حامد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3857 - 2012 / 9 / 21 - 21:46
المحور:
حقوق الانسان
عبد العظيم .... أشوكت ترتاح .....؟
قد خلت شوارع الكرادة من الفرح ويتحرك شبح الموت والمفخخات في أزقتها ...فتسمع مواه قط مرتجف خائر.... وكلب مطاطا الرأس والذنب يجثو في زاوية معتمة ...يرتجف ايضا ...تفوح منه رائحة الخوف ...ينظر إليك متوسلا متذللا .... ورجل كهل يفترش الأرض يصر على أن لا يغادر الرصيف حتى يقبض على قوت عياله ...فهو غير عابئ بالموت ...وغير مبال بقلق ولهفة صغاره عليه .
....لقمة الخبز التي ينتظرون أهم من حياته ... يطارد ذكرياته ...كان فتى يلوي مياه دجلة الهادرة أيام الفيضان ...يسبح عابرا إلى صوب الكرخ .... ليجلب لأهله شوالا من البطيخ ...... وسط تحذيرات اقرأنه وازدراء البعض الحاسد .... فتى .. كأنه يأخذ من فيضان دجلة عنفوانه وقوته ... يتنقل من نخلة إلى أخرى بخفة ورشاقة دون ان يستعمل التبلية ...كان يهزأ بمن يستعين بها على صعود النخل ... كان يتسابق في تسلق جذوع النخيل وكأنه يجري في ارض منبسطة .لم يكن يفكر يوما ان يهرب من ساحة المعركة عندما التحق بالجيش ليقاتل ....جرح ....شفي ...جرح .....شفي ....ولكنه لم يجفل يوما من طلقة قناص او ان يفكر في الهرب او الاحتماء خلف ساتر او صخرة ..... في كل إجازة كان يحمل لأبناء محلته قصص الرجولة والنصر ... يتحسر الفتية الصغار كونهم لم يقاتلوا بعد ...يتحرقون شوقا لاختبار الرجولة والشجاعة ....وهم ينصتون الى حكايات عبد العظيم ...... ها هو الان وقد بلغ من العمر أرذله .... يتطلع إلى أن لا ينام عياله على بطون خاوية وهو يتنقل بنظره يمينا ويسارا فلا يجد غير الوحشة وشوارع خالية من البشر فالكل اختبأ تحت سقف داره خوفا من المفخخات ... وهناك على الرصيف الأخر يرى رجالا يتحركون دون ان يتبين لهم ظلال ... في الموت راحة لي ...يفكر مع نفسه ويقرر ان في الموت حقا راحة له ..... قد ولد بعد اثنا عشر أخ وآخت ...كان زائدا عن الحاجة ...هكذا حسبه الوالدان ...وها هو يعجز عن توفير زاد لعياله .... فالموت ارحم ولو بالمفخخات ...
عبد العظيم ..... حكاية بغدادية ... نجدها أينما نولي اهتمامنا .... وعلى الطرف الأخر ...لا نجد من يتذكر هؤلاء الإبطال ....
رسالة إلى القابض على السلطة في بغداد والحاكم بأمر العباد والبلاد .... قد تم جلدنا ألف مرة ...وتم عصر أجسادنا في معصرة الموت حتى طحنت عظامنا وأصبحت رماد يختلط بالغبار المتطاير في يوم عاصف .... تذكروا عبد العظيم ...انه واحد من الإبطال ممن حموا هذا الوطن ...
حــــــامــد الــزبــيــدي
21/9/2012
#حامد_الزبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟