أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أسطورة العرب














المزيد.....

أسطورة العرب


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3857 - 2012 / 9 / 21 - 07:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الأسطورة في نشأتها تبنى على شيء قليل من الحقيقة، ليتم تضخيمه وتعظيمه حتى يخرج عن حدوده الحقيقية كما كان فعلاً في عالم الواقع إلى ما لا حدود له تقريباً في عالم الخيالات والأوهام والمثاليات. حتى إذا كان أصل الأسطورة حقيقي، لا شك أن الأسطورة ذاتها دائماً ما تكون بعيدة للغاية عن الحقيقة والواقع. الأسطورة مخلوق ذهني في دنيا الخيال أكثر منها حقيقة ملموسة في دنيا الواقع. وغالباً تكون البيئة مواتية لتوالد وانتشار وازدهار وبطش الأسطورة كلما زاد انتشار الفقر والأمية واشتدت وطأة وقسوة الحياة على الناس. في كل مكان وزمان، دائماً ما يلوذ الناس من مرارة وويلات الواقع بأساطير من صنع خيالاتهم وأمانيهم. وعلى مر التاريخ، ظلت الأسطورة تؤدي وظيفة مهمة في حياة البشر: إعطائهم الأمل حتى يستطيعون مواصلة تحمل أعباء العيش وسط شتى الهموم والأخطار. لولا الأسطورة لكانت حياة الإنسان بائسة ويائسة وشقية ولا مذاق لها. في الأغلب، الأسطورة تشغل حيزاً كبيراً في وجدان واهتمام وحياة الشعوب الأقرب إلى الأمية والتخلف منها إلى العلم والتقدم؛ ودائماً ظلت الأسطورة تلعب دوراً في غاية الأهمية في حياة ومصير المجتمعات والشعوب والأقوام التي تفترش ما تسمى الآن "المنطقة العربية"، لدرجة أن تحولوا هم أنفسهم إلى أسطورة- أسطورة العرب.

لا شك في أن كل شعوب المنطقة، لاسيما الأغلبية المسلمة، لا تشك أبداً، ولا تسمح لأحد أن يشكك، في هويتها العربية. لكن ليس معلوماً بشكل واضح إذا ما كانت تلك الهوية العربية منسوبة إلى عرق عربي أصيل أم إلى لسان عربي فصيح، أم إلى كليهما معاً. مما لا شك فيه أن ليس جميع سكان المنطقة العربية من عرق واحد ونفس العرق. صحيح أن كانت هناك قبائل عربية معروفة ومحددة منتشرة عبر الجزيرة العربية وخارجها قبل وبعد ظهور الإسلام، لكن بالتأكد كانت هناك قبائل كثيرة غير عربية داخل حتى الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام، وأكثر بكثير جداً خارج الجزيرة العربية وصولاً إلى أقصى المغرب العربي، وأقصى الجنوب حتى الصومال والسودان. تلك المنطقة الممتدة من الخليج الفارسي حتى المحيط الأطلنطي مليئة بالأعراق والأقوام المختلفة، قبل آلاف السنين من ظهور الإسلام وأثناء دخوله إليها، ومنذ ذلك الحين إلى الآن. ما كان يتصور أبداً أن بضعة آلاف من الفرسان العرب الفاتحين يدخلون على أقوام بالملايين، سواء في بلد مثل مصر أو السودان أو الجزائر أو تونس أو المغرب أو العراق أو غيرها، لتتحول الأصول والبطون القومية لتلك البلدان إلى العربية، كما تقول الأسطورة. ما كان ذلك يتحقق أبداً إلا إذا أهلك الفاتحون العرب الشعوب الأصلية لتلك البلدان "عن بكرة أبيها"، لتصبح أراض بوار دون صاحب أو ساكن"، ثم يأتيها الفرسان العرب الأصلاء بصحبة زوجاتهم العربيات الأصيلات حتى يزرعوها من جديدة بشعوب عربية حقيقية وأصيلة، مثلما فعل الأوروبيون بالهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية.

كما تخبرنا كتب التاريخ، ذلك لم يحدث. ما حدث فعلاً هو أن الفرسان الفاتحين العرب كانوا أقلية صغيرة للغاية مقارنة بالسكان الأصليين، علاوة على أنهم لم يصحبوا معهم نسائهم العربيات الأصليات. هكذا، يقود التفكير والمنطق السليم إلى أن الأقليات العربية الفاتحة هي التي تزوجت وذابت في نهاية المطاف في الأغلبيات المحلية الأصلية، ليس العكس. إذن هؤلاء في مصر أو العراق أو سوريا أو الجزائر أو السودان أو الصومال أو غير ذلك ممن يسمون أنفسهم عرباً الآن ليسوا عرباً حقيقة، أو على الأقل ليسوا عرباً من حيث السلالة والعرق. هنا يأتي الدور على اللغة. أغلبية هذه المنطقة المشبعة بالأساطير، لاسيما الأغلبية المسلمة، لا ترى غضاضة في أن تنسب أصول هويتها العربية إلى حديثها بالعربية، ومن ثم ثقافتها العربية. لكنهم، في أسطوريتهم هذه، يتناسون أن اللغة متغير وأن من الخطأ، وربما الحماقة، ربط الهوية بمتغير. دائماً هوية الإنسان تربط وتوثق بالثابت، أو على الأقل الأكثر ثباتاً. على مر التاريخ، وفي كل الحضارات والثقافات والأمم، لم يكن هناك أكثر استقراراً وثباتاً من الأرض والعرق؛ إما أن يوثق الإنسان هويته بمنشأ وأصل آبائه وقومه الأوائل، وهو التوثيق الآخذ في الانحسار والأفول منذ بدايات الدولة الوطنية الحديثة، أو أن يوثقها بتراب الوطن الذي ولد ويعش عليه، وهو الاتجاه الأكثر تطوراً وشمولاً ومساواة وديمقراطية.

هكذا الحال في كل بلدان العالم، هوية الشعوب إما أن تنسب إلى قوم الآباء الأوائل أو تنسب إلى أرض الوطن. هناك الأمريكان، نسبة إلى التراب الأمريكي، رغم أن أغلبهم من أصول انجليزية أنجلو-ساكسونية. ورغم حديث الأسترالي أو الهندي بالإنجليزية، إلا أنه يأبى أن يربط هويته إلا بتراب وطنه، ببساطة لأن تراب الوطن هو الأكثر ثباتاً وخلوداً وقداسة بكثير من كل الأعراق وكل الألسنة.

أليس من حقي أن أتساءل: إذا كنت أنا المصري عربياً، أين انقرضت الملايين أجدادي المصريين؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر
- في معرفة الله...والنص
- أم عزباء أم امرأة عانس؟
- في الزواج وممارسة الجنس
- حقيقة الصراع السلمي حتى الآن على الوطن مصر
- الدين والديمقراطية والاستبداد
- شهوة الجسد
- حرية الجسد
- حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد
- عدل ظالم...ومساواة حرام
- مساواة في الدين؟
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم
- -حكم بين السلطات-، أضلولة أخوانية
- الدائرة الأخوانية الإسلامية المغلقة


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أسطورة العرب