أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مصطفى مجدي الجمال - الثورات العربية.. تقدير موقف















المزيد.....

الثورات العربية.. تقدير موقف


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 16:49
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في شهور قليلة أصبحت الثورة واقعًا في مجتمعات عربية كثيرة، وأصبحت حديث كل بيت في الوطن العربي وسط مشاعر مختلطة من الابتهاج والقلق والشغف بشأن المستقبل، القريب منه قبل البعيد.
ولعل أهم ما أنجزته الثورات العربية: تلك الملايين والملايين التي دخلت المجال العام مؤخرًا بعد عقود طويلة من الكبت والتهميش، ومن الخوف والاستبعاد. كما أكدت الثورات العربية المتزامنة والمتتابعة حقيقة وحدة الوجدان بين الشعوب العربية، فضلاً عن وحدة القهر والنهب والاستغلال. كما كشفت عن حقيقة أكثر سطوعًا تتمثل في تلك العلاقة الوجدانية المتجسدة في التفاعل والتضامن والمحاكاة والتعلم المتبادل.
غير أن شهورًا من الثورات العربية قد كشفت عن مجموعة من الحقائق لا بد من أن نعيها ونناقشها ونبدع في مواجهتها:-
أولاً : لا يجوز أن تتوقف الثورة عند محطة إسقاط الحكومات وخلع الحكام، فالثورة لا تنضج ولا تكتمل إلا بإسقاط كامل النظام بمؤسساته وعلاقاته و"قيمه".. وبالأحرى لا تكتمل الثورة- والاكتمال هنا معنى مجازي بالطبع- إلا بإقامة النظام البديل والقابل للاستدامة.
ثانيًا : أدت الطبيعة الدكتاتورية الخاصة للنظم العربية المقبورة والمنتظر دحرها.. إلى ترسيخ درجة مرتفعة من التوحد والتماهي بين النظام الحاكم والدولة، مع تهميش كامل للأغلبية الساحقة. بل الانحدار إلى الحكم الشخصي والأسري الذي يمكن أن يقامر بسلام المجتمع وبقائه من أجل البقاء في كراسي الحكم.. ومن ثم كانت المقاومة الوحشية للثورات، والتآمر عليها بعد وقوع "النقطة الانقلابية".. أي الانتصار الرمزي للشعوب بإزاحة هذا الحاكم أو تلك الحكومة.
ثالثًا : تسببت الطبيعة الاستبدادية لنظم الحكم المذكورة في اتساع جبهة الساعين لإسقاطها.. لتشمل حتى فئات من الصفوة الطبقية الحاكمة نفسها والتي تسلحت بأيديولوجيات رجعية وظلامية.. ونتج عن هذا أن انتعشت وتفاقمت مشروعات جديدة للحكم الشمولي، ولا نقول الفاشي، تبحث في الماضي السحيق عن حلول وهمية للحاضر، ومستفيدة من تفاهمات ودعم وإمكانيات مهولة من الخارج، ومستفيدة أيضًا من ضعف وتفتت وضبابية رؤى القوى الاجتماعية والسياسية المنوط بها- فرضًا- استكمال الفعل الثوري إلى مداه..
رابعًا : لا يمكن للثورة أن تتقدم دون أن يتحقق لدى قياداتها ومناضليها العضويين فهم تكاملي لا يفصل بين محاور النضال المختلفة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية (الديمقراطية والوطنية) والثقافية.. بما يعني عدم اختزال الثورة في الانتخابات والدستور، رغم أهميتهما القصوى بالطبع. كذلك لعل الغياب الملحوظ لحركة تنوير قوية وسط الجماهير (أي الخروج من صالونات ومنتديات المثقفين والنشطاء) من أهم أسباب استيلاء قوى غير ديمقراطية على ثمار الديمقراطية، في ظل التردي الفادح للثقافة السياسية- ناهيك عن الثقافة الثورية- في الريف والأحياء الفقيرة بالمدن.. بل وحتى وسط المتعلمين والأكاديميين أنفسهم.
خامسًا : من أهم الآليات التي تفرزها القوى المضادة للثورات: تعميق النزعات والنزاعات الطائفية والعرقية والجهوية..، بالمؤامرات وباختراق الوعي، غير أن الأخطر من هذا هو سعي القوى الكبرى للتدخل بشتى الوسائل الإعلامية والاستخبارية والحربية لحرف الثورات عن مسارها والاكتفاء بتغيير الواجهات وتلطيف الممارسات.. دون تغيير الجوهر الاستغلالي والتابع وحتى المستبد لتلك النظم.. الأمر الذي ابتلى الثورات بأخطار التمزق والحركات الانفصالية والحروب الأهلية، بما ينتج عن هذا كله من دمار وهدر وإزهاق للأرواح واستعداء على الثورة.
سادسًا : من هنا لا يصح اختصار الفعل الثوري في الفعاليات الميدانية وإهمال توعية الجمهور الثوري وتنظيمه في مواقع العمل والسكن.. وربط النضال من أجل المطالب الجزئية والمباشرة بالنضال السياسي العام. وإذا كانت الطبيعة الفضفاضة للحركات الاحتجاجية قد أسهمت بقسط كبير في حشد القوى لإنجاح وحماية الثورة عند هذه النقطة المفصلية أو تلك، فإن هذه الطبيعة الفضفاضة نفسها قد تتسبب في متاعب كبيرة ما لم يتم ربطها ربطًا قويًا بجبهة سياسية حول برنامج ثوري متماسك ومرن في آنٍ واحد.
سابعًا : إن النقاء الثوري لا يعني الجمود على الأهداف الاستراتيجية فقط، بل يتطلب من الثوريين أن يتصفوا بأعلى درجات الحنكة (المسماة بالتكتيك) وألا يغلقوا هوامش المناورة المبدئية، خاصة إذا وجدوا أنفسهم أمام عدوين متناحرين، أو يتفاوضان فيما بينهما بطرق خشنة (مثلما هو الحال بين المجلس العسكري وقوى "الإسلام السياسي" في مصر، وكلاهما خطر حالّ على مشروع الدولة المدنية).
ثامنًا : إنه لا جدال في أن الاشتراكية تمثل "الحل النهائي" لمشكلات مجتمعاتنا.. لكن الطريق إليها مازال طويلاً، ويتوقف على العديد من العوامل الذاتية والموضوعية، غير أن أهمها يتمثل في قدرة القوى الاشتراكية على الإبداع الوطني.. ومن ثم فإن شعار "العدالة الاجتماعية" مناسب جدًا في الظروف الحالية، شرط ترجمته إلى نقاط برنامجية ومطلبية ملموسة ومفصلة.. بما يؤدي إلى الحد من الاستغلال الرأسمالي، واشتراك الجماهير في انتزاع هذه المكاسب بنفسها مستفيدة من الآليات الديمقراطية والثورية المتاحة.
تاسعًا : لقد بات من قبيل التكرار المزعج الحديث عن نقاط الضعف الموضوعية والذاتية التي تعاني منها القوى اليسارية في مجتمعاتنا.. ولعل أفضل الحلول العاجلة تتمثل في الشروع فورًا في إقامة جبهات يسارية ذات طابع ديمقراطي ثوري، تتسع للأحزاب والحركات والحلقات والأفراد، وبحيث تصبح هذه الجبهة اليسارية أداة موحدة لليسار في إطار الجبهات الأوسع. وهناك حل ثانٍ لا بد من الشروع فيه سريعًا، ألا وهو أن تنشئ قوى ليسار وسائل إعلامية موحدة حتى تتمكن من التصدي للتشويه الهائل للوعي الذي تقوم به الفضائيات والصحف المتآمرة على الثورة.
عاشرًا وليس أخيرًا : لا بد من التصدي لمحاولات توسيع الفجوات بين "الأجيال" الثورية.. ولن يكون هذا بالشعارات والدعوات الرومانسية.. وإنما بإجراءات عملية عاجلة تسمح للشباب الثوري بأن يجد مكانه في المواقع القيادية.. وأن تتاح الفرصة والإمكانيات الضرورية كي يطبق الشباب ما يرون من أساليب نضال تتفق مع العصر.
في النهاية نقول إن الثورة لا يمكن أن تتم بضربة واحدة، ولا يجوز تصور أنها سلسلة من الانتصارات المتتالية التي لا تعرف الانكسارات والارتدادات.. المهم أن نعرف الأسباب وراء كل عثرة، وأن نصوغ وننفذ الخطط اللازمة للنهوض من جديد.. وإنها لثورة حتى النصر!!



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل جمهورية مرسي
- ثورات واستخبارات
- وعيد المرسي ومآله القريب
- عودوا إلى جادة الثورة
- تحيا الآلة الكاتبة
- افرحوا أنتم !!!
- سموم اللغة الثورية الهابطة
- محاكمة القرن.. خطوة خطيرة نحو صدام معقد
- الثورة المضادة أفعى برأسين
- كل رجال البرادعي
- إنقاذ ثورة مصر من الضياع
- طرائف يسارية
- حتى لا تحترق مصر
- جبهة أم منابر حزبية
- يسار ب 3 رؤساء
- اليسار والاختيار
- ثلاث -شرعيات-.. و -كروكي- لصدام هائل وشيك
- مصر.. لحظة تاريخية مجنونة
- دروس متعددة ليسار يجب أن يتحد
- للدكتاتورية المحتملة في مصر.. وجهان


المزيد.....




- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- حزب يساري بألمانيا يتبنى مقترحا بالبرلمان لدعم سعر وجبة -الش ...
- الشرطة الألمانية تفرق مئات المتظاهرين الداعمين لغزة في جامعة ...
- -لوسِد- تتوقع ارتفاع الإنفاق الرأسمالي لعام 2024
- بيرني ساندرز يقف في مواجهة ترامب ويحذر: -غزة قد تكون فيتنام ...
- الشرطة الهولندية تداهم مخيم متظاهرين طلبة مؤيدين لفلسطين وتع ...
- طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ ...
- تايمز: مجموعة ضغط إسلامية تحدد 18 شرطا للتصويت لحزب العمال ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- استطلاع يورونيوز: تقدم اليمين المتطرف في إيطاليا قبل الانتخ ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مصطفى مجدي الجمال - الثورات العربية.. تقدير موقف