أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - نعيم إيليا - الأستاذ حسين علوان متلجلجاً داخل شرك المنطق















المزيد.....

الأستاذ حسين علوان متلجلجاً داخل شرك المنطق


نعيم إيليا

الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 19:18
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


من أخص سمات الشخصية الماركسية التزامها بالعقيدة الماركسية ومسلماتها إلى حد الخضوع لها خضوعاً يحاكي خضوع العبد الذليل لربه في العقائد الدينية. ولا تكتفي بهذا بل هي تنكر هذا الخضوع إنكاراً، وتوهم نفسها بأنها منعتقة من إسار الجمود بادعاء التطوير والتجديد إيهاماً. يظهر هذا التناقض في سلوكها، وفي تركيبها النفسي والعقلي، فهي أبداً: مضطربة، متقلبة، عنيفة، متطرفة، مستسلمة لمبدئها، محتدمة يتأكلها الغرور والاستعلاء، لا تهادن فكرة تأتيها من خارجها، ولو كانت هذه الفكرة نقية نقاء الماء المستقطر. وهذا شأن أصحاب العقائد جميعاً.
يبتدئ (البيان الشيوعي) بقانون الإيمان الماركسي – تشبيهاً بقانون الإيمان المسيحي –:
" إن تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ صراعات طبقية. حر وعبد، نبيل وعامي، بارون وقن، معلم وصانع، وبكلمة ظالمون ومظلومون، في تعارض دائم، خاضوا حربا متواصلة، تارة معلنة وطورا مستترة، حربا كانت تنتهي في كل مرة إما بتحول ثوري للمجتمع كله، إما بهلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين".
ولعلها بداية موفقة صحيحة شكلاً بحسب منطق الأوليات، تضع الصخرة التي سيقوم عليها البناء برمته أولاً، ثم تتدرج صعداً بعد ذلك في وضع التفاصيل والأركان والأجزاء. وقد آمن بهذه البداية (القانون العام) جميع الماركسيين على اختلاف مشاربهم ورؤاهم ومنازعهم، حتى إنك لا تجد بينهم واحداً ينبض في صدره شك فيها نبضة واحدة، ولا واحداً يختلج في عقله أن يبذل في التفكير فيها حُريرة واحدة، بعد إذ أيقن أنها من البداهة؛ وما كان بديهياً عنده، فمن النفل التفكير فيه، أو تقليبه على وجوه أخرى مما يتعارض مع الوجه الذي رسخت صورته في ذهنه.
فإذا جاءهم أنّ هذا الذي آمنوا به ليس قانوناً ولا هو من البداهة، استشاطوا غيظاً، أو صعّروا احتقاراً، أو سخروا متهكمين، وربما استخدموا المنهج الاعتذاري (التبريري) منهجهم الأثير، إن وجدوا أنفسهم في حالة مسترخية راضية، أو وجدوا أن لا بد من مواجهة الذي جاءهم، يدرأون به الشبهة عما آمنوا به.
وما الأستاذ حسين علوان إلا واحداً من هؤلاء، وإن كان متفوقاً على أكثرهم في الدماثة، وقوة الحجة، وحسن الرأي، ورونق العبارة.
فإنه ما يكاد يقترب من القانون المشار إليه (صراع الطبقات)، حتى يتلجلج.
ففي محاورته للأستاذ رعد الحافظ؛ الذي ناقش معه صحة ادعاء وجود قوانين ثابتة حتمية للتطور الاجتماعي كما تدعي الفلسفة الماركسية، وذلك بأسلوب (رعدي) واقعي مقنع هادئ معلل، أخذ الأستاذ علوان يعتذر للماركسية عن الضعف، ويتمحل لها أوجه الصواب والتخريج، وما ينفك يعتذر ويتمحل حتى اتسع الخرق فيها، وبات إصلاحه على أمهر الخياطين مستحيلا.
فهو يرى، مثل جميع الماركسيين، أنّ قانون التطور الاجتماعي، هو الصراع الطبقي، بيد أن هذا القانون يتوارى في مراحل تاريخية محددة كالمرحلة الشيوعية – وهي مرحلة يتخيل أنها ستخلو تماماً من الصراع الطبقي - مثلما توارى الصراع في عصور ما قبل التاريخ.
وهذه الرؤية للقانون الاجتماعي مبتسرة يشوبها القصور؛ لأنّها إذ ترى هذا القانون في مجتمعات محددة مختارة كالمجتمع الرأسمالي مثلاً، لا تراه في مجتمعات أخرى كالمجتمعات البدائية وغيرها. ومعلوم أن ما كان من القوانين، سواء الطبيعية منها أو الاجتماعية، مجرداً من صفة (العمومية)، فإنه لا يدعى قانوناً، وإنما هو حدث تاريخي عابر مرتبط بزمان ومكان كسقوط الدولة الآشورية مثلاً.
ومع أن الأستاذ علوان يقرّ بهذا في قوله - والتقويس مني -:
"القانون الاجتماعي هو (تعميم) لتوجه إجمالي (عام) محكوم بشروطه الموضوعية و الذاتية. أي أن هذا التوجه العام مشترط التحقق بتحقق موجبات ظروفة".
حيث يؤكد عمومية القانون الاجتماعي، فإنه سيظل مقيماً على وصف الحدث التاريخي (بالقانون) كما جاء لدى مؤسسي الماركسية. ولن يلمح الفرق بين القانون والحدث، ولن يراعي حقيقة أنّ القانون، فضلاً عن كونه عاماً، هو حتميٌّ.
فإذا اقترن القانون الاجتماعي العام، بشرط "تحقق موجبات ظروفه" فإن صفة الحتمية، ستنتفي منه عندئذ. وتفسير ذلك أنَّ الحتمية تحمل شروط تحققها في ذاتها، ولا تحتاج إلى شروط خارجية، مثلها مثل قانون الجاذبية. وعلى هذا، فما دام (قانون) الصراع الطبقي، ليس حتمياً، فلا يصح أن يدعى قانوناً؛ لأنه لو كان كذلك حقاً؛ أي قانوناً عاماً حتمياً – كما تصوره الماركسية - لكان هو القانون الذي نقل المجتمع المشاعي – اللاطبقي – إلى المجتمع العبودي الذي وليه. إذ لا يصح أن يعمل القانون العام الحتمي في مرحلة، ويتعطل في مرحلة أخرى. إنّ الحاجة عند الإنسان مثلاً، قانون عام ثابت حتمي لا يتغير، كان منذ بدء الإنسان، وسيكون ما دام الإنسان حياً، فإن قيل بزواله في مرحلة ما من حياة الإنسان، عُدَّ القول نكتة تلقى على الأسماع للتفكه .
وعلى هذا فإن قول مؤسسي الماركسية هنا في البيان الشيوعي، إذ يؤكدان بثقة مفرطة: "إن تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ صراعات طبقية"!؟
يستوجب التعديل. وإلا فعلى الماركسيين - وبينهم الأستاذ علوان - أن يقيموا البرهان على صحة أن "تاريخ أي مجتمع" هو تاريخ صراعات طبقية؟
عليهم أن يبينوا كيف انتقل المجتمع البدائي، الذي لم يكن فيه لقانون الصراع الطبقي أي وجود، إلى مرحلة أرقى؟.
لأنه، إذا كان الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى، قد تم من دون صراع طبقي، قضى ذلك بأنّ التطور الاجتماعي يحدث من دون صراع طبقي.
كما عليهم أن يفسروا: لماذا خلت المجتمعات الأفريقية والأسترالية، والأمريكية قبل غزو الأوربيين لها، من قانون الصراع الطبقي؟ ما دام " تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ صراعات طبقية".
وكيف يمكن أن يقرأ المرء تاريخ الامبراطوريتين الرومانية والفارسية وما كان بينهما من الحروب والتحولات، وليس فيه من الصراع الطبقي شيءٌ؟
وهل يصح الاعتقاد بأن الغزو الإسلامي العربي لمصر، كان تاريخ صراع طبقي؟
وهل كانت الحرب الروسية التركية، صراعاً طبقياً؟
بل هل كانت ثورة أوكتوبر، وانقلابها على الأحزاب الديمقراطية والأحزاب العمالية، التي تولَّت قيادة المجتمع الروسي عقب ثورة شباط وسقوط القيصرية، طبقية حقاً؟
وهل يمكن أن تنتقل أوروبا (بقانون) الصراع الطبقي، إلى الشيوعية؟
فإذا كان انتقال أوروبا ممكناً من دون صراع طبقي، فما معنى قول الأستاذ حسين علوان:
"فقد كان ماركس و إنجلز شديدي التوكيد على أن مفهومهما هذا إنما يقترح دليل عمل في البحث التاريخي ، و ليس نظرية إسمية للتاريخ ، ولا فلسفة عظمى للتاريخ ، ناهيك عن زعم تقديم المفتاح العام للتاريخ"؟
أليس مؤسسا الماركسية "قدَّما المفتاح العام للتاريخ"؛ الذي هو صراع الطبقات كما جاء في البيان؟!
إنها أسئلة كثيرة تتحدى الماركسيَّ ذا "النظرية العلمية!" وتعترض عقله، ولكنه - مع الأسف - لا يكترث لها ولا يبالي بها؛ لأنه في شغل عنها بالسلطة، وبالحلم اللذيذ بجنةٍ لا شوك فيها.
ولا أعلم سبباً أغوى الأستاذ رعد الحافظ، وهو الكلف بالقيم الحضارية الجديدة، أن يظهر إعجابه بقول الأستاذ علوان:
"وفي العديد من المناسبات فقد عبر ماركس و إنجلز عن شديد انزعاجهما من أولئك الأكاديميين الذين يحولون معارفهم المجتزأة و القاصرة عن التاريخ إلى منظومة فكرية متعالية تروم شرح كل شيء في التاريخ ، أو ممن يستخدمون وجهة النظر المادية للتاريخ ذريعة لعدم التعمق في دراسة أدق دقائق التاريخ"
إلا أن يكون سوء الفهم الناتج عن استرخاء الذهن والشرود في زمن القراءة. فإن الكاتب إنما أراد أنّ الحقيقة وقف محبوس على ماركس وإنغلز، و ملك محتكر منهما، لا حقّ لغيرهما بالتصرف فيه.

انظر مشكوراً: مقالته (موجز لقوانين التاريخ: جواب محدد لسؤال محدد للأستاذ رعد الحافظ).



#نعيم_إيليا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شامل عبد العزيز بين أحضان المسيحية
- سامي لبيب والرصافي خلف قضبان الوعي
- ضد عبد القادر أنيس وفاتن واصل
- إلى الأستاذ جواد البشيتي. ردٌّ على ردّ
- بؤس الفلسفة الماركسية (6)
- بؤس الفلسفة الماركسية (5)
- بؤس الفلسفة الماركسية (4)
- بؤس الفلسفة الماركسية (3)
- بؤس الفلسفة الماركسية (2)
- بؤس الفلسفة الماركسية
- نقد نقد النظرية الماركسية
- إلهٌ جديد
- حنَّا هاشول يصرخ في الوادي
- حياتي في خطر. قصة قصيرة


المزيد.....




- -نوفوستي-: رئيس طاجيكستان سيحضر احتفالات عيد النصر في موسكو ...
- أسوأ مقابلات التوظيف: ما الذي يمكن أن نتعلمه منها؟
- فيديو: انتفاضة الطلبة في الجامعات الأمريكية دعماً لغزة تمتد ...
- مفتش البحرية الألمانية يطالب بتعزيز الأسطول بسفن جديدة
- ظاهرة النينيو تفتك بشرق أفريقيا
- وزارة الداخلية الروسية تدرج زيلينسكي على لائحة المطلوبين
- أكثر من 6.6 ألف جندي وأنظمة HIMARS وIRIS-T.. الدفاع الروسية ...
- مصر.. تطورات قضائية على قضية طالبة العريش
- إسبانيا ترفض انتقادات الأرجنتين الرافضة لانتقادات إسبانية سا ...
- هروب من دبابة أبرامس أمريكية الصنع


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - نعيم إيليا - الأستاذ حسين علوان متلجلجاً داخل شرك المنطق