أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ظاهر شوكت - العشق في مدينة الملح















المزيد.....

العشق في مدينة الملح


ظاهر شوكت

الحوار المتمدن-العدد: 3862 - 2012 / 9 / 26 - 01:56
المحور: الادب والفن
    


متضرعة بصدق , قالت مريم : يا أبا فرح أرجو الا ازعجك ، تريث قليلاً ، فالمدينة مازالت حبلى ،ورائحة الطاعون لم تختـــفِ تماماً000 ألا تلاحظ ان نباح الكـــلاب قد تحول الى عواء ، تريث أيها العزيز فالذي صبر أكثر من سنتين قادر على الصبر أو التصبر يومين أخرين .
الأمــل والثقة والشوق الى الخروج على نحوٍ مجنون امتلك نخاعه وهو يصرخ : خوفكم المقيت هذا قادنا الى ما آل اليه الأمر
- مريم أبا فرح اسمعني لحظة : الخوف عار ولكن التخوف في برك المياه الآسنة أمر مشروع .
دعـيني ،دعيني بالله عليك أعيش عشقي فرحاً ، ثم قفز قفزتين وضــــع يديه على عينيه وكانه يحلم , أنا عطشان الى رؤية دكاني الذي عشنا معه رحلة عمرٍ رائعة ، عطشان الى احبتـــــي الذين تناثروا بفعل العاصفة ، انهم بالتأكيـــــد عادوا كما عدنا ، أحقاً ما أرى ؟ بدأ يدور ويدور كطفلٍ انتصر في الــحصول على حلوى يحبها ، لقد أشرقت الشمس يامريم ، سلامتك هل أنت مصابة بالرمد ؟ عشاق الحياة أعادوهم الى جحورهم فصاروا يخافون النور .
مريـم : لاانـــــــــكر ذلك ولكن الأمر لم يكن هيناً وهو ليس هيناً الآن فالذين يعيشون في غرفٍ سقوفها وجدرانها من جمـاجم البشر ، وأيديهم على صنابير النفط يدفعون ، يدفعون بسخاء غير معهود ليرسموا العالم على نحوٍ يضمن لهم التمتــع بغرائزهم وهم يفتخرون بجهلهم فالحياة حالة مؤقتة وهم قد تحرروا منها .
انطلق كالسهم نحو السلم وهم بالصعود لكنه تراجع ، لماذا ؟ لاأدري مريم : اصبر يوماً آخر ياأبا فرح ارحمنا أبداً وسأخذ فرح معي فهي عطشانة الى نور الشمس ستلتقي الاطـفال ، سيلعبون ، سيغنون (ليل وكمر ونجوم والهيل ما مفطوم )وأسرع يقبل فرح ويأخذ بيدها صوب الباب ، هيـــا لنخرج من قمقم الخوف ياحبيبتي ، لكن مريم وبجرأة غير معهودة وبـصوتٍ لايدل على انوثتها ،اختطفت فرح من بين يديه وهي تصرخ لن أسمح لك ابداً ، اذا كنــــــــت مصراً فاذهب وحدك وسنرى ، ثم اجهشت في البكاء بعد أن دلفت الى غرفتها بينا يرتفع صوت بكائها . وقف أبو فرح مأخوذاً ، مصعوقاً، مريم وديعة اكثر من الورد تتحول الى سبع ضار ، كيف يحدث هذا؟ فرك عينيـه وكأنه يحاول تحسين نظــره ليرى شيئاً غريباً ، ثم أسرع غاضباً نحو الباب ، صفق الباب بقوة ، عبــر الشارع مـن غير أن يرى أو يسمع شيئاً ، اللعنة ، اللعنة على الخوف الذي جرنا الى كل هذا ، وفاته تماماً أن الشارع خالٍ من كـل شيء ، حين اقترب من دكانه ابتسم ، وقف ليغازله ، لقد عدنا أيها العزيز ، أقفالك مشتاقة الى الحرية، سأفتحها وســ ، توقف على عواء قطيع من الكلاب تقترب ، جف تماماً ، هرع وألتصق بالجدار ، كــان يسمع دقات قلبه بوضوح ( الخوف عار ) ولكنك الأن تبول على نفسك منه ... مريم أبعد نظراًمنك أيها الاحمق ويالك من رجلٍ أجلف ، المغامرة في غير موضعها سخف وجهل مطلق ، أطلق حسرة مهزومة كادت تحــــرقه وربما أحرقته ،لقد تحجرت الأشياء ، كل الأشياء ، الضوء ، الهواء ، البشر ، البقر ، الا الكلاب التي تحول نباحها الى عواء جف فمه جفافاً ظالماً ، حاول أن يبتلع ريقه فلم يستطع كان يشعر بنزيف في دماغه وقلبه ، مد يده يتلمــــــــــس جسده ، وجد أعضاءه مازالت متلازمة ، رأسه أخذ يدور ، يدور ، اقترب من الاغماء لكنه استيقظ على عواء من نوع جديد ، فتح عينيه ،أغمضها كأي جبان لحظة الاستسلام ، لقد انتهى كل شيء ، أنت أيها الأحمق في مدينة الملح ، ازداد التصاقاً بالجدار الذي لايرحم ، الصمت المرعب ورائحة الدم يتمشيان في هذه المدينة المهزومة وأنت تحن أليها ، أيحــــدث هذا في مدينتنا؟ عجيب انك غبي حقاً ، الا تتذوق بعينيك ، بلسانك ، بشفتيك ، باذنيك ، برجليك المرتجفتيـن ثم تتغابى وتسأل ؟! ذبح انسان في مدينتك اسهل من قتل بعوضة ، ومن يفعل ذلك له أجر غير ممنون ، كيــــــــــف استدرجتك الحماقة الــــــى هذا ، شكراً لله فان فرح بقيت هناك ازداد العواء وصار يقترب وهو يزداد التصاقاً بالجـــدار محاولاً الدخول فيه ، انــك احمق حقاً ، فالكلاب لاتعتمد النظر بحثاً عن فريستها بقدر اعتمادها على حاسة الشم ، لقد اغواك الشيطان فاكلت من تفاحة الحنين الى مدينة الملح ، تذكر قبائل أفريقيا ، أكلة لحوم البشر قال انه الجوع هناك ،أمــا هنا فالجوع الــى دنياً تقوم على جماجم البشر ليسود العدل كما يقولون ولينعم الناس بنعمتين ، متـهكماً من نفســـــه : يالك من ذكي حين تحاول صياغة الأفكار عن الحياة والارادة والامل ولكنك الآن تبول على نفســك خوفاً من الموت وحرصاً على الحياة لست بأحسن من الذين ذبحوا في ضوء الشمس وشهدت الأشجار والأحجار على أنهم ذبحوا نهاراً................ . حاول أن يمد رقبته ليستكشف شيئاً لكن عواء الكلاب المنتشرة على نحوٍ مذهل جعلته يغمض عينيه ويعود الى داخـــله ، ستمزق زوجتي أثوابها ، ستبكي دماً ، ستتضرع فرح الى السماء ابتهالاً بسلامتها وبكاءً على خيبتها في ابيها .
عليك أن تنتظر الليل ، فالـليل جنة قد تستطيع عبور الشارع اللعين ، خندق الموت في مدينة الملح ، وحين ستفلح في العبور ستلقي بـــنفسك فـي حضن دارك ،بين اناس تسمعهم ، يسمعونك وبالأصوات ستغطي على خوفك كما يغطون على مخاوفهم، أنت خائف وانهم خائفون ان لم يكونــوا أشد خوفاً منك ، لكن أحدنا يتشجع بوجود الآخر الذي لاحول له ولاقوة واذا هجمت علينا الكلاب بالطريقة الحديثـــــة فالمشاركة الجماعية في الموت مشاركة وجدانية ربما تترك بصمة معينة ، ان بعض الشر أهون .
الوقت ثقيل كجبال الارض طراً ، ماله يتدلل في سيره ؟ يتلذذ بتهريس عظامي تحت مطرقة الخوف والندم والحنيـــن الى ارضٍ تحافظ على كـل الأشياء عدا الانسان الذي صار أرخص من قشرة البطيخ المفقود منذ زمن .نهار كامـــــل لا تسمع غير العواء في هذه الازقة المعروفة بزحمتها من قبل وباحتفالها بالفرح اليومي والآن صارت المذبح الخلفي لهم ..لهم . من يدفع لكل هذا ؟ من ..من ؟ ولماذا ؟ لماذا ياالهي واندلقت دموعه الحارة على وجنتيه الجافتين . اصوات اطلاقـات نارية جعـــلت قلبه يفر من صدره تماماً ، انهم هم، لقد جاؤا فما عليك الا اصطناع الشجاعة كي تذكر يوما ما ، اغمي عليه ليــواجه الموت نائماً . انتفض مذعوراً حين امسك بذراعه رجل عملاق مدجج بالسلاح مستنكراً : أنت هنا؟ مــــــاذا جـاء بك ؟ العملية لم تنتهِ ، مازلنا نطهر بعض الجيوب ، الا تسمع عواء الكلاب التي تعودت اكل لحوم البشر انها تحتاج الى حملة خاصة بعد الانتهاء من العملية والا فهي ستأكل ابناء مدينة الملح ، ثم بعطفٍ واضح ومودة صادقـة : دلـــني على بيتك ، سر معي ، عد لتنام رغداً وبيننا صبر جميل ، سنلتقي ثانية عند النهر والشمس لـن تحجبها الغيوم.



#ظاهر_شوكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثرثرة في اواخر العمر
- الى جبل الثلج
- ((غير انثى العقل والحسب))
- زيارة جديدة الى التأريخ
- على هوامش الأوطان
- زمن المثلثات والمربعات وفن الأحلام
- زمن المثلثات والمربعات وفن الاحلام
- الابجدية الجديدة
- التحديق بعيون وردية
- ما بعد الزلزال 1979
- نافذة على مملكة اليباب عام 1981
- ليلى والذئب ثانية
- صحوة ابن زريق البغدادي في شباط 2004
- صوت وصدى
- رسالة من غرفة الافراح عام 1963
- رسالة من ( نقرة السلمان )
- ذكريات من زمن الكوليرا
- اعترافات مهاجر
- بحثا عن عصا سحرية
- فلسفة التسميات


المزيد.....




- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ظاهر شوكت - العشق في مدينة الملح