أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر هادي حسن - طقس الكفاروت في ليلة يوم الكفور















المزيد.....

طقس الكفاروت في ليلة يوم الكفور


جعفر هادي حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3853 - 2012 / 9 / 17 - 20:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يوم الكفور من الأيام المقدسة جدا عند اليهود،ولايقتصر صيامه على اليهود المتدينين ،بل الكثير من غير هؤلاء يصومونه كتقليد يهودي.وفي هذه المناسبة يؤدي اليهود الحريديم( المتشددون في تدينهم) في كل سنة طقسا يسمونه "كفاروت" ويكون أداؤه في ليلة يوم الكفور(الغفران) الذي يكون في العاشر من الشهر العبري "تشري"، والذي يحين يومه هذه السنة بعد بضعة أيام (وبعضهم يؤديه في ليلة رأس السنة اليهودية الجديدة). وكلمة "كفاروت" هي جمع للكلمة العبرية "كفاراة" التي تعني في اللغة العربية "فدية" أو "كفارة" " تطهير".وهي مشتقة من الجذر"كفر" الذي هو صنو الجذر العربي " كفر"، وعندما تطلق كلمة "كفاروت" دون تخصيص فإنما يقصد منها هذا الطقس. .ويعتقد الذين يمارسونه أنهم ينالون العفو والمغفرة من ربهم، لأن يوم الكفورهو الأكثر قدسية عندهم. وقد وجدوا هذا الطقس لائقاً بهذا اليوم ومناسباً له. وهم يكفرون عن ذنوبهم فيه بحيوان عادة يكون ديكا أو دجاجة. ويكفر الرجل بالديك، والمرأة بالدجاجة.
واصبح اللون المفضل لهذا الحيوان هو اللون الأبيض اعتمادا على ما جاء في سفر اشعيا 1/18 "تعالوا نتخاطب لو كانت خطاياكم كالقرمز تبيّض كالثلج...". وهذا النص ليس له علاقة بالكفاروت، وإنما هو نص عام جعلوا له علاقة بلون الحيوان تبريرا له.
ويرى الحاخامون ان في يوم الكفور تكون رحمة الرب عامة وشاملة. وقبل أن يذبح الحيوان لا بد للشخص أن يأخذه بيده اليمنى، ثم يديره حول رأسه ثلاث مرات، أو يديره شخص آخر حول رأسه ويقول أثناء ذلك "هذا عوض عني وينوب عن تقدمتي، وهو مفارقي وهذا الديك سيلقى الموت، وأنا سأعيش حياة طويلة سعيدة هانئة". وتقول المرأة ذلك بصيغة التأنيث وتذكر الدجاجة بدل الديك. وتقرأ العبارة ثلاث مرات كذلك. وهم يعتقدون أن هذه الكفارة ستأخذ معها كل كارثة ربما تصيب المضَحي أو سوء حظ يقع عليه. ولا بد للشخص أن يعبر عن ندمه وأسفه على ما اقترفه من ذنوب عندما يقوم بأداء هذا الطقس.
وكثيراً ما يؤدي اليهودي الحريدي هذا الطقس في إسرائيل هذه ألأيام في المدارس الدينية (اليشيفوت) أو في الكنس. ومن أجل ذلك فإن إعلانات تلصق على نواصي الشوارع في حارات اليهود الارثوذكس، تشير الى عناوين هذه الأماكن والأوقات التي يؤدي فيها طقس الكفاروت.
وأجاز الحاخامون أن يدير الشخص الطير بالنيابة فوق رأس شخص آخر، بشرط أن يكون قد أداره أولاً حول رأسه هو، وكثيرا ما يعمل ذلك رب العائلة. ثم يذبح الطير ويكون ذبحه أيضاً عند الفجر.وعادة مايذبجه قصاب مجاز شرعا(شوحط بالعبرية). ويتصدقون بالحيوان المذبوح على الفقراء. وغالباً ما تعطى الفدية اليوم في إسرائيل الى المؤسسات الدينية. ومن المتعارف عليه أن ترمى أحشاء الطير في مكان مفتوح على سطح الكنيس أو في ساحته كي تأكلها الطيور. وهذا كما يقول الحاخامون، فيه اظهار الرحمة على هذه الطيور ومن يرحم هذه الطيور يرحمه الله! وغالباً ما تعطى الفدية اليوم في إسرائيل الى المؤسسات الدينية.
ولهذا الطقس صلاة يؤديها اليهودي في بدايته ويطلق عليها"بني آدم" لأنها تتعلق بالبشر عموما، أو لأن هذه العبارة مذكورة في هذه المقاطع، وهي مذكورة في المزمور 107 وقد جاء فيها "فليحمدوا الرب لأجل رحمته وعجائبه لبني آدم، وليذبحوا ذبائح الحمد وليحدَثوا بأعماله بالتهليل". ويقرأون كذلك قبلها عبارة من سفر ايوب 33/23-24: التي تتضمن الفدية والمغفرة وقد جاء فيها "إن وجد ملاك شفيع له وسيط بين الألف ، ليعلم الإنسان بواجبه ويرحمه، ويقول أعفه من الهبوط في الهوة فقد وجدت فدية".
ويرى الحاخامون أنه إذا صعب الحصول على الديك والدجاجة، فيجوز التعويض بالسمك الحي، ولكنهم يشترطون فيه أن يكون حيا وكذلك يجوز التعويض بالأوز، ولكن لا يجوز التضحية بالحمام واليمام.والسبب في ذلك كما يقولون انه لا يجوز التضحية بحيوان كان يضحى به عندما كان الهيكل موجودا.فالحمام واليمام والمعز والغنم حيوانات كان يضحى بها وقتئذٍ، أما الدجاج فلم يكن يقدم كأضحية، ولذلك اتفق على التضحية به. وبعض الحاخامين يفضلون استعمال المال على الدجاج ويتصدق به على الفقراء بعد أن يدار به حول الراس ، وهو مايفعله الكثير من اليهود هذه ألأيام. بل عند بعض الأقليات اليهودية لا يستعمل الدجاج، بل المال هو المستعمل وعندئذ تُغير الصيغة التي ذكرناها سابقاً وتصبح "هذا عوض عني... وهذا المال سيذهب الى الصدقة وأنا سأعيش...".
واعطى علماء القبلاه اليهود بخاصة الحاخام اسحق لوريا، صاحب أشهر مدرسة في القبلاه، تفسيرات باطنية ومعاني خفية لهذا الطقس ولاقت هذه قبولاً من عامة اليهود وشعبية بينهم. وأكد حاخامون معروفون على أهمية هذا الطقس، وذلك بجعله واجباً وأضافوا إليه تقاليد أخرى، هي شبيهة بتلك التي تتعلق بفريضة الأضحية ايام الهيكل اليهودي، مثل وضع اليد على الحيوان وشعيرة صلاة الاعتراف وكذلك ذبحه مباشرة إلى غير ذلك. وقد وردت شعائر فريضة الأضحية هذه في سفر اللاويين 16/3-22 وجاء في بعضها "... فاذا انتهى من التكفير عن القدس وعن خيمة الموعد وعن المذبح يقدم التيس الحي ويضع هارون يديه على رأسه، ويعترف عليه بجميع آثام بني إسرائيل ومعاصيهم وخطاياهم، ثم يرسله إلى البرية بيد رجل معد له فيحمل التيس جميع آثامهم إلى أرض قاحلة....."ويقول الحاخامون إن هذه ألأضحية المذكورة في التوراة هي عن جماعة بني إسرائيل كلهم والكفاروت هي عن ألأفراد.وقد عارض بعض الحاخامين الكبار أداء طقس الكفاروت .مثل سلمون بن أدرت (1310) الحاخام الأندلسي الشهير. الذي حرم ممارسته بشدة واعتبره طقسا وثنيا ، ليس له ذكر في التلمود . وكذلك عارض أداءه الفقيه اليهودي المعروف جوزيف قارو (توفي 1575م)، وقال عنه انه عادة غبية.وبعضهم اعتبره عملا سحريا. ومن الذين انتقدوه ايضاً وسخروا منه يهودا بن سلومون الحريزي (توفي 1235م) الكاتب والشاعر الأندلسي، الذي ترجم مقامات الحريري الى العبرية ، وقلد الحريري بتأليف خمسين مقامة من انشائه كتبت باللغة العبرية. وفي إحدى هذه المقامات يهزأ ببعض العادات والتقاليد، التي اعتبرها مثيرة للسخرية، ومنها طقس "الكفاروت"، حيث يجعل الديك يتكلم معبراً عن خوفه وقلقه من المصير الذي ينتظره، وبسبب ذلك يهرب من يد صاحبه، ويصعد على سطح الكنيس حيث يدور حوار بينه وبين الشخص، الذي يريد التكفير به عن ذنبه بقتله. وألف اليهودي العراقي رواية بعنوان "ترنجول كفاروت"، وقد ترجمت إلى الإنجليزية بعنوان "الفدية" ، ولكن الترجمة الحرفية هي "ديك الكفاروت".وتدَرس هذه الرواية اليوم في المدارس الثانوية الإسرائيلية ، كما عرضت كمسلسل في التلفزيون الإسرائيلي.وألف ارك سلفرمان كتابا للأطفال بعنوان " عندما قام الدجاج بالإضراب"، والكتاب معتمد على كتاب للكاتب باليدش شالوم عليخم، حيث يقوم الدجاج بإضراب والهرب ممن يريد ذبحه والتضحية به ، ثم يسأل الدجاج الناس عن النص الديني الذي يوجب قتله في هذا اليوم ". ولكن اليهود الحريديم مازالوا مستمرين في أداءهذا الطقس إلى يومنا هذا.ودخلت كلمة "كفاروت" قاموس اليدش والعبرية، حيث تشير الكلمة إلى الخسارة المالية وغيرها وكذلك للجهد الذي لاطائل من ورائه.
(1)Encyclopedia Judaica, Kapparot
(2) P.Birnbaum,Encyclopedia of Jewish Concepts,Kapparot
(3) B.Greenburg, How to run Traditional Jewish Household,pp333-4



#جعفر_هادي_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع الحريديم والعلمانيين على المدن في إسرائيل
- اليهود الحريديم
- تاريخ العراق الذي ينهب
- مكوياكفرقة يابانية صهيونية
- بين إيلان بابيه وبندكت سبينوزا
- من مفكري الحركة الصهيونية وفلاسفتها: يعقوب كلتزكن
- قانون العودة وهجرة اليهود غير المعترف بهم إلى إسرائيل
- جدعون ليغي الصحافي الذي يزعج اسرائيل بكتاباته
- من تاريخ الحركة النسوية اليهودية
- الصراع العلماني الديني في اسرائيل اسبابه وتجلياته
- منظمات يهودية تبحث عن -قبائل بني إسرائيل الضائعة- لتهجيرها إ ...
- احتفال اليهود بالسنة العبرية الجديدة
- هوس الديمغرافيا وظاهرة النازيين الجدد في اسرائيل
- الاحتفاء بحضارة بابل
- التغلب على الصهيونية:إنشاء دولة ديمقراطية واحدة على أرض إسرا ...
- بعد المؤرخين الجدد..ظاهرة الروائيين الجدد في إسرائيل
- اسرائيل واستقلال كوسفو
- السر الذي لاتريد اسرائيل ان تكشف عنه:قضية اختفاء -الاف الأطف ...
- جنرالات اسرائيل يترددون في مغادرتها خشية اعتقالهم بتهمة ارتك ...
- دراسة تكشف عن وجود آلاف العسكريين اليهود خدموا في الجيش النا ...


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر هادي حسن - طقس الكفاروت في ليلة يوم الكفور