|
صالح المطلك
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 3716 - 2012 / 5 / 3 - 13:36
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هزني خبر زيارة السيد صالح المطلك الى النجف ، واطربني ــ كما لو انني استمع لقصيدة عصماء ـ استقبال اهالي النجف له بالحفاوة والتكريم . زرعت فينا ايها الرجل الأمل ، وحركت جفاف الحياة في مشاعرنا الذي تسبب به الصراع اللامعقول بين القائمة العراقية التي تنتمي اليها وبين قائمة السيد رئيس الوزراء . هززت بخطوتك الجريئة هذه مستنقع الحياة في هذه البلاد التي جفت عثوق نخيلها ، وغادرت مياهها مجرى النهرين الخالدين احتجاجاً على ضياع عامين كاملين لا هم لكم فيها غير التأسي والبكاء على مظلومية قائمتكم . هذا هو المطلوب : حركة ونشاط سياسي يخرج بنا من قواقع انتماءاتنا القديمة ، وفساد هوائها لنتنفس هواءا صحياً في فضاء العراق الكبير . اين السياسي الشيعي ؟ ولماذا لا يذهب لزيارة الناس في الموصل ، في الرمادي ، في تكريت ؟ لماذا لايهدمون اسوار الثكنات الطائفية ، وينطلقون في العراق الرحيب ؟ ولماذا لا تتشكل لجان من الأحزاب وتزور معاً الناس : في القرى ، على شواطئ الأنهار ، في معامل الطابوق ، في السجون ، في المستشفيات ، في الأسواق ؟ لماذا لا يهبط اليساريون من عليائهم ؟ اين غرامهم وحبهم وهيامهم بالجماهير ؟، لماذا لم نقرأ اخباراًعن مبادرات خطابية لهم في مدينة الشعلة او الشعب او مدينة الثورة ؟ لماذا لا نقرأ عن تجمعات جماهيرية عاصفة يقودها هذا اليساري او ذاك في البصرة او الرمادي او الناصرية ؟ هل ثمة فرصة للغضب العراقي اعظم من فرصة البطالة والجوع ونقص الخدمات وانشطار البلاد على نفسها طائفياً وقبلياً ؟ اعرف ان صالح المطلك واحد من ملاّك الأحزاب في العراق ، واعرف انه سيظل ملاكاُ لهذا الحزب حتي يغادر هذه الحياة . ولكنه يظل وسط جماعة الملاكين صاحب مبادرة . ما قيمة السياسي بلا مبادرة ؟ صالح المطلق اول مَن كسر حاجز الطائفية ، وذهب الى النجف والكوفة ووجد فيها ضمائر وطنية لا فرق لديها ان يكون الزائر عليا او عمر . جنوبياً او من اعالي النهرين . فرق الجغرافيا والأسماء لا يعنيها . انها معنية بما يحمل الزائر بين يديه من مبادرة : ماذا في جعبته من برامج ومشاريع وآمال . لم تعد لعبة الطائفية تنطلي على الناس ، ولا المتاجرة بها يقنع الناس الذين فهموا اللعبة وادركوا اسرارها . تعجبني هوية السياسي المرتبطة بالحركة والنشاط لا بالسكون وبالثرثرة عن هوية تجريدية لا مضمون ولا حياة فيها . انا لااعرف الكثير عن صالح المطلقك، ولم التقه يوماً ولااظنني سألتقيه ، فما بين سكنانا بحار ومحيطات ومسافات ، ولا اظن المشتركات بيننا كثيرة لا في الفكر ولا في المواقف ولا في النظرة الى الدولة او الى الوحدة الوطنية . والحق ان الرجل لم يقدم نفسه كمفكر ولا كمنقذ ، ولكنه قدم نفسه كسياسي ، ونجح الى حد ما في هذا التقديم . قبل اسابيع كان المطلك اول من اشار الى النزعة الأستبدادية التي عليها رئيس الوزراء . وهو توصيف صحيح اذا ما تذكرنا الصلاحيات الكثيرة التي يتمتع بها رئيس الوزراء . انا لا اقول بأن المطلك اكثر من غيره دفاعاً عن الديمقراطية ، ولكنه نبه قبل رئيس الجمهورية الذي يعد دستورياً أميتاً على تطبيق الدستور ، الى خطر عودة الأستبداد ممثلة بالمناصب الكثيرة التي يشرف عليها رئيس الوزراء . قد يعجب القارئ العربي لهذا الأطراء . سياسي يزور مدينة ، ما الغرابة في ذلك ؟ وكل ساسة الدنيا يقومون بذلك . للعربي الحق في ان يقول ذلك . وللعربي الحق في ان يظن الظنون . لكن ماذا يقول العربي اذا عرف ان السياسي العراقي مناطقي النزعة والأتجاه والضمير ؟ كم محافظة عربية غير كردية زارها رئيس الجمهورية ؟ وكم محافظة سنية زارها رئيس الوزراء الشيعي ؟ وكم محافظة شيعية زارها رئيس مجلس النواب السني ؟ حين يدرك القارئ العربي ان السياسي العراقي ، يريد من البلاد ومن العباد : التحول الى دروع لحمايته ، يدرك كم في خطوة المطلك هذه من شجاعة . انا لا أقول ان المطلك هو الشجاع الوحيد ، فهو يظل ــ في التحليل الأخير ـ واحداً من الحيتان الكبار التي تمتمص من واردات العراق ، ما بين راتب وحماية ومخصصات ، ما يعادل راتب موظفي وزارة ، الاّ انه بين حيتان الدولة يظل الحوت صاحب المبادرة في تسلق اسوار الطائفية والمناطقية ، ومحاولة جسر الهوة ما بينها . وهذا هو الراهن ، والمطلوب من السياسي : المباشرة بتحريك ماء البحيرة ، وخلق وعي وطني عابر للطائفية والمناطقية والقبلية .
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عنها
-
لقطة
-
التكنولوجيا ومنظومة العمال الفكرية
-
حكايات طويلة عن احداث قصيرة
-
آلهة ورصاص
-
بحر وسينما
-
العراق : ازمة وعي دائمة ، ام في الطريق الى وعي الأزمة ؟
-
نهر ومدينة
-
لهاث
-
دولة قطر ومؤتمر القمة العربية
-
نباح
-
موت
-
قصيدتان مونولوج غروب
-
قصيدة حب
-
الرفاعي
-
بلادي
-
مفارقة
-
الشرق الأوسط ومسألة الأقليات / 6
-
الشرق الأوسط ومسألة الأقليات / 5
-
عن قضية المرأة
المزيد.....
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|