاتة عطوف من الدكتورة نوال السعداوي.
والدكتورة نوال السعداوي – وإن تكن غنية عن التعريف - شخصية فكرية وأدبية ومناضلة عريقة في مجال حقوق المرأة، لم يعرف الشرق العربي قبل بداية الألفية الثالثة نظيراً لها بين النساء في الحماسة والشجاعة وروعة الإبداع.
ولا يقلّل من هيبتها، وعظم شأنها، وأثرها في الأجيال، أنها انحرفت شيئاً عن قضية المرأة، بما هي قضية اجتماعية وثقافية وحقوقية، إلى حيّز الصراع الجنسي بين الذكر والأنثى. ولا يحبط جهودها الفكرية أو يشينها، أنها إبان الثورة على حكم الرئيس حسني مبارك، تورّطت في أوحال السياسة، كما يتورط السياسي الفاتك يؤججه الطموح إلى الاعتلاء ببرنامجه ومنفعته إلى قمة الهرم ولو على جثث الملايين. ولا مشاحة في أن دارسيها وتلامذتها لن يعدموا أسباباً تبرِّر موقفها، وتخفف من نتائجه غير الحميدة على نقاء فكرها وصفائه؛ هذا الفكر الذي كان ينبغي ألا يعكره انحياز أو ميل لفريق من أبناء وطنه يتخذ من العنف أداة لمحق فريق آخر مهما تكن البواعث؛ لأنّ المفكر حكيم، والحكمة تقضي أن يكون ناصحاً لقومه، مصلحاً بينهم، رائباً صدوع الاختلاف الحادث فيهم. إن الحكمة – بكلمة مفردة - تقضي أن يكون الحكيم للجميع دون استثناء "كالشمس تشرق على الأبرار والأشرار" وليست تقضي، بأية حال من الأحوال، أن يكونَ الحكيم المفكر خلاف ما تقضي.
ولكنْ، لماذا لم تكن التفاتتها العطوف، حدثاً فجائياً؟
الجواب عن هذا السؤال، مرتهن بمعرفة شخصية فؤادة العراقية الفكرية، ونشاطها؛ أي أنّه كان من الطبيعي أن تقلِّدها (جدتها) لفتة نفيسة منها، بعد إذ توسمت فيها حميّة لا تفتر في نصرة القضية، واندفاعاً يكاد يحاكي اندفاعها في الذود عنها. وبعد إذ ثبت لديها أن (العراقية) عقلٌ خصيب كعقل جدتها يتمخّض عن جنى رطيب بمذاق أنثوي سائغ شهي.
فهي لا تقف ولا تستوقف على ربوع (القضية) فحسب؛ بل هي تتعدى القضية إلى التأمل والتفكير العميق في حياة الإنسان، وفي الكون الرحيب: فتتساءل عن مغزى حياة الإنسان، وعن حقيقة الوجود، وتعرض لغريزة الحياة، بما يذهب الشك في قدرات المرأة الشرقية المتهمة ظلماً بالتكأكؤ والإحجام عن التأمل والتجريد.
بيد أنّ تأملاتها الفلسفية، مثل جميع التأملات الإنسانية، لا تبرأ على الدوام من عيّ وحصر، إن جاز التعبير، يصيبها في بعض الأماكن والمواقف والحالات. ولعل في الاستعانة بشاهد من أقوالها؛ دليلاً على هذا العيّ والحصر، ما يمنح القارئ الكريم انطباعاً - وإن أوليّاً – عن طبيعة مذهبها في التأمل والتفكير.
ففي إحدى محاوراتها لا تتحرَّج العراقية من أن تزعم أن لا وجود للمطلق، قائلةً: (( نحن جميعاً نعلم أن لا وجود للمطلق..)). وهذا خُلْف. فإنّ (الجميع) ليس بعالم أن لا وجود للمطلق كما تزعم، فبين هذا الجميع فريق لا يؤيد نفي المطلق، وإنما هو على يقين من وجود المطلق. إن إطلاق اللفظ (لفظ الجميع) بمثل هذه العمومية وهذه الثقة المفرطة بقضية مختلف فيها متنازع عليها؛ قد يشي بالجنوح إلى المغالطة، إلا إذا كان اللفظ صادراً عن نيّة بريئة.
ما هو المطلق؟ وهل حقاً أنه لا وجود للمطلق كما تزعم الكاتبة؟
المطلق ما كان من الموجودات على امتداد ليس يصح معه أن يقف الموجود أبداً عند حدٍّ أو نهاية، وليس هو مما يزول أو يتغير. والمطلق بالإضافة إلى الفكر الإنساني، هو الحقيقة المقوَّمة بالثبات واليقين. وهو خلاف ما كان نسبياً.
فهل الوجود الكليّ مثلاً مفتقر إلى المطلقية، وقد رسخ في العقول النشيطة وفي أبحاث العلماء أكثرِهم، أنه مطلق بلا حدود، بلا زمان، بلا نهاية؟
هل قوانين الوجود كالحركة والجاذبية والطاقة نسبية لا تتصف بالإطلاق؟ وهل المادة، بصورتها التي نعرفها وبصورتها التي نجهلها، نسبية لا ترفل بنعمة الإطلاق؟
إنّ العراقية إذ تنفي المطلق في قولها الآنف، لا تنفي المطلق في مكان آخر حيث قالت: (( كل شيء يتغير، ما عدا التغيير فإنه لا يتغير)) مؤكدة هناك أنَّ مبدأ التغيير، سرمديٌّ مطلق لا يزول. وهذا مما يدعو إلى التساؤل مع التعجب: ما الذي ألحّ عليها هنا أن تشطب عن موقفها السالف إلى موقف جديد ينكر المطلق!؟ ألعلها أرادت أن تجاري الإلهيين مخاتلةً في اعتقادهم بأنّ الوجود مخلوق؛ فهو إذن إلى نهاية؟
كيف هذا وهي الرفيقة الماركسية!؟
ومما يكثر حوله اللغط والتجاذب، الحقيقةُ بالإضافة إلى الإنسان: أثمة حقائق مطلقة، أم أن جميع الحقائق نسبية؟
إنَّ الكثير من الآراء يقول بنسبية الحقائق والمعارف والمبادئ عند الإنسان، ولا يرى لها قاطبة ثباتاً وديمومة، ومنها رأي العراقية على ما تقدم، فإلى أيّ مدى يصحّ الوثوق بقولهم بنسبية جميع الحقائق في فكر الإنسان؟
لا جدال في أنّ غير قليل من الحقائق التي ينتجها عقل الإنسان نسبية لا تستقر على حال، ولا تثبت أمام قانون التحول والصيرورة والتغير والنماء والتطور والزوال.
فإن فكرة أنّ الأرض مركز الكون على سبيل المثال، سرعان ما عصف بها الزوال، وحل محلها الاكتشاف العلمي الثابت الموكَّد لحقيقة أن الأرض ليست غير جرم صغير من الأجرام التي لا تعد ولا تحصى في كوننا اللانهائي.
بيد أنّ الفكرة الأولى؛ أي أن الأرض مركز الكون، إذا كانت تداعت، فإنها قد أتاحت لفكرة جديدة، أن تقوم على أنقاضها. وهذه الفكرة الجديدة، فكرة مطلقة لها ثبات وديمومة وامتداد أبدي، وستبقى كذلك ما بقي الكون حاضراً في صورته المعروفة، وما لم ينهر على نفسه ويقفل راجعاً إلى نقطة البداية كما يتخيل بعض العلماء. وكذلك الأعداد التي أنتجها الإنسان، فهي مطلقة العدّ لا يكبحها رقم ثابت؛ مما ينتهي إلى الاستنتاج بأنّ في حياة الإنسان حقائق نسبية لها مداها، وفي حياته حقائق مطلقة لا مدى لها.



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتي مالوم أبو رغيف. أو فلسفة التغيير
- شبح الطحان شمس الدين الكردي
- إلى السيدة الفاضلة الأديبة ليندا كبرييل
- مشكلة الوجود الإنساني
- خلق العالم . 3- الحياة
- خلق العالم 2- المغزى
- خلق العالم
- إيميل من صديقته السورية
- في ضيافة يعقوب ابراهامي
- ماركسيٌّ بل مسلم والحمد لله
- سامي لبيب تحت المطرقة
- المنهج القسري في أطروحة فؤاد النمري (الرسالات السماوية)
- الإباحية في أدب النساء العربيات
- الحوار المتمدن يسهم في التحريض على المسيحيين في بلاد الشام
- ما جاء على وزن الذهان من مقالة السيد حسقيل قوجمان
- حملة الأريب على سامي بن لبيب
- رسالة الطعن في النساء
- الحقيقة بين التلجلج واللجاجة
- الأستاذ حسين علوان متلجلجاً داخل شرك المنطق
- شامل عبد العزيز بين أحضان المسيحية


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم إيليا - في رحاب المطلق