أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شمخي جبر - رحلة عدوها الادراك وحجابها العقل















المزيد.....

رحلة عدوها الادراك وحجابها العقل


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 3769 - 2012 / 6 / 25 - 13:00
المحور: الادب والفن
    


رحلة عدوها الادراك وحجابها العقل
في رواية
الثلاث كلمات الساحرات

ذبلت اوراق هذه الرواية وتكسرت انسجة اوراقها لسوء الخزن في مخازن اتحاد الادباء ، فكانت هذه السطور بمثابة نفض الغبار عن تلك الاوراق ،المهم انها خرجت على قوالب روائية تقليدية اعتدناها في القص والروي العراقي ،ووحداته الاساسية المتعارف عليها في الزمان والمكان والشخصيات والحوار والحبكة او الحبكات المتعددة او التصعيد والفعل الدرامي وتنامي الحدث داخل الرواية،وهذا لايعني رياديتها او فرادتها فهي تشترك مع الكثير من الاعمال الروائية مما يقع في حقل مايسمى (الرواية الجديدة ).فعلى القاريء ان لاينتظر كل مامن شأنه ان يمت لهذا بصلة ، ورواية بهذا الوصف غير ممتعة للقاريء ولاتستدرجه لقراءتها بل تحتاج صبرا ومطاولة.
في نص كهذا يقف الكاتب(سعدون محسن ضمد) في حالة من القلق والارتباك،اذ عليه ان يلتفت الى كفتي ميزان لابد ان لايخسر احداهما، هما كفتي الشكل والمضمون، وكيف يوازن بين هاتين الكفتين، كيف يوصل مضامينه وثيماته، ورسالته بدون ان يخل بالشكل، واي شكل يستطيع ان يكون كفوءا في الايصال، فكان له مااراد، لان (النص الجدير بالقراءة هو النص الذي لايحمل في ذاته دلاله جاهزة ونهائية بل هو فضاء دلالي وامكان تأويلي ولذا فهو لاينفصل عن قارئه ولايتحقق من دون مساهمة القاريء). على الرغم من الاعباء التي على المتلقي ان يتحملها وهو يسير قدما بين صفحات هذا النص ويكتنه اسراره ومضامينه، هذا المتلقي يجب ان يكون حاملا لقصدية القراءة، متوافرا على ادوات التلقي لمضامين النص،وعليه ايضا ان يستنطق ويحاور النص ويساءله عن دلالاته، والنص بدوره يستنطق حقيقة القاريء ويسأله عن هويته.
لاادري هل خطيئة العقل الاولى وتقاعسه وشلله امام اختراق المجهول، ام سعيه ثم فشله؟كيف تتم الغواية ؟ غواية ان تعرف.. ان تتذوق(من ذاق طعم شراب القوم يدريه ومن دراه غدى بالروح يشريه)هكذا استطاع الروائي ان يطلق سراح بطله من ربقة عبودية العقل.. ويتخلى عن قنافذه تسرح في ارض الله الواسعة، فتذهب أنى شاءت، بينما يذهب راعيها في رحلة لاعقلانية عدوها الادراك وحجابها العقل، اذ قرر بطل الرواية ، ان يمسك بالخارق، ولاادري كيف اقول قرر ، فمن الذي قرر، وهل يقرر مسلوب الارادة ؟، وحتى احسم الامر اقول ان الذي قرر هو الروائي الذي كتب النص،الذي جعل البطل يتساءل( من منا ضيع الاخر)، ولكن ليس مهما كل هذا فهو( رفع راياته وغنى) وكان يردد ( منذ زمان وانا اعلم ان هناك ماتم كتمانه)ولكن ، هل كان يعلم ان طريقه موحشة، نعم وجد (دليلا) (مرشدا)(معلما) ووجد رفيق درب، ذلك هو( راعي الذئاب) ومع كل هذا يقول (سيد البوح هو المسؤول عن كل مايوصلنا الى الجنون)،يعرف انه يسير الى الضياع ، وبأتجاه المجهول (الحقيقة ضياع)
وفي ظل اشتباك المعقول باللامعقول وتداخل (منلوج داخلي) مع اخر، نجد من يقف قلقا متساءلا، معيدا الى الاذهان قلق أبراهيم (ع) وتساءله حين يقول (لااحب الافلين) لانه يعتقد بل يجزم ان القمر هزيل وتلك الاقاصي تريد مزيدا من النور بل مزيدا من الاحتراق،وفي هذه الرحلة وهو يسير نحو احتراقه لابد عليه ان (يخرج من بشريته)فلابد له من ان يحترق ليتقد (ان الذي يتقد اكثر يزداد لمعانا اكثر) ولهذا فهو يتجه صوب الاحتراق بالنور ولكن المعجزات تقطع الطريق نحو الوصول(يانار كوني بردا وسلاما على ابراهيم).
هذه الرحلة التي أدخل الروائي بطله فيها لايمكن ان تبدأ ومن ثم تتم بدون تجاوز مجموعة من العقبات التي تقف في الطريق ، ولابد من تجاوزها(الحجب) ويقع في المقام الاول منها العقل بعد ان يئس منه في ايصاله الى مايريد، هذا العقل الذي أوصله الى(ان الكتب تحولت الى فلول جيش منهزم ص11)فكات هزيمة العقل. فلابد والحال هذه، وحين يتم التخلي عن العقل واعلان هزيمته(من باب الجهل يكون الرحيل ص14 ) وعندما يتعرض العقل الى هزيمة يقوم بتسليم اشياءه الى اللامعقول من اجل ان يتم الوصول الى الابواب التي كتب عليها (الابواب التي ليست للفتح ص12)وهكذا يضيعنا بطل الرواية ــ ولااقول الروائي ــ في متاهاته واوهامه والابواب المغلقة والعصية على الفتح، واليافطات التي تواجهه فيقرأها او تلك التي لايستطيع الى قراءتها سبيلا ، حتى ان القاريء يضيع بين الحقائق والاوهام.
وانا اجزم هنا ان هذا الطريق ، حقائقه اوهام وأوهامه حقائق(قيل انه الحقيقي بينما كتب على ظهر اوراقه وبحبر خفي انه حقا الوهمي الذي لايكون)ولكنه (رفع راياته وغنى، ساعيا الى ان يمسك بالخارق) لانه يحلم يدفعه حلمه هذا وفضوله الانساني، نحو ان يعرف( منذ زمن وانا اعلم ان هناك ماتم كتمانه)ولكن كيف له ان يتعرى من كل شيء فيتحول الى اعزل مجرد من ايما مسبقات؟ فقد قيل له ان عليه ان يتخلى عن شخصيته، مداركه ، معارفه، الاشياء التي اتقنها، حتى اوهامه واحلامه عليه التخلي عنها، عليه ان يتركها خلفه، ويمضي خفيفا، مما جعل لبطله يتساءل( هل يمكن للانسان ان يتخلى عن كينونته) فهو عليه ان يسلم نفسه الى الشيخ، المعلم المرشد، الذي عليه هو الاخر ان يكسر ذات المريد، يمحو شخصيته، حتى يصل بالنتيجة الى تدمير آلته العقلية،لان رحلة البطل هذه نحو المجهول، هي رحلة العبور لادراك الغيب، رحلة الى ابعاد اخرى من الادراك لايمكن التماس معها بآليات لادراك العقلية،لان تلك المنطقة المنوي الرحيل نحوها لاتتعامل بالمحسوس بل هي منطقة مؤثثة بمجوعة من الاوهام، ومن هنا فهي منطقة لايمكن الدخول اليها بالجسد ومكوناته،لان( الجسد هو المتاهة التي تبدأ ولاتنتهي،الرحلة تبدأ من الجسد الذي يلتهم الروح ويذهب بها بعيدا في اقاصي الظلمة، هذا الجسد وظلمته يشكل العبء الذي يضغط على الروح)اذ يصبح في هذه الحالة (الجسدية سيدة الموقف)والخلاص من الجسدية يساوي الوقوع على الروح.
واذا كانت الرحلة في مجملها نحو اللامعقول بل نحو الوهم ،فلان (الانسانية تجيد صناعة الوهم، ثم تحوله الى شرنقة تتشرنق داخلها بفرح عارم ص42 )وبهذا فأن هذه الرحلة ومايقابلها من رحلات(هي ذبح متكرر لوعي الانسان ص42 ) فهي رحلة نحو ظلام معتم يوصف احيانا ب(مخيف) واحيانا (بل هو رائع يبتلع الذوات العاشقة المسافرة باتجاه المحنة ص43 ).
فالبحث عن المعرفة يحتاج لسفر تذبل فيه الشفاه و(تكسر الخواطر) وتحنى الظهور فتحدودب، حتى (الانبياء ينتحبون هناك في أقصى المدى يحاولون العبور نحو معرفة يكون فيها المشهد أكثر وضوحا، غير ان نبوغا ما كان ينقصهم،غير ان نضوجا كانوا يفتقرون اليه ص43 )
حين يجد العطشان ماتوهمه ماءا ، لم يكن الا سرابا، ماأقسى خيبته؟، هذا الذي كان يقول(جئت ابحث عن المجهول الحقيقي ص 45)بلا صفات او مسميات بلا وجوه بلاملامح ،فلايجد الا وهما كبيرا فلم يكن منه الا ان يقول(هل من الحكمة نقل اوهامك للاخرين؟ماقيمة كل هذا الركام الهائل من المعارف، سالقيه قريبا من على ظهري، لاني لاأجد جدوى من نقله للاخرين ص45 )وحين ينظر حواليه لايرى الا مجاميع من الجوالين لايحملون على ظهورهم الا اكياس او هامهم المتهرئة، لكنه يبقى يردد لابد من الكتمان،ولاادري ماذا يكتم غير خيبته وفشله ليس الا ؟فلايجد فعالية او طقسا يليق بهذه اللحظة الوجودية وهذا المقام سوى البكاءفمع مايحس به من رفض الوجود المفروض فهو دائم البحث عن زاوية تصلح للبكاء ص44) محاولا اعطاء شعوره وطقسه ولحظته الوجودية هذه ابعادا اخرى، غير الهزيمة( البكاء شعور الهي ...ممارسة سماوية تعلمها الانسان من دورانه العكسي ص44 )فيتحول البكاء الى آلية للرفض، كطقس تعلمه عبر مخيال جماعته، وهو هنا رفض سلبي،فيحاول ان يعطي المحنة بعدا قدريا((ذلك الشعور الذي نعلق من خلاله الرفض، رفض الوجود المفروض،الاضطرار الذي نعانيه،رفض المحنة التي نعيها ولاندرك لها سرا ولاغايةص44 )المهم ان الرحلة بكل عذابها ومعاناتها افضت الى (وهم بسيط بالنسبة للنبوغ المستمر الذي تمر به الانسانية ص45 )بين العجز واللاجدوى والخيبة والشعور بالهزيمة،وبين البكاء الذي هو اعلان للهزيمة وبين المطالبة بكتمان نتائج الرحلة ،يكون التردد( لو كان الامر يتعلق بالجرأة على اعلان العجز لهان الامر،لكنه منطق الضياع الذي سيتسبب به مثل ذلك الاعلان للاخرين اذن لابد من الكتمان،لابد من البكاء ... ان ماكنت قد حسبته قريبا لم يكن غير وهم ادخرته لي نفسي .. يعلن عن عجز الانسان عن ادراك الحقيقة الالهية الغائبة ص45ــ 48 )
(حتى السماء مليئة بالالم ،ليس هناك ولامسامة من مسامات هذا الوجود استطاعت ان تهرب من قلق المصير، او من الحزن على النهاية ص 52)



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريات اولا
- الايمو ...الظاهرة وحقوق الانسان
- بمناسبة الثامن من آذار ...تاريخ نضالي مجيد وواقع متردي
- الاسلام السياسي وقطف ثمار انتفاضات الربيع العربي
- نزيف عراقي مستمر
- مبادرة السلم الاهلي
- الحرية مخاطرة
- بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان 10 كانون الاول
- بمناسبة اليوم العلمي لمناهضة العنف ضد النساء 25 تشرين الثاني
- بمناسبة يوم الطفولة العالمي ... صرخة طفل .... صرخة امة
- العرب بأنتظار الدرس التونسي
- قانون حرية التعبير
- رسالة الى اعلامي كبير ، لكنه صغير..!!!!
- الوافد الثقافي ... الصادم والمصدوم
- الواقع واوهام البعض !!!
- المثقف الغندور
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة ....... اين حريتنا؟
- بأنتظار الدرس العراقي .. بعد الثورة التونسية الخضراء
- سيدة نجاة العراق
- مجتمع مدني .. ام ماذا؟


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شمخي جبر - رحلة عدوها الادراك وحجابها العقل