أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - حماية الدستور عِبرً القضاء الدستوري















المزيد.....

حماية الدستور عِبرً القضاء الدستوري


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 23:05
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


منذ أن تكونت الدولة بشكلها الحالي فانها واجهت تحديات كبيرة منها الصراع الداخل كونها آلة حاكمة وبين مواطنيها باعتبارهم أفراد يخضعون لسلطاتها، واصل الصراع في رغبة الشعب للحد من استبداد الحاكم ورغبة الحاكم في الهيمنة على الاشياء . واشتد نضال الشعوب حتى ان وصل الى وضع قواعد تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وقُيِدً سلطان الحاكم على رغم انفه، ومن بواكير ثمار النضال الإنساني "الثورة الفرنسية" التي وضعت حدا لسلطان الملك عندما عطل العهد الذي اقره للشعب عبر البرلمان، وتوالى أفق الانفتاح نحو تقييد سلطان الحكم لمصلحة الشعب، إلا إن الحاكم واعني به كل أشكال أنظمة الحكم، قد تنوعت أساليبه في سلب الحقوق من الشعب والتغول حينما وجد له مسرباً ويذكر الفيلسوف مونتسكيو في كتابه (روح الشرائع) ((ان كل شخص يحوز السلطة يكون محمولا على تجاوزها)) وكذلك ما ذكره المؤرخ البريطاني اللورد اكتوت (Acton) ((القوة تفسد والقوة المطلقة تفسد بصورة مطلقة)) وهذه الأفكار كانت النواة الأولى لتقسيم وتوزيع السلطات بشكل متوازن ويعتبر ذلك من حق الشعب ويقول الفيلسوف الانكليزي جون لوك (إن حق الشعوب في مقاومة الطغيان والاستبداد والانحراف بالسلطة مسلم بها) لذلك فان كتابة الدساتير وإصدارها لم تكن كافية للحد من تغول السلطة الحاكمة تجاه حق الشعب، والمتتبع لتاريخ ظهور الدساتير يجد إنها ظهرت منذ أكثر من ثلاثة قرون ومنها الميثاق الدستوري الذي أعده الملك لويس الثامن عشر في القرن السادس عشر، إلا ان طغيان الحاكم لم ينتهي والتجاوز على الدستور لم يتوقف على الرغم من اعتباره الوثيقة الاسمى التي تحدد شكل الدولة وحقوق المواطن، فكان الحاكم يصدر القوانين التي تخالف روح الدستور والمبادئ التي وردت فيه، فكان لابد من وجود اسلوب للرقابة على دستورية هذه القوانين لحماية الدستور من تعسف المشرع وجور المنفذ والحيلولة دون التقاطع والتنازع بينهما وإيجاد التوازن وتأمينه بينهم، وعلى اثر ذلك تعددت وسائل الرقابة الدستورية منها سابقة لإصدار التشريع وأخرى لاحقة مثلما اختلفت أشكال جهات الرقابة بين هيئة سياسية إلى هيئة قضائية وأخرى مختلطة من السياسيين والقضاة، وتضمنت معظم دساتير العالم مواد تحدد جهات الرقابة الدستورية وفصلت اختصاصها وطريقة تشكيلها، ولم تترك الأمر للمشرع العادي حفاظا على صلابتها وحياديتها واستقلالها تجاه السلطتين التشريعية والتنفيذية وتسمى بأسمائها، في العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية صدرت عدة دساتير من القانون الأساسي لعام 1925 وما تلاها ولحين صدور قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية ذكر في بعضها أسلوب الرقابة الدستورية، إلا أنها لم تظهر على الواقع ولم تشكل أي محكمة دستورية ولم يصدر حكما واحدا في دستورية القوانين حتى تم تشكيل المحكمة الاتحادية العليا الحالية، بعد أن ورد ذكر تشكيلها في قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الصادر عام 2004 في المادة (44) وحدد اختصاصها وتسميتها وطريقة تشكيلها ثم توج الجهد القضائي الذي سعى لتشكيلها بصدور الأمر 30 لسنة 2005 في 34/2/2005 من رئيس الوزراء الذي كان يملك سلطة إصدار التشريعات في حينه يسمى (قانون المحكمة الاتحادية العليا) وقد نصت المادة (1) منه على (تنشأ محكمة تسمى المحكمة الاتحادية العليا ،ويكون مقرها في بغداد تمارس مهامها بشكل مستقل لا سلطان عليها لغير القانون)، وفي هذا الأمر فصل طريقة تشكيل المحكمة والاختصاص الذي ينعقد لها على وفق حكم المادة (4) من خلال ترشيح مجلس القضاء ثلاثة أضعاف عدد أعضاء المحكمة الذي حددتهم المادة (3) بالرئيس وثمانية أعضاء وتعرض هذه الأسماء على رئاسة الجمهورية في حينه عندما كانت الرئاسة تدار من مجلس رئاسة ويتم اختيار تسعة أعضاء بما قيهم الرئيس من بين المرشحين وكان عددهم في حينه سبعة وعشرون قاضياً من أهل الخبرة والدراية القضائية والكفاية العلمية والسمعة الحسنة في مسيرة القضاء وكان اقلهم عمرا في القضاء له خدمة لا تقل عن خمس وعشرين سنة وبترشيح من مجلس القضاء الأعلى على مدى جلستين كان التصويت فيهما سري، ثم اختار مجلس الرئاسة في حينه العدد المطلوب (رئيس وأعضاء المحكمة) بموجب المرسوم الجمهوري المرقم 67 في 30/3/2005 والمذيل بتوقيع مجلس الرئاسة وهم رئيس الجمهورية الشيخ غازي عجيل الياور ونائبيه الدكتور روز نوري شاويس والدكتور إبراهيم الجعفري ومن ثم صدق على الأسماء بموجب القرار الجمهوري المرقم (2) في 1/5/2005 المذيل بتوقيع رئيس الجمهورية جلال الطالباني ونائبيه الدكتور عادل عبدالمهدي والشيخ غازي عجيل الياور و باشرت المحكمة عملها حتى أن كتب دستور عام 2005 وحدد في المواد (92 ـ 94) مهام وتشكيل المحكمة الاتحادية العليا وحدد طبيعتها واختصاصها الدستوري في القضاء والتفسير ومنها المصادقة على الانتخابات البرلمانية، وبعد أن صدر الدستور وجرت في ظله أولى الانتخابات فمارست المحكمة الاتحادية اختصاصها في المصادقة على الانتخابات التي أفرزت أول رئاسة منتخبة بموجب الدستور وتستمد شرعيتها من الشعب، مثلما مارست هذه المحكمة دورها في القضاء الدستوري والتفسير وكان لها دور في حفظ التوازن بين السلطات وحماية الحقوق وفي قرارات عديدة منها في طعن قضائي ومنها في تفسير نص دستوري استشرفت روح الدستور وغاية كاتبه واستجلت الغموض الذي اكتنف بعض فقراته مزودة باليات التفسير المتطور للنصوص في ظل خبرة عقول حكيمة زادت نضارتها جسوم أفنت شبابها في ميدان التأدب القانوني والدربة القضائية وكان لها الأثر الواضح في حفظ الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبهذا المثل الحي نجد أن القضاء الدستوري كان حاميا للدستور من الاعتداء على ما ورد فيه من مبادئ تضمن للمواطن حقه، حتى وان كان البعض لا يرى في ذلك الحٌسنَ والجَمال، لان هذا البعض يقول فيه الفيلسوف مونتسكيو ((بان كل مَن ملك السلطة يكون محمولا على تجاوزها)) فضلا عن صفات بعض السياسيين في العراق وغيره من البلدان في التشكيك بثوابت المجتمع التي تحفظ كيانه، لأنه يعتقد بان سلطانه هو الذي لابد وان يسود وانه الأعلم وسواه أهلُ جَهلٍ، وهذه ليست وليدة اليوم بل يقول الفيلسوف والمعلم الثاني أبو نصر الفارابي في كتابه تحصيل السعادة ((ان الملك هو مؤدب الأمم ومعلمها)) وهذه ثقافة تجذرت فينا وبعضنا من لم يتخلى عن بداوته يرى بأنه أن اعتلى عرش السلطان سواء كان مُشرِعا أو مُنفِذاً فانه لا يرى في غيره الكفاءة ولا يقبل من غيره حتى المودة أن بادله إياها لأنه سلطان زمانه، ومثلهم من ذكره الشاعر أبو العلاء المعري في رسالة الهناء التي وجهها إلى احد كبار معاصريه يهنئه فيها بقدوم وزير السلطان فيقول ((ان من الممنوع والمحظور إن تجيء التهنئة من غير الكفء والنظير))

القاضي
سالم روضان الموسوي



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع القانون ومقترحه والصراع بين السلطات
- لا يصدر القسام الا بتوقيع طالب القسام الذي يجب ان يكون احد و ...
- الإثبات المطلق والإثبات المقيد
- هل تملك السلطة القضائية حق تقديم مشاريع ومقترحات القوانين؟
- الحقوق المكتسبة وتوازن المصالح (تعليق على قرار مجلس شورى إقل ...
- من يتولى تنفيذ قرارات وأحكام القضاء العراقي؟
- الجمهور التشريعي وصياغة القوانين
- الأزياء والحلاقة والأحزاب السياسية
- الخصومة والقرينة القضائية في تطبيقات القضاء العراقي (تعليق ع ...
- سيادة الأمة والسلطة الحاكمة
- التنمية القضائية
- التحريض الصوري للموظف العمومي ومسؤوليته تجاه المواطن في تطبي ...
- هل يضبط القانون سلوك الإنسان ؟
- الإخبار عن الجريمة في ظل تعدد الأجهزة الرقابية
- كيف نثبت استقلال القضاء
- الدعم السياسي لاستقلال القضاء
- السكينة العامة حقُ لم يحترم
- الدور الرقابي لمجلس النواب و العلاقة مع السلطة القضائية
- دور القضاء العراقي في تعزيز السلم والأمن الاجتماعي
- صمت العالم حكمة وزعيق الجاهل حماقة


المزيد.....




- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - حماية الدستور عِبرً القضاء الدستوري