أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - قضية حزب الاستقلال، بين منطق العقل ومنطق العاطفة والاندفاعية؟















المزيد.....

قضية حزب الاستقلال، بين منطق العقل ومنطق العاطفة والاندفاعية؟


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3809 - 2012 / 8 / 4 - 17:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قضية حزب الاستقلال، بين منطق العقل ومنطق العاطفة والاندفاعية؟
في ما مضى من الزمان، وفي الكثير من أقطار عالمنا العربي والمغاربي، كان الناس قانعين بقسمتهم رغم كونها كانت ضيزى، كما يقول المثل، حيث كان ابن الشيخ يصبح شيخا للعشيرة أو القبيلة، ونجل رئيس الحزب يتقلد مقاليد التنظيم خلفا لوالده، ولم يكن قط بين الجماهير من ينظر أو يفكر في ما بيد الشيخ السيد أوالرئيس الحاكم أو القائدة المسير وباقي كبار الأمة ووجهائها ومسؤوليها وكل الذين يعينون في المناصب العليا والمواقع الحساسة من عوائلهم وأقاربهم ودوي القرابى والمصاهرة، الذين لا يكون ولاءهم الحقيقي إلا لمن اختارهم، ولا يملك الجمهور إزاءهم شيئا، حيث لا يستطيعون محاسبتهم، وإذا حدث وأحسن أحد منهم في شيء، فإن ذلك يظل من قبيل التطوع الذي لا فرض فيه ولا إلزام، ومن ثم أصبحت القاعدة أن ينشغل الكل باستجلاب رضى أولياء النعمة والأمور أكثر من انشغالهم باستجلاب رضى الله والوطن والمواطنين، والكل في ذلك راض بنصيبه لا يطلب غيره، ولا يتطلع لأكثر منه، لأن من يفعل، يُتهم بالخروج عن القواعد والأعراف والقوانين، وينعت بالجحود والعقوق والطمع بأكثر من حصته، وربما يوصم بالارتداد عن الدين ومخالفة الشريعة، فيستحق أن يُسقى السعير، ويُذاق لظى النفي والإبعاد، جزاء تجرئه على الخروج عن طوع رؤساء العشائر والقبائل ومشايخ الأحزاب وأربابها.
هذا الوضع الخطأ واللاديموقراطي، جعل المواقف تختلف حياله، وتتوزع الجماهير فيه إلى فئات وأقسام: فئة شغلتها هموم اليومي والمعتاد لتوفير لقمة العيش، فتبنت من أجله، مع الأسف، سلوكات انهزامية غير فاعلة، واتخذ مسارات هروبية غير منتجة لا اجتماعياً ولا سياسيا ولا اقتصاديا، أدت بهم إلى العزلة وعدم الاستقرار واللامبالاة والإكثار من والسخرية والإشاعات والنكات حول العمل الحزبي وسياسي، الذي هم غير قادرين على الخوض في فعله، متدرعين بالأمثال الشعبية المتحكمة القائلة: " بعد من البلا لا يبليك" و"خلي الهم لماليه اللي يقدرو عليه".
والفئة الثانية، وتضم جمهور المتحزبين الذين يعرفون من أين تؤكل كل الأكتاف ولا يكتفون بكتف واحدة فقط، الذين يشغلهم هم الحفاظ على وجودهم بمراكز الأحزاب، والاحتفاظ بمكتسباتهم داخل تنظيماتها، التي من أجلها انخرطوا ضمن شبكات ومراكز السلطات المتحكمة في دواليبه، والعمل على الحصول على خدمات أسرع ومكتسبات أكبر، مشروعة كانت أو غير مشروع، لا يهم، متذرعين هم أيضا بالأمثال الشعبية: "دير مادار جارك ولا حول باب دارك" و" دير راسك بين الروس، وعَيِّطْ آ قطاع الروس" و"دير راسك بين الروس وفي وسط لعتارس عَيِّطْ حتى أنا عتروس" و" الموت بين لحباب نزاهة" الداعية للانتهازية بكل تجليلتها المؤمنة بأنه من الغباء مخالفة السائد والبحث عن الشاذ، وإن كان هو الحق والصواب.
الفئة الثالثة: فهي الفئة الافاقة المدعية بغير مكانة والفاشلة سياسيا داخل الحزب والتي "ليست لا في العير ولا في النفير" والتي "لا يعجبها العجب لا في شعبان ولا حتى في رمضان" وغايتهم الأساسية، هي تعويض نقصها السياسي وقصورها الحزبي، ببث البلبلة وزعزعة استقرار ووحدة أي تنظيم مهما كان، بما تمارسه من أساليب نقدية في الشارع العام لنشر غسيل الحزب فوق السطوح، كما يقولون، قصد التحريج غير المبرر، والإساءة المجانية للناجحين، ولتشويه كل عمل أو مشروع حزبية لا فائدة سخصية لهم فيها، مهما كانت جديتها، وذلك تحت ذريعة ممارسة الديمقراطية.
أما الفئة الرابعة: وهي الفئة المحبة لوطنها، الغيورة على تنظيمها، المقدرة لصدق انتمائها، المعتزة بقادتها المخلصين، الذيم أدركوا أنهم حقا الفئة المغلب على أمرها، والمصادرة حقوقها في العمل الحزبي الصحيح والجاد، والتي اكتشفت مع مر الأيام، وتوالي الأحداث، وتراكم التجارب، أنه "العمل الحزبي" انحرف عن مساره الصحيح، وابتعد عن الديمقراطية لما اختار له القادة والرؤساء النظام الأسري العائلي والعشائري ضدا عن آليات الديموقراطية الحزبية الحديثة التي تعيشها التنظيمات السياسية في العالم المتقدم، ولا يؤمن بها عندنا جل "موالين الأحزاب " ويرفضون دخولها إلى حمى أحزابهم، خوفا من أن تعيق مصالحهم الشخصية ومصالح أفراد أسرهم وعوائلهم في احتلال المراكز الحساسة داخل الأحزاب وفي مؤسسات الدولة، هذه الفئة الوطنية هي التي حملت وزر طرح الآراء والمخططات المناهضة للحزبية القومية والقطرية والعشائرية والمناطقية التي نخرت دواليب أكثرية الهيئات السياسية من داخلها، وآلت على نفسها إصلاح الأوضاع بها، بكل ما أوتيت من عزم وإصرار، وبمساعدة ما كونت من أجيال قادرة على إكمال مسيرة من بنى هذا الوطن، وذلك ضمن كل القنوات المشروعة والمتاحة، المؤدية إلى خلخلت السائد وإسقاط الأنظمة المتحكمة على اختلافها، والتحرر من ربقة عسفها وشدة جورها.
مما سبق يبدو أن واقع الأحزاب المغربية لمرير, نتيجة عجز وإخفاق أكثريتها، جراء إصرار رؤسائها وقادتها المرضي، على البقاء في السلطة، وتحويلها الى مستنقع سياسي لا يضم إلا الوجوه الشائخة المترهلة المؤمنة بمنهج بث التفرقة في صفوف المنتمين، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية بينهم، والتشكيك وخلخلة ثوابتهم، وإفقادهم البوصلة وتدمير هويتهم, ورغم أن هذا السلوك مشين، ولا يزيد الوضع إلا تخبطا وإذكاء للتطرف، وإضاعة للكثير من فرص التغيير والتقدم على الشعب عامة وطاقاته الشبابية على وجه الخصوص، فإن المتحدثين عنه هذا البؤس الحزبي قليلون جدا، رغم أنه لم تأت تلقائيا أو عفويا، بل كان نتيجة حتمية لتراكم سنين طويلة من الظلم والقهر الاجتماعي والاستبداد والطغيان الذي لا يمكن له أن يظل خامدا متكتما عليه إلى ما لا نهاية، لأن القاعدة العلمية تؤكد بشكل قطعي أن "الضغط يولد الانفجار"، الشيء الذي حصل بالفعل في الساحة الحزبية، التي تفرقت أيدي سبأ، كما في المثل العربي ، بسبب ما عرفته أغلبيتها في الآونة الأخيرة، من اضطرابات خطيرة باتت تهدد استقرارها وانفراط كل حظوظ السلامة بها، والتي لم تسلم منها حتى أعرق الأحزاب، حزبي "الاتحاد الاشتراكي والاستقلال" والتي تمكن أحدهما –الإتحاد-من لجمها مؤقتا، بينما طفح هديرها على سطح حزب الاستقلال الذي انتفض عليه عدد من مناضليه الغيورين الذين أبوا الخروج عن صمتهم وإزاحة اللصاق المختوم به على أفواههم وأقلامهم وإبداعهم للتعبير عن رفضهم الواضح لبعض مظاهر الظلم والإقصاء والحرمان والبؤس المسلطة على المنتمين من طرف القادة المقدسين، وللتأسيس لأعراف حزبية ديمقراطي جديدة تحتضن جميع أبناء الحزب وتعيد لهم مكانتهم التي كانوا يتمتعون بها في زمن النهضة الحزبية حين كان يعتبر الحزبي شريكا في الماء والهواء والأرض والوقت وكان يُتعامل معه على أساس الإنصاف والعدل والمساواة تحت جناح الحرية المسؤولة والكرامة الإنسانية في ظل قوانين تصون حقوق الحزبيين دون ميز أو حيف ويسري مفعولها على الجميع دون استثناء.
إن ما يعرفه حزب الاستقلال في اللآونة الأخيرة من تطورات وأحداث خطيرة، ليدعو إلى أكثر من وقفة تأمل، وإلى الإجابة عن الكثير من التساؤل العريض مثل: من يقف وراء بروز هذه الأحداث والتطورات، وهل صحيح أنها من بعض منا ضليه من ذاتيتهم؟ وأنها نتيجة منطقية لحتمية تاريخية، ونتيجة طبيعية لصراع مستمر بين قوى مجتمعية متناقضة الأهداف والمرامي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي يريده هؤلاء المناضلين؟؛ كيفما يكون الجواب، فإن حزب الاستقلال مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتدارك الموقف وتصحيح سياسته الحزبية على أساس متطلبات الواقع المغربي ومطالب المنتمين إليه، ومواكبة تطلعاتهم وانتظاراتهم والتفاعل معها بشكل إيجابي، قبل أن تتعقد الأمور وتتسع رقعة اليأس والإحباط، وتتسع رقعة الانفجارات الحارقة، خاصة أن الذين خرجوا على ما اعتبروه قواعد حزبية بالية وفاسدة، ليسوا كلهم ملشيات مجرورة ولا تحمل أجندات خارجية ولا تسيرها القاعدة أو "الطرف الخفي"، كما يقول المصريون، بل إن لدى الكثير منهم ما يبرر احتجاجاتهم وانفعالاتهم التي نتجت عن تجاهل تطلعاتهم وانتظاراتهم وطموحاتهم الحزبية المشروعة من قبل بعض الجهات المسؤولة على تسيير دواليب الحزب، والتي لا يمكن ولا ينبغي تبريئتها من مسؤولية ما يحدث به، من استشراء الفساد بمختلف ألوانه ومظاهره، كالزبونية والمحسوبية والإقصاء والتهميش وتجاهل مصالح المتحزبين.
على كل حال لا أريد في هذه المقالة أن أخوض في التفاصيل الدقيقة لهذا الصراع وذاك التطاحن على الأمانة لحزب الاستقلال، ولا أبيح لنفسي معاتبة السيد عبد الواحد الفاسي على تشبته بمنصب كان في زمن ما لولده المرحوم علال الفاسي وهو يرى أنه من حقه الإبقاء عليه محصورا في أسرته، كما لا أسمح لنفسي بأن تلوم السيد حميد شباط على طموحه المشروع وتطلعه المنطقي لمنصب الأمانة العامة للحزب، فهو من حق كل حزبي يلمس في نفسه القدرة والكفاءة والجرأة على تحمل مسؤوليته، أن يطلبه بل ويستمت للوصول إليه...لكن واجب انتمائي السابق لهذا الحزب العتيد، يفرض علي أن أعاتبهما معا على تبنيهما مبدأ الأرض المحروقة، واتخاذ منهجية "إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر" التي اتخذاها سلاحا في صراعما، والذي يمكن أن ينجرف بالحزب وكل تنظيماته إلى منعطف خطير قد يؤدي إلى انفجار عظيم في أية لحظة، وانصحهما بقراءة التاريخ، ففيه عبرة لمن يعتبر ودروس عظيمة عن تاريخ الامم وأحزابها، وهو لا يرحم احدا مهما حاولوا اعادة كتابته.
وأخيرا أختم بالمقولة التي لا اعرف قائلها: "إن طلب المعالي عن طريق الاستكبار غباء شديد" لان الصلة بين المكارم والاستكبار منقطعة تماماً، ولا يتصلان إلا في وهم المتعالي أو في تطلعات مرضى العقول..

[email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغرب مأدونيات وزارة التجهيز والنقل تصاريح -20D -!
- ذكرياتي المرة مع المستشفيات العامة والخاصة.
- حتى لا تنسينا قضية -الغزيوي/النهاري- قضايانا الحساسة !؟
- خطاب بنكيران بين الشعبوية والدهاء السياسي !؟
- مؤتمر حزب الاستقلال، تمرد أم ثورة؟
- مذكراتي مع المستشفيات العامة والخاصة. الحلقة الثانية: سياسة ...
- ذكرياتي المرة مع مستشفياتنا الخاصة والعامة.
- إلى متى هذا العجز عن القضاء على الفساد بالكاملة؟
- خواطر عمالية على هامش مؤتمر نقابي!
- من الأحق بالشكوى من الزيادة المواطن أم الحكومة !؟؟
- فن المعارضة أن تنام موالياً وتستيقظ معارضا
- ماذا بعد اللقاء الأول لمحاسبة رئيس الحكومة!؟
- ظواهر تثير الشوق وتوقظ الرغبة في تكرار الزيارات لباريس.
- مقياس نجاح العمل النقابي بالمغرب !؟
- بائعات الجسد مواطنات لا يجب احتقاراهن.
- هموم مهندس من وزارة التجهيز والنقل
- حلم الخلافة وأوهامها!؟
- وزارة التجهيز والنقل وزحمة الخروقات والتجاوزات !؟
- الذكورية المتطرفة تفقد المرأة روح التحدى والصمود والثقة في ا ...
- إذا كنت وزارة الداخلية -أم الوزارات- فإن وزارة التجهيز والنق ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - قضية حزب الاستقلال، بين منطق العقل ومنطق العاطفة والاندفاعية؟